Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حيوان عاش قبل 42 مليون سنة يسلط الضوء على تطور القطط

يندرج ضمن مجموعة الثدييات الأولى التي اكتفت في غذائها باللحوم

القطط تطورت من حيوان شرس ذي أسنان سيفية جاب أميركا  الشمالية قبل 42 مليون عام ("متحف سان دييغو للتاريخ الطبيعي")

تبين أن القطط تطورت من حيوان شرس من "الضواري" ذي أسنان سيفية جاب أميركا الشمالية قبل 42 مليون عام، بحسب ما وجد بحث صدرت نتائجه أخيراً.

كان ذلك الحيوان الذي يعثر عليه للمرة الأولى ضمن الحيوانات الثديية الأولى التي اكتفت في غذائها باللحوم. بلغ حجم الحيوان المفترس ضعف حجم قطة منزلية عادية، وكان قادراً على الإطاحة بحيوانات وحيد القرن والجمال والتابيرات tapirs [أو السناديات]، والخنازير والخيول.

ولكن "اليوم ليس أمراً نادراً أن تتمتع [حيوانات] بالقدرة على أكل اللحوم من دون غيرها، وهو نظام غذائي يسمى أيضاً الإفراط في تناول اللحوم"، على ما قال الباحث الرئيس في الدراسة الدكتور أشلي بوست من "متحف سان دييغو للتاريخ الطبيعي" في الولايات المتحدة. "إنها حال النمور [إذ تتغذى على اللحوم وحسب]، والدببة القطبية كذلك. إذا كنت تملك قطة أليفة، فأنت ربما تبقي في منزلك حيواناً نوع "هايبركارنيفور" hypercarnivore، [بمعنى أن اللحوم تشكل 70 في المئة من الطعام الذي يقتات عليه]، وفق الدكتور بوست. "ولكن قبل 42 مليون سنة مضت، كانت الثدييات من الحيوانات تسعى إلى البقاء على قيد الحياة معتمدة على اللحوم وحدها"، كما أضاف الدكتور بوست. "شكل ظهور أسنان [لدى الثدييات] الغرض منها تقطيع اللحوم تطوراً كبيراً، ونجد هذه الخاصية في هذا النموذج [الحيوان] الموصوف حديثاً"، أوضح الدكتور بوست.

عثر العلماء على الفك السفلي لهذا الحيوان المفترس وعلى أسنانه التي ما زالت بحال جيدة في موقع حفري في سان دييغو جنوب كاليفورنيا، غرب جبال "روكي".

في حجمه ماثل الحيوان الذي امتلك قوة جعلت منه قاتلاً مفترساً "الوشق الأحمر" المعاصر، الذي يعيش اليوم في مختلف أنحاء الولايات المتحدة. إنه أحد أسلاف "السمايلودون" Smilodon، القط الأكثر شهرة في فصيلة "السنور ذي الأسنان السيفية" sabre-toothed cat، الذي اندثر منذ 10 آلاف سنة مضت. ربما كان الحيوان المكتشف حديثاً أول من طور نابين طويلين متقوسين يبرزان من الفم حتى عندما يكون مغلقاً.

أطلق على الحيوان الجديد اسم "دياغولوروس فانفلكانبيرغي" diegoaelurus vanvalkenburghae، وينتمي إلى مجموعة غامضة تسمى "ماتشيرودينز"machaeroidines . والحيوان المنقرض تماماً الآن كان على صلة قرابة ولو بعيدة بالحيوانات آكلة اللحوم الموجودة اليوم.

تطرق إلى الاكتشاف أيضاً الباحث المشارك في الدراسة الدكتور شون زاك من جامعة أريزونا، فقال إن "معرفتنا عن المجموعة الحيوانية (ماتشيرودينز) محدودة، لذا فإن كل كشف جديد يوسع إلى حد كبير صورتنا عنها".

في الحقيقة، "تنطوي هذه الحفرية الكاملة إلى حد ما والسليمة على فائدة خاصة، لأننا بفضل الأسنان نستدل على النظام الغذائي، ونبدأ بفهم أوجه ارتباط الحيوانات ضمن مجموعة الـ (ماتشيرودينز) ببعضها"، وفق الدكتور زاك. كذلك تفتح الحفرية نافذة على حال كوكب الأرض خلال الفترة "الأيوسينية" (الفجرية) Eocene، التي شهدت ظهور أقدم الحيوانات المعروفة من الثدييات الموجودة اليوم.

ويلقي "دياغولوروس" أيضاً ضوءاً جديداً على سلوك "السنوريات" أو "القططيات"felines   الأولى من الحيوانات التي جابت الأرض. امتلك الحيوان ذقناً عظمياً متجهاً إلى الأسفل لحماية أسنانه العلوية الطويلة القاطعة كالسيف، وهذه السمة التكيفية جعلت منه نوعاً جديداً بارعاً جداً من الحيوانات الصائدة.

في هذا الصدد، أوضح الدكتور بوست أن "الثدييات لم تحظ قبل ذلك الوقت بسمة من ذلك القبيل"، وأن "عدداً قليلاً من أسلاف حيوانات الثدييات كانت لديه أنياب طويلة". "ولكن عبر (دياغولوروس) وأقاربه القلائل من الحيوانات يتميز الأسلوب الأول لأشباه القطط المتصل بنظام غذائي يشتمل على اللحوم وحسب، بوجود أسنان سيفية في واجهة الفم، وأسنان للتقطيع أشبه بالمقص تسمى قواطع تمزيق في الخلف"، قال الدكتور بوست.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الواقع، إنها "توليفة فاعلة طورتها مجموعات حيوانية عدة بشكل مستقل في ملايين السنين منذ ذلك الحين"، على ما جاء في كلمات الدكتور بوست. شبه العلماء "دياغولوروس" بـ "تجربة تطورية"، ومحاولة بدائية في أسلوب حياة قائم على غذاء يشتمل في معظمه على اللحوم تتبعه القطط اليوم.

والحال أن معرفتنا حول مجموعة "ماتشيرودينز" ضئيلة، إذ يتوفر عدد قليل فقط من العينات الحفرية من ولاية وايومنغ الأميركية وآسيا. ولكن وفق الدكتور زاك "يبين هذا الاكتشاف الحفري أن تلك المجموعة من الحيوانات كانت أكثر تنوعاً مما كنا نظن."

"كنا نعلم أصلاً بوجود شكل كبير يسمى (أباتيلوروس) apataelurus، عاش في شرق ولاية يوتا الأميركية"، قال الدكتور زاك. "والآن صرنا نعرف في شأن هذا الشكل الأصغر في حجمه، وقد عاش في الفترة الزمنية نفسها تقريباً"، قال الدكتور زاك، مضيفاً أن "هذا الحيوان يبرز احتمال وجود حيوانات أخرى لم نعثر عليها بعد".

أصبح "السمايلودون" الحيوان المفترس العلوي في العصر الجليدي، بوزن بلغ طناً تقريباً وطول تعدى 10 أقدام (3.048 متر). ومع أنه يسمى عموماً "النمر ذو الأسنان السيفية"، غير أنه ليس على قرابة وثيقة بالنمور أو القطط المعاصرة.

وقال الدكتور بوست إن "(دياغولوروس) على الرغم من كونه يعود إلى زمن قديم، يعتبر الأحدث بين الحيوانات المفترسة من نوع (ماتشيرودينز)". هكذا يكون "دياغولوروس"، كما قال الدكتور زاك، قد عاش "في نطاق زمني قريب من الوقت الذي وصلت فيه الحيوانات التالية الشبيهة بالقطط، القطط النيمرافيدية أو القطط الزائفة ذات الأسنان السيفية، إلى أميركا الشمالية".

يتساءل الدكتور زاك، "هل حدث أن التقت هذه المجموعات أو حتى تنافست على الظفر بالمكان والفريسة؟ لا نعرف حتى الآن، ولكن سان دييغو تثبت أنها مكان مهم للغاية لتطور الحيوانات الآكلة للحوم".

استخرجت الحفرية من مقبرة ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ عثر عليها في ثمانينيات القرن الـ 20 صبي من أبناء المنطقة كان يبلغ من العمر 12 عاماً، ومنذ ذلك الحين أصبح "موقع جيف ديسكوفري" Jeff’s Discovery Site موقعاً مهماً ضمن مجموعة أكبر من الصخور تسمى "تكوين سانتياغو"  Santiago Formationالجيولوجي. وعثر على حفريات لنظام أيكولوجي كامل من الماضي الاستوائي الضارب في القدم،

علاوة على أن "سان دييغو تمركزت في الجنوب بسبب حركات الصفائح التكتونية، وكانت الفترة "الأيوسينية" عالماً أكثر رطوبة ودفئاً"، بحسب ما أوضح الدكتور بوست. "تكشف لنا الحفريات التي عثر عليها في تكوين سانتياغو الجيولوجي عن كاليفورنيا مكسوة بالغابات ورطبة [تكثر فيها مصادر المياه] حيث كانت ترعى تحت الأشجار حيوانات صغيرة من وحيد القرن وتابيرات أولى وأورودونتس عاشبة غريبة تشبه الأغنام، بينما تعلقت حيوانات غير مألوفة من الرئيسيات والجرابيات (أو الشقبانيات) بأعلى الشجرة"، على ما أضاف الدكتور بوست.

وخلص الدكتور بوست إلى أن "الغنى بأنواع الفرائس الذي اتسمت به المنطقة كان بالنسبة إلى (دياغولوروس) بمثابة مائدة تفيض بأطباق متنوعة، مما أتاح له أن يعيش كحيوان متخصص بالصيد قبل معظم الحيوانات الثديية الأخرى".

يبقى أن العلماء أعادوا تركيب "دياغولوروس" الموصوف في المجلة العلمية PeerJ، بشكل ثلاثي الأبعاد، وفي المستطاع مشاهدته مجاناً على موقع المتحف.

 

وكالة "أس دبليو أن أس"

المزيد من علوم