Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السوبيا... "النبيذ الحلال"

يصنع المشروب من الفواكه أو الشعير ويتم تخميره عند مستويات معينة

تصنع السوبيا بنكهات الفواكه أو الشعير أو الكركديه (اندبندنت عربية)

يهل شهر رمضان على المسلمين بطقوسه وعاداته الاجتماعية المتنوعة، فلا تكاد تخلو موائد الإفطار السعودية منه وقد بات منتشراً في كل أنحاء البلاد المعروف باسم "السوبيا".

وتوارث أهل مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة شراب السوبيا عن أجدادهم، وأصبح الإفطار مرتبطاً بهذا المشروب ليكون سيد المائدة الرمضانية، والذي يتكون من الشعير وحبات الهيل والقرفة أو الشوفان أو الزبيب وفواكه أخرى.

هذا المشروب يثير الجدل دائماً عند النظر إلى الصفوف الطويلة التي تواجه محلات بيعه، وما إذا كان الأمر مرتبطاً بإدمان من نوع ما نتيجة لطرق إعداده المرتبطة بالتخمير، وهل يمكن أن يتم التعامل معه على أنه خمر فعلاً؟

الخمر الرمضاني

هذا الجدل يدفع للبحث وراء طريقة إعداده، وهو السؤال الذي اتجهنا به إلى خالد عصفور أحد أشهر بائعي "السوبيا" في جدة، الذي أمضى 38 عاماً في إعداد وبيع مشروب "السوبيا"، بحسب قوله، "كانت بدايتي مع والدي الذي تدربت على يديه في كيفية تجهيز هذا المشروب".

وأضاف حول طريقة الإعداد "نحضر الشعير ونضيف حبات الهيل والقرفة أو الشوفان أو الزبيب على هذا المشروب ونخلطها بمقادير موزونة".

وأردف "نقوم بتصفية منقوع الشعير بعد يوم من إعداده حتى لا يخمر، ويضاف له السكر ويغلف ويتم تبريده قبل بيعه"، مبيناً أن السوبيا في الأصل لونها أبيض، ويتم إضافة لون طبيعي عليه لكي يعطيه نكهة وشكل مختلف.

وأوضح أن الطلب على السوبيا يكون في رمضان عالياً بحكم العادات، ويومي الاثنين والخميس من كل أسبوع بقية أشهر العام لموافقته صيام النافلة.

 

 

كيف ظهر في المرة الأولى

وعن أصل السوبيا أوضح عصفور أن المشروب ظهر في مكة المكرمة منذ أكثر من نصف قرن حيث نشأت من فكرة (حفظ النعمة) فكانت السيدات يجمعن بقايا الخبز لتوظيفه في صنع مشروب السوبيا تجنباً لرميه، ومن ثم انتشر في بقية مناطق السعودية.

فيما أفاد عمرو المنابري ذو خبرة تمتد لـ35 عاماً في صنع المشروب الموسمي، أنه "توجد في مكة وجدة معامل متكاملة ومجهزة بالمكائن والآليات لصنع وتعبئة السوبيا"، مشيراً إلى أن المشروب عرف للمرة الأولى عن طريق أهل المنطقة الغربية في السعودية وتحديداً أهل مكة المكرمة الذين يحرصون على شربه في رمضان.

من جهته، عرّف الباحث الشرعي حاتم بن عارف العوني في دراسة له، السوبيا بأنها "شراب رمضاني في الحجاز، يتبردون بشربه على الإفطار وبعده ويطفئون به ظمأهم، وهو نوع من الأنبذة المباحة، التي كان الرسول محمد يشربها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال العوني إن السوبيا معروفة بهذا الاسم منذ القدم، فقد جاء في "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير 606 هجرية "في حديث ابن عمر ذكر (السوبية) بأنها نبيذ معروف يتخذ من الحنطة، وكثيراً ما يشربه أهل مصر"، مضيفاً "لذلك فقد تكلمت عنها المعاجم العربية، كـ(لسان العرب) لابن منظور، والزبيدي في (تاج العروس)، ومع أنه قيل إنها فارسية، إلا أني لم أجدها في بعض المعاجم الفارسية العربية، ولا في المعربات الفارسية".

وأشار العوني إلى محلٍ كان يقصده لشراء السوبيا في العادة، ومر به يوماً ما، فإذا به "مغلقاً بالشمع الأحمر من الجهات المعنية، فسألت عن السبب، فقيل لي إنه يبيع سوبيا وصلت إلى حد الإسكار"، ويستدل بذلك على كونها خمرة بمستويات تخمير منخفضة.

الموقف الشرعي يعتمد على الإسكار

أما من الناحية الشرعية، فقد ربط رجال الدين في السعودية الأمر بالإسكار من عدمه، إذ يتوجب ألا تتجاوز مدة التخمير 24 ساعة، وما زاد عليها فهو "محرم شرعاً" ويدخل في دائرة المسكر، كما ذكره كبار رجال الدين في السعودية مثل عبد العزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين.

فيما أكد الباحث الشرعي عبدالله الظفيري، إنه إذا "زادت نسبة تخمير أي مشروب من شعير أو عنب أو غيرهما ووصل إلى حد الإسكار وذهاب العقل فهو حرام"، مضيفاً "الحكم على الشيء يدور مع علته، وعلة تحريم هذه المشروبات الإسكار وزوال العقل، فالعنب والشعير الأصل فيها الحل ما دامت لم يصل تخميرها إلى الإسكار".

بدوره، أكد استشاري التغذية العلاجية خالد المدني، أن زيادة عملية تخمير مشروب السوبيا على ثلاثة أيام يزيد من إنتاج الكحول التي تؤثر في الجسم، موضحاً أن شرب السوبيا بطريقته الصحيحة بعد تخميره لمدة يوم أو يومين يمد الجسم بالطاقة كونه مصنوعاً من الشعير الغني بالكربوهيدرات.

وقال المدني "يعتبر مشروب السوبيا من المشروبات الباردة التي تصنع من الشعير أو الزبيب أو بقايا الخبز المصنوع من الطحين الأبيض، حيث يتم نقعها في الماء لمدة يوم أو يومين، وبعد ذلك يضاف إليها السكر والقرفة، ويؤدي التخمير عندما يزيد على ثلاثة أيام إلى تصنيع أو إنتاج كمية أكبر من الكحول، بالتالي كلما زادت عملية التخمير تزيد نسبة الكحول، ويزداد التأثير في الجسم".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات