Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل جاءت قرارات رفع الفائدة وخفض الجنيه المصري في الوقت المناسب؟

محللون يتوقعون تعزيز تنافسية سوق الدين وامتصاص السيولة وتراجع الأسعار

قال طارق عامر إن مصر قامت بضخ سيولة ضخمة في السوق خلال أزمة كورونا لتساعد المؤسسات على استمرار الإنتاج ودفع رواتب العاملين لديها (أ ب)

بعد ساعات من القرارات المفاجئة التي أعلنها البنك المركزي المصري، سواء في ما يتعلق برفع أسعار الفائدة، أو الاتجاه نحو سعر الصرف المرن، وخفض قيمة الجنيه بنسبة تتجاوز 16 في المئة، كشف محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر عن أن مصر استخدمت احتياطاتها النقدية خلال أزمة كورونا للحفاظ على استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار. وأوضح خلال مؤتمر صحافي، عقده بعد ساعات من تحريك أسعار الفائدة، أن مصر حافظت على مستويات سعر الصرف من الاحتياطات الدولية التي بنتها مصر بعد إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي طبقتها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2016. وأكد أن مصر تأتي من ضمن ثلاث دول عالمياً لم تشهد زيادة في أسعار النقد الأجنبي خلال فترة أزمة كورونا، مشيراً إلى أن مصر تخطّت تلك الأزمة بنجاح كبير وسط شهادة دولية للسياسة المصرية في مواجهة الأزمة.

وأشار عامر إلى أنه نظراً للاحتياطات الدولية، استطاعت مصر سداد كل التزاماتها في وقتها، مع توفير كل احتياجات السوق المصرية. ولمح عامر إلى أن مصر قامت بضخ سيولة ضخمة في السوق خلال أزمة كورونا لتساعد كل المؤسسات على استمرار الإنتاج ودفع رواتب العاملين لديها، معتبراً أن التضخم الذي تشهده البلاد حالياً من ارتفاع في الأسعار، هو مستورد من الخارج، وليس بسبب أي قرارات داخلية. ولفت إلى أن اتجاه بنكي "مصر" و"الأهلي" بطرح شهادات بفائدة تصل إلى 18 في المئة، بهدف مساعدة الأفراد على مواجهة زيادة الأسعار حالياً، مبيناً أن هناك نحو 30 مليون عميل في البنوك يدخرون أموالهم في شهادات استثمار.

واستعرض محافظ البنك المركزي المصري أسباب اتخاذ لجنة السياسة النقدية، بشكل استثنائي، قراراً برفع سعر الفائدة 100 نقطة أساس، بما يعادل نحو واحد في المئة، وهو ما تبعها انخفاض سعر صرف الجنيه أمام العملات، وبخاصة الدولار. وقال إن الهدف الأول يتمثل في الحفاظ على المقدرات المالية لمصر، والثاني في الحفاظ على استقرار سيولة النقد الأجنبي لتأمين احتياجات المجتمع في ظل الظروف الحالية. وشدد على أهمية توفير السيولة في السوق للحفاظ على الأسعار، مع اتساقها مع المتطلبات الدولية، مشيراً إلى أن سعر الصرف يعكس الأوضاع النقدية والاقتصادية في العالم ومصر. وأشار إلى أن التطورات العالمية منذ أزمة كورونا، وحتى الآن، "صعبة جداً".

قرارات متوقعة وآليات متاحة لدى البنك المركزي

وعلى الرغم من أن قرارات البنك المركزي كانت متوقعة إلى حد كبير، بخاصة في ظل استمرار معدلات التضخم في الارتفاع وتجاوزها مستهدفات البنك المركزي المصري عند مستوى 7 في المئة، يرى محللون أن هذه القرارات جاءت في الوقت المناسب، مشيرين إلى آخر تقرير لبنك "جي بي مورغان"، الذي أشار إلى أن الدولار الأميركي يجري تداوله بأقل من قيمته الحقيقية في مصر، وأن الأوضاع الحالية تتطلب خفض قيمة الجنيه المصري مقابل الورقة الأميركية الخضراء.

وللتأكيد على دراسة القرارات التي أعلنها البنك المركزي المصري، والتي تسببت في أن تهوى قيمة العملة المصرية من مستوى 15.64 جنيه للدولار إلى نحو 18.27 جنيه للدولار خلال ساعات، فقد تقرر تحديد سعر صرف الدولار الجمركي الخاص بالعمليات الاستيرادية عند مستوى 16 جنيهاً، تحسباً من زيادات مرتقبة في الأسعار مع استغلال المستوردين لتراجع قيمة العملة المصرية مقابل الدولار، لكن تحديد سعر صرف الدولار الجمركي سوف يعمل على تقليص موجات ارتفاعات الأسعار. وبالتوازي مع ذلك، فمن شأن تحريك أسعار الفائدة، امتصاص جزء كبير من السيولة المتاحة في السوق المصرية، والتي تعمل مع عوامل أخرى كلها خارجية، على ارتفاعات مُتتالية في أسعار السلع، وبرفع أسعار الفائدة بنحو واحد في المئة وقيام البنوك الحكومية بإصدار شهادات استثمار بعائد سنوي يبلغ 18 في المئة، من المتوقع أن تتراجع مستويات السيولة، بالتالي تتراجع الأسعار، وهو ما يعمل عليه البنك المركزي المصري خلال الفترة المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والتوقعات تشير إلى استمرار الدولار في الارتفاع مقابل الجنيه المصري، بالنظر إلى ما حدث عقب صدور قرار تعويم الجنيه المصري وتحرير سوق الصرف في نوفمبر من عام 2016، حيث ظل الدولار يواصل الارتفاع منذ نوفمبر 2016، وحتى شهر فبراير (شباط) من عام 2017، وبعد أن كان يجري تداول الدولار عند مستوى 8.88 جنيه قبل صدور قرار التعويم، فقد واصل الارتفاع ليصل إلى أعلى مستوى في تاريخه عند 19.60 جنيه في نهاية ديسمبر (كانون الأول) من عام التعويم.

في المقابل، فإن البنك المركزي المصري يعتمد في قراراته الخاصة بضبط سوق الصرف على عدد من الآليات، أبرزها ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي، وزيادة تحويلات المصريين العاملين في الخارج، إضافة إلى ارتفاع عائدات قناة السويس، وكلها توفر العملة الصعبة اللازمة لتغطية فاتورة الواردات، بالتالي يبقى البنك المركزي في موقف آمن وعلى استعداد للتدخل حال حدوث أي خلل غير محسوب في سوق الصرف.

كيف علقت الوكالات وبنوك الاستثمار على القرارات؟

في مذكرة بحثية حديثة، قالت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، إن قرارات البنك المركزي المصري برفع معدل الفائدة بنسبة 100 نقطة أساس والسماح بخفض قيمة العملة سوف يساعد على حماية احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، وأكدت أن "هذه القرارات ستؤدي إلى عودة التدفقات الأجنبية ورؤوس الأموال، والتي كانت قد تأثرت بالأوضاع التمويلية العالمية الخانقة الناتجة عن الحرب الروسية - الأوكرانية".

وفي السياق ذاته، أكدت مونيت دوس، محللة الاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بشركة "أتش سي"، أن القرار الاستثنائي للمركزي المصري برفع سعر الفائدة 100 نقطة أساس، مع انخفاض سعر الجنيه مقابل الدولار، يعكسان بشكل أفضل المتغيرات الاقتصادية الحالية. وقالت وفق بيان، إن تلك القرارات من شأنها احتواء التضخم ووقف عملية الدولرة، وجذب استثمارات أجنبية لسوق الدين المصري، وتعزيز المعروض من العملات الأجنبية، ما يؤثر إيجاباً على النشاط الاقتصادي، مقارنة بالكساد الذي قد يحدث بسبب نقص العملات الأجنبية.

سوق الأوراق المالية

أضافت، "نرى أن سوق الأوراق المالية تتفاعل بشكل إيجابي مع هذه الخطوة، إلا أن إتاحة شهادات الإيداع بعائد 18 في المئة قد تنافس فكرة الاستثمار في سوق المال المصري، ولكننا نتوقع حدوث تعافٍ في السوق، نظراً لتدني أسعار الأسهم في الوقت الحالي". وأشارت إلى أن "أتش سي" كانت تتوقع زيادة في معدل الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس على مدار عام 2022، لكن من المحتمل حالياً أنها قد تحدث بوتيرة أسرع من تلك التوقعات. وأوضحت أن شهادات الإيداع ذات العائد المرتفع تخدم أغراضاً مختلفة مثل احتواء الضغوط التضخمية جزئياً، ودعم الدخل المتاح للأسر في ضوء انخفاض قيمة العملة، ووقف عملية الدولرة. وتابعت، "نعتقد أن الجمع بين انخفاض قيمة الجنيه المصري وارتفاع سعر الفائدة سيؤدي إلى انتعاش التدفقات الاستثمار الأجنبي في أدوات الدين الحكومي في مصر، ما يساعد في توفير احتياجات التمويل الخارجي لمصر". وأكدت أن هذه القرارات سوف تجعل السوق المصرية أكثر قدرة على المنافسة في سوق التجارة المستفيدة من فوارق أسعار الفائدة مقارنة بتركيا باحتساب تقديرات "بلومبيرغ" للتضخم في تركيا لعام 2022 عند 44 في المئة وعائد سنداتها الأخيرة أجل عام عند 22 في المئة، وأوضحت أن سعر الصرف خلال الفترة المقبلة سيكون مدفوعاً بتدفق الاستثمار الأجنبي، وقد نرى تحسناً في سعر الصرف من المستوى الحالي.

اقرأ المزيد