غيّب الموت الشاعر والموسيقار والكاتب السوداني السر أحمد قدور، عن عمر يناهز 88 سنة، بعد صراع مع المرض في العاصمة المصرية القاهرة، التي استقر فيها منذ سبعينيات القرن الماضي، قبل أن يلتحق بالعمل في إذاعة وادي النيل، التي تأسست في تلك الفترة للتواصل بين شعبَي وادي النيل.
وألّف الفنان الراحل عدداً من روائع القصائد الغنائية في السودان، وظل على مدى أعوام، يقدم برنامجه الشهير "أغاني وأغاني" على شاشة قناة "النيل الأزرق" في شهر رمضان من كل عام.
ونعى رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وأعضاء المجلس السر قدور في بيان ذكروا فيه أن قدور "رائد من رواد الأدب والفن، وشاعر فذ أثرى الساحة الفنية السودانية بجميل الألحان والأغنيات الخالدة".
كما نعاه عدد كبير من الفنانين والكتاب والإعلاميين السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
4 مؤلفات
ويُعتبر السر قدور رمزاً من الرموز الفنية البارزة في السودان. فقد ألّف الفنان الراحل عدداً من القصائد الغنائية التي حازت على انتشار كبير.
عرفته الأجيال القديمة والجديدة، إذ اشتهر منذ ستينيات القرن الماضي في أهم البرامج الغنائية.
كتب قدور أغنيات خالدة ناجحة كثيرة، وغنّى له مطربون كبار. من أبرزها، نذكر قصيدة "أرض الخير" التي قام بأدائها إبراهيم الكاشف، وأغنية "ست البنات" لصلاح ابن البادية، و"حنيني إليك" أداء محمد ميرغني.
خارجياً، كتب للفنانة وردة الجزائرية قصيدة "اسألوا الورد". وحدّثت المطربة السورية زينة أفطيموس أغنيته "أسمر جميل" التي أدّاها إبراهيم الكاشف، وأنشدتها.
نشط الشاعر قدور في الدراما والمسرح، إضافة إلى عمله كصحافي ومذيع.
صدرت له أربعة مؤلفات في توثيق فن الغناء السوداني، الأول بعناوين مختلفة منها "الفن السوداني في خمسين عاماً 1908-1958"، و"الحقيبة شعراء وفنانون"، و"أحمد المصطفى فنان العصر"، والرابع هو كتاب "الكاشف أبو الفن".
وذكر الكاتب والإعلامي عبد المنعم الكتيابي أن "السر أحمد قدور أحد أبرز الشخصيات الإعلامية والثقافية في تاريخ السودان لفترة تزيد على نصف قرن، وهو عصامي إذ لم يتلقَّ تعليماً أكاديمياً منتظماً أو حتى شبه منتظم، إلا أنه امتلك موهبة فذة جعلته يشق طريقه باقتدار، فهو من الرعيل الأول من الإذاعيين وعاصر الجيل الأول من الدراميين".
عراب الشعراء
وأضاف الكتيابي "قدور عرفته سوح البحث والدراسات منقّباً عن تراث المديح ورواته وعن تاريخ الغناء ومدارسه، فضلاً عن إسهامه في إثراء الوجدان السوداني بروائع الأشعار، كما لعب دوراً مرموقاً في مد جسور التواصل الثقافي بين شعبي وادي النيل عبر إذاعة ’ركن السودان‘ وبعض الصحف والمجلات السودانية والمصرية. والمدهش في شخصية السر قدور ذاكرته المتّقدة حتى بعد تقدمه في السن، إضافة إلى مجايلته لأمزجة عدة، مزاحماً في العطاء بأريحيته المعتادة. ولقد شكّل بحق مدرسة متعددة الفصول، فقد كان عراباً لعدد من الشعراء والفنانين، لم يبخل بمشاركاته أينما ووقتما يُطلب منه، وفي كل مجلس ينال احترام وتقدير مجالسيه ودهشتهم به، وتتمدد عبرهم حكاياته معلومات كانت أو نوادر".