Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تعزز استثمارات النفط وتطيح التزاماتها حيال البيئة والتلوث

ستة مواقع محددة في بحر الشمال ستنتج 205 ملايين طن من ثاني أوكسيد الكربون

ارتفعت أسعار الطاقة لدى ملايين الأسر البريطانية بـ54% الجمعة، ما شكل ثاني أكبر قفزة في فواتير الطاقة منذ أكتوبر الماضي. ويظهر رجل جالس قرب إشارة "مترو أنفاق" لأحد المحطات في "شارع أكسفورد" بمنطقة التسوق بلندن. بتاريخ 01 إبريل 2022 (أسوشيتدبرس)

كشف تحليل حديث أن خططاً ترمي إلى الموافقة على ستة مواقع جديدة للتنقيب عن البترول في بحر الشمال من شأنها أن "تطيح" هدف المملكة المتحدة المتمثل في الوصول إلى تصفير صافي انبعاثات التلوث في مجال المناخ، إذ تولّد ما يعادل 420 مليون برميل من النفط، إذا تحققت.

ومن المتوقع أن تحصل الموافقة على الحفر في ستة حقول مخطط لها للنفط والغاز في بحر الشمال، ضمن توجه حكومي لتخفيف تكاليف الطاقة التي تتزايد في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويمكن للمواقع الستة المحددة، وهي جاكدو وماريغولد وبروديك وروزبنك وكاتشر وتولماونت إيست، أن تنتج ما مجموعه حوالى 421 مليون برميل من مكافئ النفط، وفق أرقام جديدة احتسبتها مجموعة "أبليفت" للحملات المناخية، استناداً إلى بيانات مؤسسة "ريستاد للطاقة" البحثية.

وفي ذلك الصدد، نقلت "أبليفت" إلى صحيفة "اندبندنت" أن استخراج كل النفط والغاز من هذه المواقع الستة وإحراقه من شأنه أن ينتج ما مجموعه 205 ملايين طن من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، ما يعادل نصف إجمالي الانبعاثات السنوية في المملكة المتحدة تقريباً.

وكذلك لاحظت تيسا خان، مديرة "أبليفت"، أن التوسع في إنتاج الوقود الأحفوري على هذا النطاق من شأنه أن يدمر أي فرصة أمام الحكومة لتحقيق صافي الصفر في انبعاثات غازات الدفيئة مع حلول عام 2050.

وأضافت، "إذا تمكنت الحكومة من تسريع التنقيب في هذه الحقول، ستوجّه ضربة إلى تحقيق هدف على صعيد المناخ يتمثّل في تصفير صافي انبعاثات التلوث لدى المملكة المتحدة. لقد أصبحت الحكومة بالفعل خارج المسار الصحيح لتحقيق هذا الهدف، وعلى الرغم من ذلك تختار زيادة الموقف سوءاً من خلال فتح مشاريع تطوير جديدة في مجال الوقود الأحفوري".

وعلمت "اندبندنت" أن الحكومة ستؤكد دعمها إجراء جولة جديدة من تراخيص التنقيب في بحر الشمال، ما يتيح للشركات أن تتقدم بعروض في شأن مناطق معينة خارج الحقول الستة، عند تحديد "استراتيجية أمن الطاقة" الخاصة بها في الأيام المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ذلك الصدد، ذكر بوريس جونسون أنه يريد "إزالة الحواجز" أمام زيادة إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال، في أعقاب الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة، وأمام الرغبة بإنهاء الاعتماد على الغاز الروسي.

وزعم رئيس الوزراء أيضاً أن استخدام "الموارد الهيدروكربونية" [مصطلح يشير إلى آبار النفط والغاز] البريطانية لن يقوّض الوصول إلى هدف تصفير صافي الانبعاثات، لكن أحزاب المعارضة أعلنت أن التركيز الجديد على الوقود الأحفوري في بحر الشمال "يناقض" التزام تحقيق ذلك الهدف مع حلول عام 2050.

وعلمت "اندبندنت" أن الحكومة حريصة أيضاً على تسريع صدور التصاريح النهائية في ستة مواقع في بحر الشمال تتمتع بتراخيص بالفعل. ومع ذلك، تعود الموافقة على المواقع التي أُبلغ عنها للمرة الأولى الشهر الماضي، إلى الجهة التنظيمية المعروفة باسم "هيئة تحويل بحر الشمال" [المعنية بالاستغناء التدريجي عن استخراج الوقود الأحفوري في المنطقة].

ومن شأن استخراج النفط والغاز في المواقع واستهلاكهما أن ينتجا ما مجموعه 205 ملايين طن من ثاني أوكسيد الكربون أو ما يعادلها من الانبعاثات خلال فترة عمر الحقول، بحسب تقديرات "أبليفت". وبالمقارنة، يبلغ إجمالي الانبعاثات السنوية من غازات الدفيئة في المملكة المتحدة 405 ملايين طن، وفق الحكومة.

وبحسب السيدة خان، "يكاد فتح هذه الاحتياطيات ألا يحقق أي مكسب عام، وغالبيتها من النفط المخصص للتصدير. والفائزون الوحيدون هم شركات النفط والغاز التي تؤثر في قرارات رئيس الوزراء".

وفي ذلك الصدد، لاحظ دوغ بار، مدير السياسات في منظمة "غرينبيس" الناشطة في مجال حماية البيئة، أن قسماً كبيراً من النفط والغاز سيُباع إلى بلدان في الخارج، لكن الانبعاثات الناجمة عن الإنتاج وحده من شأنها أن "تزيد من صعوبة" تحقيق المملكة المتحدة هدف تصفير صافي الانبعاثات.

وأضاف، "يقوّض ذلك الأمر [التراخيص الجديدة] محاولة المملكة المتحدة تولّي دور قيادي على صعيد تحقيق الوصول إلى صفر في صافي انبعاثات التلوث، وإبقائنا في حدود 1.5 درجة مئوية [بمعنى أن تستمر الزيادة في حرارة الأرض عند تلك الحدود، بالمقارنة مع ما كانته في عصر ما قبل الثورة الصناعية]. وإذا بدأنا في تقديم استثناء إلى قطاع النفط والغاز، فأين يتوقف ذلك؟ ثمة خطر بأن ينهار بالكامل التزام الصفر الصافي".

وفضلاً عن المواقع الستة الجاهزة للحفر، أشار وزير الدولة لشؤون وزارة المالية سيمون كلارك إلى دعم الحكومة إجراء جولة جديدة من عمليات استكشاف النفط والغاز. وفي برنامج "نيوزنايت" الذي تبثه "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) الأسبوع الماضي، بيّن كلارك أنه "ننوي إطلاق مزيد من القدرة الإنتاجية في بحر الشمال".

ولم تتمكن "هيئة تحويل بحر الشمال" من عقد جولة تراخيص منذ عام 2019، إذ علّقت الحكومة فعلياً هذه العملية حين أطلقت مراجعة لمدى توافق السياسات الحالية في مجال الطاقة مع الأهداف المناخية.

في الأسبوع الماضي، أوردت "فايننشال تايمز" أن مسودة النص المتعلق بـ"نقطة التفتيش الخاصة بالتوافق مع المستهدفات المناخية" في عملية الترخيص أُعيدت صياغتها، وستسمح للحكومة بالتغافل عن المخاوف المتعلقة بالمناخ إذا برزت "مخاوف ملحّة في شأن الأمن الوطني".

وفي مسار متصل، ذكرت الناطقة باسم الحزب الديمقراطي الليبرالي في مجال تغيّر المناخ، النائبة ويرا هوبهاوس، أنه "من الواضح أن تسريع استخراج الوقود الأحفوري أمر غير مسؤول ويناقض التزامات الحكومة تحقيق صفر في صافي الانبعاثات".

وأضافت، "يجب فحص المنطق المتعلق بكل جانب من جوانب طريقة عيشنا في ضوء حالة الطوارئ المناخية، وهذا يتضمن بوضوح استكشاف النفط والغاز الجديدين. أما حكومة المحافظين، فتهدد مستقبلنا".

وفي نفسٍ مماثل، ذكرت النائبة عن حزب الخضر كارولين لوكاس أن التركيز المتجدد على الوقود الأحفوري في بحر الشمال، أظهر أن السيد جونسون كان "يتباهى" فقط في مؤتمر الأطراف الـ26 [الذي استضافته بريطانيا في 2021].

وفي حديث إلى "اندبندنت"، ذكرت لوكاس أن "رئيس الوزراء زعم أن كفاحنا ضد تغيّر المناخ كان 'قاب قوسين أو أدنى'. والآن أصبحنا نعرف أن كل ما قاله في ذلك المؤتمر المهم لم يكن سوى تباهٍ عالمي".

وأضافت، "من شأن النفط والغاز الجديدين في بحر الشمال أن يحبساننا في الملايين من الأطنان من الانبعاثات، ما يجعلنا نتجاوز إلى حد كبير تحقيق هدف تصفير صافي الانبعاثات، في حين لن يحدث أي فارق على الإطلاق على صعيد فواتير الطاقة المنزلية".

وصبّت "غرينبيس" وغيرها من الجماعات سخريتها على فكرة مفادها بأن الدفعة الجديدة [التي أعطتها الحكومة للأعمال] في إنتاج النفط والغاز، من شأنها أن تخفف من مشكلات الإمدادات الفورية، مشيرة إلى أن حوالى 28 عاماً مرت بين الاستكشاف الأولي والإنتاج في بحر الشمال.

وبحسب السيد بار، "لن يكون الاندفاع الأعمى إلى تعزيز إنتاج النفط والغاز، أمراً مساعداً في الوضع الحالي. قد ترى الحكومة أنه يساعد في أمن الطاقة في الأجل البعيد. لكن في الأجل البعيد، يتعيّن علينا أن نتخلص من الوقود الأحفوري".

ومع ذلك، اقترح قادة في قطاع الطاقة أن بعض مواقع الاستكشاف قد تكون جاهزة لإنتاج النفط والغاز بسرعة نسبياً.

وذكر أندي صموئيل، الرئيس التنفيذي لـ"هيئة تحويل بحر الشمال"، الجهة التنظيمية المعنية بالأمر، أنه يعتقد بأن الهيئة ستتمكن من استئناف إصدار تراخيص الاستكشاف "هذا العام". وأضاف أن بعض المواقع لديها نفط وغاز مكتشفين "جاهزين للاستغلال إلى حد كبير".

وفي السياق ذاته، أشار السيد جونسون إلى أنه يريد أيضاً تعزيز إمدادات بريطانيا من الطاقة المتجددة والطاقة النووية من ضمن "استراتيجية أمن الطاقة" المقبلة التي وعد بإعلانها هذا الشهر.

وكذلك أثار وزير الأعمال والطاقة كواسي كوارتنغ جدلاً في مجلس الوزراء بعدما كشف أن الحكومة تفكر في إنهاء التعليق الحالي المفروض على مزارع الرياح الساحلية الجديدة.

ويُقال إن وزراء حذروا السيد جونسون من تمرد جماعي في صفوف النواب المحافظين إذا سمح ببناء مزارع رياح ساحلية جديدة. ونقلت صحيفة "تايمز" أن أحدهم أخبرها "لا أريد ذلك. لا يريده الناخبون في دائرتي. إن آخر ما نحتاج إليه الآن هو ثورة أخرى من جانب النواب المحافظين".

وفي الإطار ذاته، ذكر ناطق باسم الحكومة أن "من ضمن استراتيجيتنا المقبلة لإمدادات الطاقة، ندرس الآن خيارات متعددة في شأن الطريقة التي نستطيع بها تعزيز قدرتنا في مجال الطاقة المتجددة والنووية في حين ندعم قطاعنا النفطي والغازي في بحر الشمال".

وأضاف، "لم تُتّخذ بعد أي قرارات. وسيتواصل الطلب المستمر على النفط والغاز على مدى العقود المقبلة، في حين نتحوّل إلى الطاقة المنخفضة الكربون".

© The Independent

المزيد من تقارير