Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من دروس حرب أوكرانيا... تطوير تكنولوجيا إسقاط الدرون يتسارع

أسلحة متطورة تدمر حشوداً من الطائرات المسيرة بموجات الميكروويف عالية الطاقة

يُتوقع أن تزيد مبيعات طائرات الدرون العسكرية بنحو 7 في المئة سنوياً، لتصل إلى 18 مليار دولار عام 2026 (أ ب)

بعدما لعبت الطائرات المسيرة (الدرون) دوراً بالغ الأهمية في حرب أوكرانيا، وكانت لاعباً خطيراً يغير مسار المعارك، كثفت الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة جهودها من أجل تطوير تكنولوجيا قادرة على إسقاط أعداد كبيرة من طائرات الدرون المعادية، سواء كانت عسكرية أو تجارية، وأعلنت شركة أميركية عن تمكنها من تثبيت عبوة صغيرة أسفل طائرة درون تطلق موجات ميكروويف عالية الطاقة والدقة لإسقاط طائرات الدرون المعادية وهو ما يُعد تطوراً جديداً في سباق تكنولوجيا موجات الميكروويف كسلاح فعال إلى جانب أشعة الليزر وتقنيات أخرى، فما شكل هذه التقنيات، ومتى يمكن أن تجد طريقها إلى ساحات المعارك؟

إعادة كتابة قواعد الحرب

بعد سبعة أسابيع من انطلاق الهجوم الروسي على أوكرانيا، أثبتت طائرات الدرون من الطرفين أهميتها البالغة في الحرب، وإن كان الأوكرانيون من موقع الدفاع، سجلوا نتائج أفضل ضد الجيش الروسي الضخم، حيث عمل فريق مدني مع الوحدات العسكرية الأوكرانية على إيقاف قافلة من الدبابات والمركبات المدرعة التي كانت تتجه إلى كييف، باستخدام نحو 1000 طائرة درون أوكرانية، وتركية، وأميركية، وتجارية رخيصة السعر، سببت خسائر فادحة في صفوف القوات الروسية المدرعة التي تكلف ملايين الدولارات، ما جعل طائرات الدرون تعيد كتابة قواعد الحرب.

بالنسبة للأوكرانيين كانت ولا تزال طائرات الدرون بمثابة أعينهم في السماء، ليس فقط لشن هجمات وإنما أيضاً للاستطلاع ورصد تحركات المدفعية الروسية ما يمكنهم من تقليص خسائرهم وإنقاذ الشعب الأوكراني، وبحسب جون باراتشيني، الباحث العسكري في مؤسسة "راند" الأميركية، فإن "الدبابة كانت أساسية في حسم المعارك في مرحلة ما، لكن الآن قد تكون طائرات الدرون هي نظام الأسلحة الأكثر حسماً، وهو ما تأكد بشكل عملياتي واسع في أوكرانيا على الرغم من استخدام طائرات الدرون القتالية في أماكن مختلفة حول العالم مثل العراق وأفغانستان وليبيا وغيرها، وكان لدى الجيش الأميركي 11 ألفاً من الأنظمة الكبيرة والمكلفة".

ولهذا السبب، يُتوقع أن تزيد مبيعات طائرات الدرون العسكرية بنحو 7 في المئة سنوياً، لتصل إلى 18 مليار دولار عام 2026 مقارنةً بنحو 13 مليار دولار عام 2021، وفقاً لشركة "بيزينس" الدولية للأبحاث.

ميزة مؤقتة

غير أن ميزة طائرات الدرون في أوكرانيا ليست دائمة، حيث تضيف الجيوش قدرات جديدة لتدمير هذه الطائرات أو تشويش الإرسال اللاسلكي الذي تعتمد عليه، حيث يشير باراتشيني إلى أنه على الرغم من أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية لم تعمل كما هو متوقع في أوكرانيا، فإن الجيوش حول العالم تستثمر في تكنولوجيا مكافحة طائرات الدرون بشكل مكثف نظراً للخطورة والكفاءة والتكلفة الزهيدة لها مقارنة بنظم الأسلحة الأخرى.
وعلى سبيل المثال، ظل الجيش الأميركي يبحث منذ سنوات، في مجموعة متنوعة من الطرق للقضاء على أسراب طائرات الدرون المعادية، من القرصنة والتشويش إلى الليزر المنتشر على السفن والشاحنات، إلى أن ظهرت طاقة الميكروويف الموجهة كخيار واعد، لكن ضخامة أسلحة الميكروويف التقليدية لم تكن على درجة عالية من الكفاءة المطلوبة، حيث لم تكن دقيقة بالقدر اللازم في بيئة تختلط فيها طائرات درون صديقة ومعادية.

حلول جديدة

لكن شركة "إيبيروس" الناشئة التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها، أعلنت، الإثنين الماضي، عن حل لهذه المشكلة، من خلال تثبيت نظام يدعى "ليونيداس بود" داخل عبوة تنبعث منها موجات ميكروويف فائقة الطاقة وذات دقة عالية، وتركيبه أسفل طائرات الدرون الثقيلة، وبذلك تتمكن من إسقاط أسراب من طائرات الدرون المعادية بسرعة خلال تحليقها. 

ووفقاً لموقع "نيو ساينتست"، يولّد جهاز "ليونيداس بود"، شعاعاً من الموجات الدقيقة (الميكروويف) لزيادة عبء التحميل والتشويش على الأجهزة الإلكترونية للهدف، مما يتسبب في سقوط طائرات الدرون من السماء، وينبني هذا النظام على تقنية سابقة من أسلحة الميكروويف الأرضية الأخرى للشركة والتي كانت تُثبت فوق شاحنات أو زوارق، وتستخدم ترانزستورات نيتريد الغاليوم لإنتاج طاقة ميكروويف عالية، بدلاً من الأنابيب المغنطرونية التي تضخم موجات الميكروويف وتؤدي إلى تدفق إلكترونيات يتم التحكم فيها من خلال مجال مغناطيسي خارجي، من النوع الذي تستخدمه الجيوش في الرادارات منذ عقود.

وتستخدم "تقنية ليونيداس"، مضخمات طاقة يتحكم فيها الذكاء الاصطناعي لتحقيق مستويات عالية للغاية من الطاقة، وتتميز بانخفاض الحجم والوزن، والقدرة على بدء التشغيل في دقائق وليس ساعات، مع ارتفاع معدل الإصابة بدقة في حالة وجود أسراب من طائرات الدرون، فضلاً عن توفير كبير في التكلفة مقارنة بالحلول التقليدية الحركية من الأسلحة الأخرى كالصواريخ أو المدافع المضادة للطائرات، وفقاً لما تقوله شركة "إيبيروس" على موقعها الرسمي.
وعلى الرغم من أن تقنية رادار "نيتريد الغاليوم" ظهرت كمجال بحثي حوالى عام 2004، لكنها لم تشق طريقها إلى تقنية مكافحة طائرات الدرون إلا قبل سنوات قليلة، وأثبتت كفاءتها التشغيلية خلال الأشهر الأخيرة عملياً بتجارب أمام مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية، حين تمكن الجهاز من تعطيل 66 طائرة درون أرسلت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


سباق طويل

وتسابق الولايات المتحدة الزمن لتطوير إجراءات مضادة ضد طائرات الدرون العسكرية والتجارية المنتشرة على نطاق واسع والتي يقول مسؤولو الجيش وإنفاذ القانون إنها تشكل تهديدات تكتيكية متزايدة لكل شيء من القواعد العسكرية والمصافي إلى التجمعات الجماهيرية، خصوصاً بعدما استخدمت الميليشيات والجماعات المتمردة، بما في ذلك تنظيم "داعش"، طائرات الدرون وزودتها بمتفجرات لمهاجمة أهداف بارزة بما في ذلك السفن التجارية والمركبات القتالية المدرعة، كما أسقطت الدفاعات الجوية العراقية في يناير (كانون الثاني) الماضي، طائرتين مسيرتين محملتين بالمتفجرات أثناء اقترابهما من قاعدة عين الأسد الجوية التي تستضيف القوات الأميركية غرب بغداد.

وأدى انتشار طائرات الدرون الرخيصة إلى زيادة الحاجة إلى إيجاد بديل للدفاعات الجوية التقليدية، مثل صواريخ أرض- جو، والتي يمكن أن يكلف كل منها 3 ملايين دولار، وشجعت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الشركات الدفاعية الكبرى على تطوير ما يسمى أسلحة الطاقة الموجهة ذات الأحجام والتكلفة المتفاوتة التي تدمر المركبات الجوية غير المأهولة باستخدام الليزر أو الموجات الدقيقة الميكروويف.

ومنذ ذلك الحين تعمل شركة "بوينغ" و"جنرال أتوميكس" على تطوير ليزر أرضي بقدرة 300 كيلووات لاستهداف طائرات الدرون وكذلك الصواريخ والطائرات الأخرى، وفازت كل من شركة "رايثيون تكنولوجي" و"كيه بي آر" و"كورد تكنولوجي" العام الماضي، بعقد قيمته 123 مليون دولار لتزويد الجيش الأميركي بأجهزة ليزر بقدرة 50 كيلووات مثبتة على مركبات قتالية مدرعة ذات ثماني عجلات.

خارج ساحة المعركة

ولا تقتصر الحاجة لهذه الأسلحة على الأغراض العسكرية، بل تمتد إلى عمليات التأمين المدنية خارج ساحة المعركة، نظراً لأن طائرات الدرون أصبحت أرخص وأكثر انتشاراً، ومعها يتزايد احتمال إلحاق الأذى ضد الأماكن المدنية، ففي شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2018، أُغلق مطار غاتويك في لندن لمدة يومين بعد الإبلاغ عن طائرات درون غامضة لم يُعثر عليها، تحلق في السماء حول مدارج الطائرات، وخوفاً من أن يؤدي الاصطدام إلى إسقاط طائرة ركاب، نُشر الجيش وأُلغيت أكثر من 1000 رحلة جوية.
وتشمل التهديدات الأخرى التي حُددت، الطائرات التي تحلّق قرب مروحيات الإسعاف والإنقاذ، والهجمات في الأماكن المدنية، واستطلاع المواقع النووية، وانتهاك الخصوصية، وحتى كإلهاء لمساعدة المجرمين.
وفي السنوات الأخيرة، استُخدمت أسلحة الطاقة الموجهة أيضاً ضد أهداف بشرية، ففي عام 2017، اشتكى موظفو السفارة الأميركية في كوبا من سماع ضوضاء فجأة وضغط في أذانهم، تلاها ظهور أعراض مثل الصداع والدوار وفقدان الوظائف الإدراكية والتي وصِفت بأنها "متلازمة هافانا"، ونُسبت إلى نوع من أسلحة الطاقة الموجهة الجديدة.
وفي الوقت الذي تعلن فيه شركات الدفاع والتكنولوجيا قدراتها الجديدة في هذا المجال، تواصل البلدان الأخرى تطوير تقنياتها للحد من أخطار طائرات الدرون التي أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها أكثر خطورة وتأثيراً مما كان معتقداً قبل حرب أوكرانيا.

المزيد من تقارير