Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر… أنصار "المجلس التأسيسي" في مرمى الاتهامات

تحذيرات من ثورة مضادة ترمي إلى ربح الوقت وإفراغ المطالب الشعبية من محتواها المتمثل بتغيير النظام

متظاهرون يطالبون بتشكيل مجلس تأسيسي (مواقع التواصل)

يقترح داعمو فكرة "المرحلة الانتقالية" للخروج من الأزمة السياسية في الجزائر، إنشاء مجلس تأسيسي يمهد الطريق لإعداد دستور جديد للبلاد، لكن معارضي هذا الطرح يعتبرون ذلك المجلس بمثابة محاولة لفتح النقاش بشأن "الأقليات"، مثلما قال المحامي البارز مقران آيت العربي.
وينقسم الحراك في الجزائر وهو في شهره الرابع، إلى قسمَين يتخاصمان حول التصورات للمرحلة المقبلة، القسم الأول يتمحور حول فكرة سياسية دستورية أساسها الأمر الواقع، وتقضي باستمرار رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح في منصبه، على الرغم من طعن سياسيين وقانونيين في "دستورية" تمديد ولايته المحددة بـ90 يوماً لا أكثر، أما القسم الثاني فيطالب بإنشاء مجلس تأسيسي.
وفجّر المحامي مقران آيت العربي، الذي يناصره عدد كبير من المشاركين في الحراك، نقاشات مستفيضة حين تحدث عن فكرة "الأقليات". ويُعدّ آيت العربي من أكبر مناصري فكرة إنشاء "المجلس التأسيسي" ضمن مرحلة انتقالية تمهد لوضع دستور جديد للدولة تُنظَم على أساسه الانتخابات الرئاسية.
 

 

"الأقليات" تفجر النقاشات
 

وكتب مقران آيت العربي قبل أيام بخصوص الانتخابات الرئاسية أنه "ينبغي الاتفاق حول مفهوم الديمقراطية، ولا يمكن اختزالها في صندوق الاقتراع الذي يمكن أن يكمم باسم الغالبية كل الأصوات المعارضة وأن يسحق الأقليات". وأضاف "من دون ضمانات توافقية تكون دعائمها الحريات ومساواة المواطنين من دون أي نوع من التمييز، فإن الاقتراع العام قد يصبح مقبرةً تُدفن فيها من جديد كل الآمال التي ضاعت منذ الاستقلال والتي استرجعتها ثورة الـ22 من فبراير (شباط)".
 


رافضو "التأسيسي" من أنصار "الثورة المضادة"

 

 
وأثار توصيف آيت العربي للديمقراطية، ردود فعل واسعة، استغلها أنصار المسار الدستوري، باعتبارها وفق كثر منهم بمثابة "أول إقرار من أنصار المجلس التأسيسي بأسباب تمسكهم بهذا الخيار".
وشرح آيت العربي أن الخروج من "الأزمة الحالية والاستجابة للمطالب الشعبية المشروعة لن يتحقق إلا عن طريق مرحلة انتقالية حقيقية عن طريق رئاسة جماعية توافقية وانتخاب مجلس تأسيسي. والباقي، كما يُعتقد، ما هو إلا مراوغات من قبل الثورة المضادة ترمي إلى ربح الوقت ومحاولة إفراغ المطالب الشعبية السلمية من محتواها الحقيقي المتمثل في تغيير النظام للشروع في بناء الجزائر الجديدة، جزائر الحريات والحقوق والعدالة الاجتماعية. جزائر كل المواطنين. وينبغي أن ينصب النقاش على هذه النقطة الجوهرية لا غير".
ويقول النائب البرلماني مسعود عمراوي عن هذا الملف، إنه وبعد "دراسة متمعنة في توجهات الشعب الجزائري استنتجت أن هناك ثلاثة طروحات مختلفة كل فصيل يرى بأنها الحل الأمثل للخروج من الأزمة. أصحاب الطرح الأول هم أنصار المجلس التأسيسي… هؤلاء يدعمون المجلس المعين الراغب في نظام الكوتا (الحصص المحددة) من أجل التأسيس لجمهورية ثانية من خلال تنظيم ندوة وطنية توافقية… أي أن اعترافهم فقط يكون بالحكومة المؤقتة مثل تلك التي رأسها يوسف بن خدة رحمه الله في الجمهورية الأولى التي انبثقت من مؤتمر الصومام. وينشد هؤلاء قيام جمهورية ثانية شرعية في عام 2019، بينما يستمر المجلس التأسيسي حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2022".
وختم عمراوي "ويتوَّج المسار التأسيسي بانتخابات مختلف المجالس في 5 يوليو (تموز) 2022. ويؤكد أنصار "المجلس التأسيسي" وجوب مناقشة الدستور قبل انتخاب رئيس الجمهورية ولا تنتهي هذه المرحلة إلا بتدوين الدستور ولا تؤخَذ المدة الزمنية في الاعتبار".
وقصد عمراوي، أول مجلس تأسيسي في تاريخ الجزائر المستقلة، الذي نشأ عام 1962 واستمر حتى عام 1963، وترأسه يوسف بن خدة قبل أن يستقيل، وتسبب في عدم الاعتراف بنتائجه، لا سيما من قبل الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد، مؤسس جبهة القوى الاشتراكية، بحجة فرض "جماعة وجدة" لدستور فوقي بالتحالف مع الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، معتبراً أن ذلك الدستور يومها "فرض منطق العسكري على السياسي إلى اليوم".
              

التعيين بدل الانتخاب "مطمح الفاشلين"


في قائمة أنصار المخرج الدستوري السياسي، كثيرون، وهم عادة يقدمون حججاً ضد "المجلس التأسيسي"، تقوم على وصفهم بالمتخوفين من المسار الانتخابي نظراً إلى "فشلهم في إقناع المجتمع"، بالتالي رغبتهم في "الإبقاء على نظام المحاصصة والتعيين المباشر ليكون لهم مكان في السلطة مستقبلاً".
فهل هذه الحجة واقعية وتعكس أسباب ثورة أنصار "التأسيسي"، والتي تُترجم في الغالب في شعارات ضد رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، الذي يمثل في نظرهم، القائد الفعلي للبلاد حالياً، على الرغم من وجود واجهة مدنية ممثَلة في رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح.


582 عضواً في سلطة تنظيم الانتخابات

 


وعلى الرغم من النقاشات الكبيرة بين طرفين في الحراك، واحتماء أنصار "التأسيسي" بجزء من المسيرات، تتجه الحكومة رأساً نحو مشروعها. وصرحت مصادر برلمانية جزائرية إلى "اندبندنت عربية"، أن اللجنة القانونية استلمت رسمياً نص المرسوم الناظم لـ"السلطة الوطنية" التي ستشرف على الانتخابات، ما يعني المضي في الخيار الدستوري، بقراءات سياسية منحت بن صالح الوقت للاستمرار على رأس الدولة.
وحصلت "اندبندنت عربية" على النسخة الكاملة من المرسوم، الذي تضمن تحويل الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات إلى سلطة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات. وتتضمن مسودة المشروع إنشاء هذه الهيئة وتحدد مجالها وتشكيلة أعضائها وكيفية تعيينهم، وجاء في المادة الثالثة أن "السلطة الوطنية تتكفل بتنظيم كل العمليات الانتخابية ورقابتها بكل استقلالية وتضمن صحتها". وتتكون الهيئة بحسب نصوص المشروع من 582 عضواً، وستتولى المسؤولية الكاملة في السهر على المراجعة الدورية للقوائم الانتخابية، حيث ستكون بيدها البطاقة الوطنية للهيئة الناخبة.
وتتشكل السلطة الوطنية من رئيس منتخب من طرف جمعية مداولة مزودة بهيئة إدارية، ومن ممثلين عن المجتمع المدني والتنظيمات الاجتماعية وعن مساعدي العدالة. ويُشترط في عضوية الهيئة ألا يكون منتخَباً في أحد المجالس الشعبية المحلية أو البرلمان، وألا يكون منتمياً لأي حزب سياسي ولا يكون شاغلاً لوظيفة عليا في الدولة.
أما عن بعض الصلاحيات الممنوحة للسلطة فجاء في المادة الـ28 أنها تتدخل تلقائياً في حالة كل خرق لأحكام قانون الانتخابات، كما لها الحق في مطالبة النائب العام بالتحرك في حال التأكد من تسجيل أفعال تمس بالعملية الانتخابية.
ويقول برلمانيون إن الحكومة طرحت المسودة على أمل مناقشتها ثم المصادقة عليها، قبل رفعها إلى مجلس الوزراء، بالتالي بات احتمال "التخلص" من حكومة نور الدين بدوي وارداً، كآخر "تنازل" مقبول من السلطة في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية.
اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي