Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فشل الحكومة البريطانية في رفع الأجور سيتسبب لها بمشكلة انتخابية

يبدو أن الحكومة تعتقد أن رفع الأرضية المتمثلة في الحد الأدنى للأجور بالترافق مع سوق العمل الضيقة سيصحح لها مشكلة تراجع معايير العيش، لكن كما يكتب جيمس مور قائلاً، يبين تحليل صدر الاثنين عن مؤتمر الاتحادات المهنية أن ذلك لا يحصل

"ربما آن الأوان، ونقولها همساً، لسياسة شاملة للمداخيل؟ ولن يكون الأمر فكرة سيئة" (رويترز)

ادفعوا لهم مزيداً من المال! هكذا قالت الحكومة البريطانية رداً على النقص الحاد في العمالة التي تعاني منها قطاعات مهمة. قيادة الشاحنات الصغيرة. معالجة الأغذية. تعرفون ذلك.

ودفعوا لهم، أو بعضهم على الأقل.

فقد كشفت "تيسكو" [سلسلة لمحلات السوبرماركت] عن رشوة مخصصة لإغراء السائقين [المجندين] هي عبارة عن مبلغ كبير مؤلف من أربعة أرقام. ونثرت "أمازون" فرحاً قليلاً قبل الأعياد في مراكزها المخصصة لتلبية الطلبيات والمعروفة بظروف العمل البائسة. وقررت شركات أخرى قليلة المشاركة في الحفلة. فالمثل يقول: من لا تستطيع التغلب عليه، انضم إليه.

ولسوء الحظ، لم تتمكن شبه الهدية الميلادية التي أعلن عنها [رئيس الوزراء] بوريس جونسون من أن تفيد سوى عدد محدود من العاملين.

فباستثناء عدد من الأمثلة التي حظيت بكثير من الدعاية، مثل المثلين أعلاه، لم تتعزز الأجور بفعل النقص في العمالة الذي تشهده القطاعات، ويعاني منها الاقتصاد البريطاني، فالأجور تتراجع بالقيمة الحقيقة، وذلك بنسبة كبيرة.

ويقدر مؤتمر الاتحادات المهنية أن زيادة الأجور ستبلغ 0.8 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام. وفي المقابل يبلغ معدل تضخم الأسعار 1.6 في المئة. واستخدمت الهيئة النقابية بيانات من مكتب مسؤولية الميزانية وبنك إنجلترا لوضع أرقامها.

ويبلغ تقديرها للنمو السنوي في الأجور 3.1 في المئة، وهو أقل بكثير من معدل التضخم الخاص بمؤشر الأسعار الخاصة بالمستهلكين، البالغ حالياً 4.3 في المئة، لكن المتوقع أن يكسر حاجز الخمسة في المئة في العام الجديد.

أما الأرضية المتمثلة في الحد الأدنى الحكومي للأجور، الذي تود الحكومة أن تشير إليه باسم الأجر المعيشي الوطني للبالغين أكثر من 23 سنة على الرغم من أنه ليس كذلك، فسترتفع بنحو سبعة في المئة في أبريل (نيسان) إلى 9.50 جنيه استرليني (12.55 دولار) في الساعة. وهكذا يجب أن يكون أدنى العاملين أجراً محميين من عدوانية التضخم (على الرغم من أنهم تكبدوا خسائر خلال السنة الماضية).

أما الأرضية الأعلى بكثير التي تعرضها "مؤسسة أجور المعيشة" فارتفعت بالفعل من ناحية أخرى. فقد أعلن الشهر الماضي عن معدل يبلغ 9.90 جنيه للعاملين خارج لندن، بزيادة 4.2 في المئة عن المعدل السابق.

والمعدل الأخير محدد بالاستناد إلى التكلفة الحقيقية للمعيشة، وليس إلى ما ستتمكن السوق من تحمله أو ما تشعر الحكومة بأنه مقبول سياسياً، وهو يغطي جميع العاملين لدى أصحاب العمل المعتمدين، وليس فقط البالغين 23 سنة أو أكثر المستفيدين من الأجر المعيشي الوطني الحكومي.

حين ترفع الأرضية، يجب بالتأكيد أن يستفيد الآخرون جميعاً. والسبب أن الرفع يجب أن يؤثر في رواتب الشرائح الأعلى من الموظفين، أليس كذلك؟ صحيح باستثناء أن أرقام مؤتمر الاتحادات المهنية تبين أن هذا لا يحصل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

باستثناء المحميين بأرضية (أرضيات) الأجور البريطانية، يزيد الناس فقراً. وذلك بنسبة كبيرة. تقدر "مؤسسة القرار" أن الأسرة المتوسطة ستخسر ألف جنيه العام المقبل.

لماذا يحدث هذا؟

ثمة تفسير ممكن مفاده بأن أصحاب العمل خائفون من زيادة الأجور حتى وهم يعانون في العثور على موظفين لأنهم قلقون من استمرار الدمار الاقتصادي الناجم عن الفيروس، ولا سيما "أوميكرون".

وبدلاً من تحسين الأجور لإغراء العاملين، يختارون التكيف وتدبير أمورهم بما تيسر حيث يستطيعون.

ويوفر قطاع الضيافة، الذي سيضطر إلى زيادة أجور عامليه في حالات كثيرة لأن عوائدهم الصافية قريبة في الأغلب من الحد الأدنى، لكنه لا يزال غير قادر على العثور على العاملين الذين يحتاج إليهم، مثالاً على ما يجري.

تقول لي الرئيسة التنفيذية لهيئة "الضيافة في المملكة المتحدة"، كايت نيكولز، إن مديرين يتولون مهاماً على تماس مع العملاء، وإن موظفين يتولون نوبات أطول، إن بعض المؤسسات قلصت أيام العمل أو الخيارات الواردة في قوائم الطعام.

من المرجح أن تتبنى قطاعات أخرى ممارسات مشابهة، مخصصة لتلبية احتياجاتها. وهذه ليست استراتيجية فاعلة في الأجل البعيد، فهي لا يمكن أن تطبق لفترة طويلة قبل أن تبدأ المشاكل في الظهور.

وفي هذه الأثناء، يسهم ذلك في "أزمة على صعيد تكاليف العيش" بكل ما للكلمة من معنى. وهذا يمثل مشكلة لحكومة متورطة في مجموعة مذهلة من الفضائح. وربما يجب عزو ما يجري كله إلى جونسون.

قد يكون لأزمة تكلفة المعيشة أثر أبعد أجلاً في حظوظ الحكومة مقارنة بأي أزمة أخرى، ولا سيما إذ فشلت الحكومة في حزم أمرها، فإلى متى سيبقى الرأي العام مستعداً لتحمل حكومة تزيده فقراً في شكل تدريجي؟

ثمة طرق تستطيع الحكومة سلوكها. وقد تكون البداية في إحياء دور النقابات. فكما كتبت سابقاً، يحقق التفاوض الجماعي، حيث يتوفر، تكافؤ الفرص بين صاحب العمل والموظف، ويؤدي إلى نتائج أفضل على صعيد الأجور. وهذا أمر أقر به الاقتصاديون في بنك إنجلترا أنفسهم.

ويمكن توسيع الاتفاقيات حول الأجور لمعالجة الإنتاجية، ما قد يقلل من ضغط التضخم، وضغط التكاليف على أصحاب العمل. وثمة أمثلة أيضاً على المجالات التي جرى فيها ذلك عملياً.

لقد دعا مؤتمر الاتحادات المهنية إلى اتفاقيات تتعلق بالأجور العادلة على صعيد كل قطاع، وهذا يمكن تحقيقه من خلال عملية تشمل النقابات وأصحاب العمل والحكومة، وهو أمر يستحق النظر.

ربما آن الأوان، ونقولها همساً، لسياسة شاملة حول المداخيل؟ ولن يكون الأمر فكرة سيئة.

لكن إدارة جونسون، في الحالات النادرة جداً التي تلاحظ فيها المشكلة، تبدو متمسكة بالأمل بأن تحل المشكلة نفسها بنفسها.

وإلى الآن، لا مؤشر يذكر إلى حدوث ذلك.

© The Independent