Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يجري في السودان بعد 3 أعوام من عزل البشير؟

آلاف المواطنين يتظاهرون في الخرطوم للمطالبة بالحكم المدني

يشهد السودان احتجاجات مستمرة للمطالبة بالحكم المدني (أ ف ب)

طوى السودانيون قبل ثلاثة أعوام، وتحديداً في 11 أبريل (نيسان) 2019، ثلاثين عاماً من الحكم العسكري عندما عزل الجيش السوداني آنذاك الرئيس عمر البشير، استجابة لمطلب الشارع الذي بدأ ثورة شعبية اجتاحت كل مدن البلاد في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2018، حملت شعار "حرية، سلام، وعدالة".

وعلى الرغم من توقيع شراكة بين المدنيين والعسكريين في 17 أغسطس (آب) 2019 لإدارة حكم الفترة الإنتقالية التي حددت بـ39 شهراً، تم تمديدها 14 شهراً بعد توقيع اتفاق جوبا للسلام في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) 2020، لكن سرعان ما عادت الاحتجاجات إلى الشارع مجدداً، فور إعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر حالة الطوارئ في البلاد وتعطيل الشراكة مع المدنيين، وهو ما سماه البرهان ثورة لتصحيح المسار، بينما اعتبرته معظم القوى السياسية والشبابية ممثلة في لجان المقاومة التي تقود الحراك الثوري انقلاباً عسكرياً.

فكيف ينظر المراقبون لواقع المشهد الراهن في السودان في ظل الانسداد السياسي بين أطراف الصراع، وتواصل التظاهرات، وما إمكان إنهاء هذه الأزمة بالنظر للجهود المحلية والدولية والإقليمية المتواصلة منذ فترة؟

العودة للوراء

يشير أستاذ الاقتصاد السياسي الحاج حمد إلى أن "الثورة السودانية بمفاهيمها وأهدافها وشعاراتها السلمية تعد فكرة جديدة في تاريخ العالم، ومعلوم أن الثورات لا تسير في خط مستقيم، بل في خط لولبي حتى تتمكن من القفز إلى الأمام، كما أن فترة الـ30 سنة التي حكم فيها نظام البشير السودان لم تكن سهلة، حيث كشفت عن أن الحكم العسكري أسوأ أنواع الحكم من ناحية البطش والقهر وتكميم الأفواه وتضييق الحريات وتعميق مفهوم الدولة الأحادية، والتي غالباً ما تكون مرتبطة خارجياً بتحالفات وسياسة محاور".

وأضاف حمد أن "الواقع المعاش أثبت أنه من الصعب إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، في إشارة إلى استحالة عودة النظام السابق لسدة السلطة، لأن أنصار هذا النظام انكشفوا لعامة الناس بأنهم جماعة تلهث وراء مصالحها ولا يهمها الوطن". وأكد أن ثورة ديسمبر أكدت حيويتها وأنه لكي تبلغ مبتغاها لا بد أن ينتظم الشباب الذين يقودون الحراك في الشارع في جسم جامع من أجل بلورة رؤية حول التحديات والقضايا الأساسية، بخاصة شكل الحكم، والسير قدماً لتحقيق التغيير المنشود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عزلة وحروب

في السياق، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة أفريقيا العالمية في الخرطوم، محمد خليفة صديق، أنه "بالنظر إلى الثورات التي حدثت في تونس ومصر وليبيا وسوريا، نجد أن حصيلتها كانت ضعيفة، ولم تكن بحجم الآمال العريضة التي كانت تنتظرها شعوب تلك الدول، والسودان جزء من هذا المشهد، حيث مر بتعثرات لتثبيت دعائم الديمقراطية بسبب الخلافات السياسية في إدارة المرحلة الانتقالية، أدت إلى أحداث 25 أكتوبر، لكن الحصيلة أن أفضل إنجازات الثورة أنها أزاحت البشير من الحكم لأنه عرّض البلاد لعزلة وحروب وصراعات وتدهور اقتصادي مريع. في المقابل، أسهمت الثورة في انفتاح السودان خارجياً بعد إزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فضلاً عن عودة علاقاته مع المصارف ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية".

ولفت صديق إلى أن الثورة السودانية تعتبر "أيقونة الثورات في المنطقة، حيث تأثرت دول عدة في حراكها الثوري كلبنان والجزائر، لكن من المعلوم أن الثورات دائماً ما تحدث لها تعثرات وتتأخر في تحقيق ما تصبو له، لكن في رأيي أن الثورة السودانية أنجزت الكثير وأخفقت في بعض القضايا، وبشكل عام أنه بمزيد من الصبر والتوافق والإصرار على التغيير من الممكن أن يتجاوز السودانيون خلافاتهم ويتوصلوا إلى اتفاق يقود إلى تكملة الفترة الانتقالية، وصولاً إلى انتخابات حرة نزيهة، في ظل الجهود التي يبذلها عدد من المبعوثين الإقليميين والدوليين، وكذلك تحركات المخلصين من أبناء الوطن".

تظاهرات ذكرى العزل

وخرج، الاثنين 11 أبريل، آلاف السودانيين في العاصمة الخرطوم إثر دعوة أطلقتها لجان المقاومة وقوى سياسية للمشاركة في تظاهرات سلمية في ذكرى عزل البشير، للمطالبة بالحكم المدني.

وبحسب عدد من لجان المقاومة فإن تظاهرات 11 أبريل تأتي لقطع الطريق أمام ما وصفوه بعودة حزب المؤتمر الوطني، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، ولاستكمال مهام الثورة وإقامة الحكم المدني الديمقراطي، وقبيل انطلاق هذه التظاهرات، أعلنت لجنة أمن ولاية الخرطوم، منعها التجمعات في منطقة وسط الخرطوم ابتداءً من سكة الحديد جنوباً حتى القيادة العامة شرقاً وشارع النيل شمالاً، مبينة أنها ستقوم بواجباتها نحو تأمين المواكب والتجمعات بتمكين المواكب من توصيل رسالتها.

وأغلقت السلطات جسري المك نمر والنيل الأبيض اللذين يربطان مدينتي بحري وأم درمان بالخرطوم مطالبة بضرورة الالتزام بالسلمية في المواكب وعدم السماح لما سمتهم بـ"المخربين" الدخول وسط المتظاهرين السلميين تفادياً لوقوع أعمال تخريب وإصابات.

ويشهد السودان احتجاجات مستمرة منذ خمسة أشهر تقودها لجان المقاومة الشعبية للمطالبة بالحكم المدني واستعادة مسار الانتقال بعد قرارات عبد الفتاح البرهان، التي أعلنها في 25 أكتوبر القاضية بحل الحكومة وإعلان حالة الطوارئ.

وبسبب إجراءات البرهان قطعت الدول الغربية المانحة مساعداتها المالية للسودان حتى يتسلم المدنيون سلطة الحكم الانتقالي، وهو ما فاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، وأدّى إلى ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والسلع الأساسية بشكل متزايد، في وقت أطلق فيه برنامج الأغذية العالمي مارس (آذار) تحذيراً بأن عدد السودانيين الذين يواجهون الجوع الحاد سيتضاعف إلى أكثر من 18 مليوناً بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل.

المزيد من تقارير