Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حسم الصراع على أملاك الكنيسة الأرثوذكسية في القدس لمصلحة المستوطنين

مواقع استراتيجية وفلسطينيون مهددون بالطرد

فندق إمبريال أحد العقارات الثلاثة موضوع الدعوى في القدس (اندبندنت عربية)

بعد 14 سنة من الصراع على أملاك للكنيسة الأرثوذكسية في القدس، بين أصحابها الأصليين وجمعية استيطانية متطرفة، حسمت المحكمة الإسرائيلية الحكم لصالح الأخيرة وصادقت على نقل ملكية ثلاثة عقارات من أملاك الكنيسة في أحد المواقع الاستراتيجية المهمة في البلدة القديمة في القدس، إلى ثلاث شركات إسرائيلية تعمل لمصلحة جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية، رافضةً بذلك الالتماسات التي قدمتها الكنيسة بشأن تزوير مستندات البيع والسيطرة على الأملاك بالقوة.
وعززت الجمعية الاستيطانية بهذا القرار مكانتها في القدس، وحيّ النصارى تحديداً، لتهدد وجود الفلسطينيين في هذه الأملاك، حيث يُعتبَرون مستأجرين محميين، بينما يُتوقَع أن تبدأ الجمعية الاستيطانية بإجراءات قضائية لطردهم وإخلاء الأملاك.
وأدت هذه القضية في السابق، إلى إطاحة البطريرك السابق إيرينيوس الأول، المسؤول عن الكنيسة، الذي اتُهم بتنفيذ صفقة بيع العقارات الثلاثة في عهده، واستُبدل بالبطريرك ثيوفيلوس، الذي ادعى أن الصفقة تنطوي على أعمال فساد ورشوة، ولم يُصادق عليها من قبل المسؤولين في الكنيسة.
وشُكلت حينه لجنة تحقيق في دور البطريرك إيرينيوس، انتهت إلى تبرئته، فيما ادعى محاميه أنه تعرض إلى مؤامرة من أطراف داخل الكنيسة، لتصل الأملاك في نهاية الأمر إلى أيدي المستوطنين.
ويجري الحديث عن أن العقارات الثلاثة تضمّ فندقَي "بترا"، المؤلّف من أربعة طوابق و"إمبريال"، الواقع قرب باب الخليل على مدخل البلدة العتيقة ومبنى "بيت المعظمية".
صفقة مشبوهة وكُشفت القضية في عام 2005، حين أُعلن عن صفقة مشبوهة بين الكنيسة والجمعية الاستيطانية، التي كانت على استعداد لدفع مبلغ يتجاوز الـ 400 مليون دولار، إلا أن الجهات التي وقفت خلف هذه الصفقة حصلت على 500 ألف دولار فقط، ووقعت عليها.
ومنذ ذلك الوقت، انتقلت القضية إلى المحكمة الإسرائيلية، التي أقرت في جلسة عقدتها السنة الماضية، أن الكنيسة لم تثبت أن الصفقة مشبوهة وأن الجمعية عرضت رشوة على مسؤولين كنسيين.

"عملية احتيال"

وبحسب ما تسرب عن هذه الصفقة، فإن الجمعية الاستيطانية نجحت في إقناع مسؤول كنسي يدعى نيكولاس باباديموس، ببيع فندقَي "بترا" و"إمبريال"، من دون علم البطريركية أو موافقتها، مقابل مبالغ مالية طائلة. ووافقت جمعية "عطيرت كوهانيم" على دفع ثمن يزيد تسعة أضعاف على السعر الذي اشترت فيه العقارات في وقت لاحق.
وأعلنت البطريركية في حينه، أن إيرينيوس لم يحصل على مصادقة من أي هيئة كنسية عليا لتنفيذ الصفقة، كما أن محاسب البطريركية باباديموس تلقى رشىً من "عطيرت كوهانيم" للدفع بالصفقة قدماً. كما أكدت أن الثمن الذي دفعته الجمعية الاستيطانية يُعتبَر متدنياً جداً مقارنةً بقيمة العقارات الثلاثة.
واللافت في قرار المحكمة الأخير أن فريق الدفاع عن البطريركية تنازل عن الادعاءات بشأن الرشوة والفساد في أساس الصفقة، كما تنازل عن الادعاءات بعدم صلاحية التوقيع على الصفقة، ولم تُعرض وثائق على المحكمة تشير إلى أن الجمعية الاستيطانية كانت عرضت تسعة أضعاف المبلغ الذي دُفع فعلاً، ما شكّل أدلةً لمصلحة الجمعية الاستيطانية استخدمتها المحكمة في رفضها الالتماسات والمصادقة على نقل ملكية العقارات إلى "عطيرت كوهانيم". 
وعلى الرغم من ادعاء البطريركية أن باباديموس حصل على مبلغ 35 ألف دولار من "عطييت كوهانيم"، إلا أن المحكمة الإسرائيلية توصلت إلى نتيجة أن البطريركية لم تتمكن من إثبات أن أساس الصفقة فاسد.

مدرسة دينية وكلية عسكرية

على مدار السنوات الماضية، ومنذ كشف الصفقة، حاولت البطريركية اليونانية إلغاءها وقدمت التماساً إلى المحكمة الإسرائيلية ضد قرار سابق، اعتبر أن الجمعية الاستيطانية اشترت الأملاك بأموال معقولة ومن دون دفع رشوة، لكن مقدمي الالتماس لم يملكوا أدلة تؤكد الرشوة. وفي تفاصيل الملف في المحكمة وما شمله من وثائق، تبين أن عدداً من المستوطنين المتطرفين، أجروا مفاوضات مع طرف ثالث لديه ملكية على العقار، حول فندق "بترا". وتوصل الطرفان إلى اتفاق على بيعه، وكل الجهود التي بُذلت من جانب الكنيسة لإلغائه، باءت بالفشل.
وتباهت جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية في عام 2004 في رسالة أرسلتها إلى مؤيديها، بأنها أنهت إجراءات شراء قسم من مبنى كبير واستراتيجي في القدس الشرقية، بمساحة ألف متر، سيكون ركيزة لبؤرة استيطانية جديدة، وطُلب منهم تقديم التبرعات لدعم الاستيطان في المنطقة.
ويقع المبنى على تقاطع شارعَي السلطان سليمان وصلاح الدين، قرب مكتب البريد المركزي ومحطة الشرطة الإسرائيلية، وهي منطقة وضعتها الجمعيات الاستيطانية هدفاً لتعزيز الاستيطان، وتخطط لإقامة مدرسة دينية وكلية تحضيرية عسكرية في المبنى.
وجاء في الرسالة التي كُتبت بعنوان "بشائر كبيرة من عطيرت كوهانيم"، أن عملية الشراء أُبرمت أخيراً ولم يُعلن عنها، نظراً إلى حاجة التكتم على المعلومات. وحضّت الرسالة المستوطنين على تقديم التبرعات من أجل القيام بعمليات ترميم للمبنى وإقامة مدرسة دينية وكلية تحضيرية عسكرية.
وأوضحت الرسالة أن عملية الشراء هي الأولى من نوعها في منطقة تقع في قلب منطقة عربية تجارية، مشددةً على أن "العمل في المبنى يجري بهدوء بعيداً من الأنظار".

صفقات بمئات الدونمات

لم تتوقف الصفقات لتحويل أملاك من الكنيسة الأرثوذكسية في القدس إلى جهات استيطانية، على غرار صفقة "عطيرت كوهانيم"، بل كُشفت صفقات عدة في الماضي لا تقل خطورة.
وكُشف في عام 2017 عن صفقة نقل بموجبها 500 دونم من أراض وقفية تابعة للكنيسة إلى بلدية القدس الغربية، على أن تُخصَص الأراضي لمستثمرين ورجال أعمال يهود. 
وكُشف عن هذه الصفقة في أعقاب دعوى قدمتها الكنيسة إلى المحكمة المركزية في القدس، تطالبها بإلزام البلدية إصدار مستندات تؤكد أنه لا يحق لها مطالبة الكنيسة بدفع ضرائب "الأرنونا" (ضريبة تفرضها السلطات الإسرائيلية على أصحاب المباني والأراضي في القدس) عن 500 دونم. واتضح من هذه الصفقة أن البطريركية باعت في شهر أغسطس (آب) 2016 عقارات بمساحة 500 دونم، إلى شركة يهودية باسم "يانوت كومميوت"، وتكتمت البطريركية على الثمن المدفوع في الصفقة وأسماء وأصحاب الشركة، وبررت ذلك في الدعوى أن جهات من البلاد والخارج، بعضها عدوة، عملت وتعمل على منع إبرام هذه الصفقة، "لذلك ولصالح سكان القدس وصالح دولة إسرائيل، هناك أهمية قصوى للحفاظ على السرية التامة للصفقة وتفاصيلها".
وقدمت الكنيسة الأرثوذكسية الدعوى في أعقاب مماطلة بلدية القدس في تسريع إصدار المستندات للتعجيل بالصفقة، والانتهاء من إجراءات البيع ونقل الملكية للمستثمرين، وكانت هذه أول صفقة بيع أرض تابعة للكنيسة، وملكيتها في القدس وبشكل علني.
ويتم التكتم على حجم المبالغ المالية المدفوعة في هذه الصفقة، إلا أن تسجيلات ضريبة الدخل في تلك الفترة، المتعلقة بجزء من مساحة الأرض المدرجة تظهر أن قيمة المبالغ التي دفعتها الشركتان تتجاوز 114 مليون شيكل (قيمة الشكيل 3.6 دولار)، مقابل حقوق الملكية على أراضي الكنيسة هذه.
وفي صفقة أخرى، كُشف عن توقيع الكنيسة الأرثوذكسية على اتفاقية لبيع 200 قطعة أرض في حي الطالبية وحي المصلبة لمجموعة مستثمرين، لم يُكشف عن هويتهم، علماً أنه يسكن في هذه الأراضي عشرات العائلات بحسب قانون الساكن المحمي والمستأجر.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط