وصل 12 يتيماً ولدوا لعائلات إرهابيين فرنسيين، وآخران هولنديان إلى باريس اليوم الاثنين آتين من سوريا، حيث كانوا يقيمون في مخيمات، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، بعد ساعات على إعلان الإدارة الذاتية الكردية في سوريا تسليمهم. وأوضحت الوزارة في بيان أن الأطفال - وهم المجموعة الثانية من الأطفال أعيدت من سوريا إلى فرنسا منذ آذار (مارس) الماضي - كانوا "معزولين وضعفاء"، مشيرة الى أن بعضهم مرضى أو يعانون سوء التغذية. وحثت السلطات في شمال شرقي سوريا دولاً غربية على استعادة مواطنين انضموا إلى تنظيم داعش وأقاربهم بعد انتزاع قوات سوريا الديموقراطية السيطرة على آخر معقل للتنظيم هذا العام.
وأفادت السلطات التي يقودها الأكراد بأنها رحّلت امرأتين أميركيتين مع ستة أطفال الأسبوع الماضي، لكن دولاً قليلة أبدت استعداداً حتى الآن لاستعادة مواطنيها، الذين قد تصعب محاكمتهم، وأدت القضية إلى جدل حاد في أوطانهم التي لا تتعاطف شعوبها كثيراً مع أسر المتشددين.
تململ الادارة الذاتية
ويشكل آلاف المواطنين الأجانب من متشددين وأفراد عائلاتهم عبئاً على الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشمال شرقي سوريا، وأحد أبرز التحديات التي تواجهها منذ إعلان القضاء على "الخلافة" التي كان أقامها تنظيم داعش في سوريا والعراق، في آذار (مارس) الماضي. وحصلت سلسلة عمليات تسليم من هذا النوع الى عدد من الدول، لكنها تبقى محدودة مقارنة بالأعداد الضخمة لأفراد عائلات المتشددين الذين يقطنون في مخيمات مكتظة في شمال وشمال شرقي سوريا. وعلى الرغم من ذلك، تُعد تلك العمليات خطوة إيجابية مع إصرار الأكراد على مطالبة الدول المعنية باستعادة مواطنيها وسط تلكؤ من جانب تلك الدول، لا سيما الأوروبية منها. وكتب الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية عبد الكريم عمر الاثنين على حسابه على "تويتر"، "بناء على طلب الحكومة الفرنسية، سلمت الإدارة الذاتية في شمال سوريا وشرقها في التاسع من يونيو (حزيران) الحالي 12 يتيماً فرنسياً من عائلات التنظيم إلى وفد من وزارة الخارجية الفرنسية في بلدة (عين عيسى) شمال". وأشار إلى أنه سلّم طفلين هولنديين إلى وفد من وزارة الخارجية الهولندية. وأوضح مسؤول في الإدارة الذاتية الكردية فضل عدم الكشف عن اسمه، أن بين الأطفال الفرنسيين أفراداً من عائلة واحدة، كما أن أكبرهم يبلغ من العمر عشر سنوات.
عمليات تسليم جديدة
ويتوقع أن تجري عمليات تسليم أخرى لأطفال فرنسيين قريباً. وترفض فرنسا ودول أخرى استعادة مواطنيها من عناصر التنظيم المعتقلين لدى الأكراد، وأفراد عائلاتهم الموجودين في المخيمات. إلا أنها كانت أعلنت أنها ستكتفي على الأرجح بإعادة الأطفال اليتامى من أبناء التنظيم الفرنسيين. واستعادت في آذار (مارس) الماضي وللمرة الأولى خمسة أطفال يتامى. وفي نهاية الشهر الماضي، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أن نحو 450 فرنسياً محتجزون لدى الأكراد أو يقبعون في مخيمات النزوح في مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية المؤلفة من تحالف فصائل عربية وكردية عمادها وحدات حماية الشعب الكردية.
وكان الأطفال الفرنسيون الـ12 موزعين بين مخيمَي الهول وروج في محافظة الحسكة، فيما كان الطفلان الهولنديان يقطنان في مخيم عين عيسى. وتؤوي مخيّمات عدة واقعة في مناطق سيطرة الأكراد في سوريا، وأبرزها مخيم الهول، 12 ألف أجنبي، هم 4000 امرأة و8000 طفل من عائلات التنظيم الأجانب، يقيمون في أقسام مخصّصة لهم تخضع لمراقبة أمنية مشددة. ولا يشمل هذا العدد العراقيين. ويُشكّل قاطنو تلك المخيمات عبئاً كبيراً على الإدارة الذاتية. وتسلمت دول قليلة أفراداً من عائلات التنظيم، مثل أوزبكستان وكازاخستان وكوسوفو، بأعداد كبيرة، بينما تسلّمت أخرى أعداداً محدودة، بينها السودان والنرويج والولايات المتحدة.
وتسلمت النرويج بداية الشهر الحالي خمسة أطفال من يتامى عائلات عناصر كانوا في عداد تنظيم داعش.
اعادة النازحين السوريين
وإلى جانب مساعيها إلى إعادة الأجانب، بدأت الإدارة الذاتية بإعادة النازحين السوريين من قاطني مخيم الهول الذي يؤوي 74 ألف شخص بينهم 30 ألف سوري، إلى المناطق التي يتحدرون منها. وخرج في الثالث من الشهر الحالي 800 امرأة وطفل من مخيم الهول إلى منطقتَي الرقة والطبقة بضمانة من وجهاء العشائر في هذه المناطق، وذلك في إطار مساعي الإدارة الذاتية إلى إخراج جميع السوريين من المخيم، وبينهم مناصرون لتنظيم داعش وآخرون نازحون ممن تركوا منازلهم هرباً من المعارك. ويعاني المخيم نقصاً كبيراً في الخدمات ويعيش قاطنوه في أوضاع مأساوية. وتناشد الإدارة الذاتية الكردية المجتمع الدولي والأمم المتحدة تقديم المزيد من الدعم للمخيم.
وفضلاً عن المخيمات، يقبع مئات الإرهابيين الأجانب ممن التحقوا بصفوف التنظيم المتطرّف في سجون المقاتلين الأكراد. ويعرب مراقبون عن خشيتهم من أن تشكّل السجون والمخيمات أرضية لانتعاش التنظيم المتطرف الذي أعلنت قوات سوريا الديموقراطية القضاء عليه في 23 مارس (آذار) الماضي إثر سيطرتها على آخر جيب كان يتحصّن فيه مقاتلوه في بلدة الباغوز في شرق البلاد. لكن لا تزال خلاياه النائمة تشكل تهديداً للمنطقة. ومع تلكؤ الدول المعنية في تسلّم رعاياها الإرهابيين، طالب الأكراد بإنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمتهم في شمال شرقي سوريا. في العراق المجاور، تجري محاكمة إرهابيين أجانب نقلوا من سوريا. وصدرت أحكام بالإعدام بحق 11 فرنسياً بتهمة الانتماء إلى تنظيم داعش.