Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اختلاف القوى المناوئة لـ"حزب الله" بمقاربتها للانتخابات النيابية في لبنان

يرى فيها البعض استحقاقاً مفصلياً لإعادة إنتاج السلطة بينما يعتبرها آخرون مجرد استحقاق طبيعي

شهر ونصف الشهر هي المهلة المتبقية قبل موعد الانتخابات النيابية المحددة في 15 مايو (أيار) المقبل، في لبنان، وفي 6 و8 من الشهر ذاته في دول الاغتراب. وفي البلد المنهك اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً يتطلع كثيرون إلى الانتخابات كفرصة حقيقية للتغيير، فبعد الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، صار الاستحقاق الانتخابي الممر الوحيد المتبقي لتغيير السلطة السياسية التي يحملها كثيرون مسؤولية انهيار الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. ويعتبر البعض أن "حزب الله" أسهم بشكل كبير في ما وصلت إليه الأوضاع في لبنان، بحيث شارك في الفساد وأمّن تغطيته مقابل منحه حصرية القرار الرسمي اللبناني خدمةً لمشروع إيران في المنطقة.

وتخوض قوى سياسية من أحزاب ومستقلين وشخصيات من المجتمع المدني تحت عنوان "مواجهة منظومة المافيا والميليشيات"، المعركة الانتخابية، بشعار واحد، ولكن على لوائح متنافسة، داعيةً إلى الاختيار بين مشروع "الدولة أو الدويلة"، الدولة القوية الخالية من السلاح غير الشرعي المغطي للفساد. في إحدى اطلالاته الانتخابية رداً على شعار حملة "حزب الله" الانتخابية "باقون نحمي ونبني"، قال رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، "إن وجود "حزب الله"، كما هو، يشكل خطراً كبيراً في كل لحظة على الشعب اللبناني".
لكن السؤال هو: كيف ستتم مواجهة هذا الخطر؟ وهل الاستحقاق الديمقراطي المتمثل بالانتخابات النيابية، هو المكان الصحيح لمواجهة "حزب الله" المسلح؟

إما الاستسلام وإما الاقتراع

يؤكد رئيس "جهاز الإعلام والتواصل" في "القوات اللبنانية" شارل جبور أن "الانتخابات النيابية هي بالتأكيد المكان الصحيح لمواجهة "حزب الله"، لا سيما أن القوات اللبنانية آلت على نفسها منذ عام 2005، وبعد عودتها إلى الحياة السياسية إثر انسحاب الجيش السوري من لبنان وخروج الدكتور سمير جعجع من المعتقل، أن تبني المؤسسات اللبنانية". ورأى جبور أن "شعار البناء والحماية الذي رفعه "حزب الله" لمعركته الانتخابية لا علاقة له بالحزب"، مذكراً بأن "القوات تعمل منذ عام 2005 على بناء مداميك الدولة اللبنانية، وحماية الدولة تكون من خلال الجيش اللبناني والمؤسسات الشرعية ومن خلال الاحتضان الشعبي، بالتالي فإن الحماية الحقيقية تتحقق من خلال وحدة الموقف بين اللبنانيين والحماية المؤسساتية والعسكرية والقضائية والأمنية الشرعية. ومن هذا المنطلق تشكل الانتخابات النيابية محطة أساسية ومهمة في هذا السياق من أجل انتزاع أكثرية نيابية تستطيع كف يد "حزب الله" عن المؤسسات الشرعية، وذلك كخطوة أولى وأساسية من أجل الفصل بين مؤسسات الدولة التي يجب ألا يكون لحزب مسلح سيطرة وهيمنة عليها على غرار ما شهدناه في كل المرحلة السابقة، حيث إن سيطرة "حزب الله" على المؤسسات الدستورية انعكست سلباً على لبنان وعلى أكثر من مستوى، إن على مستوى علاقاته الخارجية، لا سيما مع الدول العربية والخليجية، أو على مستوى إدارة الدولة بعد أن تبين أنها إدارة فاسدة في ظل التعاون بين فريق "حزب الله" والقوى الحليفة له، إضافة إلى تراجع إمكانية قيام دولة حقيقية ضابطة لحدودها تمنع التهريب وتدفع باتجاه قيام المؤسسات في ظل وجود سلطة قضائية فعلية".
واعتبر المسؤول القواتي أن "الانتخابات النيابية أساسية ولا خيار آخر غيرها لمواجهة مشروع "حزب الله"، والرهان على اقتناع الأغلبية الشعبية بأن لا خيار سوى الدولة القوية والفعلية التي تؤمن الاستقرار والازدهار والحفاظ على نمط عيش كريم للبنانيين". وأكد أنه "إذا ذهب الشعب اللبناني بكثافة إلى الانتخابات ودفع باتجاه تمكين القوى السيادية لتغيير الأكثرية النيابية عندها يمكن البدء بإنتاج سلطة جديدة تقود مشروع الدولة في لبنان إلى المكان الصحيح".

الانتخابات الخيار الوحيد

في سياق متصل، وفي كلمته لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، حثّ مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف الدريان اللبنانيين بشكل عام والسنة بشكل خاص على الاقتراع في الاستحقاق المقبل، مشدداً على أن "الانتخابات هي السبيل السلمي الوحيد الباقي، وهي تضاهي بأهميتها شعار لبنان أولاً"، وهو الشعار الذي رفعه "تيار المستقبل"، المقاطع للانتخابات النيابية. واعتبر المفتي دريان أن "المشككين بالتغيير لا يثقون بأنفسهم وبإخوانهم".
وصرح نائب الرئيس السابق لـ"تيار المستقبل" مصطفى علوش، المرشح في دائرة طرابلس (شمال)، أن "الانتخابات النيابية هي المجال الوحيد المتاح للتعبير عن عدم الاستسلام للأمر الواقع وعدم المشاركة مع "حزب الله" في الحكم". وأقر علوش لـ"اندبندنت عربية" بأن "(حزب الله) هو منظومة عسكرية بواجهة سياسية، وأن الديمقراطية ليست المجال المناسب للمواجهة والانتصار، لكنها الخيار الوحيد المتاح".
وفي حين يجزم رئيس لجنة التواصل والإعلام في "القوات اللبنانية" بأن "حزب الله" لن يحصل على الأكثرية النيابية في هذه الانتخابات، لا يستبعد علوش حصول الحزب مجدداً على أكثرية المجلس "في ظل التشرذم الحاصل في صفوف القوى السيادية"، لكنه يؤكد أن "الهدف هو في عدم تركه يسيطر على ثلثي المجلس النيابي"، معتبراً أن "الحلول الجذرية تبقى في مواجهة إقليمية تؤدي إلى تسويات جديدة قد تغير معالم الجغرافيا السياسية".

المواجهة الداخلية وحدها لا تكفي

في معسكر من يخوض الانتخابات النيابية على الضفة المواجهة لــ"حزب الله" أيضاً، وإن على طريقته، يتقدم "الحزب التقدمي الاشتراكي" الذي قرر رئيسه وليد جنبلاط "المواجهة بالحد الأدنى"، كما قال.
وصرح النائب الاشتراكي بلال عبد الله لـ"اندبندنت عربية" بأن "مواجهة محور الممانعة بقيادة إيران في المنطقة، و"حزب الله" جزء منه في الشق المتعلق بالسلاح المستخدم خارج إطار مقاومة إسرائيل، هذه المواجهة تبدأ من الخليج، وتنتهي بالعراق وسوريا وليس في لبنان"، الذي هو بحسب عبد الله "الحلقة الأضعف في المواجهة".
ويعتبر عبد الله، المرشح في منطقة الشوف بوجه لائحة مدعومة من "حزب الله"، أن "من أطلق يد إيران في المنطقة هو احتلال أميركا للعراق دون ترتيب الوضع الداخلي وتركه للفوضى"، مشدداً على "دور الغرب أيضاً في حماية نظام الأسد وإعطاء المشروعية لـ"حزب الله" في لبنان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وخلص عبد الله إلى القول إن "الانتخابات النيابية هي أقل من محطة مفصلية، وهي استحقاق دستوري طبيعي لا يرتقي إلى التغييرات الجذرية والجوهرية، لا الداخلية ولا الخارجية، في موازين القوى". وأضاف أن "الانتخابات النيابية لن تغير المعادلة الكبيرة في المنطقة، لكن على الرغم من ذلك، يجب أن يبقى في لبنان التيار السيادي الذي يؤمن بمفهوم الدولة، وأن يستمر ويعزز وجوده ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا في الانتخابات النيابية"، مشدداً على أن "الحزب التقدمي الاشتراكي حريص على المشاركة والبقاء بقوة لأنه يعتبر نفسه مؤتمناً على هوية البلد الوطنية والعربية".      

الحزب سيخرج منتصراً

في المقلب الآخر، يقف معارضون لـ"حزب الله" غير مراهنين على الانتخابات النيابية لتكون المكان الصحيح لمواجهة الحزب. أحد أبرز وجوه المعارضة الشيعية، المشارك في انتفاضة "17 تشرين" مصطفى فحص قال، إن "الانتخابات النيابية ليست المكان الصحيح لمواجهة المنظومة الحاكمة، وخصوصاً "حزب الله".

وبرر فحص نظريته مستنداً إلى الآليات الدستورية الموجودة في القانون الانتخابي والتي تخدم برأيه "حزب الله" داخل طائفته وخارجها. وأكبر دليل على ذلك بحسب فحص، أن "(حزب الله) سيخرج من الانتخابات منتصراً في الخصوصية الشيعية بغض النظر عما إذا كان هذا الانتصار مركباً أم حقيقياً. أما أسباب انتصاره فتعود إلى غياب قوة المواجهة الحقيقية، مقابل وجود خيارات فردية غير مدعومة، إضافة إلى الحاجة إلى مشروع وطني للشيعة وليس مشروعاً شيعياً بديلاً". ورأى فحص أن "(حزب الله) مرتاح للانتخابات النيابية، لكنه في الوقت نفسه لديه أزمة في اختراع العدو الوهمي لاستنهاض جمهوره، لا سيما بعد أن استهلك كل شعاراته السابقة، من هنا هو يركز اليوم على مجموعات 17 تشرين كعدو، متهماً إياها بالتنسيق مع السفارة الأميركية، وعلى القوات اللبنانية متهماً إياها بالانسجام مع إسرائيل للإطاحة بسلاحه". وأضاف أن "(حزب الله) عمل على عسكرة الهوية العقائدية للشيعة فصار السلاح قضية، وتراجع شعار الإصلاح ليحل محله شعار حماية السلاح".

رسالة شيعية بالمقاطعة

على طريقتهم، يواجه أبناء الطائفة الشيعية المعارضون لثنائي "حركة أمل" – "حزب الله" المتحكم بالقرار الشيعي. وتوقع مصطفى فحص عدم نجاح الحزب في تحويل الانتخابات النيابية إلى استفتاء مؤيد لسلاحه، مؤكداً أن "نسبة الاقتراع المتدنية داخل الطائفة الشيعية ستفاجئ الحزب"، علماً بأن التعبئة العامة في صفوفه بلغت أقصاها، إذ يجري الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، اجتماعات دورية مع كوادر الحزب للحث على الاقتراع لأن "الاستحقاق الانتخابي ليس مجرد تنافس بين مرشحين على مسائل تفصيلية، بل هو على الخيارات السياسية، وما يعنينا في الاستحقاق أن ننتصر للخط الذي يحفظ المقاومة"، كما قال رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" (كتلة الحزب في البرلمان اللبناني) النائب محمد رعد.
بحسب فحص، "ستكرس الانتخابات النيابية مسؤولية الحزب عما سيحصل في البلد، باعتباره الحزب الحاكم"، مؤكداً أنه " لن يتمكن أحد من وقف الارتطام المقبل".
لكن، إذا كانت الانتخابات النيابية ليست المكان الصحيح للمواجهة فما هو الخيار الآخر؟ يجيب فحص، أن "الخيار الآخر هو أن تتحول حركة 17 تشرين من فعل سياسي إلى فاعل سياسي"، وهذا يتطلب، بحسب رأيه، "عملية تراكمية تبدأ بعد الانتخابات النيابية مهما كانت نتائجها". ويشير فحص إلى أن "أهم ما ستخرج به هذه الانتخابات هو وجود معارضة داخل السلطة ومعارضة خارجها"، مؤكداً أن "فشل التشرينيين ليس آخر المطاف، بل بدايته لأن 17 تشرين أسقطت ورقة النظام الحالي".
يعتبر كثيرون أن "حزب الله"، وعلى الرغم من امتلاكه صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة وعنده مئة ألف مسلح على الأقل، كما أعلن أمينه العام، فإنه لا يزال بحاجة إلى الانتخابات النيابية للحصول على شرعية دستورية لسلاحه ومشروعه.

رد "حزب الله"

أما بالنسبة لـ"حزب الله"، فالانتخابات النيابية توازي حرب يونيو (تموز) بأهميتها بحسب أمين عام الحزب حسن نصرالله، حين أعلن قبل شهرين من موعد الاستحقاق، فريقه الانتخابي البالغ 28300 مندوب ومندوبة على مستوى لبنان، في خطوة أراد الحزب من خلالها إظهار قوته لإحراج منافسيه، وفقاً لمتابعين للشأن السياسي اللبناني. وخلال حفل إطلاق الماكينة الانتخابية، جدد نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم التأكيد أن "عنوان معركتنا الانتخابية (باقون نحمي ونبني)، أما عنوان المعركة الانتخابية عند أتباع أميركا في لبنان، فهو كسر حزب الله وإبعاده من الحضور السياسي المؤثر، واستطلاعات الرأي تبين أن حزب الله متقدم على المستوى الشعبي بشكل كبير بالمقارنة مع كثير من القوى السياسية التي تراجعت شعبيتها".

وفي ما يخص الفساد في لبنان، أكد مصدر مقرب من الحزب أن الفساد موجود قبل وجود وتأسيس الحزب، وقبل مشاركته في الحكم والحكومة، وهو جزء من النظام الطائفي وبسبب الخدمات المتبادلة بين أركان النظام، وخصوصاً بعد وصول الرئيس رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة، وفي ظل وجود السوريين، وهناك أمثلة عدة لا مجال لذكرها ومنها شركة سوليدير والمنافع المتبادلة التي تمت، وغيرها كثير في مجال المال والمصارف والشركات، حيث لا وجود للحزب فيها. لكن الحزب حرص في مرحلة ما على عدم فتح ملفات الفساد كي لا يدخل في مواجهات داخلية. لكنه منذ أربع سنوات، بدأ بطرح عديد من ملفات الفساد، إلا أنه اصطدم بالقضاء والجانب الطائفي والخطوط الحمر، وما طرحه النائب حسن فضل الله من معطيات أصبح معروفاً، طبعاً الحزب لديه مؤسسات خاصة كما معظم الأحزاب والتيارات، ولكن الحزب حافظ عليها وبعضها مواز لمؤسسات الدولة، لكنها لا تحل محل الدولة.

وأما ما تعرض له الحزب من عقوبات خارجية، فهو بسبب سياساته الخارجية، ولأن بعض الدول لديها مصالح، وهذا ما أوصل البلد إلى ما نحن عليه.

والحزب لا يسيطر على مؤسسات الدولة، والدليل أن الحكومة اتخذت قرارات ومواقف تعارض مواقف الحزب، ومنها الموقف من الحرب الروسية على أوكرانيا، والتعاون مع أميركا، ورفض المساعدات الإيرانية والتعاون مع روسيا والصين".

أما مسألة السلاح فدائماً ما يكرر الحزب أنه غير موجه إلى الداخل اللبناني.

المزيد من متابعات