Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قمم بايدن في بروكسل تختبر تحالفات الحقبة الجديدة

يقول مراقبون إن زيارته إلى أوروبا فرصة حاسمة لإعادة تأكيد القيادة الأميركية على المسرح العالمي

يقوم الرئيس الأميركي بجولة أوروبية واسعة تبدأ من بروكسل (أ ف ب)

في زيارة تأتي على وقع صراع يهدد العالم الغربي، يجتمع الرئيس الأميركي جو بايدن مع زعماء العالم في بروكسل ببلجيكا لعقد قمم طارئة، في إطار الرد على الحرب التي تزداد سخونة شرق أوروبا، وبحث كيفية وقف الهجوم الروسي على أوكرانيا، والتعامل مع الأوضاع المتفاقمة وسط اتهامات لموسكو بعدم الجدّية في المفاوضات.

ويقوم الرئيس الأميركي بجولة أوروبية واسعة تبدأ من بروكسل حيث عقد قمة مع زعماء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الخميس 24 مارس (آذار)، ويشارك في قمة أخرى استثنائية لقادة مجموعة السبع، واجتماعاً ثنائياً مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، ويلقي كلمة في قمة المجلس الأوروبي، قبل أن يختتم يومه بمؤتمر صحافي. وبعد محطته الأولى من رحلته في بروكسل، سيسافر بايدن إلى وارسو، بولندا.

عقوبات جديدة

وبذل حلفاء الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي جهوداً جديدة خلال القمم الطارئة، التي تهدف إلى معاقبة روسيا على حربها ضد أوكرانيا من خلال فرض عقوبات جديدة، وكذلك بحث مساعدة اللاجئين الأوكرانيين. فبحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية، قالت السفيرة الأميركية لدى "الناتو" جولي سميث، الأربعاء، إن قادة الحلف سيتفقون على نشر أربع مجموعات قتالية إضافية في المجر ورومانيا وبلغاريا وسلوفاكيا. ومن المتوقع أن يوافق قادة "الناتو" على تعزيز موقف الحلف، بما في ذلك عن طريق زيادة قواته في الجزء الشرقي وتكثيف الدفاعات الإلكترونية وتوسيع نطاق تدريبات الحلفاء.

وأعلن البيت الأبيض في بيان، الخميس، أن دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي ستفرض عقوبات على أي صفقة تشمل احتياطي الذهب الروسي، لتجنّب أن تلتف موسكو بذلك على إجراءات العزلة المالية التي اتخذها الغربيون ضدها. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أكد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن دول مجموعة السبع التي تعقد قمة استثنائية، الخميس، في بروكسل، "متفقة" على أن "المنظمات الدولية والهيئات المتعددة الأطراف يجب ألّا تواصل أنشطتها في روسيا كما وكأن شيئاً لم يحصل".

واستهدفت قائمة العقوبات المالية الجديدة على روسيا عالم السياسة ورجال أعمال نافذين وصناعة الدفاع. وجاء في بيان البيت الأبيض أن هذه الإجراءات التي تشمل بشكل خاص تجميد أصول في الولايات المتحدة، تشمل 328 نائباً في الدوما وكذلك مجلس النواب الروسي نفسه، و48 من "الشركات العامة الكبرى" في قطاع الدفاع.

صواريخ مضادة للسفن

وتأتي القمم الثلاث - مع حلف "الناتو" ومجموعة السبع والاتحاد الأوروبي - وسط تزايد القلق بين القادة الغربيين من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد يلجأ إلى أسلحة غير تقليدية في محاولة لاستعادة قواه، وسط تقارير في الإعلام الغربي عن نجاحات أوكرانية في صد الهجمات الروسية، وتقارير أخرى عن مشكلات لوجستية. وخلال قمة "الناتو"، أكد الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ أن "أي استخدام للأسلحة الكيماوية سيغيّر بشكل أساسي طبيعة الصراع". ومع ذلك، فإنه أشار إلى أنه "لن يتكهن" بشأن الكيفية التي قد يردّ بها "الناتو" إذا انجرفت العوامل الكيماوية، التي تحملها الرياح من أوكرانيا إلى أراضي الحلف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي لقاء بالفيديو كونفرنس مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، انتقد الحلفاء لفشلهم في توفير طائرات مقاتلة، يمكن أن تستخدمها كييف للدفاع ضد الهجمات الجوية. وقال موجهاً حديثه إلى قادة الحلف "يمكنكم أن تمنحونا 1 في المئة من مجموع طائراتكم. واحد في المئة من دباباتكم. واحد في المئة!". غير أن البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" أشارا إلى أن هذا النوع من الدعم لن يكون فاعلاً، ويمكن لروسيا أن تستخدمه كذريعة لجرّ الولايات المتحدة إلى صراع مباشر أوسع.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤول رفيع في واشنطن قوله إنه عقب تصريحات زيلينسكي، انخرط أعضاء "الناتو" في محادثات بشأن إمكانية توفير أنظمة صواريخ مضادة للسفن لأوكرانيا، لكن الأمر قد يستغرق بعض الوقت.

إعادة تأكيد القيادة الأميركية

ويقول مراقبون أميركيون إن القمم الثلاث فرصة حاسمة لبايدن لإعادة تأكيد قيادة الولايات المتحدة على المسرح العالمي، وسط حرب تثير قلقاً متزايداً بين حلفاء "الناتو"، شرق أوروبا. كما أنها ستكون اختباراً لما يمكن أن تحققه التحالفات العالمية، التي ضعفت في الأعوام الأخيرة، في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية وما بعد الحرب الباردة، وذلك من خلال الجهود والإجراءات الجديدة التي ستُتخذ للردّ على موسكو.

ويقول الكاتب الأميركي ستيفن كولينز إن القمم الثلاث سوف تشكل ما هو قادم بالنسبة إلى الغرب. ويشير إلى أن حرب بوتين على أوكرانيا أيقظت القوى الغربية التي ابتعدت عن بعضها في الأعوام الأخيرة الماضية، فأخرجت حكومات مثل ألمانيا من حال الرضا عن النفس التي تعيشها منذ الحرب الباردة، وأثبتت أن الولايات المتحدة لا تزال جادة بشأن التحالف عبر الأطلسي. فالغرب وروسيا يخوضان حالياً الصراع الأخير في الحرب الباردة أو الأول في عصر جديد من المواجهة، إذ إن "الأنظمة الاستبدادية" مثل موسكو وبكين تشكّل جبهة معادية واسعة ضد الديمقراطية على النمط الغربي.

لا مفر من ردع بوتين

وفي تعليقات صحافية الأربعاء، حذّر جوناتان فزيفيوف، الأمين العام لخارجية إستونيا، من أن انتصار بوتين أو خروجه ببعض المكاسب، سيدفعانه إلى تكرار ما فعله في أوكرانيا مع دول أخرى، لذا "فإنه بحاجة إلى الهزيمة الكاملة". وفي مقابلة تلفزيونية سابقة مع كريستيان أمانبور، مراسلة "سي إن إن"، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل: "يجب أن نتأكد من هزيمة بوتين... هذه مسألة أمن من أجل مستقبل أوروبا ومستقبل العالم".

ويرى كولينز أن الحاجة الملحّة لهزيمة بوتين تجعل زيارة رئيس الولايات المتحدة، التي لا تزال الضامن النهائي للأمن الأوروبي بعد ما يقرب من مضي 80 عاماً على الحرب العالمية الثانية، بالغة الأهمية، وربما نقطة محورية في التاريخ. ففي هذه الحقبة الجديدة، سيحاول الغرب مرة أخرى ردع روسيا واحتواءها، في الوقت الذي يسعى إلى دعم أوكرانيا في مسيرتها من أجل الديمقراطية والاستقلال مع تجنّب الصدام المباشر مع موسكو، الذي قد يتحوّل إلى صراع نووي.

ويبدو أن هذا هو التحدي الاستراتيجي الأكبر الذي يواجه الغرب على الأقل طالما ظل بوتين في السلطة، فضلاً عن أن ليس هناك ما يضمن أن روسيا ما بعد بوتين، ستكون أكثر تعاطفاً مع الغرب، خصوصاً إذا تسببت العقوبات في مزيد من الضرر لنخبة السلطة والروس.

ويقارن البعض مهمة بايدن بعدد من الرحلات الرئاسية التي تزامنت مع نقاط تحوّل خلال الحرب الباردة. ومن بين تلك الأحداث، الاجتماع الأول للرئيس رونالد ريغان مع آخر زعيم سوفياتي ميخائيل غورباتشوف في فيينا في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1985، الذي بدأ سلسلة من الأحداث التي أنهت الحرب الباردة في نهاية المطاف. وكانت هناك رحلات رئاسية حاسمة عدة إلى أوروبا طوال المواجهة بين السوفيات والغرب. لكن ربما الأكثر مضاهاة هي زيارة الرئيس جون كينيدي إلى العاصمة النمساوية فيينا عام 1961 للقاء الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف، التي عجّلت أزمة الصواريخ الكوبية في العام التالي.

مفاوضات صعبة بشأن الغاز

أكد المسؤولون الأميركيون والأوروبيون أنهم سيتطرقون إلى كيفية تقليل اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية. وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، الثلاثاء الماضي، إن الأمر سيكون "موضوع نقاش جوهري" بين بايدن وقادة آخرين خلال قمّتَي مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، ويمثل "أولوية رئيسة" بالنسبة إليهم. وأضاف أن القادة وضعوا "خريطة طريق عملية" لإنهاء الاعتماد الأوروبي على النفط والغاز الطبيعي الروسيين،  مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تتطلع إلى زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال لأوروبا على المدى القصير، من دون أن يوضح تفاصيل الخطة.

ويقول كولينز إن مهمة بايدن تمثل أفضل فرصة له حتى الآن لدمج وحدة الهدف غير المتوقعة في التحالف، التي يراهن عليها بوتين بوضوح، إذ يعرف بايدن ونظراؤه الأوروبيون أن بوتين سيكون في حالة تأهب حول ما يجب فعله بعد ذلك. ومع ذلك، فإن المفاوضات بين الحلفاء بشأن تشديد العقوبات ضد روسيا ليست سهلة، لا سيما في ما يتعلق بتخلّي قوى الاتحاد الأوروبي عن مصادر الطاقة الروسية التي تحافظ على تدفق الأموال الغربية لروسيا.

المزيد من تقارير