Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دراما "الزواج العرفي" تستفز التونسيين... حقوق المرأة أولا

مسلسل "براءة" يثير نقاشاً واسعاً ينقسم بين تجريم الظاهرة وحرية التعبير

دعوات بعض الجهات رئيس الجمهورية للتدخل وصفت بأنها فرض وصاية على الذوق العام (صفحة المسلسل على فيسبوك)

جدل واسع شهدته  تونس، بسبب المسلسل الدرامي "براءة"، الذي يخوض الموسم الرمضاني على قناة "الحوار التونسي" الخاصة.

المسلسل طرح نقاشاً واسعاً حول التناول الدرامي لمسألة "الزواج العرفي" في تونس، وتوقف البعض عند ما قد يمثله ذلك من تهديد لحقوق المرأة وانتهاك لمكاسبها ومس بكرامتها.

الجدل لم يقتصر على الأوساط الثقافية والشعبية، بل تفاعلت جهات رسمية عدة لوضع النقاط فوق الحروف. والتأكيد على حقوق ومكتسبات المرأة التونسية.

حماية حقوق المرأة

من جانبها، شددت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، في بيان، على التزام الدولة التونسية بـ"حماية الحقوق المكتسبة للمرأة"، والعمل على "دعمها وتطويرها"، واتخاذ كافة التدابير "الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة".

كما جددت الوزارة التأكيد على أن "الزواج العرفي" هو زواج على خلاف الصيغ القانونية. وأعربت عن ارتياحها لما عبرت عنه شرائح واسعة من الشعب التونسي من رفض قاطع لجريمة الزواج العرفي، تأكيداً على تمسك التونسيين بنموذجهم المجتمعي، والتمسك بالحقوق المكتسبة للمرأة التونسية وقيم الجمهورية ومدنية الدولة.

الوزارة أعلنت اعتزامها تنظيم ندوة وطنية جامعة، في إطار مقاربتها التشاركية، قبل نهاية السنة الجارية، لتعميق النقاش بين كل الهياكل والجهات المعنية حول القضايا المتصلة بالتعاطي الإعلامي مع قضايا المرأة والطفل واقتراح الحلول لأبرز التحديات القائمة.

حسب مجلة الأحوال الشخصية الصادرة في تونس منذ 1956، فإن الزواج على خلاف الصيغ القانونية، أو ما يعرف بالزواج العرفي، يمثل جريمة يدينها القانون، ويعتبره حقوقيون أحد أوجه الإساءة لمكاسب المرأة التونسية، وشكلاً من أشكال الانتهاك الصارخ لمدنية الدولة ووجهاً من وجوه الاتجار بالبشر والتهديد لحقوق النساء.

جريمة وإهانة كبرى

كما يرى البعض، أن من دور الإعلام، وخصوصاً الدراما، المساهمة في التعريف بأركان هذه الجريمة وفضح ما يرافقها من سلوكيات خطأ. الأستاذة الجامعية سلوى الشرفي قالت، إن "الفرق شاسع بين الإبداع والجريمة، وإن وظيفة بث تصورات معينة ليست بريئة، وإن لم يقصد المؤلف ذلك لنقص في وعيه بخطورة مفعولها".

وقدمت الشرفي مثالاً تساءلت فيه، "هل يمكن قبول مشهد اغتصاب بكل تفاصيله وتبرير ذلك بأنها ظاهرة اجتماعية، وهل يمكن قبول مسلسل حول ختان البنات في تونس، وهي ظاهرة لا نعرفها تماماً، مثل التعدد والزواج العرفي، هل تقبل الدول التي تمنع مراجعة الهولوكوست بشريط أو كتاب يكذب أو حتى يشكك في جزئيات منه؟"، مجيبة، "طبعاً لا وقد منعت كتب وبحوث بسبب ذلك".

وترى الشرفي، أن "لكل بلد خصوصياته الثقافية والقانونية، وما يسمح به في مصر مثلاً من خطاب روائي حول تعدد الزوجات، يعتبر جريمة دوس على القانون وإهانة كبرى للمرأة في تونس".

لذلك، وحسب اعتقادها، لا تضع الشرفي هذا المسلسل في "خانة الإبداع وحرية الفكر والتخيل"، بل تعتبر هذا النوع من الزواج "جريمة تماماً مثل مشهد اغتصاب مجسد بكامل تفاصيله، وإن كانت النية تتجه نحو التنديد به، فكما يقال إن طريق جهنم معبد بالنوايا الحسنة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فرض الوصاية

بخصوص مس العمل بمكتسبات المرأة التونسية، يعتقد الصحافي والناشط في المجتمع المدني، وائل الونيفي، أنه "لا عمل درامياً، ولا أي شيء آخر، يمكن أن يزعزع المكتسبات التي حققتها المرأة التونسية، وتضمنها ترسانة تشريعية متطورة، مقارنة ببلدان العالم العربي والأفريقي".

واعتبر الونيفي، أن "دعوات بعض الجهات رئيس الجمهورية للتدخل مسألة خطيرة، وهي من قبيل دعوات فرض الوصاية على الذوق العام، ومدخل لإعادة الرقابة المسبقة على الأعمال الفنية".

يذكر أن رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، راضية الجربي، قالت في تصريح إعلامي، إنها قابلت رئيس الجمهورية وتحدثت معه عن خطورة هذه الأعمال الفنية، وهو ما اعتبره البعض دعوة لوضع رقابة على الأعمال الفنية.

ويواصل وائل الونيفي في الإطار ذاته، أن" التعاطي مع مسألة الزواج العرفي فنياً تناقش فنياً ومجتمعياً، بخاصة أن القانون التونسي كان قد حسم المسألة منذ ستة عقود كاملة. لا رجوع إلى الوراء، لكن لا يجب غض الطرف عن ظواهر مجتمعية موجودة". مضيفاً، "وما هذا النقاش إلا ظاهرة صحية تتجدد معه ثوابت وقيم المجتمع التونسي في دعم مكانة المرأة وتأكيد لمكتسباتها".

جدير بالذكر أن وزارة المرأة اعتبرت، في بيانها، أن حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة. ولا يجوز ممارسة رقابة قبلية على هذه الحريات بحكم الدستور.

"براءة" مسلسل درامي تونسي من بطولة فتحي الهداوي وريم الرياحي وأحلام الفقيه ومحمد السياري وكوثر الباردي وياسين بن قمرة، ومن إخراج سامي الفهري. ويتناول قضية رجل ستيني ثري متزوج، ويريد الزواج من الخادمة ذات 18 سنة ليصدم عائلته بهذا الطلب الذي يلاقي رفضاً من زوجته وأبنائه ومن المجتمع.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة