Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا قال سيرغي لافروف للسفراء العرب؟

وزير الخارجية الروسي أوضح أنه من غير الوارد وقف إطلاق النار مع الجانب الأوكراني قبل تحقيق العملية العسكرية أهدافها المعلنة

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)

أراد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن يؤكد تصميم موسكو على تحقيق أهدافها المعلنة في أوكرانيا أمام السفراء العرب الذين التقاهم الجمعة 18 مارس (آذار) وإزالة أي التباس حول نية القيادة الروسية القيام بأي مساومة على تلك الأهداف، بموازاة إبداء الأسف لبعض المواقف العربية التي صدرت بإدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا. 

كما شاء رئيس الدبلوماسية الروسية طمأنة السفراء العرب حول قدرة بلاده على مواجهة العقوبات التي فرضتها عليها دول الغرب.

تراكمات الأزمة منذ 2014 والتدخل الأميركي

يقول أحد السفراء العرب، إن لافروف بدأ اجتماعه معهم بشرح خلفيات الخلاف مع القيادة الأوكرانية منذ اندلاع الأزمة مع كييف، متهماً إياها بأنها بدأت منذ عام 2014 (الثورة على الرئيس السابق الحليف لموسكو) الاتجاه نحو الأميركيين والتحالف معهم، وأخذت تستعد لخطوات في مواجهة روسيا. وعدّد ما سبق للمسؤولين الروس أن كرروه في جردة تشرح الخطوات الأوكرانية التي يعتبرونها معادية لموسكو: قاموا بـ11 مناورة عسكرية مشتركة أميركية أوكرانية، واستحدثوا مراكز تنصت واستطلاع تستهدف الروس في دونيتسك ولوغانسك وعلى الحدود.

وأوضح لافروف، أن الأميركيين والأوكرانيين جهزوا خلال تلك السنوات 60 ألف عسكري بهدف الهجوم على مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك اللتين أعلنتهما روسيا جمهوريتين مستقلتين في مطلع فبراير (شباط) 2022 واعترف باستقلالهما الرئيس فلاديمير بوتين، أي قبل أيام من اندلاع الحرب ودخول القوات الروسية إلى أوكرانيا، بحجة ضرب تمرد أجزاء منهما، على أن يجري الهجوم على شبه جزيرة القرم لاحقاً، والتي كانت ضمتها روسيا إلى السيادة الروسية عام 2014.

"سكين" في الخاصرة ولا ضمانة من الناتو

كان لافروف واضحاً في أنه من غير الوارد وقف إطلاق النار مع الجانب الأوكراني قبل تحقيق العملية العسكرية أهدافها المعلنة التي تتلخص في ضمان حياد أوكرانيا، ونزع أسلحة جيشها الثقيلة ليقتصر على جيش محدود العدد، وأن يعترف الحكم فيها بضم القرم إلى روسيا، والاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.

كما شدد على أن موسكو لن تقبل بأن تكون أوكرانيا "سكيناً في خاصرة روسيا"، وبالتالي يستحيل أن تتوقف العملية العسكرية وهي "ليست احتلالاً"، بل هي عملية خاصة هدفها اقتلاع "النازية الجديدة" في أوكرانيا، وسيحصل الانسحاب بعد انتهائها. 

وأوضح لافروف أن دول الغرب لم تعطِ ضمانة بألا تدخل أوكرانيا في حلف الناتو، حين سعت موسكو إلى الحصول على إعلان في هذا الشأن. (على الرغم من أن إعلان قادته أنه لا يمكن قبول طلب عضوية كييف، وقول الرئيس الأوكراني، إنه لم يعد يهتم لعضوية الحلف). 

وكرر القول، إن قرار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليس بيده، بل بيد الأميركيين الذين يوجهون المفاوضات التي تجري بين الجانبين. وهذا سبب تعثر المفاوضات مع الجانب الأوكراني حول التوصل إلى اتفاق سياسي يحقق أهداف العملية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

استغراب موقف بعض أوروبا 

يعرب لافروف عن استغرابه للموقف الأوروبي، لا سيما الألماني، والإيطالي والفرنسي، إزاء الأزمة التي نشأت مع أوكرانيا، لأنها انحازت إلى الموقف الأميركي، في وقت مصالحها يفترض أن تكون مغايرة. وأشار إلى أن بلاده لم تكن تأمل من الدول المجاورة لأوكرانيا مثل "بولندا، ورومانيا، ومولدافيا" أن تأخذ موقفاً مغايراً لأنها التحقت بالموقف الغربي.

ونفى لافروف أن تكون موسكو عملت من أجل عرقلة الاتفاق على النووي في فيينا، لكن "كل ما نسعى إليه هو ألا تتأثر شركاتنا العاملة مع إيران بالعقوبات، فإذا كانت هناك ضمانات بذلك فلن تكون لدينا أي مشكلة".

ارتياح لموقف الجامعة العربية وأسف

وحين سأله السفراء عن العقوبات الغربية والأميركية على موسكو، أوضح أنه على الرغم من تأثيرها السلبي على روسيا، "فإننا قادرون على مواجهتها، لكنها سترتد على الأوروبيين..سلباً". لكنه تحسر وأسف لبعض المواقف العربية على الرغم من وصفه بيان الجامعة العربية بأنه "جيد" (دعا البيان إلى الحل الدبلوماسي والحوار، وأبدى القلق من التطورات الميدانية). وغمز لافروف من قناة الموقف اللبناني فأشار إلى أن بعض الدول أصدرت بياناً كان مفاجئاً لنا للأسف، لأننا لم نكن نتوقعه. ولفت إلى أننا حين نجلس مع بعض ممثلي الدول العربية يكون الحديث إيجابياً، لكن بعضهم اضطر إلى التصويت ضدنا في الجمعية العمومية للأمم المتحدة (بإدانة روسيا)، لكننا ندرك أن هناك ضغوطاً من الأميركيين والأوروبيين أدت إلى ذلك.

إلا أن لافروف شكر دولة الإمارات العربية المتحدة على موقفها الحياد في مجلس الأمن (صوتت بالامتناع على مشروع القرار الهادف إلى إدانة روسيا).

أثر العقوبات والموقف الصيني

وفي سياق الاستفسار عن أثر العقوبات المالية على المصارف الروسية عبر منعها من استخدام نظام "سويفت"، سأل بعض السفراء عن مصير أموال سفاراتهم في هذه المصارف، فنصح لافروف بنقلها إلى البنوك التي لم تُدرج على لائحة العقوبات، وطمأن إلى أن هذه الأموال ستكون بمنأى عن العراقيل التي فرضتها العقوبات على حركة الأموال.

كما أبدى الوزير الروسي ارتياحه إلى الموقف الصيني. ولفت إلى أن بكين تعارض توسع الناتو على حدود روسيا وتعتبر العقوبات ضدها إفرادية وليست شرعية، وترى أنه من غير الجائز حشر دولة عظمى تملك سلاحاً، بإجراءات عقابية من هذا النوع.

الصواريخ الذكية رداً على "المحللين"

وبصرف النظر عما قاله لافروف للسفراء العرب، يسود اعتقاد لدى بعض الدبلوماسيين والمقيمين في موسكو أن التشدد من قبل القيادة الروسية مرده إلى قرار باستكمال العملية العسكرية مهما كانت الظروف. وانطباع هؤلاء أنه على الرغم من تكرار الرئيس الأوكراني حديثه عن ضرورة الاجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، فإن الأخير لن يلتقيه، وسيترك التفاوض بين الدولتين على مستوى اللجان الوزارية والعسكرية. 

وفي وقت تؤكد المصادر الغربية أن المقاومة الأوكرانية أعاقت تقدم الجيش الروسي في اتجاه عدد من المدن، لا سيما كييف، فإن الدوائر الإعلامية والدبلوماسية الروسية تتحدث عن تقصد الجيش الروسي التأخر في دخول المدن والاكتفاء بمحاصرتها في مرحلة أولى كي يخرج منها المدنيون من أجل تجنب ارتفاع نسبة الضحايا في صفوفهم، ثم اقتحامها والسيطرة عليها لاحقاً. ويقول هؤلاء، إن الجيش الروسي استخدم الصواريخ الدقيقة والذكية ومنها صاروخ "كينجال" الأسرع من الصوت، لتدمير مستودعات ومواقع للجيش الأوكراني رداً على كثرة ظهور المحللين العسكريين الذين تحدثوا في الأسبوعين الماضيين عن مقاومة الجيش الأوكراني وقدراته القتالية، وبطء تقدم الجيش الروسي.

كتيبة "آزوف" والنازيون الجدد 

وفي المقابل ينقل المتصلون بالدوائر الروسية عن المحللين والدبلوماسيين الروس، أن الجيش الروسي لم يسيطر على إقليم دونيتسك بكامله فيما سيطر على لوغانسك بنسبة 90 في المئة، ويسيطر على مدينة ماريوبول تمهيداً لدخول الجزء الذي تتحصن فيه كتيبة "آزوف" التي يصفها الروس بـ"النازيين الجدد". 

وهي وحدة عسكرية بدأت كميليشيات ودمجت في الجيش الأوكراني، وتتهمها موسكو باضطهاد الأوكرانيين من أصل روسي في المدينة وفي مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك وبإشاعة الكراهية ضد الروس من منطلق قومي يميني، وبارتكاب المجازر ضدهم، عند استعادة ماريوبول من الانفصاليين الروس عام 2014. 

ويشير هؤلاء إلى أن  المعارك تجري مع كتيبة "آزوف" في ماريوبول ودونيتسك، وأن الجيش الروسي يتجه إلى عدم التعامل مع عناصرها على أنهم أسرى حرب في حال القبض عليهم، بل سيتعرضون لإجراءات الحكم العسكري بالإعدام.

كما أن موسكو لن توقف عمليتها العسكرية قبل السيطرة على كافة المنافذ الأوكرانية على البحر الأسود لعزلها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير