Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ستبدأ روسيا في قبول الذهب لمدفوعات النفط والغاز؟

ربط الروبل بالمعدن الأصفر وبيع الطاقة يغيران افتراضات العمل الكاملة لنظام التجارة العالمي

يضع الربط الثابت بين الروبل والذهب أرضية لسعر الروبل - الدولار الأميركي، ولكنه يضع شبه أرضية على سعر الذهب بالدولار الأميركي (رويترز)

استأنف بنك روسيا عمليات شراء الذهب هذا الأسبوع بسعر ثابت قدره 5000 روبل (59 دولاراً) للغرام الواحد بين 28 مارس (آذار) و30 يونيو (حزيران)، مما يزيد احتمال عودة روسيا لمعيار الذهب للمرة الأولى منذ أكثر من قرن. وفي حال اتخذت البلاد هذه الخطوة كما تم اقتراحها هذا الأسبوع لبيع سلعها المسعرة بالروبل، فقد يكون لهذه التحركات آثار هائلة على الروبل والدولار الأميركي والاقتصاد العالمي.  

وعن أسباب تحديد سعر ثابت للذهب بالروبل، قال رونان مانلي محلل المعادن النفيسة في "بوليون ستار" في سنغافورة لـ "روسيا اليوم"، إنه ومن خلال عرض شراء الذهب من البنوك الروسية بسعر ثابت قدره 5000 روبل للغرام، قام بنك روسيا بربط الروبل بالذهب وحدد سعراً أدنى للروبل مقابل الدولار الأميركي في سعر الصرف. 

وأضاف أنه منذ يوم الجمعة 25 مارس (آذار) عندما أصدر بنك روسيا إعلان السعر الثابت للروبل، كان يتم تداول الروبل عند حوالى100 مقابل الدولار الأميركي، لكنه عزز منذ ذلك الحين السعر واقترب اليوم الروبل من 80 مقابل الدولار الأميركي. ونظراً إلى أن الذهب يتم تداوله في الأسواق الدولية بحوالي 62 دولاراً أميركياً للغرام، فقد أدى ذلك إلى ارتفاع سعر صرف الروبل الروسي مقابل الدولار الأميركي.

وتابع مانلي قائلاً إن الروبل أصبح له أرضية قوية مقابل الدولار الأميركي وكذلك الذهب، وبالتالي إذا حاولت أسواق الذهب الغربية في سوق لندن للمفاخر (LBMA) وهي سوق خارج البورصة لتجارة الذهب والفضة، وكذلك كومكس (COMEX) وهي سوق العقود الآجلة والخيارات الأساس لتداول المعادن مثل الذهب والفضة والنحاس والألمنيوم، دفع سعر الذهب بالدولار الأميركي إلى الانخفاض، فسيتعين عليهم محاولة إضعاف الروبل أيضاً وإلا فسيتم الكشف عن عمليات التلاعب بالورق. 

وإضافة إلى ذلك فقد أصبح هناك ارتباط جديد بين الذهب والروبل، فإذا استمر الروبل في التعزيز بسبب الطلب الناتج عن مدفوعات الطاقة الإلزامية بالروبل، فسوف ينعكس هذا أيضاً في ارتفاع أسعار الذهب. 

ارتباط الغاز الطبيعي بالذهب من طريق الروبل 

ويقول محلل المعادن النفيسة في بوليون ستار في سنغافورة إن روسيا هي أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم وثالث أكبر مصدر للنفط في العالم. ويضيف نحن نرى الآن أن بوتين يطالب المشترين الأجانب (مستوردي الغاز الروسي) بدفع ثمن هذا الغاز الطبيعي باستخدام الروبل، وهذا يربط على الفور سعر الغاز الطبيعي بالروبل وبسعر الذهب، لذا فإن الغاز الطبيعي الروسي مرتبط الآن بالذهب من طريق الروبل. 

ويضيف أن الشيء نفسه يمكن أن يتم الآن مع النفط الروسي، فمع بدء روسيا المطالبة بدفع قيمة صادرات النفط بالروبل فسيكون هناك ربط فوري غير مباشر بالذهب (من طريق السعر الثابت للروبل - ارتباط الذهب)، ومن ثم يمكن لروسيا أن تبدأ في قبول الذهب مباشرة كدفعة لصادراتها النفطية، وفي الواقع يمكن تطبيق هذا على أي سلعة وليس فقط النفط والغاز الطبيعي. 

التداعيات على سعر الذهب 

ومن خلال اللعب على طرفي المعادلة، أي ربط الروبل بالذهب ثم ربط مدفوعات الطاقة بالروبل، يغيّر بنك روسيا والكرملين بشكل أساس افتراضات العمل الكاملة لنظام التجارة العالمي مع تسريع التغيير في النظام النقدي العالمي.

ويضع الربط الثابت بين الروبل والذهب أرضية لسعر الروبل/الدولار الأميركي، ولكنه يضع أيضاً شبه أرضية على سعر الذهب بالدولار الأميركي، ولكن أبعد من ذلك، فإن ربط الذهب بمدفوعات الطاقة هو الحدث الرئيس، ففي حين أن الطلب المتزايد على الروبل يجب أن يستمر في تعزيز سعره مقابل الدولار الأميركي والظهور به كسعر أعلى للذهب بسبب الارتباط الثابت بين الروبل والذهب، فإذا بدأت روسيا في قبول الذهب مباشرة كدفعة للنفط فسيكون هذا بمثابة تحول نموذجي جديد لسعر الذهب لأنه سيربط سعر النفط مباشرة بسعر الذهب. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما يمكن لروسيا أن تعلن بأنها ستبدأ بقبول غرام واحد من الذهب لكل برميل من النفط، وليس من الضروري أن يكون غراماً واحداً ولكن يجب أن يكون عرضاً مخفضاً للسعر القياسي الخام الحالي من أجل الترويج للقبول، على سبيل المثال 1.2 غرام لكل برميل. بعد ذلك يتدافع المشترون لشراء الذهب لدفع ثمن صادرات النفط الروسية والذي بدوره سيخلق ضغوطاً هائلة في أسواق الذهب في لندن ونيويورك حيث يعتمد اكتشاف "سعر الذهب'' بالكامل على النقد الاصطناعي والمدعوم جزئياً، تسوية مشتقات "الذهب" وأسعار الذهب غير المخصصة. 

الروبل قد يتحول لعملة عالمية رئيسة

لقد أدى ربط الروبل بالذهب عبر السعر الثابت لبنك روسيا إلى وضع حد أدنى لسعر الروبل مقابل الدولار الأميركي، مما خلق استقراراً وتعزيزاً للروبل، وبالتالي فإن المطالبة بدفع قيمة صادرات الغاز الطبيعي بالروبل، وربما النفط والسلع الأخرى، ستعمل على تحقيق الاستقرار والدعم، وفي حال بدأ نظام التجارة الدولي في قبول هذه الروبلات لترتيبات مدفوعات السلع فقد يدفع ذلك الروبل الروسي إلى أن يصبح عملة عالمية رئيسة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الوقت نفسه فإن أي تحرك من جانب روسيا لقبول مدفوعات الذهب المباشرة للنفط سيؤدي إلى تدفق مزيد من الذهب الدولي إلى الاحتياطات الروسية مما سيعزز أيضاً الموازنة العمومية لبنك روسيا ويقوي بدوره الروبل. 

وقد يكون الحديث عن معيار الذهب الرسمي للروبل سابقاً لأوانه، لكن يجب أن يكون الروبل المدعوم بالذهب أمراً قد فكر فيه بنك روسيا كما يقول مانلي.

نظام نقدي جديد متعدد الأطراف

لا يختلف اثنان على أن المشهد النقدي العالمي يتحول بسرعة ومن الواضح أن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم تأخذ ذلك بعين الاعتبار، بخاصة أن العقوبات الغربية مثل تجميد غالبية احتياطات النقد الأجنبي لروسيا أثناء محاولة معاقبة الذهب الروسي جعلت من الواضح أن حقوق الملكية على احتياطات العملات الأجنبية المحتفظ بها في الخارج قد لا يتم احترامها، وبالمثل فإن الذهب الذي يحتفظ به البنك المركزي الأجنبي في مواقع الخزائن كما هو الحال في بنك إنجلترا وبنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك ليس خارج نطاق المصادرة. 

ولذلك ستولي الحكومات والبنوك المركزية الأخرى غير الغربية اهتماماً شديداً بروسيا وبربط الروبل بالذهب وربط مدفوعات تصدير السلع الأساس بالروبل، وبعبارة أخرى فإنه إذا بدأت روسيا في قبول دفع ثمن النفط بالذهب فقد تشعر الدول الأخرى بالحاجة إلى أن تحذو حذوها. ويقول مانلي إنه وباستثناء الولايات المتحدة أكبر منتجي النفط والغاز الطبيعي في العالم هناك الصين والسعودية والإمارات وقطر وإيران، وبالتالي فمن الواضح أن جميع دول البريكس ودول "أوراسيا" تتابع كل هذه التطورات عن كثب، فإذا ما اقترب زوال الدولار الأميركي فستريد كل هذه البلدان من عملاتها أن تكون مستفيدة من نظام نقدي جديد متعدد الأطراف. 

التغيرات الحاصلة ومستقبل الدولار الأميركي 

ومنذ العام 1971 كان وضع الاحتياط العالمي للدولار الأميركي مدعوماً بالنفط، ولم يكن عصر البترو-دولار ممكناً إلا بسبب الاستخدام العالمي المستمر للدولار الأميركي في تجارة النفط وقدرة الولايات المتحدة على منع أي منافس للدولار الأميركي. 

لكن ما نراه الآن يبدو وكأنه بداية نهاية نظام الـ 50 عاماً هذا وولادة نظام نقدي متعدد الأطراف مدعوم بالذهب والسلع، في حين كان تجميد احتياطات روسيا من العملات الأجنبية هو الدافع وراء ذلك. وقد تشعر الدول العملاقة للسلع الأساس في العالم مثل الصين والدول المصدرة للنفط أن الوقت قد حان للانتقال إلى نظام نقدي جديد أكثر إنصافاً. ويقول مانلي "إنها ليست مفاجأة، لقد كانوا يناقشونها منذ سنوات".

ولا يزال من السابق لأوانه تحديد كيفية تأثر الدولار الأميركي، إلا أنه سيخرج من هذه الفترة أضعف وأقل تأثيراً من ذي قبل كما يقول مانلي. 

سقوط أحجار الدومينو 

ويعتبر تحرك بنك روسيا لربط الروبل بالذهب وربط مدفوعات السلع الأساس بالروبل نقلة نوعية لم تدركها وسائل الإعلام الغربية بعد، ومع سقوط أحجار الدومينو يمكن أن يتردد صدى هذه الأحداث بطرق مختلفة تظهر في زيادة الطلب على الذهب وسعر المعدن الأصفر المعاد تقييمه، وكذلك الابتعاد من الدولار الأميركي وزيادة التجارة الثنائية في السلع بين الدول غير الغربية بعملات غير الدولار الأميركي.