Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النمو الاقتصادي العالمي... "ضحية" الحرب الأوكرانية

"أونكتاد" تخفض توقعاتها للاقتصاد الأميركي إلى 2.3 في المئة ومؤشرات التباطؤ تطال منطقة اليورو

شركات صناعة السيارات في أوروبا كانت من بين الأكثر تضرراً في الأسابيع الأولى من الحرب (رويترز)

خفض مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) توقعاته للنمو الاقتصادي، هذا العام، رداً على الحرب الروسية- الأوكرانية. وتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.6 في المئة، بعد توقعات سابقة بأن يشهد توسعاً بنسبة 3.6 في المئة. وقالت "أونكتاد"، إن كثيراً من التباطؤ سيلحق باقتصاد منطقة اليورو، إذ توقعت أن يشهد نمواً بنسبة 1.7 في المئة فقط، أي نصف ما توقعته سابقاً. وعلى النقيض من ذلك، خفضت الهيئة الأممية توقعاتها للنمو في الولايات المتحدة إلى 2.4 بدلاً من 3 في المئة. 

وفي سياق المشهد القاتم للاقتصاد الأوروبي، أظهرت دراسات استقصائية للأعمال، بحسب "وول ستريت جورنال"، تباطؤ التعافي الاقتصادي في أوروبا خلال الأسابيع الأولى من مارس (آذار)، بعد الحرب الروسية الأوكرانية، بينما انتعش النشاط التجاري في الولايات المتحدة. 

الدراسات أشارت إلى أن تأثير الحرب امتد بسرعة من أوكرانيا عبر أوروبا من خلال تعطيل سلاسل التوريد المتوترة أصلاً بفعل الجائحة، وإضعاف الثقة، ودفع أسعار المواد الخام والطاقة إلى الارتفاع. وعلى الرغم من أن رفع القيود الوبائية عن قطاع الخدمات في أوروبا قد يخفف من حدة الضربة في الوقت الحالي، فإن اقتصاديين يتوقعون تلاشي التأثير الإيجابي، وأن يكون للحرب عبء أكبر على النمو، إذ إن تكاليف الطاقة المرتفعة تدفع أسعار المستهلكين إلى الارتفاع. 

وقالت شركة البيانات "أس أند بي غلوبال"، إن مؤشر مديري المشتريات المركب لمنطقة اليورو (وهو مقياس للنشاط في قطاعي التصنيع والخدمات) انخفض إلى 54.5 نقطة في مارس من 55.5 في فبراير (شباط). وكان هذا الانخفاض أقل مما توقعه الاقتصاديون في استطلاع أجرته الصحيفة، الأسبوع الماضي، حيث كانت القراءة فوق 50 نقطة تشير إلى زيادة في النشاط الاقتصادي. 

تأثير إغلاق الصين

من جانبها، أبلغت الشركات الأميركية بشكل منفصل عن انتعاش في نشاط مارس، مدعوماً بارتداد الطلب مع انخفاض عدد الحالات من المتحورة "أوميكرون". وقال مسح "ستاندرد أند بورز غلوبال"، إن التحسن في اختناقات العرض والتوظيف سمح للشركات بزيادة الإنتاج، على الرغم من أنها أشارت أيضاً إلى أن الحرب في أوكرانيا وعمليات الإغلاق في الصين تضغط بشكل متزايد على سلاسل التوريد. 

مؤشر مديري المشتريات لمقدمي الخدمات الأميركيين ارتفع إلى أعلى مستوى في ثمانية أشهر عند 58.9 نقطة حتى الآن في مارس، من 56.5 في فبراير. وأبلغ المصنعون عن انتعاش في نشاط مارس، إذ جاء مؤشر مديري المشتريات عند 58.5 نقطة، وهو أعلى مستوى في ستة أشهر، وبارتفاع من 57.3 في فبراير. 

وتعتمد العديد من الدول الأوروبية بشكل كبير على روسيا في إمدادات الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز الطبيعي اللذان ينقلان عبر خطوط الأنابيب. وكانت أسعار الطاقة شهدت ارتفاعات في الأشهر التي سبقت الحرب الأوكرانية في 24 فبراير، واستمرت في الارتفاع منذ ذلك الحين بسبب مخاوف من انقطاع الإمدادات خلال الأشهر المقبلة. 

نتيجة لذلك، سجلت الشركات في منطقة اليورو أكبر ارتفاع في التكاليف، منذ أن بدأ المسح في جمع السجلات عام 1998. وارتفع المؤشر الفرعي الذي يقيس التكاليف إلى 81.6 نقطة في مارس من 74.8 نقطة في فبراير، وهو أعلى بكثير من الرقم القياسي السابق، البالغ 76.0 نقطة في نوفمبر(تشرين الثاني) 2021. وفي استجابة لذلك، رفعت الشركات أسعارها الخاصة. 

تفاقم ضغوط الأسعار 

قال كريس ويليامسون، كبير اقتصاديي الأعمال في "أس أند بي غلوبال" لـ"وول ستريت جورنال": "أدت الحرب إلى تفاقم ضغوط الأسعار الحالية المرتبطة بالوباء، والتي ستؤدي حتماً إلى ارتفاع أسعار المستهلكين في الأشهر المقبلة". ووجهت الحرب أيضاً ضربة لثقة المستهلكين في منطقة اليورو، فوفقاً لمسح نشرته المفوضية الأوروبية، الأربعاء، سجل الاستطلاع الشهري ضعفاً في المعنويات في أوائل مارس، مقارنة بتلك التي شهدها الوباء في أوائل عام 2020. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صناعة السيارات الأكثر تضرراً 

وقالت "ستاندرد أند بورز غلوبال"، إن شركات صناعة السيارات في أوروبا كانت من بين الأكثر تضرراً في الأسابيع الأولى من الحرب. إذ أسفر الصراع عن نقص في بعض الأجزاء التي تصنع في أوكرانيا، ما أدى إلى تعليق الإنتاج في بعض المصانع بجميع أنحاء أوروبا. ومع ذلك، يبدو أن هذه العوائق في الإمداد آخذة في التراجع. وقال المتحدث باسم شركة "فولكس فاغن" الألمانية لصناعة السيارات: "نظراً للتحسن قصير المدى في وضع العرض للمكونات، يمكن لشركة (فولكس فاغن) زيادة الإنتاج في مصانع (تسفيكاو) و(دريسدن)، الأسبوع المقبل، بشكل أسرع مما كان مخططاً له". مع العلم أن موقع تسفيكاو هو مصنع الشركة الرئيس للسيارات الكهربائية في أوروبا. 

"المركزي الأوروبي" يخفض توقعاته

وكان البنك المركزي الأوروبي خفض توقعاته للنمو الاقتصادي في منطقة اليورو، هذا العام، إلى 3.7 من 4.2 في المئة، على افتراض أن الاضطرابات في إمدادات الطاقة والثقة مؤقتة، وأن سلاسل التوريد العالمية لم تتأثر بشكل كبير. وقال البنك، إن الضرر الذي أحدثته الحرب قد يكون أكبر، وخفض الإمدادات الروسية من الغاز الطبيعي قد يتسبب في تباطؤ النمو إلى ما بين 2.5 و2.3 في المئة. 

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال البنك المركزي، إنه سيخفض مشترياته من السندات الحكومية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وقد ينهيها بالكامل بحلول سبتمبر (أيلول)، لاحتواء ارتفاع معدل التضخم السنوي، الذي بلغ 5.9 في المئة في فبراير، في وقت شدد صانعو السياسة على أنهم سيكونون مرنين في استجابتهم للتطورات الاقتصادية خلال الأشهر المقبلة، بدلاً من التمسك بمسار محدد مسبقاً. 

في السياق، قال فرانك إلدرسون، المسؤول عن تحديد معدل الفائدة في البنك المركزي الأوروبي، في خطاب ألقاه، الخميس: "عدم اليقين الاستثنائي الحالي يعني أننا بحاجة إلى أن نكون متواضعين بشأن مدى دقة التنبؤ بالحالة المستقبلية للاقتصاد". وأوضح البنك المركزي الأوروبي أنه قد يرفع سعر الفائدة الرئيس "لبعض الوقت"، بعد أن يتوقف عن شراء السندات، بينما أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أنه من المرجح أن يرفع سعر الفائدة الرئيس ست مرات أخرى قبل نهاية هذا العام. 

مع ذلك، حذرت "أونكتاد" من أن التشديد السريع للغاية للسياسة النقدية في البلدان الغنية يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ أكثر حدة في النمو العالمي مما توقعته، ويهدد قدرة بعض البلدان النامية على الوفاء بمدفوعات ديونها. وقالت الهيئة، التي تتخذ من جنيف مقراً لها، إن هناك مؤشرات قليلة على أن ارتفاع التضخم يدفع الأجور إلى الأعلى بشكل حاد، وقالت إن زيادة تكاليف الاقتراض لن تحل مشاكل سلسلة التوريد التي كانت مسؤولة جزئياً عن ارتفاع الأسعار. وقال ريتشارد كوزول رايت، مدير قسم العولمة في "أونكتاد:" "لسنا مقتنعين بأنها ستنجح". مضيفاً: "لا يمكنك إصلاح هذه المشاكل عن طريق رفع أسعار الفائدة." 

ضغوط تضخمية في أميركا 

وفي الولايات المتحدة، أبلغت شركات الخدمات والتصنيع عن ضغوط تضخمية واسعة النطاق. إذ واصلت الخدمات في الولايات المتحدة رفع الأسعار مع قيام الشركات بتمرير تكاليف أعلى للعملاء. وقفز نشاط شراء المصانع بأسرع وتيرة منذ سبتمبر 2021، إذ تسابقت الشركات لتجنب ارتفاع الأسعار في المستقبل عن طريق إغلاق المواد. ومع ذلك، أظهر المؤشر انخفاضاً طفيفاً في زيادات أسعار بيع الشركات المصنعة. 

وتراجعت الثقة في توقعات الإنتاج خلال العام المقبل في مارس إلى أدنى مستوى لها خلال خمسة أشهر، مدفوعة بشكل أساسي بمقدمي الخدمات القلقين بشأن تراجع الإنفاق، مع تأثير التضخم على دخول المستهلكين. وقال تقرير منفصل من وزارة التجارة الأميركية، الخميس، إن الطلبات على السلع طويلة الأمد، مثل الأجهزة وأجهزة الكمبيوتر والسيارات، انخفضت بنسبة 2.2 في المئة في فبراير عن الشهر السابق.