Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لا تعلن المعارضة التركية عن مرشحها للرئاسة؟

تشير استطلاعات الرأي إلى أن هناك شخصين لا يستطيع الرئيس أردوغان التغلب عليهما

المعارضون في تركيا يعرفون أن أردوغان ليس لقمة سهلة (أ ف ب)

هناك 123 حزباً في تركيا، وقرابة تسعين في المئة منها أحزاب صغيرة وليس لها قاعدة جماهيرية.

وبالفعل، سيكون عدد الأحزاب المشاركة في الانتخابات المقبلة يتراوح بين 15 و20 حزباً.

وإذا لم يُتخذ قرار انتخابي مبكر، فسيذهب الناس إلى صناديق الاقتراع في صيف 2023، وسيصوتون لمرشحي تلك الأحزاب في الانتخابات الرئاسية.

وفي كل حال، فإن موعد الانتخابات يقترب، في حين لم تعلن الحكومة ولا المعارضة عن مرشحيهما بعد.

وبالنسبة إلى التحالف الحاكم المؤلف من أحزاب "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" و"الوحدة الكبرى"، وعلى الرغم من أنه لم يأخذ طابعاً رسمياً، فإن المتوقع هو أن مرشحه سيكون الرئيس رجب طيب أردوغان.

أما تحالف "الأمة- الوطني" الذي يضم ستة من أحزاب المعارضة (الشعب الجمهوري، الخير، السعادة، المستقبل، دواء والديمقراطي) فإن عملية الترشيح تسير بسرية مطلقة. ما يتسبب في انزعاج التحالف الحاكم، ويفقده القدرة على وضع استراتيجية واضحة للتقليل من شعبية مرشح المعارضة، بواسطة ما يملكه من وسائل إعلام.

لذلك، فإن الحديث عن المرشح الرئاسي لـ"التحالف الوطني" هو من أكثر القضايا إثارة للفضول في الساحة السياسة الداخلية في الوقت الحالي.

وبعد إعلان رئيسة "حزب الخير"، مرال آكشنر، أنها لن تترشح للرئاسة، تركزت المناقشات على أسماء ثلاثة من "حزب الشعب الجمهوري"، هي أكرم إمام أوغلو، ومنصور يافاش، وكمال كليتشدار أوغلو.

بيد أن مسار هذه المناقشات اتخذ أخيراً منعطفاً مختلفاً، عندما أعلن أوميت أوزداغ، رئيس "حزب النصر" المؤسس حديثاً، والمعروف بخطابه العنصري الذي يتجاوز القومية، ويدعم الحكومة من وقت لآخر، أنه سيؤيد ترشح منصور يافاش عمدة مدينة أنقرة الحالي وعضو "حزب الشعب الجمهوري". وبطبيعة الحال، كان هذا موقفاً شريراً بالنسبة إلى منصور يافاش، الذي يتجنب بإصرار الخوض في مثل هذه المناقشات، ولكنه يحظى بشعبية كبيرة لدى الناخبين بسبب مواقفه الرزينة.

وليس من المبرر، سياسياً، أن ترشح شخصاً من حزب آخر لمنصب سياسي.

وقد فعلت وسائل إعلام مقربة من الحكومة الأمر نفسه بالنسبة إلى أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول، عندما دعته إلى حلبة النقاش لتجعله هدفاً.

وبالفعل، حققت وسائل الإعلام تلك نجاحاً جزئياً، حيث خلقت لدى جماهيرها على الأقل "أن لدى إمام أوغلو طموحات أعلى ولا يفكر في مواصلة رئاسة البلدية".

والآن، تحاول دفع منصور يافاش إلى المنطقة نفسها من طريق رئيس "حزب النصر".

ولكن، على الرغم من هذا، فإن التحالف المعارض لا يريد أن يشارك في المناقشات. وبالفعل، أوقف كمال كليتشدار أوغلو تدخل الأحزاب الأخرى من خارج "تحالف الأمة"، بقوله "سنتخذ قرارنا بشأن مرشحنا الرئاسي مع ستة أحزاب".

نعم، تشير استطلاعات الرأي إلى أن هناك شخصين لا يستطيع الرئيس أردوغان التغلب عليهما: منصور يافاش وأكرم إمام أوغلو. ويبدو أن كمال كليتشدار أوغلو يمكنه أيضاً أن يكون منافساً لأردوغان رأساً برأس.

ولكن، إذا ما كان "تحالف الأمة" يريد أن يرشح يافاش أو إمام أوغلو فعليه أن يتبع استراتيجية التكتم على ذلك وتأخير الإعلان عن المرشح قدر الإمكان.

لأن هناك سببين لذلك:

أولاً، إذا ما بقي كل من أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش في منصبيهما عمدتين لأنقرة وإسطنبول، فإن شعبيتهما ستواصل الارتفاع.

ثانياً، إذا ما كان مرشح المعارضة للرئاسة هو يافاش، الذي كان قومياً في وقت من الأوقات، فهناك سبب آخر لإعلانه متأخراً، لأن وسائل الإعلام ستحاول جاهدة تصويره على أنه "عدو أو معاد للأكراد"، وخصوصاً إذا ما ربط "حزب الشعوب الديمقراطي" (الكردي) تأييده يافاش بإعلانه عن موقفه تجاه الأكراد إيجاباً أو سلباً فإن ذلك سيسبب حرجاً بالغاً له. لأن هناك حوالى 10 في المئة من أصوات الأكراد، تشكل دوراً مفتاحياً في ترجيح كفة الميزان، كما ظهر ذلك جلياً في انتخابات بلدية إسطنبول، التي فاز فيها مرشح المعارضة بفارق قوي بفضل تأييد الأكراد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لذلك، من المنطقي أن يؤجل "التحالف الوطني" إعلان المرشح قدر الإمكان.

وفي الوقت الحالي، تحاول المعارضة أن تقنع الجماهير بأن أردوغان وحكومته ما عادا يستطيعان أن يحكما البلاد بسبب الأزمة الاقتصادية، وأن الحكومة فشلت في مجالات عديدة على رأسها تطوير الديمقراطية وحقوق الإنسان والمشاكل الخطيرة المتعلقة بالحريات وعدم المساواة في الدخل، وأن الحل لا يكمن في المرشح الرئاسي فحسب بل في الحكومة التي سيشكلها "تحالف الأمة".

لكن، مهما كان الأمر، فإن الشرط الأول لانتقال تركيا إلى الديمقراطية في الانتخابات المقبلة هو فوز المعارضة في الانتخابات الرئاسية.

لهذا السبب تتركز المناقشات على المرشحين الرئاسيين المحتملين.

هذه عملية طبيعية للغاية.

مع ذلك، تحتاج أحزاب المعارضة إلى إدارة هذه المناقشات بشكل جيد، وإلا فإن مسار المناقشات قد يقوض التفوق الأخلاقي للمعارضة.

ومهما كان الأمر، فإن كل المعارضين في تركيا يعرفون أن أردوغان ليس لقمة سهلة. لذا، سيحاولون أن يستفيدوا من تجاربهم المرة في السابق، وأن يكون مرشحهم قوياً في الخطاب وفي إدارة فريق العمل على حد سواء.

صحيح أن استطلاعات الرأي لها وزنها في التنبؤ بسير الانتخابات بشكل عام، لكن إذا كان المرشح يتمتع بشعبية ولا يستطيع استغلال ذلك في الخطابات الجماهيرية وفي العمليات الميدانية، ربما لا تصمد شعبيته أمام الهجمات المقابلة، بل ستتآكل في غضون شهر خلال الانتخابات.

لذلك، على الرغم من ظهور منصور يافاش في المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي، فإن إمام أوغلو يتمتع بمظهر أكثر ليبرالية، وربما يلقى ترحيباً لدى الناخبين الأكراد.

خلاصة القول هي أن الرياح تهب لمصلحة المعارضة هذه المرة، ولكن العراك السياسي سيكون شرساً ومحتدماً، وسيجد مرشح المعارضة نفسه أمام المخاطرة بالتصادم مع أردوغان وحكومته حتى يفوز.

المزيد من تحلیل