Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإفراج عن ناشطين في الجزائر... إصلاح أم تهدئة؟

جهات ربطت الخطوة بـ"ضغوط خارجية" ومنظمة العفو: "المئات لا يزالون رهن الاعتقال"

جانب من الحراك الشعبي الذي أطاح بنظام الرئيس الراحل بوتفليقة (اندبندنت عربية)

استقبل الشعب الجزائري شهر رمضان بارتياح، بعد إقدام السلطات على الإفراج عن عدد كبير من الناشطين السياسيين ومعتقلي الرأي، غير أن فجائية الخطوة تطرح عدة تساؤلات، ولعل السعي نحو تهدئة المشهد عام يبقى التفسير الأول، بخاصة في ظل الأزمات التي أفرزتها الحرب الروسية - الأوكرانية.

لكن بصرف النظر عن الاتهامات الموجهة لهؤلاء النشطاء، سواء تعلقت بدواع سياسية، أو بمواقف وآراء. وبعيداً من وضعيتهم القانونية، إن صدر في حق أحدهم حكم بالسجن، أو لا يزال معتقلاً تحت التحقيق، يجب الاعتراف بأهمية القرار الذي اتخذته الحكومة بالإفراج عنهم، لكنه يبقى "غير بريء"، إذ إن وراءه بالتأكيد مقاصد تسعى السلطة للوصول إليها.

اختلاف مستويات المفرج عنهم

مستويات المفرج عنهم اختلفت بين نشطاء سياسيين، وصحافيين، وأفراد من عموم الشعب، ومن بين الذين شملهم القرار الناشط إبراهيم لعلامي، الذي يعتبر أول من تظاهر ضد ترشح الرئيس الراحل، عبد العزيز بوتفليقة، لعهدة خامسة، 2019، قبيل اندلاع الحراك الشعبي، وكذا الناشط في كندا، لزهر زوايمية، الذي اعتقلته السلطات لدى مغادرته الجزائر، وأيضاً الصحافي عبد الكريم زغليش، والنشطاء ناصر بن عيسى، وبلغيث حسام الدين، وحسن بوقزوحة، ومرابط شعيب، وأحمد كتفي، وغيرهم.

وفي حين مس القرار ناشطين انتهت فترة محكوميتهم، وألغى أحكاماً غيابية بالسجن في حق آخرين، يظهر أن الإفراجات شملت على وجه الخصوص الناشطين في قضايا تخص التجمهر غير المرخص، والمساس بالوحدة الوطنية، وعرض منشورات.

ربط الخطوة بضغوط خارجية

حاولت جهات عديدة ربط الخطوة بضغوط خارجية مارستها منظمات حقوقية دولية وبعض الحكومات الغربية، بخاصة بعد التقارير الدولية التي توالت ضد ما سمته "اعتقالات وتضييقات"، الأمر الذي تم تسجيله عشية وصول وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، إذ سارعت إحدى المنظمات الحقوقية تعرف نفسها بـ"شعاع لحقوق الإنسان"، وتتخذ من العاصمة البريطانية مقراً لها، بتوجيه رسالة إلى وزارة الخارجية الأميركية، تدعو فيها وزيرها بلينكن للضغط على الجزائر من أجل الإفراج عن نشطاء حقوق الإنسان ومعتقلي الرأي وناشطي الحراك القابعين وراء السجون، كما طالبت واشنطن بالتدخل من أجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان في الجزائر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن عدم وجود نشطاء معروفين ضمن قائمة المسرحين على غرار الصحافي محمد مولوج، الذي تدخلت جهات فرنسية بهدف تحريك ملفه، إضافة إلى الناشط الحقوقي حسن بوراس، يبطل كل مسعى لربط القرار بضغط خارجي.

حديث الـ300 معتقل

"اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين" نشرت عبر صفحتها على "فيسبوك" قائمة بأسماء 51 شخصاً تم الإفراج عنهم. وقال منسقها، قاسي تانساوت، "نحن نحدث القائمة كلما وصلتنا معلومات حول قرارات إفراج جديدة". وبحسب اللجنة، فقد "كان هناك قبل الإفراجات الأخيرة نحو 300 شخص وراء القضبان على خلفية الحراك الذي توقفت تظاهراته، أو بسبب تهم تتعلق بالحريات الفردية".

من جانبها، ذكرت ممثلة منظمة العفو الدولية في الجزائر، حسينة أوصديق، أنه "لا يزال مئات الأشخاص في السجن لمجرد التعبير السلمي عن آرائهم السياسية أو القيام بعملهم. يجب إطلاق سراح جميع هؤلاء الأشخاص الذين لم يمارسوا إلا حقوقهم في حرية التعبير والتظاهر السلمي التي يكفلها الدستور".

الأسباب الحقيقية مجهولة

تبقى الأسباب الحقيقية وراء القرار تشغل بال الجميع، إذ أكدت الحقوقية نسيمة رزازقي، لوكالة "الصحافة الفرنسية"، أنه "لا يوجد تفسير قانوني للإفراجات، بما أنها قضايا سياسية محضة". وتابعت أن "الاعتقالات سياسية، وكانت بتعليمات بعيدة عن القانون، والإفراجات المؤقتة كانت كذلك أيضاً"، موضحة أن "المفرج عنهم حصلوا على إفراج مؤقت من دون تقديم دفاع المعتقلين طلبات إفراج، وبعض المفرج عنهم سبق أن قدمنا طلبات للإفراج عنهم ورفضت".

عضو هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي، المحامي عبد الرحمن صالح، قال إنه "لا يمكن أن نخمن دوافع القرار، وما إذا كانت مرتبطة برغبة محلية من قبل السلطة في تحسين موقفها فيما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان لدى الخارج، أم أنها مرتبطة بضغوط أجنبية، ومنها زيارة وزير الخارجية الأميركي"، مشدداً على أنه "من حيث المبدأ، نحن كهيئة دفاع نرحب بهذه القرارات المفاجئة".

الكثير من التساؤلات

تعليقاً على الإفراج، يعتبر أستاذ الحقوق عابد نعمان، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "الخطوة أثارت الكثير من التساؤلات لدى جميع التوجهات السياسية والتيارات الأيديولوجية". وقال إنه "حتى نبقى مجردين في مناقشة الموضوع، فإنه من حيث المبدأ، الرئيس لديه صلاحية العفو، كما أن لديه صلاحية التخفيف، وله أن يُسدي تعليماته للمصالح المتخصصة بوقف سريان الحبس المؤقت، وهي سياسة إخاطة الجراح، هذا ما حصل طبعاً، وعليه فالسياسة المنتهجة من طرف الرئيس تبون، هي لم شمل الجزائريين بمختلف أعراقهم وتوجهاتهم وتياراتهم"، موضحاً، "المؤكد أنهم لو كانوا بالخطورة التي استهدفتها النصوص القانونية لما تم الإفراج عنهم". وختم بأن "الدولة توازن بين درء الخطورة ومحاربتها، وبين إعادة الجزائري لحضن بلاده، لأن أخطر شيء يُطاول الدولة هو الشعور بالعداء الذي يعتبر حاضنة للخيانة".

تصحيح أوضاع شاذة

إلى ذلك، قال الحقوقي سليمان شرقي، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، "كحقوقي أثمن الخطوة مهماً كانت بواعثها ومراميها لدى من اتخذها، فحرية الأفراد يجب أن تكون أولى الخطوات في الذهاب إلى دولة القانون للجادين في هذا المسعى، وبخصوص فجائيتها، فإن العفو عن المساجين صلاحية مخولة دستورياً لرأس السلطة التنفيذية، المتمثل في رئيس الجمهورية، يستخدمها عادة في المناسبات الوطنية والدينية، ونحن عشية شهر رمضان، مشيراً إلى أن شمول القرار بعض من لم تصدر في حقهم أحكام نهائية معيب من الناحية القانونية ويعطي الانطباع، وهو الحاصل فعلاً، أن لا عدالة مستقلة في البلد بالشكل الذي تسوق له السلطة في خطاباتها".

ويتابع شرقي أن "القصد من وراء خطوة الإفراج قد يكون التهدئة، وإن كنت لا أعتقد ذلك، فليس هناك أي استحقاق سياسي في قادم الأيام يستدرج إليه هؤلاء أو غيرهم"، مضيفاً أن "الخطوة في نظري مجرد تصحيح أوضاع شاذة كانت سائدة، فالأصل أن هؤلاء أحرار، وكان يجب أن يكونوا في الحرية لولا الإرادة المفرطة في تكميم الأفواه".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي