Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تكابد ارتفاع تكاليف المعيشة وفقراؤها يعانون بشدة

لم يراجع خطط الإنفاق لكن معدل التضخم سجل 6.2 في المئة وسيرتفع وسيستمر الضغط على أفقر فقراء بريطانيا

تواصل تكاليف المعيشة الارتفاع بالنسبة إلى كثيرين (غيتي)

"هل هذا كل شيء"، قال أحدهم مقاطعاً كلام وزير المالية ريشي سوناك، مستغلاً وقفة طويلة إلى حد غير معتاد أخذها سوناك كي يلتقط أنفاسه أثناء إلقائه بيانه الربيعي.

كان بوسع ذلك المُقاطِع بسهولة أن يحتفظ بعبارته إلى النهاية. ففي مواجهة ضغط غير مسبوق على مداخيل الأسر، إذ قفز معدل التضخم إلى 6.2 في المئة قبل أن يلقي سوناك بيانه، ومن المتوقع أن يرتفع مرة أخرى، عرض وزير المالية حلولاً غير كافية في أفضل الأحوال.

لقد أُعطِيَ النواب المحافظون، في ما يتعلق بشريحة اجتماعية لديها مداخيل  قادرة على التأقلم، شيئاً يُحسّن عروضهم. وقد تمثّل ذلك في خفض يسير للمعدل الأساسي لضريبة الدخل في المستقبل، وتخفيض مدته سنة على ضريبة الوقود، بداية من الآن. وأبدى حزب المحافظين رغبة في الخطوتين الضريبيتين كلتيهما.

لنأخذ خفض ضريبة الوقود أولاً، واسألوا أنفسكم من قد يستفيد أكثر من خفض الأسعار في المحطات. الإجابة بطبيعة الحال هي الأثرياء الذين يقودون سيارات كبيرة. وتفعل سيارات الدفع الرباعي والسيارات الفاخرة أشياء كثيرة على صعيد تلويث نوعية الهواء في المدن والتسبب في اختناقات مرورية.

وقد تجادلون بأن إعفاء الألواح الشمسية، أو المضخّات الحرارية، أو عزل جدران المنازل، من ضريبة القيمة المضافة سيساعد قليلاً في التعويض عن تلك الأضرار البيئية. هذا الإجراء موضع ترحيب، لكنه في المقام الأول يفيد أيضاً الناس الذين يملكون المال لتحمل تكاليف تلك الأشياء.

وبحسب سوناك، "سندعم الناس. وسنقف إلى جانبهم". حقاً؟ أين الدليل على ذلك. لا شك في أن زيادة عتبة الحد الأدنى المشمول بالتأمين الوطني من شأنها تقليل أثر القرار بشأن زيادة المعدل الإجمالي حينما يتعلق الأمر بأصحاب المداخيل الأقل. وكذلك تحقق نتائج إيجابية لأي شخص يقل راتبه عن 34 ألف جنيه استرليني (45 ألف دولار تقريباً) [سنوياً].

لكن بعيداً من هذا، لم يكن المعروض كبيراً جداً، لا سيما في ما يخص أفقر فئات المجتمع التي تصبح الأمور بالنسبة إليها قاتمة جداً حقاً. لقد سعى وزير المالية إلى رشوة منتقديه بمضاعفة الأموال التي يمكن للسلطات المحلية إنفاقها من طريق "صندوق دعم الأسر"، إلى مليار جنيه استرليني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولن يحقق ذلك غايته تماماً. إذ لن يرتفع الائتمان الشامل والمعاش التقاعدي الحكومي إلا بنسبة 3.1 في المئة هذا الشهر، ومن المتوقع أن يصل معدل التضخم إلى نحو ثمانية في المئة. وسيكون الأثر وحشياً.

كيف يُفترَض أن يتكيف الناس الذين يواجهون بالفعل معضلة "الدفء أو القوت" الرهيبة؟ ماذا يُفترَض بهم أن يفعلوا؟ أن يُصَلّوا؟

قد ينتهي الأمر بهؤلاء إلى الاستدانة. ولهذا السبب، تملك المؤسسات الخيرية المتخصصة في مساعدة المَدينين سبباً حقيقياً للقلق. هناك بالفعل أدلة تشير إلى أن عدد الأشخاص الذين يقترضون لتسديد ثمن الضروريات اليومية في ارتفاع. وهذا تطوّر يبعث على القلق العميق لأنه وصفة لكارثة.

ثمة شيء آخر سرعان ما أصبح واضحاً بعدما راجع خبراء الاقتصاد الأرقام، يتمثّل في أن سوناك اختار عدم تعديل خطط الإنفاق الحكومية في استجابة للارتفاع السريع في التضخم. وهذا يعني أن الإدارات نفسها التي من المفترض أن تحصل على زيادة في المخصصات تتجاوز القفزات في معدل التضخم، بات من المرجح الآن أن تواجه خفضاً حقيقياً في الإنفاق في الأجل البعيد.

بالتالي، ستواجه تلك الإدارات اختياراً قاسياً، إما خفض أجور الموظفين أو خفض الخدمات التي تقدمها إلى المواطنين. والنتيجة الأكثر ترجيحاً هي أن يتلقى كل من الأجور والخدمات ضربة قوية. فمن سيعمل في التدريس أو التمريض أو أي وظيفة حكومية أخرى، إذا واجه ذلك [تخفيض الأجور أو الخدمات]؟

كثيراً ما يشير منتقدو الحكومة إلى رأيها السلبي على ما يبدو في الشعب البريطاني. ومن بين الأمثلة الأخيرة التي كثيراً ما يُستشهَد بها على ذلك، استجابتها البائسة لتدفق اللاجئين الأوكرانيين، استناداً إلى افتراض خاطئ بوضوح مفاده بأن بعض البريطانيين يكرهون أي شخص يأتي من الخارج، وهم أحقر من أن يساعدوه.

ويبدو أيضاً أنها تتصور أنهم أغبياء، بمعنى أنهم سيتطابقون مع النواب المحافظين، وسيبتهجون بخفض ضريبة الدخل مستقبلاً فيما هم يواجهون أزمة على صعيد تكاليف المعيشة واقتصاداً متعثراً. وهذا كله في حين تُرَشَّق الخدمات العامة في البلاد بهدف تغطية تكاليف ذلك الخفض.

يشكل اعتبار الناخبين أغبياء لعبة خطرة يتعين على سوناك ألا يلعبها. فبعدما كان أداؤه جيداً خلال جائحة كورونا، بدأ ضوء قاسٍ يُسلَّط على إشرافه الاقتصادي. وبات يفقد بريقه بسرعة.

يرى المستشار أنه يدعم الناس، لكنه يسحب أرجلهم من تحتهم أثناء ذلك. ومن الأرجح أن يلاحظوا أن الأرض باردة تماماً.

 

نُشر في "اندبندنت" بتاريخ 25 مارس 2022

© The Independent