Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المحققون الإلكترونيون ومساءلة روسيا على غزو أوكرانيا مباشرة

يستخدم المحللون والهواة تقنيات الاستخبارات من المصادر المفتوحة بغرض توثيق غزو روسيا وفضح أكاذيب الدعاية التي تنشرها بطريقة غير معهودة

"يمكن لمستخدمي الإنترنت الذين يتمتعون بسعة الحيلة أن يجمعوا معلومات متوفرة علناً ولم تكن متوفرة حتى وقت قريب سوى للحكومات القومية" (غيتي)

خلافاً لمعظم الصراعات السابقة، تخضع حرب فلاديمير بوتين في أوكرانيا للمراقبة المباشرة عن كثب بفضل جيش من المحققين الإلكترونيين.

منذ أطلقت روسيا عملية الغزو من ثلاثة أسابيع، تدفقت مجموعات من الصور الفوتوغرافية والفيديوهات وصور الأقمار الصناعية ذات الدقة العالية من أوكرانيا، تُظهِرُ دبابات محترقة ومباني سكنية تعرضت للقصف وهجمات الصواريخ.

وتوثق هذه الصور عدم إحراز الروس أي تقدم، كما تبين الدمار وانقلاب حياة المدنيين رأساً على عقب.

من غرف نومهم، ومكاتبهم حول العالم، وجد أعضاء مجتمع الاستخبارات من المصادر المفتوحة هذه الوثائق، ودرسوها وحددوا مكانها الجغرافي وشاركوها مع جمهور أوسع.

ومع أن فوضى المعارك لم تهدأ بعد، تساعد هذه الأدلة العالم الأوسع على فهم صراع مستمر أكثر من أي وقت مضى.

منذ عقد واحد من الزمن فقط، كانت مجرد احتمالية البث المباشر للصراع المسلح تبدو بعيدة المنال. فما يراه الرأي العام من مشاهد الحرب يقتصر على ما تعرضه الشاشات خلال النشرات الإخبارية، ولكن مع صعود وسائل التواصل الاجتماعي، برز التحقيق الإلكتروني.

ويمكن لمستخدمي الإنترنت الذين يتمتعون بسعة الحيلة أن يجمعوا معلومات متوفرة علناً ولم تكن متوفرة حتى وقت قريب سوى للحكومات القومية وعناصر الاستخبارات.

يشرح بين ستريك، المحقق الإلكتروني الرئيس في مركز مرونة المعلومات، المنظمة الخيرية المكرسة لمكافحة التضليل المعلوماتي وكشف انتهاكات حقوق الإنسان، هذا التطور المذهل.

قبل بروز تقنيات الاستخبارات من المصادر المفتوحة بهذا الشكل، لم يتسنَّ للناس أن يعرفوا عن الحرب سوى عبر التقارير الميدانية من قنوات مثل "بي بي سي" أو "سي أن أن" ، كما يقول... "كانت تلك المعلومات الوحيدة التي يمكن للمرء الاطلاع عليها من ذلك المكان، تبث لنا جميعاً أثناء تناولنا العشاء".

وأضاف السيد ستريك لـ"اندبندنت"، "ما نراه الآن هو أمر مختلف جداً. أصبح الصحافيون عادة المصدر الثاني للمعلومات. أما المصدر الأول فهو مئات آلاف الأشخاص الذين يمتلكون هواتف نقالة ويعيشون في البلدات التي تتعرض للقصف، ويمر عبرها الجيش، ويقتل فيها الناس".

ويتابع: "إن هذا الفضاء المعلوماتي هائل لأنه يعطي القوة للمدنيين، لكي يصنعوا أخبارهم الخاصة. ولكي ينشروا ما يحدث في الكوكب - ليس من وجهة نظر المراسل الغربي فحسب، بل من وجهة نظرهم هم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحسّنت تقنيات المصادر المفتوحة خلال أهوال الحرب الأهلية السورية، حين توجب التأكد من صحة مزاعم ارتكاب نظام الأسد هجمات بالأسلحة الكيماوية وقصف خلفائه الروس للمدنيين.

ساهم إليوت هيغينز، الشخصية الرائدة في حركة تقنيات المصادر المفتوحة، بهذا النوع من الأعمال.

وقد أسس وكالة الاستخبارات المرموقة بيلينغ كات، التي توصلت، من بين جملة السوابق الصحافية، إلى أن روسيا مسؤولة عن إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية الرحلة 17 فوق أوكرانيا في عام 2014. تنفي موسكو أي مسؤولية لها عن وفاة 298 شخص على متن الرحلة.

يتأمل الرجل البالغ من العمر 43 عاماً في التقدم الذي حصل في حقل المصادر المفتوحة خلال فترة زمنية قصيرة. وهو يعتقد أن أهم تغيير هو تقبل الصحافيين وغيرهم من الأمناء على المعلومات لعمله. ويقول، "أكبر تغيير يمكن في أن هذه المواد تعتبر مفيدة وثمينة الآن".

على الرغم من معرفته بقوة هذا المجتمع الإلكتروني، صدم السيد هيغينز بسرعة استجابته لغزو روسيا لأوكرانيا.

ويقول: "تُفاجئني السرعة التي حدثت فيها الأمور في ما يتعلق بأوكرانيا. انخرط عدد كبير من الأشخاص".

أكبر قوة لتقنيات الاستخبارات من المصادر المفتوحة هي قدرتها على محاربة الروايات الكاذبة، ومنها زعم الكرملين بأن الحرب تسير بشكل جيد وأنها لا تستهدف المواقع المدنية بلا تمييز.

ويقول هيغينز: "أثبت كذب هذه المزاعم فور نشرها تقريباً. لا يمر ما يكفي من الوقت لكي تتكرس في بيئة المعلومات. من الصعب جداً على روسيا أن تبني تبريرها".

ويضيف: "كما يمكننا أن نعرف من خلال الدلائل بأن روسيا تتكبد خسائر هائلة".

إلى جانب عنصر الفورية، يمكن أن يلعب البحث من خلال المصادر المفتوحة دوراً مهماً في المستقبل: يعتقد مناصروه بأنه يمكن استخدام الدلائل التي يجمعها الآن لمساءلة المتسببين بالحرب.

يؤيد جيفري لويس، الأستاذ في معهد ميدلبوري للدراسات الدولية، هذا الرأي. ويشير إلى أن "القيمة الفعلية لتكنولوجيا المصادر المفتوحة هو تحميل الأشخاص النافذين مسؤولية أفعالهم".

بصفته خبيراً في تقنيات استخبارات المصادر المفتوحة، فهو مؤهل لتفسير هذا الاختلاف بين هذه الحرب وغيرها من الحروب... "لم يتسنَّ لنا أبداً أن نتصفح دمار الحرب قبلاً. أن يأخذ المرء هاتفه ويتمكن فوراً من الاطلاع على صور وفيديوهات بدقة عالية من نزاع يدور في الوقت ذاته، هذا سيناريو مختلف كلياً".

ويضيف، "هذا تغيير كامل لبيئة المعلومات، وهو يحدد شكل استجابة القادة السياسيين. أعتقد أن هذا هو سبب خسارة بوتين لحرب المعلومات".

صعد نجم العديد من هواة المصادر المفتوحة خلال الأسابيع الأولى للصراع في أوكرانيا.

أحدهم هو جاستين بيدن، طالب في جامعة ألاباما الذي يبلغ من العمر 20 عاماً، ويغرد باستخدام لقب إنتل كراب.

لطالما اهتم الشاب الذي يتخصص في إدارة الرعاية الطبية بالحرب، لأن زوج أمه خدم في الجيش الأميركي.

حين ضمت روسيا شبه جزيرة القرم إليها في عام 2014، فتح حساب "تويتر" لمتابعة الأشخاص الذين يسكنون في مناطق دونباس التي يطاولها القتال الدائر بين أوكرانيا والانفصاليين المدعومين من روسيا.

نتيجة لذلك، كان للسيد بيدن الذي تضاعف عدد من يتابعهم على تويتر إلى 250 ألف شخص تقريباً، مساراً سريعاً يمكنه من النفاذ إلى مصادر واسعة حين اندلعت الحرب الروسية.

ويقول لـ"اندبندنت": "بسبب تلك القائمة الكبيرة من الناس التي جمعتها، غالباً ما أجد بحوزتي كماً هائلاً من المعلومات. وهذا شيء يعطي شعوراً بالقوة أحياناً".

يعي السيد بيدن قوة الشفافية التي توفرها تقنيات استخبارات المصادر المفتوحة تماماً كما يعي مخاطرها.

ويقول إن التحديد الجغرافي لمواقع بعض الصور من منطقة حرب نشطة قد يعرض المدنيين الأوكرانيين للخطر من خلال نشر عناوينهم.

يشعر السيد ستريك هو الآخر بقلق كبير من هذا الاحتمال.

ويقول إنه مع تدفق ممارسي تقنيات الاستخبارات الإلكترونية من المصادر المفتوحة، أصبح المدنيون معرضين لخطر أكبر. يمكن أن تؤدي الأخطاء إلى "اعتقال أحدهم أو مقتلهم".

ويضيف السيد بيدن أنه لم يعلم بهذه المشكلة سوى منذ وقت قريب.

"لا يمكنني مشاركة بعد المعلومات من وجهة نظر أمنية، هذا أمر لم يخطر لي منذ شهر".

على الرغم من هذا المجال من القلق، من الواضح أن العالم يمكنه اكتساب الكثير من تقنيات الاستخبارات من المصادر المفتوحة.

طالما حرب السيد بوتين مستمرة، سوف يواصل المواطنون المتفانون بتكذيب البروباغندا وتسجيل انتهاكات حقوق الإنسان.

© The Independent

المزيد من متابعات