Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نيران الشحن تشعل التضخم في 143 دولة وسط تداعيات الحرب

صندوق النقد يحذر: الأزمة مستمرة حتى نهاية 2022 وتداعياتها تظهر خلال عامين

صدمة كورونا ترفع مستوى التضخم العالمي (رويترز)

كشف تقرير حديث، أن البحر يحمل أكثر من 80 في المئة من البضائع المتداولة حول العالم، والتي يبحر معظمها داخل حاويات فولاذية بطول 40 قدماً مكدسة بالآلاف فوق بعض أكبر السفن التي تم بناؤها على الإطلاق. وأكدت صدمة وباء كورونا والتداعيات المرتبطة به، مدى أهمية تجارة الحاويات البحرية بالنسبة للاقتصاد العالمي. من شنغهاي إلى روتردام إلى لوس أنجليس، قلب فيروس كورونا سلاسل التوريد رأساً على عقب. وكانت الموانئ تفتقر إلى العمال الذين كانوا مرضى في المنزل بسبب الانتشار الكثيف لمعدل الإصابات بفيروس كورونا.

في الوقت نفسه، لا يمكن لسائقي الشاحنات وأطقم السفن عبور الحدود بسبب قيود الصحة العامة التي تفرضها الحكومة في إطار الإجراءات الاحترازية الخاصة بفيروس كورونا. كما أن الطلب المكبوت من برامج التحفيز الضخمة خلال فترات الإغلاق الممتدة طغى على قدرة سلاسل التوريد. وإلى جانب التسبب في تأخير وصول البضائع إلى العملاء، فقد ارتفعت تكلفة الحصول عليها في ظل الارتفاع المستمر في أسعار المحروقات عالمياً بعدما تجاوز سعر برميل النفط مستوى 130 دولاراً خلال الفترة الماضية.

143  دولة تعاني من أزمات ارتفاع تكلفة الشحن

ووفق بيانات صندوق النقد الدولي، فقد كانت نتيجة هذه التحديات أن تكلفة شحن حاوية على طرق التجارة عبر المحيطات في العالم زادت سبعة أضعاف في الأشهر الثمانية عشر التالية لشهر مارس (آذار) 2020، في حين ارتفعت تكلفة شحن السلع السائبة بشكل أكبر. وتظهر البيانات المتاحة، أن التأثير التضخمي لتلك التكاليف المرتفعة يستعد للاستمرار في النمو حتى نهاية هذا العام. وفيما يسبق تحليل صندوق النقد، الحرب في أوكرانيا ولكنه ليس بمعزل عنها، فمن المرجح أن يؤدي الصراع إلى تفاقم أزمات التضخم العالمي والتي بالفعل هي مرتفعة إلى معدلات تعد الأعلى في أكثر من عدة قرون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبدراسة بيانات من 143 دولة على مدار الثلاثين عاماً الماضية، تبين أن تكاليف الشحن هي محرك مهم للتضخم في جميع أنحاء العالم، فعندما تتضاعف أسعار الشحن، يرتفع التضخم بنحو 0.7 نقطة مئوية. والأهم من ذلك، أن التأثيرات مستمرة تماماً، وتبلغ ذروتها بعد عام وتستمر حتى 18 شهراً. وهذا يعني أن الزيادة في تكاليف الشحن التي لوحظت في عام 2021 قد تزيد التضخم بنحو 1.5 نقطة مئوية في عام 2022، وهو ما يعني أن التضخم مستمر خلال الفترة المقبلة.

وفي حين أن العبور إلى التضخم أقل من المرتبط بأسعار الوقود أو المواد الغذائية - التي تمثل حصة أكبر من مشتريات المستهلكين - فإن تكاليف الشحن أكثر تقلباً. ونتيجة لذلك، فإن المساهمة في تباين التضخم بسبب التغيرات العالمية في أسعار الشحن تشبه من حيث الكمية التغير الناتج من الصدمات في أسعار النفط والغذاء العالمية.

فيما تكشف النتائج أيضاً عن بعض الآليات في العمل. فقد أظهرت أن ارتفاع تكاليف الشحن قد أثر في أسعار السلع المستوردة والمخزنة في أرصفة الموانئ في غضون شهرين، وسرعان ما انتقل إلى أسعار المنتجين - حيث يعتمد الكثير منهم على المدخلات المستوردة لتصنيع سلعهم.

تأثيرات مستمرة حتى نهاية 2022

في الوقت نفسه، فإن التأثير في الأسعار التي يدفعها المستهلكون في السجل النقدي يتراكم بشكل تدريجي، ويبلغ ذروته بعد 12 شهراً. وهذه عملية أبطأ بكثير مما شوهد بعد ارتفاع أسعار النفط العالمية، والذي يشعر به السائقون في المضخة في غضون شهرين.

ووفق بيانات صندوق النقد الدولي، فإن ارتفاع تكاليف الشحن يؤثر في التضخم في بعض البلدان أكثر من غيرها. أولاً، تظهر النتائج التي توصل إليها الصندوق، أن الخصائص الهيكلية للاقتصاد مهمة. فيما تشهد البلدان التي تستورد المزيد مما تستهلكه زيادات أكبر في التضخم، كما هي الحال بالنسبة لأولئك الأكثر اندماجاً في سلاسل التوريد العالمية. وبالمثل، فإن البلدان التي عادة ما تدفع تكاليف شحن أعلى - البلدان غير الساحلية والبلدان المنخفضة الدخل، ولا سيما الدول الجزرية - تشهد مزيداً من التضخم عندما ترتفع هذه التكاليف.

ثانياً، يمكن لإطار سياسة نقدية قوي وموثوق أن يلعب دوراً في التخفيف من آثار الجولة الثانية من أسعار الواردات والتضخم. وتظهر النتائج، أن الحفاظ على ثبات توقعات التضخم بشكل جيد أمر أساسي لاحتواء تأثير ارتفاع تكاليف الشحن على أسعار المستهلك، لا سيما التدابير الأساسية التي تستبعد الوقود والغذاء.

  تأثير التضخم

وتشير النتائج إلى أن التأثير التضخمي لتكاليف الشحن سيستمر في الزيادة حتى نهاية عام 2022. وسيخلق هذا مقايضات معقدة للعديد من محافظي البنوك المركزية الذين يواجهون تضخماً متزايداً ولا يزال هناك ركود كبير في النشاط الاقتصادي. علاوة على ذلك، فمن المرجح أن تتسبب الحرب في أوكرانيا في مزيد من الاضطرابات في سلاسل التوريد، مما قد يبقي تكاليف الشحن العالمية - وآثارها التضخمية - أعلى لفترة أطول.

وتشير البيانات إلى أنه إلى جانب ارتفاع كلفة المحروقات والنقل، فقد تسببت خطط التحفيز الضخمة التي أطلقتها الحكومات في إطار الإجراءات الاحترازية الخاصة بمواجهة التداعيات العنيفة التي خلفتها جائحة كورونا، في تأجيج التضخم وارتفاع مستويات السيولة عالمياً ومحلياً، وهو ما فاقم من أزمة التضخم عالمياً التي تشير التقديرات إلى استمرارها حتى نهاية العام المقبل.