Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دراما الزعيم... كيف ظهر حكام مصر على الشاشة؟

عبد الناصر والسادت الأكثر حضوراً ومحمد نجيب على الهامش ونقاد يختلفون: وثائق تاريخية أم خيال؟

جسّد الفنان ياسر جلال شخصية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مسلسل الاختيار (الصفحة الرسمية للفنان على فيسبوك)

صورة الحاكم على الشاشة تثير الاهتمام دوماً، سواء عربياً، أو عالمياً، وهو مشروع يصاحبه الجدل في كل مراحله قبل التجسيد، وأثناءه، وبعده، وحتى حينما تمر السنوات تظل الأسئلة تتردد: هل كان تقمّص الشخصية دقيقاً؟ كيف جرى تناول كواليس اتخاذ القرارات المصيرية؟ وهل كان العرض موضوعياً؟ أم أن الهدف فقط هو الدعاية، ولتذهب الحقائق التاريخية إلى الكتب؟

تبدو المسلسلات والأفلام التي تكون لشخصية رأس الدولة مساحة كبيرة بها في بؤرة الضوء تلقائياً، إما بالمبالغة في المدح، أو انتقاد ينفي عن العمل أية جماليات أو مصداقية. ومع الشعبية التي يحظى بها مسلسل "الاختيار 3" في جزئه الثالث، المعروض في سباق رمضان 2022 الدرامي، إذ يظهر إتقان الفنان ياسر جلال أداء شخصية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكذا الفنان صبري فواز في دور الرئيس المعزول، محمد مرسي، تجدد النقاش حول دراما حياة الرؤساء، بخاصة أن "الاختيار 3" يعتبره البعض العمل السياسي الأول هذا الموسم.

الملك فاروق وقيادة الثورة

التركيز على الأعمال الفنية المصرية قد يكون طبيعياً، باعتبارها الأولى الأغزر إنتاجاً في المنطقة التي تطرقت لتشخيص الحكام، فهناك عشرات الأعمال على مدار التاريخ السينمائي والتلفزيوني والإذاعي في مصر، تضمنت ظهوراً خاصاً لمن تولوا الحكم في مصر خلال العصر الحديث.

 

في بعض الأعمال كان الدور مجهلاً، ولم يكشف صراحة عن اسم رئيس الجمهورية المقصود، ومن بين هذه الأعمال المسرحية الكوميدية "الزعيم" لعادل إمام، 1993، لكن هناك أعمالاً متعددة تعتبر تاريخاً لحياة بعض الحكام، فمثلاً الملك المصري الراحل، فاروق الأول، حظي بعشرات الأفلام والمسلسلات التي تناولت فترة توليه العرش، وأيضاً حقبة ثورة يوليو، ولعل أبرزها مسلسل "الملك فاروق" الذي أدى بطولته الفنان تيم حسن، وأخرجه الراحل حاتم علي، وكتبته المؤلفة لميس جابر عام 2007.

لكن فيما يتعلق برؤساء الجمهورية، يظل جمال عبد الناصر من أكثرها تجسيداً على الشاشة، وكذلك محمد أنور السادات، فيما كان ظهور الرئيس الأول محمد نجيب هامشياً في أغلب الأوقات، وبينها ظهوره في مسلسل "إمام الدعاة" 2002، إذ قدمه الفنان أمين هاشم، كما أدى الفنان عبد الرحمن أبو زهرة دور اللواء نجيب عام 2008، وكذا كان ضمن مجلس قيادة الثورة في مسلسل "ناصر" من بطولة مجدي كامل، كما ظهرت الشخصية أيضاً في مساحات صغيرة بمسلسلات مثل "العندليب"، و"الجماعة 2"، و"أوراق مصرية".

مبارك... ما وراء الفوتوشوب

أما ظهور الرئيس المصري الراحل، حسني مبارك، فقد كان بأكثر من طريقة، بينها لقطات خاطفة بشخصيته الحقيقية حينما كان طياراً، ثم قائداً للقوات الجوية في أفلام عرضت ما بين خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي، ومنها "ليلة الحنة" و"وداع في الفجر" و"العمر لحظة"، وهي الأعمال التي كانت تعرض دون تلك اللقطات إبان فترة حكمه "1981 - 2011".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فيما بعد، سمح مبارك بتجسيد شخصيته على شاشة السينما بشكل غير مباشر، إذ ظهر بطريقة "الفوتوشوب" في الفيلم الكوميدي "جواز بقرار جمهوري" عام 2001، وقدم الفنان خالد زكي محاكاة لشخصيته دون الاعتراف بتجسيده صراحة في فيلم كوميدي آخر هو "طباخ الريس" عام 2008. وفي 2001 جسد قصة حياته الفنان الراحل نور الشريف في المسلسل الإذاعي "سيرة ومسيرة"، وقدمت فيه الفنانة ميرفت أمين دور السيدة سوزان مبارك.

السادات الأكثر حضوراً

الرئيس المصري الراحل، أنور السادات، من أكثر الشخصيات التي اهتم صناع الفن بتجسيدها على الشاشة، ربما بسبب سماته الشخصية وطريقته في الكلام التي تبدو مألوفة للغاية، واللافت أنه من ضمن موسم دراما رمضان الحالي تظهر الشخصية أيضاً مجسدة في مسلسل "جزيرة غمام"، ويؤديها الفنان محمد نصر.

 

كما ظهر السادات شخصياً بلقطات أرشيفية في عدد كبير من أفلام نصر أكتوبر، مثل "أبناء الصمت" و"الرصاصة لا تزال في جيبي" و"العمر لحظة"، وغيرها، في حين أدى ممثلون كثر دوره في أفلام ومسلسلات عدة، بينها فيلم "الجاسوسة حكمت فهمي"، 1994، بطولة نادية الجندي، وقدم فيه الفنان أحمد عبد العزيز شخصية السادات، وبعدها بعام ظهرت الشخصية في فيلم آخر لنادية الجندي هو "امرأة هزت عرش مصر" بأداء الفنان جمال عبد الناصر، وهو العمل الذي ظهرت فيه شخصية الملك فاروق كذلك، وجسدها الفنان الراحل فاروق الفيشاوي، ومن أبرز هذه الأدوار ما قدمه الفنان الراحل عبد الله غيث في المسلسل الشهير "الثعلب"، كما قدم الفنان محمد رمضان شخصية السادات عام 2012 في مسلسل "كاريوكا"، بخلاف ظهور شخصية الرئيس الراحل في أعمال أخرى، بينها "فارس الرومانسية".

وكان للفنان خالد النبوي تجربة ناجحة عام 2014 في أداء شخصية السادات بمسرحية عرضت في الولايات المتحدة الأميركية عنوانها "كامب ديفيد" من تأليف لورانس رايت، وللسادات حضور كبير في السينما العالمية أيضاً، مثل فيلم "woman called golda"، 1982، وقدم دوره به روبرت لوجيا، وكان العمل يتناول سيرة حياة رئيسة الوزراء الإسرائيلية الراحلة، غولدا مائير، وأيضاً فيلم "سادات"، عام 1983، من بطولة لويس جوست جونيور، وواجه العمل أزمة في عرضه بمصر، بسبب وجود بعض المغالطات التاريخية به.

مشروع أحمد زكي

لكن التجربة الأكثر اكتمالاً بالطبع هي ما قدمه الفنان الراحل، أحمد زكي، في "أيام السادات"، 2001، إخراج محمد خان، وتأليف أحمد بهجت، وبعيداً من قدرة أحمد زكي الفائقة على التقمص، فقد نجح الفيلم في أن يقدم بلغة سينمائية رفيعة حقبة عريضة من حياة الرئيس الراحل، مستعرضاً التحديات التي خاضها كضابط صغير، حتى وصوله للرئاسة، ثم حادث المنصة حينما جرى اغتياله. وألقى العمل الضوء على حياة السادات الشخصية، وأيضاً على علاقاته بكبار السياسيين في العالم ممن عاصروه.

 

وكان لدى أحمد زكي مشروع لتقديم أعمال فنية عن سيرة مشاهير السياسة والأدب، لكن لم يمهله القدر ليقدم الكثير منها، إذ جسد شخصية الأديب طه حسين في مسلسل "الأيام" 1979، وكان بارعاً كالمعتاد في تقمص شخصية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بفيلم "ناصر 56"، عام 1996، من تأليف محفوظ عبد الرحمن، وإخراج محمد فاضل، ويعتبره البعض من أفضل أفلام أحمد زكي فيما يتعلق بتجسيد الشخصيات التاريخية، وبينهم الناقد أندرو محسن، الذي يرى هذا الفيلم من أكثر أعمال تجسيد الشخصيات التاريخية في العالم العربي تميزاً، مشيراً إلى أنه جرى التركيز على قرار محدد ومهم وفارق، هو قرار تأميم قناة السويس عام 1956، وصنع من تلك اللحظة الثرية دراما حقيقية تتحقق فيها شروط الجودة وقواعد السرد في السيناريو.

ويؤكد أندرو أن الفيلم منح مساحة للخيال، لكنها تتسق مع طبيعة الشخصية التي يجري تناولها، وبينها الاتصال التليفوني الذي يتلقاه الرئيس عن طريق الخطأ، ويفاجأ بسيدة عجوز تدعو له، فعلى الرغم من كونه حدث لم يؤكد أحد وقوعه بهذه الطريقة، لكنه بدا متناغماً تماماً مع طبيعة العمل.

وثيقة تاريخية أم خيال مبدعين؟

يتابع أندرو محسن، أن "الأفلام التاريخية منذ زمن تحاول تقديم حلول درامية للشخصيات، ولا تلتزم حرفياً بنص ما يأتي في كتب التاريخ، لأنها في النهاية أعمال فنية، وهو ما حدث في أفلام مثل "وا إسلاماه" و"الناصر صلاح الدين"، كما حدث ذلك مراراً في أفلام الحرب العالمية الثانية باعتبارها فترة ثرية للغاية، ونحن هنا ننتقل من فكرة الكتاب التوثيقي إلى المشروع الدرامي، بالتالي يجب أن تكون هناك مساحة للحركة كي يظهر العمل بشكل فني مستساغ، سواء بإضافة شخصيات أو أحداث معينة، بخاصة أن هناك تفاصيل لا توجد لها مرجعية من الأساس، فيلجأ صناع العمل للإبداع بما يتوافق مع طبيعة الشخصية والفكرة التي يجري التركيز عليها".

ويشدد الناقد الفني إلى أنه لا يجب أبداً التعامل مع أي عمل فني درامي باعتباره "وثيقة تاريخية"، مهما بلغت درجة محاولته مقاربة ما حدث على أرض الواقع، فحتى الأفلام التوثيقية نفسها تحمل أيضاً وجهات نظر معينة، وتركز على فكرة ما، ولا تعرض جميع وجهات النظر.

 

في المقابل، يعتقد المخرج عثمان أبو لبن، الذي قدم عام 2014 مسلسل "صديق العمر"، وهو العمل الذي تناول قصة الصداقة بين الرئيس جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر، أن تلك الأعمال يجب أن تعتمد على الدقة التاريخية الشديدة، لأنها بمثابة وثيقة شاهدة على العصر، وتلقي الضوء على كواليس ما جرى في الغرف المغلقة قبيل الإعلان عن القرارات المهمة، بخاصة أن البعض بات يعتمد على الدراما كمدخل تعريفي مهم بالنسبة له فيما يتعلق ببعض الشخصيات المؤثرة.

العمل الذي أثار ضجة كبيرة وقت عرضه، وأدى بطولته الفنان جمال سليمان في شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، وباسم سمرة في دور المشير عامر، واجه إشادات نقدية وهجوماً أيضاً، إذ كان هناك متربصون كثر، ووصل عدد القضايا المرفوعة ضد الفيلم إلى ثماني قضايا، لكن عثمان أبو لبن أشار إلى أن جميعها تم رفضها من المحكمة، لأن فريق المسلسل "كان حريصاً على تقديم عمل دقيق يرصد حقبة مهمة في التاريخ العربي، وعلى الرغم من تعدد الروايات التي كشفت خبايا ما جرى في تلك الفترة، جرت المقارنة بينها جميعاً واعتماد أكثرها صدقية".

ومن الأعمال التي جسدت سيرة الزعيم جمال عبد الناصر أيضاً، وتباينت ردود الأفعال حولها، مسلسل "ناصر"، الذي أدى بطولته الفنان مجدي كامل عام 2008، ونال من السخط أكثر مما نال من المديح، وأيضاً جسد خالد الصاوي دور جمال عبد الناصر في فيلم حمل الاسم نفسه عام 1999، من تأليف وإخراج أنور القوادري، وكان الصاوي حينها في بداية مشواره، وبدا قريباً من الشخصية كثيراً، وفي العام نفسه أدى الدور الفنان رياض الخولي في مسلسل "أم كلثوم".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة