Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل "يعاقب" الصوت الجزائري ماكرون أم يخدمه؟

يرى البعض أن "اللعبة" تقوم على دفع مرشح اليمين إلى الدورة الثانية لتجد الجاليات نفسها مُكرهة على تأييد المرشح المنافس

تبلغ الجالية الجزائرية في فرنسا نحو 6 ملايين شخص (أ ف ب)

يمثل الجزائريون الجالية الأكبر في فرنسا. وإن كان اليمين لا ينتظر كثيراً من هذه الفئة من الناخبين، فإن اليسار والرئيس إيمانويل ماكرون يسعيان خلال الانتخابات الرئاسية لجذب ما يستطيعان من ستة ملايين صوت، علماً بأنها لم تحظَ بالمغازلة التي عهدتها في الدورات الماضية، ما يعد تحولاً يثير عديداً من التساؤلات.

ماكرون بخطابين... وانتقاد جزائري

وكان الرئيس إيمانويل ماكرون قد حصل في الانتخابات الماضية على نسبة كبيرة من أصوات الجزائريين. وقد مارس معهم سياسة هادئة باعترافه بأن الاستعمار الفرنسي كان جريمة ضد الإنسانية، وهو التصريح الذي لقي ترحيباً في الجزائر وغضباً لدى اليمين الفرنسي. إلا أنه أطلق تصريحات اعتبرها كثير من الجزائريين، في فرنسا وبلادهم، "تهجماً". وقد شكك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، ووصف النظام الجزائري بالعسكري الذي يستمد قوته من ريع الذاكرة، ما تسبب بأزمة دبلوماسية ما زالت ارتداداتها تضرب العاصمتين من حين لآخر، على الرغم من محاولات فرنسية للتهدئة.

ووصف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تلك التصريحات بـ"اليمينية المتطرفة". ودانت الخارجية الجزائرية "التوظيف الخطير للجزائر والجزائريين في الحملة الدعائية غير الرسمية، إذ شكلت مهاجمة كل ما هو جزائري أداة لاستقطاب اليمين المتطرف المُعادي للجزائر".

ولم تهدأ عاصفة غضب الجزائريين بعد تصريحات ماكرون. وقال سفير الجزائر لدى باريس، عنتر داوود، في مؤتمر صحافي بمناسبة يوم الهجرة، المُصادف 17 أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، إنه "من غير المقبول ألا تتمكن الجزائر التي تتوفر على أكبر جالية أجنبية في فرنسا و18 قنصلية، الأخذ بزمام الأمور من أجل التدخل ليس في السياسة الجزائرية فحسب، بل على مستوى السياسة الفرنسية أيضاً".

حملة اليمين المتطرف

وقادت كل من المرشحة مارين لوبن، والمرشح إيريك زمور، من اليمين المتطرف، إلى جانب آخرين، حملة ضد المهاجرين. وتكررت عبارات أبرزها "يمكن للهجرة الفوضوية أن تزعزع استقرار المجتمع"، و"الوضع خارج عن السيطرة، لم تعد الحكومة تسيطر على أي شيء"، و"المهاجرون عالة على الدولة الفرنسية"، و"الفرنسيون المسلمون أصبحوا كابوساً"، و"طرد المهاجرين ضرورة".

وبحسب المعهد الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية، بلغ عدد المهاجرين الذين يعيشون في فرنسا عام 2020 نحو 6.8 مليون مهاجر، أي 10.2 في المئة من التعداد السكاني، 46 في المئة يتحدرون من القارة الأفريقية، في حين تشكل الأصول الأوروبية والآسيوية والأميركية النسبة الأكبر.

لعبة محكمة

في السياق، يعتبر المتخصص في العلوم الاجتماعية، مصطفى دحو، أن "الجزائر لم تنجح في تشكيل لوبي انتخابي للضغط على الساسة الفرنسيين أو توجيه السياسة الفرنسية، لذلك تشكل الجالية الجزائرية ورقة ضغط من طرف الفرنسيين، وخصوصاً اليمين، الذي ينشر صورة نمطية لثقافة غريبة تهدد الهوية الفرنسية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بناءً على ذلك، يعتقد دحو أن "أصوات الجزائريين ستكون مشتتة في الدورة الأولى، لكن في الدورة الثانية سيضطرون إلى التصويت لمصلحة ماكرون".

ويعتقد دحو "أنها لعبة سياسية متقنة بدأت منذ الرئيس الأسبق جاك شيراك، وتقوم على دفع مرشح اليمين المتطرف إلى الدورة الثانية لتجد الجاليات نفسها مُكرهة على تأييد المرشح المنافس لليمين". ويرى أن "أساس هذه اللعبة المحكمة هو الإكراه، وليس الإقناع"، مضيفاً أن "تقنية تسلسل الإكراهات تضع الناخب أمام خيارين، وعليه اختيار الأقل ضرراً".

التصويت العقابي

من جانبه، يأسف رئيس الاتحاد العام للجزائريين في المهجر، سعيد بن رقية، لأن "الكتلة الانتخابية الجزائرية المكونة من مليوني ناخب كانت دائماً مهملة ومهمشة جزائرياً ومتحكماً فيها فرنسياً، إذ إنها بعيدة عن توجهات السياسة الخارجية الجزائرية"، مضيفاً أن "معظم الأصوات الجزائرية، كي لا نقول كلها، تصب لمصلحة ماكرون، في غياب أي بديل ومنافس اشتراكي قوي، ومنعاً لفرصة يترصدها اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبن وإيريك زمور، وهو ما يسمح بوصف التوجه لمصلحة ماكرون بالتصويت العقابي ليس إلا".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير