Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هي التنازلات المطلوبة من الحراك والمؤسسة العسكرية لإنهاء الانسداد في الجزائر؟

إقدام السلطة على اتخاذ خطوات جديدة قد يسمح بتشكيل أرضية للذهاب نحو التوافق وتحرك المجتمع المدني أخيراً كشف عن رغبة في تحريك الأمور

بن صالح أثناء إلقاء كلمته المتلفزة إلى الشعب الجزائري في 6 يونيو (حزيران) (أ. ف. ب.)

يتم تداول كلمة "تنازلات" بشكل لافت في المشهد السياسي الجزائري أخيراً، وتحديداً منذ صدور بيان المجلس الدستوري بخصوص تأجيل الانتخابات الرئاسية وتمديد عهدة رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح. وأصبحت تلك "التنازلات" محل شد وجذب بين مختلف الأطراف، بخاصة وأن توقيت الحديث بشأنها يشير إلى وضع صعب بلغته البلاد، يستدعي التحرك على كل المستويات واتخاذ خطوات "جريئة" من أجل التوصل إلى حل ينهي الأزمة.


"تنازلات" متبادلة ضرورية

 

وطالبت المؤسسة العسكرية بحوار "حقيقي وصادق"، تُقدَم فيه "تنازلات" متبادلة ويقرب وجهات النظر، خدمةً لمصلحة الوطن وتحقيقاً لمزيد من المطالب الشعبية المعبَر عنها، بينما دعا رئيس الدولة المؤقت، إلى فتح أبواب الحوار والتشاور، بغرض الوصول إلى توافق يستجيب لمتطلبات الوضعية الاستثنائية من جهة، ولمطالب الشعب من جهة أخرى. في المقابل، يستمر جزء من الحراك وبعض المعارضة في رفض التنازل عن أي مطلب، بينما يدعو طرف ثالث "مستجد" إلى قبول كل طلبات الجيش و"التنازل" عن بعض مطالب الشارع والطبقة السياسية.


3 أطراف ترفع مطالب


وبالنظر إلى خطابات المؤسستين العسكرية والرئاسية فإنهما يحرصان على الاستجابة إلى المطالب الشعبية، غير أن جزءاً من الحراك وبعض المعارضة تطالبان برحيل بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي قبل أي حوار، بينما يقبل "الطرف الثالث" التنازل عن مطلب رحيل بن صالح مقابل رحيل الحكومة ورئيسها، وهو ما قبل به النظام المؤقت أخيراً، متحدثاً عن "اللجنة المستقلة" لتنظيم الانتخابات ومراقبتها والإشراف عليها، في شكل "سلطة وطنية" تخلف حكومة بدوي.
وترفض قيادة الأركان أي نقاش حول "مرحلة انتقالية" أو "مجلس تأسيسي"، وتشدد على أن لا تراجع ولا تنازل في هذا الإطار، بينما تتمسك جهات من المعارضة وجزء من الحراك بهذا المطلب الذي يُعتبر أول امتحان تعمل المؤسسة العسكرية على تجاوزه بعد تحضيرها لـ"طرف ثالث" مؤلف من الحراك والمعارضة، عبر تنظيم ندوة تضم 500 شخصية من المجتمع المدني سيتم تنظيمها منتصف يونيو (حزيران) الحالي، لدراسة سبل حل الأزمة السياسية ومناقشتها.


الحوار الجاد قبل الحديث عن التنازلات؟


ويعتقد المحلل السياسي إسماعيل خلف الله في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "كلمة حوار التي توجهها السلطة سواء من القيادة العسكرية أو من بن صالح، هي كلمة فضفاضة، يراد بها الهروب إلى الأمام"، مشيراً إلى أن "شروط الحوار الجاد لا نرى لها وجود، وعندما ينعقد الحوار الجاد حينها نستطيع الحديث عن تنازلات من هذا الطرف أو ذاك". وتابع خلف الله أن السلطة لم تناقش المبادرات التي طرحتها الشخصيات الوطنية والطبقة السياسية، وعليه "فتنازل السلطة في اعتقادي يبدأ بالنظر إلى هذه المبادرات ومناقشتها إذا كانت لديها النية في الذهاب إلى حوار جاد". وأضاف أن تحديد وترشيد مطالب الحراك الشعبي يأتي مع بدء الحوار الفعلي والجاد مع السلطة الفعلية وليس الشكلية. وما دام الحوار الجاد لم يتم توفير شروطه ومناخه، فمطالب الحراك سقفها يزيد يوماً بعد يوم، فمن مطلب رفض العهدة الخامسة إلى المطالبة برحيل كل المنظومة البوتفليقية". وتابع أن "القيادة العسكرية تثبت يوماً بعد يوم، أنها لا تريد المغامرة والذهاب إلى مرحلة تسمح للشعب أن يأتي بالرئيس عن طريق الصندوق الشفاف، وهي تريد لهذا الحراك أن يشاركها في اختيارها الرئيس وألا يتجاوزها، ولهذا تراها مصرة على بقاء بن صالح وبدوي، حتى تتحكم في المشهد السياسي الجزائري... نطالب بحوار مباشر بين المؤسسة العسكرية ومَن سيمثل الحراك من شخصيات ومنظمات وأحزاب".


دعوات للتنازل

من جهة أخرى، دعت جمعية ترقية إطارات الشباب كل أطياف المجتمع إلى التنازل لأجل وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، مطالبة كل المنظمات والهيئات بالانخراط في مسعى الحوار لخوض معركة الإصلاحات العميقة التي ينادي بها الكل ووضع البلاد على سكة صحيحة. كما اتفقت 40 نقابة مستقلة وجمعية، على خريطة طريق للانتقال الديمقراطي بالجزائر، ترتكز بالدرجة الأولى على تشكيل هيئة رئاسية أو شخصية توافقية لقيادة البلاد لمدة لا تتجاوز السنة، مع تشكيل حكومة كفاءات وطنية ولجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة ومراقبتها.
في السياق نفسه، شدد الصحافي المهتم بالشأن السياسي حكيم مسعودي، على أن "الحوار المؤدي إلى تجسيد المطالب الشعبية يبقى المخرج الوحيد الذي يمكن أن تلتقي فيه السلطة وأطياف الحراك. وتابع أنه "يُنتظر من المؤسسة العسكرية تنازلات أكثر وضوحاً وضمانات سياسية تقر بعدم وصايتها على الحوار الذي تنادي به".
 

التعنت لن يفيد
 

تقديم السلطة "تنازلات" جديدة، قد يسمح بتشكيل أرضية للذهاب نحو التوافق، كما أن تحرك المجتمع المدني أخيراً، في انتظار ندوة موسعة منتصف الشهر الحالي، يكشف عن الرغبة في تحريك الأمور، والخروج من حالة الانسداد التي تسبب فيها تمسك كل طرف بمطالبه، بين مطلب "رحيل الجميع"، و"المرحلة الانتقالية"، و"الحل الدستوري" الذي يتيح للشعب ممارسة حقه في انتخاب رئيس الجمهورية في أقرب وقت ممكن. وبات واضحاً للجميع أن التعنت لن يفيد أي طرف، بعد تجريبه منذ 22 فبراير (شباط)، واستمراره يؤزم الأوضاع ويجعل المخرج أكثر صعوبة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي