Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جولة سابعة لصياغة الدستور السوري... الاتفاق على الانقسام

خلافات جوهرية حول قضايا عدة من أبرزها العلم ورموز الدولة وأسس الحكم

المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون لم يُخفِ وجود خلافات كبيرة (الموقع الرسمي للأمم المتحدة)

حزم أعضاء الهيئة المصغرة لصياغة الدستور السوري حقائبهم وأوراق عملهم بعد انتهاء جولتهم السابعة في مدينة جنيف السويسرية في 25 مارس (آذار) الحالي ليعودوا أدراجهم خاليي الوفاض بما يتعلق بإحراز أي تقدم باتجاه صياغة دستور جديد يعوّل عليه الشارع لحل سياسي عسى أن ينهي حقبة الحرب.

النقاط المشتركة

المبعوث الأممي لسوريا، غير بيدرسون ومع إصرار لطالما لازمه بكل مفاوضاته واجتماعاته مع أطراف النزاع منذ تعيينه في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2018، لم يُخفِ في بيان له على هامش اختتام الجولة وجود "خلافات كثيرة"، لكنه في المقابل لم يستبعد إمكانية التوصل إلى نقاط مشتركة في حال توفر الإرادة للقيام بذلك، ودعا الأفرقاء إلى بذل مزيد من الجهد لتقريب وجهات النظر من خلال المساعي الحميدة "وحاجة واضحة لتجسيد هذا الالتزام في عمل اللجنة".

الهيئة المصغرة التي تضم 45 عضواً من ثلاث مجموعات (النظام السوري، والمعارضة، والمجتمع المحلي) كل فريق منهم يضم 15 عضواً ناقشوا وعبر أربعة أيام منذ الجلسة الأولى في 20 مارس (آذار) مشاريع نصوص ضمت أربعة مبادئ دستورية دارت حول أسس الحكم وهوية الدولة ورموز الدولة وهيكل ووظائف السلطات العامة قدم أوراقهما كل من رئيسي وفدي المرشح عن الحكومة أحمد الكزبري، وهيئة التفاوض المعارضة هادي البحرة.

الدستورية وتقاسم السلطة

وتشي المعلومات الواردة إلى أن الجلسات بدت كعادتها تحتوي على خلافات جوهرية حول عدة أمور من أبرزها العلم، حيث ينقسم السوريون على شكل علمهم بعد اندلاع الحراك الشعبي في عام 2011 ورفع المعارضة للعلم السوري قبل الوحدة بين سوريا ومصر بين 1958ـ1961، بينما يصمم الفريق الحكومي على التمسك بالعلم وعدم المساس بالثوابت الوطنية، مع خلافات حول هوية وشعار الدولة ورموزها.

وتتحدث الباحثة والأكاديمية وعضو اللجنة الدستورية سميرة مبيض في حديثها لـ"اندبندنت عربية" عن "ارتباط وثيق في فشل الجولة السابعة، كما الجولات السابقة لها، لما يسيطر عليها من حالة الاستقطاب الأيديولوجية المهيمنة على التفاوض الدستوري وغياب جهة تمثل مصالح السوريين بمعزل عن هذه التيارات"، كما تتوقع أن كافة الجولات التي ستعقد وفق نفس الآلية الحالية وبنفس الأدوات ستؤدي لنفس النتائج، وذلك استمراريةً لمسار تفاوضات جنيف الذي انتهى بالفشل لنفس الأسباب "فالمسار الأجدى اليوم هو تحييد الأطراف المسببة لفشل اللجنة الدستورية بتشكيلتها الحالية، وإعادة البناء بعيداً من الجهات المعطلة من نظام ومعارضة وملحقاتهما".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتجد مبيض في الوقت نفسه أن الطرفين يسعيان لتقاسم السلطة وليس لوضع دستور سوري جديد، ويتطلب نجاح هذا المسار تفعيل الصوت المدني والأشخاص المستقلين في اللجنة الدستورية والقادرين على حمل المسؤولية والعمل بجدية وغير الخاضعين لأي تيارات أيديولوجية قد تدفع نحو انحرافهم عن المسار السوي. وأردفت: "كما يتطلب ذلك تثبيت هدف ومهمة واضحة لهذه اللجنة، وهي وضع دستور سوري جديد يفضي للتغيير السياسي وفق القرار الدولي 2254 فمسار اللجنة الحالية يدور في دوائر تعديل الدساتير القديمة، أو البحث عن مبادرات تحقق مقايضات سياسية، أو قضايا أخرى بمجملها لا تصب بوضع دستور مؤسس لدولة سوريا الحديثة".

ردم فجوة الخلافات 

وفي حين يمضي عامان ونصف العام على إطلاق اللجنة الدستورية جولاتها في جنيف لصياغة الدستور، ومع البدء بمشوارها عام 2019، وتنفيذاً لأحد بنود قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254) الصادر عام 2015 وأحد مخرجات مؤتمر الحوار السوري في سوتشي الروسية في يناير (كانون الثاني) عام 2018، عدت (الدستورية) بوابة للانتقال السياسي في سوريا عبر صياغة دستور جديد، ومع ذلك تنعقد الجولات وسط مناكفات بين أعضاء الوفود، و"الاتفاق على عدم الاتفاق" وفق ما يراه مراقبون.

ويشير الباحث والأكاديمي في شؤون العلاقات الدولية والدبلوماسية، جواد البرهاني، إلى "ضرورة الدفع باتجاه تقديم تنازلات من كل الأطراف المنخرطة بالنزاع، وعدم تحقيق ذلك سيعيدنا دوماً باتجاه الخطوة الأولى من دون تحقيق دستور جديد سيكون بوابة لحل سياسي يترقبه الشارع في نهاية المطاف".

ويرى في الوقت نفسه أن "صياغة الدستور بلا شك تُؤمّن البيئة المُحايدة لإجراء استفتاء على مسودة دستور، بالتالي انتخابات برلمانية، وتدفع كذلك إلى إصلاح دستوري شامل وعصري يلبي طموحات وتطلعات الشعب السوري في دولة مدنية ديمقراطية تعددية".

وفي وقت يلفت فيه البرهاني إلى أن الشعب السوري اليوم ومع كل ما يحدث حتى خارج حدوده الجغرافية لم يعد يعبأ كثيراً بالغوص في تفاصيل المشادات والمناكفات السياسية بين طرفي النزاع بقدر رغبته بالوصول لنتائج مبشرة، كما يستبعد أي تأثير للحرب الأوكرانية - الروسية على مجريات عمل اللجنة سوى أنها تزيد من تمسك الأطراف بمطالبهم، بينما يرى المبعوث الأممي لسوريا، بيدرسون ضمن إحاطة له أن الأزمة السورية ما زالت أخطر الأزمات في العالم، لافتاً إلى أن الاعتقاد أن الحل يأتي عبر الحلول العسكرية هو "اعتقاد واهم".

غياب الإرادة 

اللافت للنطر اكتفاء المبعوث الأممي بإصدار بيان مقتضب وإلغاء المؤتمر الصحافي في نهاية الجولة، وفق معلومات شبه مؤكدة عن جولة ثامنة لم يحدد موعدها بدقة حتى الآن. وتأتي الجولة الأخيرة للدستورية مع دخول النزاع السوري عامه الـ12 في 14 مارس الحالي، ولا جديد في أفق الحل السياسي، ومع ذلك يواصل طرفا الصراع الجلوس وجهاً لوجه على طاولة واحدة خارج بلدهما عبر جولات هي جزء من صياغة دستور جديد يتطلب أن يحظى بإجماع لإقراره، وإلا الدوران في حلقة مُفرغة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير