Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زكا في طريقه إلى الحرية... والإفراج عنه هدية إيرانية للرئيس اللبناني أم لحزب الله؟

اللواء إبراهيم غادر بيروت متوجهاً إلى طهران لاستكمال مساعي إطلاق سراحه

لحظة وصول اللواء عباس إبراهيم إلى طهران (مواقع التواصل الاجتماعي)

قال متحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية إن بلاده ستسلم لبنان رجل الأعمال اللبناني المحتجز نزار زكا، ونقلت وكالة ميزان للأنباء التابعة للسلطة القضائية عن غلام حسين إسماعيلي قوله "وافقت المحكمة على الإفراج المشروط عن نزار زكا وسيجري تسليمه إلى السلطات اللبنانية"، من دون أن يذكر مزيداً من التفاصيل.

وهكذا، يبدو أن قضية المواطن اللبناني - الأميركي زكا وصلت إلى خواتيمها بعد أربعة أعوام على اعتقاله في إيران، بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة، وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات ودفع غرامة قدرها 4.2 مليون دولار.

وكانت وكالة "فارس" المقرّبة من الحرس الثوري الإيراني نقلت عن "مصدر مطلع"، أن المعتقل اللبناني في إيران سيسلّم إلى "حزب الله" اللبناني خلال ساعات، موضحة أن "الإفراج عن زكا جاء بناءً على طلب أمين عام حزب الله حسن نصر الله ووساطته"، مؤكدة أنه "لم تحصل أية مفاوضات في هذا الشأن مع أي شخص أو حكومة، وأن هذا الأمر تحقّق فقط بناء على احترام ومكانة نصر الله لدى إيران". هذه المعلومات أثارت اللغط في بيروت، حيث كانت وزراة الخارجية أعلنت ان الإفراج سيكون تلبية و"هدية" للرئيس اللبناني ميشال عون. وبعد خبر وكالة فارس، اوضح مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم من طهران مساء الاثنين أن "العملية منفصلة وتجري كما تم الاتفاق عليها، مضيفاً ان "السلطات الايرانية تؤكد ان اطلاق سراح نزار زكا جاء بمطلب من الرئيس عون". اللواء إبراهيم كان غادر الاحد إلى إيران لتسلمه. ويتوقع أن يدلي زكا بأول تصريح له من القصر الجمهوري بعد لقائه الرئيس ميشال عون.

خطوة مُستغربة

وصول زكا​ إلى بيروت بات قاب قوسين أو أدنى، لكن هذه المبادرة الإيرانية حملت الكثير من التساؤلات ويشوبها الغموض بالنسبة إلى اللبنانيين، الذين يتساءلون عن الأسباب وراء هذا الإجراء وتوقيته والجهات التي تقف خلفه. وبحسب محللين، يبدو أن سمة الإقامة الأميركية الدائمة التي يحملها زكا، فضلاً عن العلاقة التي تجمع بين إيران ولبنان، أسهمتا بشكل كبير في الوصول إلى هذه الخاتمة.

ومما لا شك فيه أيضاً، أن حزب الله اللبناني لعب دور الوسيط من خلال التسهيل والتمهيد للاتصالات بين بيروت وطهران، إضافة إلى تحركات المدير العام للأمن العام ​اللواء عباس إبراهيم​، بعد الخطوة الرسمية التي قام بها رئيس الجمهورية​ ميشال عون، حين بعث برسالة الى نظيره الإيراني لإعادة النظر بقضية زكا.

خيار التفاوض

وهنا ذكّر الخبراء بالشكر الذي وجّهه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قبل أيام، إلى الرئاسة السويسرية، على الدور الذي لعبته مع طهران للإفراج عن مجموعة من الأميركيين المحتجزين في إيران، هذا إضافة إلى الجولات المكوكية التي قام وسيقوم بها كل من وزير خارجية ألمانيا ورئيس وزراء اليابان والرئيس السويسري إلى طهران، والتي تندرج في إطار تسيير عجلة المفاوضات بـ "الواسطة".

عائلة زكا تواصلت مع وزير الخارجية جبران باسيل أكثر من مرة، من دون الوصول إلى جواب شاف بحسب محامي زكا، الذي عبّر عن سخط العائلة من عدم تجاوب وزارة الخارجية مع قضية كهذه.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن لبنان لم يتقدم ولا مرة بأي طلب بشأن زكا الذي حكم عليه في العام 2017 عشر سنوات مع الأشغال الشاقة. لكن وفي 30 أبريل (نيسان) 2018 برز تطوّر في هذا الشأن حين صدر قرار عن الكونغرس الأميركي حول حقوق الإنسان، تضمن أسماء ثلاثة معتقلين في إيران من بينهم نزار زكا، وبعدها استكملت عائلة زكا حملات المطالبة بالإفراج عنه، مع أوساط فاعلة في الولايات المتحدة، وتمكّنوا من الدفع نحو استصدار قرارات بمنع تجديد إقامات لأبناء مسؤولين إيرانيين في الولايات المتحدة.

وبناء على ما سبق، اعتبر محللون أن "هذه المشهدية تؤكد أن إيران لا تنظر إلى لبنان إلا من خلال حزب الله، وكل ما سُوّق خلال الساعات الماضية عن دور للدولة اللبنانية، نسفه بيان الوكالة الإيرانية الأخير".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من هو زكا؟

نزار زكا البالغ من العمر 51 سنة، تخرّج في أكاديمية "سايد ريفير" العسكرية الأميركية في العام 1985، وكان يعمل خبيراً في تكنولوجيا المعلومات، وشغل منصب أمين عام المنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات، التي أسّس لها فرعاً من مقر إقامته الدائمة في واشنطن، ويُعد من الداعمين لحرية الإنترنت.

ويواجه ابن بلدة القلمون شمال لبنان، حكماً يتألف من 60 صفحة صدر عن محكمة غير علنية برئاسة القاضي أبو القاسم صلواتي، ولم يتمكن فريق الدفاع عنه من الاطلاع عن تفاصيل الحكم حتى الآن.

كمين إيراني للضيف اللبناني

وصل إلى إيران بعد أن دعته الحكومة الإيرانية رسمياً إلى المشاركة في مؤتمر علمي ترعاه نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة في سبتمبر (أيلول) من العام 2015، واختطف بعد ذلك في طريق عودته إلى المطار واتهم بالتجسس لصالح الولايات المتحدة وامتلاكه علاقات وثيقة بأجهزة الاستخبارات الأميركية.

واللافت أن زيارة نزار زكا إيران في العام 2015 لم تكن الأولى، فقد زارها أربع مرات من قبل. وتساءل البعض عن الأسباب التي قد تكون وراء اعتقال "تقنيّ لا علاقة له بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد".

ظروف سجن زكا كانت مختلفة عن غيره من السجناء المتّهمين بالتجسّس، إذ كان يرسل الرسائل بشكل دوري ويتواصل مع العالم بشكل مباشر في بعض الأحيان، ويعبّر عن آرائه السياسية من دون حرج، حتى أنه اعتبر في أحد تصريحاته، بعد ترشحه للانتخابات الفرعية في طرابلس، من داخل سجنه، أن لبنان "بلد مُهيمن عليه" و"القرار ليس بيد الدولة".

مراحل الاعتقال

بعد الاعتقال نشرت وسائل إعلام إيرانية تقارير عدة تتّهم زكا بإقامة روابط وثيقة مع الاستخبارات والمؤسسات العسكرية الأميركية، وبثّ التلفزيون الإيراني يوم اعتقاله في العام 2015، صور شخص بزيّ عسكريّ، مؤكداً أنها صور نزار زكا وهو في قاعدة عسكرية أميركية.

في حين، أعلنت وكالة "مهر" للأنباء حينها، أن إيران اعتقلت من وصفته بـ "الكنز الثمين" نظراً لعلاقاته الخاصة والوثيقة جداً بالأجهزة الاستخباراتية والعسكرية الأميركية. 

بعد سنة كاملة من توقيف زكا حوكم في جلسة سرية برئاسة قاضي الملفات الأمنية الشهير أبو القاسم صلواتي، بالسجن مدة عشر سنوات وغرامة مالية بـ 4.2 مليون دولار. ووفق توصيف الناشطة الإيرانية في حقوق الإنسان "رويا برومند" فإن "محاكمة زكا تفتقد لأية وثيقة تثبت اتهامات إيران، وكل ما في الأمر هو اختطاف بغطاء قانوني".

في نهاية عام 2017 أكدت المحكمة الإيرانية اتهامها نزار زكا لدى الاستئناف، إلى جانب إدانتها أميركياً وإيرانيَّين يحملان الجنسية المزدوجة (الإيرانية والأميركية) بالتعاون مع الولايات المتحدة.

والدة زكا التي توفيت قبل حوالى شهرين، كانت وجهت رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي تناشده الإفراج عن ابنها، كما سجّلت مقطع فيديو، في آذار (مارس) عام 2019، قبل التدهور الشديد لحالتها الصحية، تدعو فيه أن يعود نزار سالماً إليها.

إذاً في غياب حكم البراءة من المحكمة الإيرانيّة، فإن العفو هو السبيل الوحيد، لكنّه يأتي من دون اعتراض المرشد الأعلى لإيران، ولا الحرس الثوري، وذلك بفضل الاتصالات التي تمّت بين الجهات اللبنانيّة والإيرانيّة المعنيّة، مع الإشارة إلى أنها حالة منفردة واستثنائية، أي إفراج طهران عن مسجون متّهم بالتآمر على "الأمن الوطني الإيراني".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي