Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب يشيد بأداء بوتين وشعار "أميركا أولا" تحت مجهر الحرب

منذ مطلع حملته الرئاسية الأولى زعزع دونالد ترمب وبقوة شديدة ركائز السياسة الخارجية التي ينتهجها الحزب الجمهوري

يعتبر الاجتياح الروسي المنفلت العقال لأوكرانيا اختباراً جاداً لترمب وشعاره "أميركا أولاً" (أ ب)

منذ مطلع حملته الرئاسية الأولى، زعزع دونالد ترمب وبقوة شديدة ركائز السياسة الخارجية التي ينتهجها الحزب الجمهوري، والتي حددت مساره منذ الحرب العالمية الثانية. شكّك ترمب ببطولة جون ماكين عندما تم أسره خلال حرب فيتنام، وشرع الاستبداد بأقواله التافهة، ووضع علامة استفهام حول جدوى تحالفات عسكرية وأمنية قائمة منذ زمن بعيد، وتبنى نظرة انعزالية عن العالم. أما الأفظع بالنسبة إلى العديد من قادة الحزب الجمهوري آنذاك فكان الصدى الذي لاقته أقواله بين الناخبين الذين كانوا يعتقدون إلى حد ما أن الثنائية الحزبية التي تصبغ الحياة السياسية في أميركا قد أبرمت صفقات تجارية تضر بالعمال الأميركيين وتورطت إلى حد خطير في ما يسمى "الحروب الأبدية".

غير أن الاجتياح الروسي المنفلت العقال لأوكرانيا يعتبر اختباراً جاداً لترمب وشعاره "أميركا أولاً"، في الوقت الذي يتطلع فيه إلى خوض انتخابات رئاسية أخرى ويستغل الانتخابات النصفية لهذا العام للاستمرار بليّ ذراع الحزب الجمهوري كما يحلو له. يمدح ترمب وحيداً، وباستمرار، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وينعته بـ"العبقري"، وقد كرر قوله هذا الأسبوع الماضي في خطاباته أمام المانحين والنشطاء المحافظين. أما نائب الرئيس مايك بنس فقد خالفه الرأي في الموضوع يوم الجمعة الماضي.

في غضون ذلك، وبفضل الشراكات بين المؤسسات متعددة الجنسيات، التي نسفها ترمب مراراً وتكراراً، تمكنت دول الغرب من رصّ الصفوف سريعاً لتعطيل الاقتصاد الروسي من خلال فرض عقوبات منسقة عليها. وتجدر الإشارة إلى أن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي وصفه ترمب ذات مرة بـ"البالي"، يستخدم قوته لردع العدوان الروسي.

يقول المراقبون، إن الحرب إنما هي تذكير جديد بأن الولايات المتحدة لا تستطيع، وبكل بساطة، تجاهل مشاكل العالم، حتى وإن كان التجاهل طريقة جذابة سياسياً لاستقطاب الناخبين الذين يواجهون صراعاتهم اليومية.

وقال ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية والدبلوماسي الأسبق: "إنه نداء صريح للصحوة لكلا الطرفين، يؤكد لهما أن الولايات المتحدة الأميركية لا يمكنها تقليص دورها أكثر على الساحة الدولية فحسب، بل على العكس، سيترتب عليها بذل المزيد من الجهود الملموسة".

وفي حين صرح بأن العديد من أعضاء الحزبين أبدوا رغبتهم بالاهتمام بشؤون الداخل، إلا أنه شرح أن الوضع الراهن يطرح "مشكلة خاصة"، سواء بالجمهوريين، أو بأنصار شعار "أميركا أولاً" الذين حاولوا سابقاً تصوير الرئيس الروسي على أنه قد يكون محقاً.

وأضاف: "إنني أعترف بأن أساس شعار (أميركا أولاً) ما كان إلا ليكون مضللاً في عالم يمكن أن يؤثر فيه حكماً أي حدث في أي مكان على مطلق شخص".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حتى الآن، من غير الواضح ما إذا كانت وحدة الدول الغربية التي اتخذت موقفاً ضد روسيا ستستمر إذا تصاعدت الحرب أو توسعت إلى أبعد من حدود أوكرانيا أو استمرت إلى أجل غير مسمى. وبعد عقدين من إخفاقات فادحة في السياسة الخارجية الأميركية، بدءاً من حرب العراق، وصولاً إلى الانسحاب الفاشل من أفغانستان، يترقب العديد من الأميركيين هذه اللحظة بحذر.

وعشية الغزو الروسي، قال 26 في المئة فقط من الأميركيين إنهم يؤيدون اضطلاع الولايات المتحدة الأميركية بدور أساسي في الصراع، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته وكالة "أسوشييتد برس" ومركز "نورك" لأبحاث الشؤون العامة.

لكن التحديات التي تواجه نهج ترمب على الساحة الدولية واضحة.

وتخلت السويد وفنلندا عن حيادهما الذي دام فترة طويلة وتحمستا لفكرة الانضمام إلى "الناتو"، في خطوة توسعية ضمن الحلف نالت نصيبها من انتقادات ترمب المستمرة هذا الأسبوع. أما ألمانيا، وهي الدولة التي أمضى ترمب سنوات في محاولة ترهيبها كي لا تنفق المزيد على دفاعها، فقد غيرت السياسة التي لطالما اعتمدتها بعد الحرب العالمية الثانية من خلال إرسال أسلحة مضادة للدبابات وصواريخ أرض - جو إلى أوكرانيا، وتعهدت زيادة ميزانيتها الدفاعية بشكل كبير.

ويصر ترمب وحلفاؤه على أن روسيا ما كانت لتغزو أوكرانيا لو كان هو لا يزال رئيساً. ولما كانت لتعتدي على دولة أخرى في عهده، وهو أمر يرجعه مساعدوه السابقون وغيرهم إلى سلوكه غريب الأطوار وتهديداته المباشرة التي تركت قادة العالم في ريبة حيال كيفية رده على الاستفزاز.

وأعاد روجر زاخيم، مدير مؤسسة ومعهد رونالد ريغان الرئاسي في واشنطن، الفضل إلى ترمب لردعه بوتين، الذي أكد حاجة الحلفاء إلى زيادة الاستثمار في أمنهم ودفاعهم.

فقال، "أعتقد أن الرئيس ترمب، على الأقل في ما يتعلق بأوكرانيا، كان قادراً على ردع فلاديمير بوتين، نتيجة استحالة توقع رد فعله، وهو الأمر المطلوب لردع رئيس مستبد مثل فلاديمير بوتين". ومع ذلك، قال إن "تصرفات بوتين كانت "عدوانية ووقحة للغاية وغير أخلاقية" لدرجة أنها لم تفرق بين مناهج السياسة الخارجية المختلفة.

غير أن اندلاع الحرب جدد التركيز على الدور المثير للجدل الذي لعبته أوكرانيا خلال عهد ترمب، لا سيما الطريقة التي استخدم بها الرئيس آنذاك الدفاع عن الدولة المتعثرة كأداة للمساومة لتحسين وضعه السياسي المحلي.

وتجدر الإشارة إلى أنه تمت مساءلة ترمب لأول مرة على خلفية محاولته الضغط على أوكرانيا للتحقيق ضد منافسه الديمقراطي جو بايدن عام 2020، ونجله هانتر بايدن. وتضمنت الجهود تعليق ما يقارب 400 مليون دولار من المساعدات الأمنية الأميركية لأوكرانيا وتحقيق زيارة المكتب البيضاوي التي كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد طلبها.

كما دفع ترمب أيضاً بمزاعم مشبوهة بأن أوكرانيا وليس روسيا هي التي تدخلت في انتخابات عام 2016، وانحازت مراراً إلى جانب بوتين ضد وكالات الاستخبارات الوطنية الخاصة به.

وفي هذا الإطار، قال المقدم المتقاعد في الجيش الأميركي والمخبر السابق في مجلس الأمن القومي ألكسندر فيندمان، الذي حذر من تكتيكات الضغط التي يمارسها ترمب، "لا شك أن بوتين هو العنصر المريب، لكن ترمب أسهم فيه بخطة خاصة به آنذاك، واستمر بذلك من خلال تقويض الأمن القومي، ولكن في نهاية المطاف، قوض الرئيس السياسة الخارجية للولايات المتحدة لأنه أضعف أوكرانيا".

وبما أن ترمب ينوي الاضطلاع بدور مهم في الانتخابات النصفية هذا العام، وربما الترشح للرئاسة مرة أخرى في عام 2024، لم يظهر اهتماماً كبيراً بمعايرة نهجه مع بوتين.

لقد تخلى وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، الذي كان يمهد الطريق لخوضه الرئاسي المحتمل، إلى حد كبير عن اللغة التي انتقد لاستخدامها قبل الغزو، عندما وصف بوتين بأنه "قادر جداً"، وقال إنه "يكن له احترام كبير". حتى تاكر كارلسون، مذيع "فوكس نيوز" الشهير الذي سئل علناً عن سبب عدم وقوفه إلى جانب روسيا بشأن أوكرانيا، حاول التراجع عن خطابه المؤيد لروسيا، قائلاً:" لقد فوجئنا بالأمر برمته".

كل هذه العوامل تركت ترمب معزولاً نسبياً، يدافع عن قراره وصف بوتين بأنه "عبقري"، وينتقد رد بايدن والقادة الغربيين الآخرين، حتى في الوقت الذي ندد فيه بالغزو ووصفه بأنه "مروع"، و"أمر محزن للغاية يحدث في العالم".

قال ترمب في برنامج "فوكس بيزنس"، هذا الأسبوع: "حلف الناتو لديه المال الآن، لكن الحلفاء لا يقومون بالمهمة التي ينبغي عليهم القيام بها، ويبدو الأمر كما لو أنهم يبقون على حياد".

وقد أدى هذا التصريح إلى شجب البعض في حزبه مواقفه. وفي خطاب ألقاه أمام الحزب الجمهوري دافع بنس بقوة عن حلف الناتو، ووجه اللوم لأولئك الذين دافعوا عن بوتين، لأنه يبحث أيضاً في خوض الانتخابات المقبلة بدوره.

وقال وفقاً لتصريحاته المعدة مسبقاً: "لا يوجد مكان في هذا الحزب للاعتذار عن أعمال بوتين، هناك مجال فقط لأبطال الحرية."

من جهته، قال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل لشبكة "فوكس نيوز": "يجب ألا يكون هناك لبس بشأن فلاديمير بوتين".

قال مكونيل أيضاً: "إنه قاتل، ولقد كان في حالة هياج، وهذا لن ينتهي بشكل جيد بالنسبة له".

وصرح كريس ستيروالت، الزميل البارز في معهد أميركان إنتربرايز الفكري ذي الميول اليمينية والمحرر المساهم في "ذا ديسباتش"، بأن الغزو الروسي لأوكرانيا يختلف اختلافاً جوهرياً عن الحربين في أفغانستان والعراق التي حولت قطاعات كبيرة من الشعب الأميركي ضد التدخل الأجنبي، والتي كان ترمب قادراً على استخدامها لصالحه السياسي.

وقال، "إن بوتين قد نقض الكثير مما فعله ترمب والقوميون في الولايات المتحدة لتغيير النظام العالمي".

المزيد من دوليات