Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"سندات الساموراي"... هل تنقذ احتياطي مصر المالي؟

طرحتها الحكومة بـ500 مليون دولار ومتخصصون: حل وقتي لن ينهي الأزمة

مقر وزارة المالية المصرية بالقاهرة  (أ ف ب)

في خطوة جديدة لدعم احتياطي القاهرة من النقد الأجنبي المتراجع، باعت الحكومة المصرية سندات دولية في الأسواق اليابانية (سندات الساموراي) بقيمة تصل إلى 60 مليار ين ياباني (نحو 500 مليون دولار أميركي) كأول دولة في الشرق الأوسط تصدر سندات دولية مقومة بالعملة اليابانية بمدة استحقاق 5 سنوات.

سندات الساموراي طرحت بضمانة ائتمانية من البنك الياباني "Sumitomo Mitsui"، ومؤسسة التأمين اليابانية الحكومية، على الصادرات والاستثمار، وبلغ سعر الفائدة على السندات 0.85 في المئة سنوياً، كما وصلت تكلفة الإصدار السنوية إلى 2.3 في المئة وفقاً لبيان رسمي.

القاهرة تعود للأسواق الدولية

من جانبه، قال وزير المالية المصري، محمد معيط، إن نجاح الحكومة في طرح أول إصدار للسندات بالسوق اليابانية يعكس قدرتها على العودة للأسواق الدولية، خصوصاً أن طوكيو سوق تدخلها القاهرة للمرة الأولى، على الرغم من التحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي يمر بها العالم حالياً.

وأشار إلى أن الإصدار يتميز بمواصفات ذات طبيعة خاصة، نظراً لاختلاف السوق اليابانية عن نظيرتها من الأسواق الأخرى، إذ إن المستثمر الياباني أكثر انتقاءً في سياساته الاستثمارية، وأكثر إقبالاً على الاستثمار في أدوات دين الدول ذات التصنيف الائتماني المرتفع وفقاً للبيان الرسمي.

أما مساعد وزير المالية، سارة عيد، فقالت "إن إصدار (سندات الساموراي) يأتي في إطار خطة وزارة المالية لتنويع أدوات الدين والاعتماد على مصادر تمويل متعددة دون التقيد بمصادر بعينها". وأوضحت لـ"اندبندنت عربية"، أن الغرض من التحول إلى أسواق شرق آسيا الوصول إلى أسواق جديدة وشرائح مختلفة من المستثمرين، مع إطالة عمر الدين، وخفض تكلفة الدين الخارجي، ومن ثم خفض تكلفة التمويل، مشيرة إلى أن القاهرة نجحت في مطلع العام الحالي في العودة إلى مؤشر "جي بي مورغان" للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة أيضاً، بهدف تنويع مصادر الدين وخلق استثمارات جديدة.

وعادت القاهرة، 31 يناير (كانون الثاني) الماضي إلى مؤشر "جي بي مورغان" للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة بعد 11 عاماً من الخروج عقب أحداث ثورة يناير 2011، وسط توقعات إصدار الحكومة المصرية 14 إصداراً جديداً بقيمة إجمالية قد تصل إلى 26 مليار دولار، وارتفاع نسبتها ضمن المؤشر إلى 1.85 في المئة، في محاولة لجذب مستثمرين أجانب للاستثمار في أدوات الدين المصرية بالعملة المحلية.

الحكومة تختار الحلول السهلة

من جانبه، قال مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، عبد المنعم السيد، إن الحكومة اختارت الحلول السهلة العاجلة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها مصر مع التوترات السياسية العالمية وتداعياتها الاقتصادية السلبية على الوضع المحلي.

وأوضح السيد، في تصريح خاص، أن مصر بدأت مشاوراتها مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة تمويلية جديدة، تزامناً مع إصدار سندات الساموراي في شرق آسيا، كأحد الحلول السريعة أيضاً لحل أزمة نقص العملات الأجنبية، خصوصاً الدولار الأميركي، الذي يمثل أهمية كبيرة لدولة استهلاكية بحجم مصر، تعتمد على الاستيراد بأكثر من 60 في المئة، لسد احتياجات السوق المحلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقلل مدير المركز من أهمية إصدار "سندات الساموراي" بـ500 مليون دولار فقط، قائلاً إن "الأسواق اليابانية تختلف عن باقي الأسواق المالية الأخرى، وتحديد الإصدار المصري بتلك القيمة، مقارنة بإصدارات أخرى بريطانية أو أميركية أو حتى من دول الاتحاد الأوروبي تتخطى إصداراتها حاجز الـ10 مليارات دولار، دليل على ضعف الإصدار المصري".

وأوضح أنه يتفهم الأزمة الطاحنة التي تمر بها الحكومة، مع نقص المعروض من الدولار الأميركي في ظل طلب متزايد، إلا أن تلك الحلول وقتية لن تنهي الأزمة بشكل كامل، مطالباً الحكومة بخطة طوارئ عاجلة تضع حلولاً جذرية للأزمة. وأشار إلى أن أهم محاور الخطة يجب أن تتبنى وبشكل سريع زيادة الصادرات المصرية بالخارج عبر منح المصدرين حوافز وتسهيلات جديدة لزيادة حجم الصادرات وتوفير العملة الصعبة، خصوصاً بعد خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار، إلى جانب التوسع في قطاع الصناعة وتوطين التكنولوجيا وتشغيل المصانع وتسهيل إجراءات التراخيص وتخفيض قيمة الأراضي الصناعية، مع إعداد قائمة بحوافز صناعية جيدة، خصوصاً في الصناعات الاستراتيجية لتقليل الاعتماد على الواردات مثل صناعة الزيوت.

اختبار للسوق اليابانية

في المقابل، اعتبر المتخصص في شؤون أسواق المال، محمد ماهر، طرح القاهرة أول إصداراتها في طوكيو نجاحاً في الوقت الحالي، موضحاً أن الأسواق اليابانية تتميز بأن المستثمرين يختارون بعناية فائقة الإصدارات التي يكتتبون بها، مشيراً إلى أن إصدار مصر "سندات الساموراي" وتغطيتها بالكامل يمثل نجاحاً لها في أول إصدار، لافتاً إلى أن سعر الفائدة أقل من 1 في المئة، ولا تزيد التكلفة على مدار السنوات الخمس على 2.3 في المئة. وحول تدني قيمة الإصدار، أكد أن الإصدار الأول في سوق جديدة دائماً بمثابة اختبار لمدى قابلية السوق للاستثمار المصري، متوقعاً ارتفاع قيمة الإصدار المقبل ليصل إلى ملياري دولار.

وتتجه القاهرة، بعد إعلان رسمي من مجلس الوزراء، إلى التعاون مجدداً مع صندوق النقد الدولي للمرة الرابعة في السنوات الست الأخيرة، إذ حصلت على قرض بـ12 مليار دولار في 2016، ومع تفشي الجائحة العالمية حصلت على تمويل سريع بقيمة 2.7 مليار دولار، قبل أن تحصل على قرض وفق آلية التمويل السريع قيمته 5.2 مليار دولار.

قرارات "الفيدرالي الأميركي"... القاهرة الأكثر تضرراً

من جانبه، قال عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، أحمد أبو السعد، إن تدفقات العملات الأجنبية بمصر تأثرت بشدة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، نتيجة خروج بعض الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أدوات الدين الحكومية، مع إعلان البنك الفيدرالي الأميركي عزمه تشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة، ما أدى إلى خروج الاستثمارات الأجنبية من الأسواق الناشئة بصفة عامة، وعودتها مرة أخرى للدول المتقدمة. وأشار في تصريحات صحافية إلى أن القاهرة أكثر الدول الناشئة تضرراً من قرارات البنك الأخيرة، كإحدى أهم الدول الناشئة المتلقية لهذا النوع من الاستثمارات، ما هبط بصافي الأصول الأجنبية بالبنوك المحلية، مؤكداً وصوله إلى "سالب"، ما أثر سلباً على الوضع الخارجي لمصر، الأمر الذي دفع الحكومة إلى البحث عن مصادر جديدة للنقد الأجنبي كالسندات والودائع الخليجية، أو التوجه إلى الصندوق الدولي من جديد.

137.4 مليار دولار حجم الدين الخارجي

وسجل الدين الخارجي لمصر خلال الربع الثالث من 2021 نحو 137.4 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2021، مقابل نحو 137.9 مليار دولار بنهاية يونيو (حزيران) 2021، بتراجع 439.5 مليون دولار. وعلى أساس سنوي، ارتفع الدين الخارجي، سبتمبر 2021، إلى 125.3 مليار دولار، بزيادة 12.1 مليار دولار، بنسبة 9.6 في المئة مقارنة بسبتمبر 2020، وفقاً للنشرة الشهرية للبنك المركزي المصري، الصادرة في يناير الماضي. وسجل متوسط نصيب الفرد من الدين الخارجي بنهاية سبتمبر الماضي 1268.9 دولار، مقابل 1272.9 دولار، نهاية يونيو 2021. وعلى أساس سنوي، ارتفع نصيب الفرد من الدين الخارجي بنحو 111.6 دولار مقارنة بنهاية سبتمبر 2020، حينما كان 1157.3 دولار، بنسبة زيادة 9.6 في المئة.

اقرأ المزيد