انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، الأربعاء 30 مارس (آذار)، المشاورات اليمنية - اليمنية برعاية مجلس التعاون الخليجي، وبمشاركة مختلف أطياف العمل السياسي والأحزاب والمكونات والشباب والمرأة، وفي حضور أممي ودولي.
وفيما رحبت الأمم المتحدة بإعلان التحالف العربي وقف العمليات العسكرية في اليمن لإنجاح المشاورات، ردت ميليشيات الحوثي بمزيد من التصعيد المسلح، وبالتحديد على التخوم الجنوبية لمحافظة مأرب (شرق البلاد) الغنية بالنفط، إضافة إلى استمرار هجماتها المتكررة التي تستهدف الأعيان المدنية والمنشآت النفطية في السعودية.
حل يمني
وفي كلمة الافتتاح قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف إن المشاورات "تمثل منصة لأبناء اليمن لتشخيص الواقع وفهم صعوباته واستقراء المستقبل وبلورة تحدياته واتخاذ خطوات عملية تنقل اليمن من الحرب وأهوالها إلى السلام والاستقرار".
وأضاف الحجرف أن "لا حل إلا ما يقرره أبناء اليمن، ولا مستقبل إلا بيد اليمنيين"، وأكد أن "الحل يمني ولأجل اليمن".
وأوضح أن "جهود المجتمع الدولي عبر مبعوثيه تشكل دعماً لإنهاء الصراع عبر قرارات مجلس الأمن، ودعم كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار".
واعتبر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي المشاورات "فرصة تاريخية للبناء عليها والحفاظ على اهتمام المجتمع الدولي بملف اليمن إلى أن تضع الحرب أوزارها، وتنطلق معركة البناء والإعمار".
سبع عجاف
وكان مجلس التعاون الخليجي أرسل دعواته إلى 500 شخصية يمنية من مختلف المكونات المجتمعية "من دون استثناء".
وقال إن "سبع سنوات عجاف من للحرب أكدت أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد إلى إنهاء الأزمة اليمنية"، لافتاً إلى أن المشاورات ستشمل ستة محاور هي "العسكري والسياسي والإنساني والاقتصادي والإصلاح الإداري والتعافي الاجتماعي".
من جانبه، حث المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغاريك جميع الأطراف على "البناء على هذه التطورات الإيجابية التي تتزامن مع بدء شهر رمضان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعرب دوغاريك في بيان عن أمله بأن "يؤدي هذا التطور إلى إحداث زخم لإنهاء العنف كلياً، ودفع عملية السلام في اليمن قدماً والتخفيف من معاناة اليمنيين"، كما دعا الأطراف إلى الاستفادة من هذه الفرصة "للانخراط بشكل إيجابي ومن دون شروط مسبقة" مع المبعوث الدولي الخاص هانز غروندبرغ، وجهوده للوساطة من أجل التوصل إلى تسوية تفاوضية شاملة للنزاع في اليمن.
التصعيد الحوثي مستمر
وفي حين انتظر اليمنيون والعالم قبول الحوثيين مبادرة مجلس التعاون الخليجي مع باقي المكونات المجتمعية كافة، ردت الميليشيات المدعومة من إيران بمزيد من التصعيد داخلياً وخارجياً، وذلك من خلال استمرار هجماتهم المستميتة على محافظة مأرب الغنية بالنفط، ومن خلال استمرار الاعتداءات المتكررة التي تستهدف الأعيان المدنية والمنشآت النفطية في السعودية، وآخرها شنهم قبل خمسة أيام سلسلة هجمات تسببت إحداها باندلاع حريق في منشأة نفطية تابعة لشركة "أرامكو" بمدينة جدة.
من جانبها، ذكرت مواقع الجيش اليمني أن ميليشيات الحوثي شنت هجوماً كبيراً ضد مواقع الجيش في مأرب بمديرية الجوبة جنوب مأرب، عقب ساعات فقط من إعلان التحالف العربي وقف عملياته العسكرية في اليمن.
وعلى الرغم من حال التصعيد التي زادت وتيرتها أخيراً، إلا أن الأمين العام لمجلس التعاون جدد أمس دعوة الحوثيين للحضور والمشاركة في المشاورات المقامة بالرياض، "وتغليب مصلحة اليمن ورفع المعاناة عن الشعب اليمني".
وقال بيان أصدرته الأمانة العامة للمجلس إنه "تأكيداً للدعوة الموجهة إلى الأطراف اليمنية كافة للمشاركة، جدد الأمين العام دعوة (أنصار الله) للحضور والمشاركة في المشاورات مع إخوانهم اليمنيين، وتغليب مصلحة اليمن ورفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق".
وقف إطلاق النار
وفي مسعى إلى تهيئة الأجواء المثالية لإنجاح المشاورات التي يعول عليها ملايين اليمنيين للخروج بقرارات تضع حداً للمعاناة الإنسانية التي يكابدونها جراء الحرب وما سببته من انهيار اقتصادي، وانعدام سبل المعيشة والخدمات، أعلن المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن العميد تركي المالكي وقف العمليات العسكرية داخل اليمن اعتباراً من الساعة السادسة صباح الأربعاء الـ 30 من مارس، استجابة لدعوة مجلس التعاون، "بهدف تهيئة الظروف المناسبة لإنجاح المشاورات وخلق بيئة إيجابية خلال شهر رمضان لصناعة السلام في اليمن".
وأضاف المالكي أن وقف العمليات يأتي دعماً للجهود الداعمة للوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام لإنهاء الأزمة اليمنية وتحقيق الأمن والاستقرار في سياق المبادرات الدولية، برعاية المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن والمبادرة السعودية.
ترحيب يمني واسع
وفي إجماع غير مسبوق، رحبت جميع المكونات السياسية والشعبية اليمنية بجميع الجهود الساعية إلى إحلال السلام، وجددت الحكومة ترحيبها بجميع المحاولات الساعية إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، كما أصدرت مختلف الأحزاب والمكونات السياسية والجماهيرية بيانات ترحيب.
بدوره، أكد وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك عقب لقائه المبعوث الأممي هانس غروندبيرغ في الرياض، أن الحكومة اليمنية تتعاطى بإيجابية مع "الدعوات الأممية والإقليمية التي كان آخرها المبادرة السعودية التي كانت واضحة في الدعوة إلى وقف شامل لإطلاق النار".
وشهدت الجلسة الافتتاحية للمشاورات اليمنية- اليمنية كلمات للمبعوثين الأممي والأميركي والسويدي لليمن، إلى جانب الأمناء العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي، قبل أن تبدأ جلسة نقاشية مع المبعوثين الأميركي والسويدي.
كما شهدت فعاليات اليوم الأول جلسة عن الشراكة بين مجلس التعاون واليمن، قبل أن تختتم باستعراض ترتيبات المشاورات.
ومن المقرر أن تناقش أعمال الخميس الـ 31 من مارس بدء المشاورات اليمنية في المحاور السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والإغاثية والإعلامية، خلال جلسات متزامنة.