Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عملية بئر السبع تضع قضية "فلسطينيي 48" في النقب أولوية إسرائيلية

الأجهزة الأمنية مربكة وتخشى عودة انتفاضة السكاكين

اليهود الأرثوذكس يحضرون جنازة الحاخام موشيه كرافيتزكي الذي كان من بين أربعة أشخاص قُتلوا في هجوم بئر السبع (أ ب)

على مدار شهرين من انشغالها في دراسة السيناريوهات المتوقعة خلال الشهر المقبل مع تزامن مرور سنة على عملية "السور الحامي" والصلاة في الأقصى خلال شهر رمضان والسماح للمستوطنين للصلاة هناك، لم تتوقع الأجهزة الأمنية وقوع عملية بئر السبع، التي أدت إلى مقتل أربعة إسرائيليين، من قبل مواطن من "فلسطينيي 48" من منطقة النقب في الجنوب، وهي المنطقة التي ترفض إسرائيل منذ إقامتها عام 48، الاعتراف بـ 38 قرية فيها، ما يعني عدم توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الضرورية للحياة اليومية للسكان والعيش بخيام وحتى هذه تعرضت للهدم من قبل إسرائيل.

عملية بئر السبع، التي نفذها ابن بلدة حورة، في الجنوب، محمد غالب أبو القيعان، أدخلت المؤسسة الإسرائيلية في حالة إرباك لما شكلته العملية من مفاجأة لم يتوقعها أحد، وبغض النظر عما نُشر من علاقة لمنفذ العملية مع تنظيم "داعش" وتبرئة عائلته من أعماله، إلاّ أن توقيت تنفيذها من قبل مواطن من سكان النقب، في الوقت الذي بحثت فيه إسرائيل إقامة مستوطنات عدة في النقب على أراضي سكان المدينة، جعل القضية تتجاوز المسألة الأمنية وانضمام منفذها لـ "داعش".

توقعات بانتفاضة السكاكين

محمد أبو القيعان (34 سنة)، متزوج وأب لخمسة أطفال وهو مدرس في إحدى المدارس الثانوية في النقب، سبق وقضى أربع سنوات في السجن بتهمة علاقته بتنظيم "داعش". في عملية بئر السبع، قام بقتل أربعة إسرائيليين ثلاثة منهم (امرأتان ورجل) قتلوا طعناً بالسكين في وقت قتل الرابع دهساً، وأصيبت امرأتان بجروح ما بين متوسطة وخطيرة، ولدى مرور عابر سبيل يحمل مسدساً أطلق النيران على أبو القيعان وأرداه قتيلاً وهو يحاول قتل إسرائيلي آخر.

وقبل أن تحقق الأجهزة الأمنية في الحادث وخلفيته، اقتحمت قوات معززة من الشرطة بلدة حورة، وحاصرت بيت أبو القيعان كما اعتقلت العشرات من شبان البلدة للتحقيق معهم، وفي وقت تعرض جهاز الأمن العام لانتقادات واسعة لعدم قدرته على الحصول على تفاصيل عن هذه العملية وعن التخطيط لها من قبل عضو في تنظيم "داعش"، أصدر "الشاباك" بياناً يقول فيه "إنه جمع معلومات استخبارية عن المواطنين العرب في النقب، بما في ذلك أهالي القرى غير المعترف فيها ورصد ارتفاعاً في تورط البدو في حوادث إرهابية".

حال تأهب قصوى

في هذا الوقت، أجرى رئيس الحكومة نفتالي بينيت اجتماعاً طارئاً بمشاركة وزيري الأمن، بيني غانتس والأمن الداخلي، عومير بارليف والمفتش العام للشرطة الإسرائيلية لتقييم الوضع في وقت رفع جهاز الأمن حالة التأهب إلى أقصى درجاتها، خشية التصعيد الأمني قبيل شهر رمضان وذكرى مرور سنة على عملية "حامي الأسوار"، التي تخللتها اضطرابات داخل بلدات فلسطينيي 48 عموماً، والمدن المختلطة بشكل خاص، وبحسب وزير الأمن الداخلي بارليف، "هذه عملية طعن وحشية وقاسية لن نهدأ إلى أن نقضي على الإرهاب القومي المتطرف".

برميل بارود يجب منع تفجيره

ما بين رفع حال التأهب في النقب ومختلف البلدات العربية والمختلطة، على وجه الخصوص، وبين استمرار التحقيق بين سكان بلدة حورة، خشية أن تكون العملية نفذت بتنسيق مع آخرين من البلدة، تعالت أصوات جهات إسرائيلية تدعو إلى وضع خطة شاملة وفورية تجاه النقب بمضمونها تضاعف قمع هذه الشريحة الفلسطينية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالنسبة لمقترحي هذه الخطة، وهم من اليمين الإسرائيلي يعتبرون "المناخ الذي أتاح تنفيذ العملية، وإن تم قتل منفذها، فما زال حياً يُرزق، وإذا لم نبدأ الآن بالعمل لتغيير هذا المناخ، فسنعود بالضبط إلى ذات الكلمات المبتذلة للسياسيين في العملية التالية".

ماذا تقصد هذه الجهات بالمناخ الذي ما زال حياً يُرزق؟

كتب بعضهم يقول، "عندما يدور الحديث عن "مخربين" فلسطينيين، لا توجد سياسة كافية، لا توجد سلة أدوات واضحة وفورية يفترض أن تخرج إلى حيز التنفيذ بعد كل عملية. لو كانت، فإن كل نذل كان سيعرف بأنه في ذلك المساء الذي مس فيه بنا، فإن بيت عائلته لن يبقى على حاله، عائلته ستطرد، وإذا ما بقي هو بالخطأ على قيد الحياة، فإنه سيقضي بقية حياته في حبس انعزالي. لكن، بدلاً من ذلك، ما يوجد لنا هو التماسات إلى المحكمة العليا لا تنتهي حتى بعد سنتين، وفي المقابل لا يتم إلا إغلاق غرفة واحدة في البيت في وقت يعيش منفذو العملية في سجن يضمن لهم مختلف الظروف الاعتيادية والاحتياجات اليومية وأكثر من هذا أنهم يتلقون من السلطة الفلسطينية راتباً شهرياً".

في جانب آخر من مطالب هذه الجهات جاء، "علمنا خلال عملية، حارس الأسوار، جيداً أن العنف المعربد لدى فلسطينيي 48 ليس مشكلتهم فقط حقاً. كميات السلاح الهائلة التي توجد في الشارع العربي والاستخدام السهل لها هو برميل بارود متفجر يضمنا جميعنا، في روش بينا وفي تل أبيب أيضاً، لا حاجة لأن يحصل الكثير كي توجه هذه القدرات المفزعة نحو كل مواطني إسرائيل. عندما تتجاهل الحكومات هذه النباتات المتوحشة في النقب، فهي، عملياً، لا تقاتل بيد من حديد التهريب بالجملة للمخدرات من سيناء، تعدد الزوجات بأعداد وحشية، إدخال غير قانوني للنساء الفلسطينيات إلى إسرائيل، محطات وقود غير قانونية، آلاف المباني غير القانونية في الشتات البدوي، فإنها تسمح بوجود "مخرب" مؤيد لداعش، يقتل مواطنين في بئر السبع. في المكان الذي لا يوجد فيه قانون أو قضاء كاف، تكفي نسبة صغيرة جداً لها ميول وحشية كي تحصل مثل هذه الأفعال"، وفق تعبير ما كتبه البعض وهذه الجهات من اليمين الإسرائيلي والمستوطنين.

وصفة لعاصفة كاملة

في مقابل هذه الأصوات اليمينية المتطرفة كتبت صحيفة "هآرتس" تحت عنوان "توقيت خطير" تحذر فيها من اشتعال خطير إذا لم تتخذ الأجهزة الأمنية والمؤسسة السياسية خطوات استباقية، وكتبت الصحيفة تقول، "منذ سنوات لم ينجح منفذ عملية بشكل فردي في تنفيذ عملية قتل كهذه بوسائل بسيطة مثل سكين وسيارة. حيث توجد في الخلفية بداية شهر رمضان القريب وتحذيرات استخبارية وحكومة يتم تحديها من قبل اليمين بشكل دائم، كما يبدو، توجد هنا وصفة لعاصفة كاملة ستؤدي إلى تصعيد أمني جديد في المناطق وفي داخل الخط الأخضر".

الأجهزة الأمنية، في هذه الأثناء، تواصل أبحاثها في كيفية منع تفاعلات تؤدي إلى تصعيد أمني في الضفة وغزة وفي بلدات فلسطينيي 48 والمدن المختلطة خصيصاً، كل الاستنتاجات الأمنية والاستخبارية تؤكد أن الوضع يتطلب خطوات تمنع مثل هذا التصعيد، خصوصاً في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة والتحذيرات التي تطلقها إسرائيل تجاه "حزب الله" في لبنان وإيران في سوريا.

إسرائيل، من جهتها، تعتبر أن قرار زيادة تصاريح العمال في غزة للدخول إلى إسرائيل لتصل إلى 20 ألفاً خطوة في الطريق لمنع أي تصعيد، لكن في مقابل هذا، فالخطوات التي تُتخذ لبناء مستوطنات في النقب والقدس، من جهة، والتصريحات التي تتحدث عن حق اليهود في الصلاة والسماح للمسيرات الدينية إلى الحرم القدسي الشريف للصلاة، كل هذا يضع الضفة، غزة وبلدات فلسطينيي 48 كمن يجلس على برميل من بارود لمجرد خطوة استفزازية صغيرة من الممكن تفجير الوضع وإشعال هذه المناطق.

المزيد من الشرق الأوسط