Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مرور 60 عاما على صدور أول ألبوم لـ بوب ديلان

بالكاد حقق الألبوم الذي أطلق عليه الفنان اسمه أي مبيعات، لكنه عمل يحمل بذور عبقريته. يتحدث مارك بومونت إلى فرانك ترنر وليا ميتكالف وكامبل باوم وهوارد ساونز الذي كتب سيرة ديلان الذاتية، حول ما يعنيه الألبوم بالنسبة لهم

"حتى ذلك الحين، لم يحظ بوب ديلان أبداً بهذا الكم من التقدير" (رويترز)

في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1961، دخل شاب يبلغ من العمر 20 سنة نضج قبل أوانه، إلى استوديو كولومبيا إي في مدينة نيويورك، آتياً من ولاية مينيسوتا وحاملاً معه غيتاراً عادياً وحفنة من المال حصل عليها من إحدى شركات التسجيلات الكبرى. على مدار ثلاث جلسات قصيرة، قام بتسجيل 17 أغنية خام وغير منقحة - معظمها أغنيات لفنانين آخرين سمعها في نوادي موسيقى الفولك والمقاهي في قرية غرينتش، أو من الاستماع إلى تسجيلات الأصدقاء - ولم يلتزم كثيراً بآداب أو عمليات التسجيل، كان يبتعد عن الميكروفون، ويصدر طقطقات عند نطق بعض الأحرف، وغالباً ما يرفض إعادة التسجيل مرة أخرى لأنه "لا يستطيع رؤية نفسه يغني الأغنية ذاتها مرتين على التوالي. إنه أمر فظيع". بعد العمل ليومين فقط ودفع حوالى 400 دولار لتكاليف الاستوديو، خرج وبيده أول ألبوم مؤقت مليء بأغنيات لفنانين آخرين، سيقدر له أن يبقى على رفوف الأشرطة الموسيقية.

إنها حكاية قديمة قدم صناعة الموسيقى نفسها. لكن هذا الشاب العشريني السابق لأوانه كان بوب ديلان، وقد وقع للتو عقداً مدته خمس سنوات مع المنتج الفني جون أتش هاموند من شركة كولومبيا للتسجيلات، لكنه لا يزال يفتقر إلى الثقة في تأليف العديد من الأغاني الخاصة به. وسيثبت الألبوم الأول الذي اختار الفنان أن يعنونه باسمه Bob Dylan - وهو أول تسجيل احترافي له صدر قبل 60 عاماً - أنه تمهيد تاريخي، وإن كان مشؤوماً، لمجموعة رائعة من الأعمال، من ألبوم "بوب ديلان فريويلين" Bob Dylan Freewheelin الصادر عام 1963 إلى "جون ويزلي هاردينغ"  John Wesley Harding الصادر عام 1967 الذي سيعيد اختراع موسيقى الفولك، ويجمعها مع موسيقى الروك أند رول ويغير مسار الموسيقى الشعبية إلى الأبد.

حتى ذلك الحين، لم يحظ بوب ديلان أبداً بهذا الكم من التقدير، نظراً إلى أن الألبوم تضمن أغنيتين أصليتين له هما ("توكين نيو يورك" Talkin" New York و"سونغ تو وودي"  Song to Woody) إلى جانب العدد الكبير من الأعمال لفنانين آخرين من أغاني الفولك والبلوز التقليدية - أبرزها "هاوس أوف ذا رايزين صن" House of the Risin" بتوزيع مقتبس من مغني الفولك من نيويورك ديف فان رونك. عندما قال جوني بوريل عضو فرقة "ريزرلايت" لموسيقى الروك ساخراً "إن ديلان سيتناول البطاطا المقلية، وأنا أشرب الشمبانيا"، كان يقارن بين هذا العمل وأول ألبوم لفرقته. لكن في السنوات الأخيرة، تعرفت الأجيال الجديدة من محبي موسيقى الفولك ومعجبي ديلان الناشئين على الألبوم، بينما يدرك الخبراء أهميته كقاعدة انطلقت منها واحدة من أعظم القفزات الإبداعية على الإطلاق. هنا، تناقش مجموعة من الموسيقيين والخبراء المعاصرين ما يعنيه لهم ألبوم "بوب ديلان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فرانك ترنر، عازف روك وموسيقى فولك، أعاد صياغة أغنية "سونغ تو وودي" وقدمها بعنوان "سونغ تو بوب" في حفل حي وتسجيل استوديو.

"إنه التسجيل الذي سبق عثور ديلان على نمطه المثالي، والذي استمر لحوالي سبعة ألبومات من الأعمال التي لا تشوبها شائبة. يمكنك سماع بدايات ما كان يحاول القيام به في هذا التسجيل. الكثير من الأغنيات هي بالأساس أعمال فولك تقليدية، وهو يوظف أصوات الآخرين تقريباً. إنه يبحث في قائمة من الأصوات كي يعثر على صوته الخاص. كان تسجيله بسرعة وبتكلفة زهيدة تصرفاً سيئاً للغاية. في تلك المرحلة، كان لا يزال يعرف باسم "غبي هاموند". كان جون هاموند قد وقع عقداً معه، ومع أريثا فرانكلين وكل هؤلاء الأشخاص الآخرين. لقد أنفق الكثير من المال لتوقيع عقد مع ديلان لكن هذا الألبوم الأول لم يحقق أي نجاح".

"بالنسبة لي، أفضل أغنية في الألبوم هي "سونغ تو وودي"، وهي الأغنية الوحيدة في هذا التسجيل التي أعتقد أنها بنفس جودة أي عمل آخر قدمه في ألبومي "أناذر سايد" Another side  أو "ذا تايمز ذي آر أي تشينجين" The Times They are a-Changing . الأغنيات الأخرى في الألبوم تظهر قدرته كمغني فولك. تفرد ديلان كان حقيقة أنه عبقري تماماً. أنت تسمع كل تلك القصص عن الفترة التي كان فيها في مينيسوتا، عندما قام بسرقة نسخة من مجموعة سميثسونيان لموسيقى الفولك من أحد جيرانه، حيث اقتحم المنزل فعلياً وسرقها. لقد كان طالب [موسيقى فولك]... كان هذا تقريباً الوقت الذي كان سيذهب فيه لرؤية وودي غوثري في مستشفى في بيثيسدا عندما لم يقم أي شخص آخر بذلك. كان وودي غوثري منسياً إلى حد كبير وكان يحتضر في مستشفى قريب جداً من نيويورك، فكوّن بوب ديلان علاقة صداقة مع زوجته ثم معه. لم يكن هناك عدد كبير من الناس الذين يفعلون ذلك، لقد كان الشخص الوحيد الذي يزوره، ومن هنا استوحى أغنية "سونغ تو وودي"".

"واصل كتابة مواد أصلية إلى حد كبير، وبقدر ما كان هذا الألبوم متأثراً بموسيقى الفولك، لكنه كان المخطوطة الأولية. إنه يريك المكان الذي انطلق منه، وإلى أين كان يتجه، وهذا ما أدركناه في وقت متأخر. أعتقد أنه وثيقة مهمة حقاً. إنه أشبه بأطروحة دكتوراه كتبها قبل المضي في تأليف كتابه الأول. من المهم أن الألبوم يوضح أن المكان الذي كان يود الوصول إليه كان قائماً على الأساس الصحيح. لقد مضى في تغيير موسيقى الفولك. لقد مضى في تغيير نوع تقليدي، وهو عمل مجنون ولم يتم يُفعل إلا مرة واحدة. إنه مثل رسومات طفولة بيكاسو. كان قادراً على الرسم والتصوير بطريقة واقعية، ما يعني أن مغامراته في التكعيبية أكثر منطقية لأنه قادر على رسم كل شيء. والأمر مماثل بالنسبة لألبوم ديلان، فهو يؤسس مكانته كمغني فولك جيد قبل أن يقوم بإحداث ثورة كاملة في موسيقى الفولك. إنها خطوة أولى مهمة في تطوره كفنان.

"كانت أغنية "سونغ تو وودي" مهمة جداً بالنسبة لي في حياتي. أديتها في حفل أقامته "بي بي سي" قبل سنوات عدة وكانت على قائمة الأغنيات التي أقدمها بين الحين والآخر. لقد غيرت كلماتها لأنه يذكر سوني وسيسكو [كان سوني تيري عازف موسيقى بلوز كفيفاً، وسيسكو هيوستن مغنياً وكاتب أغنيات فولك، وتعاون كلاهما مع غوثري] وكل ما يتبع ذلك. وإذا كانت موسيقى الفولك، على الأقل جزئياً، هي شعلة يتم تناقلها، فقد اعتقدت أنني كي أقدم الأغنية بشكل فعال، سيكون من الرائع تغيير كلمات الموضوع الذي يتناوله في الأغنية إلى نسخة تناسب جيلي.

"من الأمور التي أجدها مذهلة في ديلان، هو كم كان مكتملاً عندما اقتحم المشهد الغنائي. لم يبد الأمر وكأنه يكتب الأغاني بنفسه، بل كان يعثر عليها في صندوق مخبأ في العلية أو ينقب عنها في حفرة في الأرض أو كشيء تركته حضارة سابقة. لقد كانت مكتملة تماماً بالنسبة لشخص ما كان صغيراً في السن إلى هذا الحد. لم يكن هذا الألبوم على نفس الدرجة من الكمال [و] نظراً لكونه غير مثالي، فإنه يجعلنا قادرين أكثر على استيعاب الألبومات اللاحقة الخالية من العيوب إلى حد ما. إنه أمر إنساني ومريح تماماً. إنه عمل بلمسة إنسانية، بعض أغنياته متأرجحة ومخفقة، لكن معظمها أغنيات فولك جيدة جداً".

ليا ميتكالف، مغنية مع فرقة "ذا مسترينز" لموسيقى الروك البديلة في ليفربول، ومتعصبة لـ ديلان منذ فترة طويلة، ورسمت بنفسها وشماً لـ ديلان على معصمها.

"قمت برسم [الوشم] بنفسي عندما كنت ثملة. أعتبر ديلان مثل مركز بالنسبة لي، مركز انطلاق كل شيء في رحلتي الإبداعية. بدأت الاستماع إليه في سن مبكرة، لا بد أنني كنت في الثانية عشرة من عمري، لذلك كان له تأثير كبير حقاً على حياتي. كما أن عمي من أكبر المعجبين به وعرفني على بوب ديلان عندما كنت طفلة. أول ألبوم قدمه لي كان "لايك أي رولينغ ستون" Like a Rolling Stone" وبعد ذلك سمعت ألبوم "فري ويلين"... وبمجرد أن اجتزت الاختبار وبدأت في تعلم أغانيه والغناء مثل ديلان، أعطاني عمي بعد ذلك بقية التسجيلات وكان من بينها ألبومه الأول. ما زلت أحتفظ به حتى الآن.

"برأيي كان عملاً رائعاً لـ ديلان. أجد الإشارة إليه على أنه ألبوم موسيقى فولك أمراً مثيراً للاهتمام حقاً، لأنني أعتقد أنه أقرب إلى موسيقى البلوز - أصنفه بطريقة غريبة في نفس الفئة مع أعمال سكيب جيمس الأولى ومادي ووترز. إنه أداء رائع للأغنيات. كان أداؤه في الألبوم طبيعياً جداً وغير معدل، وبالنسبة لي فإن أداءه الصوتي في هذا التسجيل الأول هو أحد أفضل ما قدم. إنه شديد الرداءة بطريقة غريبة. في ذلك الوقت، كان غناؤه يعتبر ثقيلاً جداً، طريقة غنائه كانت عنيفة جداً في بعض المقاطع. ومن الواضح أن أداء أغنية "هاوس أوف ذا رايزين صن" هو أحد أفضل المرات التي سُجلت بها الأغنية على الإطلاق.

"أعتقد أن توم ويتس هو الذي قال إن بوب ديلان كوكب يجب استكشافه وما زلت أستكشفه حتى الآن. لقد تعلمت الكثير عن نفسي من خلال الاستماع إلى ديلان أثناء نشأتي وما زلت أتعلم. أعتقد أنه يجب تدريس ذلك في نظام التعليم".

كامبل باوم، عازف باص في فرقة "سوري" لموسيقى الروك التجريبية في لندن، ومؤسس مشارك لشركة "را را روك ريكورد" للتسجيلات الموسيقية وصاحب فكرة مجموعة "برودسايد هاكس" المهتمة بموسيقى الفولك الجديدة، التي تؤدي وتسجل أغنيات فولك على طريقتها الخاصة التي تشبه إلى حد بعيد ما كان يقدمه بوب ديلان. العام الماضي صدرت مجموعتها الأولى "سونغز ويذاوت رايترز" Songs Without Authors ، والتي قدمت جيمس يوركستون، كيتي جيه بيرسون، جونيور براذر، ونعيمة بوك التي كانت عضوا سابقا في فرقة "غوت غيرل" وآخرين.

"أثناء إغلاق كورونا، عندما بدأت فكرة "برودسايد هاكس" بأكملها، كان من المثير للاهتمام بالنسبة لي معرفة أن كاتب أغنيات معروفاً بكتابة أغنياته الخاصة قد شق طريقه في البداية من خلال أداء كل تلك الأغاني القديمة. بالتأكيد هناك تأثير لحقيقة أن [ديلان] وبول سيمون أتيا إلى إنجلترا وبدآ العزف في نوادي موسيقى الفولك تلك وعزف الموسيقى التقليدية، لأن الإغلاق أتاح الفرصة لرؤية الأشياء من زاوية مختلفة، بالنسبة لي، مثلي مثل الكثير من الموسيقيين الذين كانوا مشغولين دائماً في الجولات والحفلات الموسيقية. الموسيقى التقليدية هي نوع كنت أستمع إليه، لكنها لم تكن شيئاً حاولت عزفه أو أداءه. لكنني قلت لنفسي إنها إذا كانت قاعدة كافية بالنسبة لهما للتأسيس لشيء ما، لا بد أنها تحتوي على جانب يستحق الاستكشاف.

"هذا التسجيل الجديد الذي أصدرناه أخيراً [نسختنا الخاصة من أغنية الفولك التقليدية "باربري آلن" Barbry Allen] ، سجلناها فعلياً في يوم واحد. لقد سجلنا كل شيء خلال بضع محاولات، والسبب في ذلك يعود جزئياً إلى أنه اليوم الوحيد الذي كان فيه الجميع متوافرين. أردنا الحفاظ على الطاقة والروح الموجودتين في الأغنية. لم أكن أرغب في إضافة الكثير من التحسينات عليها، لم أقم بإعادة توزيع اللحن حقاً. قرأت مرة شيئاً عن ديلان مفاده أنه رفض أن يعيد التسجيل أكثر من مرة أو مرتين في معظم ألبومه الأول هذا. ما يميز ألبوم [بوب ديلان] أنه يرسم سياقاً لبقية الأعمال التي قدمها لاحقاً. إنه لمحة عما كان يفعله في ذلك الوقت بالذات وربما لم يكن مدركاً له بالكامل. إنه أشبه بعملية بحث عن صوته وتقمص كل الأصوات التي أثرت فيه، كل الأسماء التي يعتبرها قدوة له".

هاورد ساونز مؤلف كتاب "على طول الطريق السريع: حياة بوب ديلان" Down the Highway: The Life of Bob Dylan

"إنه ليس ألبوماً رائعاً. كان أول تسجيل رائع قدمه بوب ديلان هو "بوب ديلان فريويلين"... الألبوم الأول في الغالب عبارة عن تركيبة من الأعمال التي استعارها وغناها بصوته وقلدها، باستثناء أغنية "سونغ تو وودي"، وهي العمل الرائع الوحيد فيه. إنه يشبه إلى حد ما فيلم ويس أندرسون الأول "مفرقعات" Bottle Rocket ، إنه أول فيلم صنعه مخرج رائع ولكنه ليس فيلماً رائعاً. يشبه الألبوم بوب ديلان، إنك تسمع صوته المميز بغُنّته، وهو مليء بالطاقة وعبارة عن فكرة رومانسية عن أميركا، لكنه مثل تسجيل اختبار أداء، إنه عمل من إنجاز طالب".

"إنه أحد تلك الألبومات الغريبة التي أصدرها، إنه يمثل مرحلة كان يحاول فيها الوقوف على قدميه. الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أنه في نفس أسبوع صدور الألبوم كتب أغنية "بلوينغ إن ذا ويند" Blowing in The Wind التي تعد واحدة من أعظم الأغاني في الستينيات، إنها مهمة من الناحية التاريخية، لقد غيرت مسيرة بوب ديلان المهنية تماماً، لقد غيرت كتابة الأغاني. الفارق بين ألبوم "بوب ديلان" و"فريويلين"... دراماتيكي للغاية. إنه ينتقل من عمل ليس مثيراً للإعجاب حقاً ولكنه لافت نوعاً ما إلى عمل رائع. يعود هذا لامتلاكه الثقة في كتابة أغانيه الخاصة. في عام 1962، اجتمعت كل المقومات بالنسبة له بشكل فجائي".

© The Independent

المزيد من منوعات