Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا أعلنت إيران فجأة أحقيتها في الحقل السعودي الكويتي؟

محللون: مطالبات طهران بحقل الدرة "باطلة" ومخالفة للقانون الدولي ولن يكون لها تأثير

توقيع الاتفاق السعودي الكويتي تحقيق لدعم النمو في البلدين (أ ب)

بعد أيام قليلة على توقيع السعودية والكويت وثيقة تطوير حقل الدرة للغاز، توالت البيانات والتصريحات الإيرانية، زاعمة حقوقاً تاريخية لطهران في الحقل الواقع بمنطقة العمليات المشتركة بين الكويت والرياض.

ووصف محللون ومختصون بشؤون الطاقة، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، ادعاءات إيران بشأن حقل "الدرة" للغاز بـ"الباطلة" والمخالفة للقانون الدولي، مستبعدين تأثير ذلك في خطة السعودية والكويت المشتركة لتطوير الحقل، والبدء في الإنتاج خلال أربع سنوات، مع تقاسمه بالتساوي، لتلبية الطلب المحلي على الغاز في البلدين.

ووقعت الكويت وثيقة مع السعودية لتطوير حقل الدرة، الذي من المتوقع أن ينتج مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يومياً و84 ألف برميل يومياً من المكثفات، وفقاً لبيان صادر الأسبوع الماضي عن مؤسسة البترول الكويتية. لكن إيران زعمت، السبت 26 مارس (آذار) الحالي، أن الوثيقة "غير قانونية".

وفي أحدث تعليق على ذلك من الجانب الكويتي، قال وزير الخارجية، الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، إن "إيران ليست طرفاً في حقل الدرة، فهو حقل كويتي سعودي خالص".ونقلت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، عن الصباح قوله، إن حقل الدرة "كويتي سعودي خالص، وإن للكويت والسعودية وحدهما حقوقاً خالصة في استغلاله واستثماره، وفق الاتفاقات المبرمة بين الدولتين".

ادعاءات إيرانية

فيما جاءت أحدث جولة من الادعاءات الإيرانية على لسان وزير النفط، جواد أوجي، معلناً عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن بلاده ستستكمل دراسات شاملة في الحقل، تمهيداً لبدء تركيب منصات حفر وإنجاز المسح الزلزالي. وحاول الوزير الإيراني مسك العصا من المنتصف، لافتاً إلى رغبة طهران في "التفاوض والتعاون" لتطوير الحقول المشتركة من أجل الحصول على حصة بها. وقال إن "التصرف من طرف واحد"، يقصد السعودية والكويت، بشأن الحقل، "لن يمنعنا من تطبيق خطتنا".

العمل المشترك

وجاء توقيع الاتفاق السعودي الكويتي، تحقيقاً لدعم النمو بمختلف القطاعات الحيوية في البلدين، وتنفيذاً لمقتضى مذكرة التفاهم التي وقعها الجانبان بتاريخ 24 ديسمبر (كانون الأول) 2019، التي تضمنت العمل المشترك على تطوير واستغلال حقل الدرة، الذي سيسهم في تلبية نمو الطلب المحلي على الغاز الطبيعي وسوائله بالبلدين.

الوثيقة، التي وقعها عن الجانب الكويتي نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير النفط وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، الدكتور محمد الفارس، وعن السعودية وزير الطاقة الأمير عبد العزير بن سلمان، تنص على أن تتفق شركة عمليات الخفجي، وهي مشروع مشترك بين "أرامكو لأعمال الخليج" والشركة الكويتية لنفط الخليج، على اختيار مستشار للعمل الهندسي "يجري الدراسات الهندسية اللازمة لتطوير الحقل، وفقاً لأفضل الأساليب والتقنيات الحديثة والممارسات، التي تراعي السلامة والصحة والحفاظ على البيئة، ووضع التصاميم الهندسية الأكثر كفاءة وفاعلية من الناحيتين الرأسمالية والتشغيلية".

كما سيتم تقسيم الإنتاج بالتساوي بين الشريكين، استناداً إلى خيار "الفصل البحري"، بحيث يتم فصل حصة كل منهما في البحر، ومن هناك ترسل حصة شركة أرامكو لأعمال الخليج من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز والمكثفات إلى مرافق الشركة في الخفجي، فيما ترسل حصة الشركة الكويتية لنفط الخليج من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز والمكثفات إلى مرافقها في الزور.

ادعاءات باطلة

المختص بشؤون الطاقة، الدكتور فهد بن جمعة، اعتبر أن ادعاءات إيران بشأن حقل الدرة للغاز باطلة، وقال إن طهران تحاول إحداث قلق وفوضى في المنطقة، لا تختلف عن اعتداءات الحوثي -التي تمولها- على منشآت نفطية في السعودية، متسائلاً "لماذا ظهرت إيران في هذا التوقيت، لا سيما بعد أيام قليلة من توقيع اتفاقية أعمال التطوير؟".

وأضاف فهد بن جمعة أن طهران ليس لها أي حق تاريخي في حقل الدرة، لأنه باختصار لا يقع داخل حدودها، وبالتالي فإن مزاعمها بالمشاركة في تطوير الحقل تخالف القانون الدولي وقواعد ترسيم الحدود البحرية.

وأشار إلى أن تطوير الحقل بشراكة سعودية كويتية وعبر خطة استراتيجية مع تقسيم الإنتاج بالتساوي بين البلدين، يساعد في تعزيز إنتاج النفط والغاز، وتلبية الطلب المحلي المتزايد على الغاز الطبيعي وسوائله.

اعتراض متكرر

من جهته، قال المحلل النفطي الكويتي، كامل الحرمي، إن الاعتراض الإيراني الأخير جاء بمجرد إعلان اتفاق تطوير حقل الدرة في الأسبوع الماضي، مثلما اعترضت طهران إبان بدء الكويت في تطوير الحقل مع شركة شل العالمية مطلع ستينيات القرن الماضي.

وأضاف الحرمي، "بدأت الكويت مع السعودية بحفر آبار استكشافية، تحديداً في الجزء الجنوبي من حقل الدرة، وعملت طهران الشيء نفسه في الجزء الشمالي الشرقي منه، إلا أن العمليات توقفت في 2015 مع تطبيق العقوبات الأميركية عليها"، وتابع "في الوقت ذاته، أصبحت الرياض جزءاً في ملكية الحقل بعد توقيع اتفاقية في عام 2000 بين الكويت والسعودية بشأن تحديد الحدود البحرية".

وقال إنه مع بدء صفحة جديدة من تطوير حقل الدرة، لما فيه من مصلحة مشتركة للطرفين، ظهر اعتراض إيران على الاتفاق الكويتي السعودي، وتعلن طهران استعدادها للتفاوض بعد انقطاع لأكثر من عشر سنوات، لكن عليها أيضاً أن تواجه ترسيم الجرف القاري، حسب المفاهيم والتقاليد، وفي إطار القوانين الدولية، تحت مظلة الأمم المتحدة، أو بوجود طرف محايد من الدول الخمس الكبرى ومحل ثقة الأطراف الثلاثة وعلاقات تجارية طويلة المدى كالصين.

وأضاف الحرمي، "في الوقت نفسه، على السعودية والكويت البدء في الاستثمار والبحث عن الغاز ومتابعة العمل في الجزء الجنوبي الغربي، وخلال أربع سنوات من الآن يبدأ إنتاج الغاز المشترك من حقل الدرة".

اتفاقية 2019

وكان البلدان الخليجيان اتفقا في ديسمبر 2019 على تنفيذ مشروعات جديدة مرتبطة بالغاز بالمنطقة المشتركة بينهما، والتوجه نحو التوسع في مجال الطاقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حينها كشف الأمير عبد العزيز بن سلمان عن إقامة مشروع جديد للغاز في حقل الدرة البحري، وأكد بعد توقيع اتفاق مع الكويت أنهى نزاعاً حول المنطقة المقسومة"، أن "الدرة حقل غاز في المنطقة المشتركة لم يستفد منه حتى الآن"، لافتاً إلى أهمية السرعة في إنجازه، إضافة إلى حاجة الطرفين إلى الغاز المنتج من الحقل.

وأشار وزير الطاقة السعودي، آنذاك، إلى أن "الخفجي" ستعود إلى وضعها الطبيعي من حيث الإنتاج بنهاية عام 2020، وأن حقل غاز الدرة لم تتم الاستفادة منه، وهي كما يصفها "درة على مسماها". وقال "علينا أن نعجل باستخدامه، بخاصة أن توفير الغاز من الدرة يعزز من اقتصاد البلدين".

أهمية استراتيجية

يعد حقل الدرة من أهم مناطق العمليات المشتركة بين السعودية والكويت، إذ إنه يعمل على دعم النمو بمختلف القطاعات الحيوية في البلدين اللذين يعتزمان اتخاذ خطوات جادة لتطوير مكامن الغاز به.

كما أن لحقل الدرة أهمية استراتيجية كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، باعتباره مخزناً منتظراً لإنتاج الغاز، بينما موقعه الذي يقع في منطقة حدودية عطل إنتاجه منذ تاريخ استكشافه في عام 1960. ويقدره خبراء بنحو 11 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، إضافة إلى أكثر من 300 مليون برميل من النفط الخام.

ويعود الخلاف على حقل "الدرة" إلى ستينيات القرن الماضي، وقت اكتشافه، إذ كان محل تنازع بين إيران والكويت، بشأن استغلال ثرواته من النفط والغاز، ومنحت إيران امتياز التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية - البريطانية للنفط، في حين منحت الكويت الامتياز لـ"رويال داتش شل"، وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من الحقل. وفي عام 2012 أرسلت شركة الخفجي حق التطوير والإنتاج على شركة "شل".

المزيد من البترول والغاز