Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأمهات في عيدهن يؤكدن ثقافة الحياة في مواجهة السلطة الأبوية

 نصوص قليلة تجرّأت على معالجة مفهوم الأمومة خارج الآراء السائدة

الأمومة في لوحة للرسام بول غيراغوسيان (متحف الفنان)

يلتبس مفهوم "الأمومة" في الثقافة والأدب داخل السياق الاجتماعي لهذا المفهوم، لا سيما أن مُساءلة صورة الأم من أعقد القضايا الثقافية التي قد تُثار على الملأ، وقد يؤدي الخوض فيها إلى الكثير من التحامل وسوء الفهم، خصوصاً إذا ارتبط الخوض بموضوع الكتابة. فالصورة النمطية للأمومة بوصفها أيقونة "العطاء والحب غير المشروط" تُستخدم في الثقافة السائدة للترويج لفخ جميل ومُغرٍ تقع فيه النساء بطواعية - بحسب العديد من النسويات - فيما يستمر معظم الأدباء والأديبات بالانحياز لهذه الصورة من غير مُساءلتها. فهي صورة على نبلها الإنساني تعتبر جزءاً من عملية استلابها وإخضاعها بكل رضا الحب الذي تكنه لأبنائها وبناتها. فالأم لا يوجد ما لا تفعله من أجل أولادها حتى لو اضطرها "هذا الشيء" للتضحية بحياتها، وليس فقط بذلها من أجلهم.

قد يبدو هذا الكلام فظاً وقاسياً أمام جمال "الأمومة" وقدسية الأمهات التي يستحققنها فعلاً، على الرغم من كل الريبة في نوايا هذا التبجيل. فالأمومة تابو لا يقل أهمية عن التابوهات الدينية أو الجنسية، بل وحتى السياسية، بل أكثرها خطورة، إذ لا تجرؤ – باعتقادي - من هن الأكثر نسوية "حتى" على المساس بقدسيتها الأكثر إشراقاً ورمزية في وعينا الجمعي المتوارث، إلا في ما ندر طبعاً. إذ تتشكل صورة "الأم" من العطاء والتفاني والتضحية والحب غير المشروط والنقاء والطهارة في الوعي الجمعي والثقافة السائدة، ومن ضمنها الأدب والفنون. ويُغري الوعي الجمعي هذا، "الأمهات" لتقمص هذه الصورة كي يصبحن أكثر مُلاءمةً. أيضاً تدفعهن الغريزة الفطرية والحب الذي لا يُضاهيه أي حب. وهذا شيء جميل.

تضحيات ومساومة

لا يراود أحد منا أي شك بهذا الحب حتى لو كان فخاً تقع فيه الأمهات وتتمادى بتضحياتها حد التنكر لذاتها والمساومة عليها. ستقول هكذا الأمهات في دواخلهن وفي العلن. ولن يترددن لحظة في التماهي مع الصورة الرائجة مهما بلغن من الاستقلالية والعلم والثقافة والتمرد النسوي. حتى وهن يعرفن كم أزهقت أرواح أو حيوات الكثير من الأمهات على مذبح "الأمومة" النبيل تحت عنف أسري جسدي وعاطفي ونفسي كظاهرة مستمرة عبر التاريخ، بل يعتبر تحملهن للعنف الأسري رمزاً للتضحية من أجل أبنائهن، وأمراً تستحق عليه الأمهات التبجيل. فتضحيات الأم جزء من غريزة الأمومة التي سبرت سيمون دوبوفوار أغوارها، لكنها تجرّأت على القول بعدم وجود شيء يدعى غريزة الأمومة، بل اعتبرتها شيئاً تربت عليه الأمهات داخل السياق الاجتماعي للثقافة الذكورية لتعزيز الإمساك بالنساء داخل أسوار هذه الثقافة. ومع أنني لا أوافقها الرأي، فهذه الغريزة موجودة بشكل واضح وصريح حتى لدى الحيوانات والطيور والأسماك ولا تني تظهر وجودها بما لا يقطع دابر أي شك بعدم وجودها، لكنني أوافقها الرأي بشأن تربية الإناث منذ نعومة أظفارهن على هذه الصورة داخل السياق الاجتماعي للثقافة الذكورية، إذ يجري ذلك جنباً إلى جنب مع تربيتهن ليكنّ زوجات صالحات "مطيعات"، وبخاصة أمهات مضحيات، بل يبالغن في تضحياتهن. يتربين على الطاعة من غير مُساءلة، سواء طاعة الأب - والأخ الأكبر - قبل الزواج، ومن ثم طاعة الزوج، ومن ثم طاعة الأبناء من الذكور (وربما أيضاً الإناث) الذين يتربون بدورهم/ن على صورة الأم ويتوقعون/ يتوقعن منها تمثل هذه الصورة في دورها كأم لهم/ن.

وحين يتقدم بها العمر كشيء فقد صلاحيته بعد أفول عصرها الذهبي في التضحية والعطاء، قد تجد نفسها تركن جانباً عند حافة الامتنان أو الفخر بنجاحات أبنائها وبناتها، لا سيما بوصفها الأم التي ذابت كشمعة لتضيء حياتهم/ن، بكل ما يتيحه المجتمع الذكوري من أنانية وعقوق أو بر بالآباء والأمهات، خصوصاً أن الجنة تحت أقدامهن، وهن يأتين ثلاث مرات بأولوية التبجيل والامتنان قبل الأب "أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك". كم هذا جميل؟ هذا قد يحصل للأم في أحسن أحوالها مع أبناء وبنات أبرار. إذ يحدث أن تنتج التضحية والتفاني في الأبناء شخصيات أنانية جاحدة لا مبالية أدمنت على الأخذ. أيضاً قد يحدث أن تتفاقم "أنا الأمومة المقدسة" إلى الدرجة التي تجد لنفسها الحق في سداد أبنائها دين تضحياتها وعطائها وتفانيها. حينها يكون الثمن المترتب تسديده هو الامتثال لسلطة الأم المستمدة - بخاصة في الأسرة الممتدة - من النسيج الذكوري نفسه لمفهوم "الأمومة" وصورتها في الوعي الجماعي.

ثقافة الإستبداد

وامتداداً لذلك، قد تنزلق بسلطتها نحو استبداد يرتد على الأبناء وتعاني منه الكنات (زوجات أبنائها الذكور)، وربما أيضاً تمارس ابتزازاً عاطفياً على بناتها المتزوجات يعاني منه أزواجهن، وتنتقل فيه الكثير من الأمهات إلى طور " الحماة" امتداداً لميراث الأمومة المقدسة، لتدور في حلقة العبودية "المقنعة" المفرغة في جميع أطوارها. وتالياً، يتسبب هذا الصرح الذكوري للثقافة بمزيد من الشروخ في العلاقات الأسرية والإنسانية مولداً عنفاً غير مفهوم، عنفاً جسدياً وعاطفياً ونفسياً يشوه مشاعر الحب والعطاء، وتُهدر فيه التضحيات، لتتضارب رغبات "الأم"، وربما طموحاتها وحاجاتها مع تلك الصورة المُتمادية في تقديسها ورمي الأثقال البالغة على أكتافها تحت اسم حب الأبناء والصورة المنافية لقدرات الكثيرات على تحملها والتماهي معها، وذلك عوضاً عن أن تشارك هذه الأعباء مع الآباء في صيغة أكثر إنسانية خارج التمييز الذكوري ضد النساء، في زمن يتغير ويقلب الكثير من المعايير.

قليلة هي الكتابات التي تجرّأت على تشريح "مفهوم الأمومة" في النظرية والواقع، بل جرى توكيد صورة الأم كما تروجها الثقافة السائدة عند أدباء وشعراء ومفكرين عظام على شكل احتفاء بهذه الصورة، وليس نفيها، أو أقله تعقبها، أو فهم أبعادها السلطوية على حياة الأمهات، ولاحقاً على الأبناء والبنات. وما زالت قصيدة الشاعر محمود درويش "أحن إلى خبز أمي، وقهوة أمي، ولمسة أمي، وتكبر في الطفولة، يوماً على صدر يوم، وأعشق عمري لأني، إذا مت، أخجل من دمع أمي..."، والتي لحنها وغناها الفنان مارسيل خليفة، وأطربت - ولا تزال تفعل - الملايين من العرب. في هذه القصيدة حنين لحب الأم الذي لا يُضاهيه حب، وللنقاء والبراءة التي تتسم بهما الأمومة والطفولة، فتلتصقان بحبل سري، وإن قُطع جسدياً، لكنه مستمر بينهما عاطفياً ونفسياً حتى نهاية الحياة. أيضاً لا تزال أغنية "ست الحبايب" لفايزة أحمد وتلحين محمد عبد الوهاب تُثير الشجن والتبجيل والحب اللامُتناهي التي تسبغها على أبنائها وبناتها، على شكل صور مُستعادة لعطاء لا ينضب.

نجد ذلك أيضاً في أغنية فيروز "أمي يا ملاكي يا حبي الباقي إلى الأبد" للشاعر سعيد عقل. هذا على سبيل المثال، لا الحصر. ولا تزال تتردد في أذهاننا كلمات الشاعر حافظ إبراهيم: "الأم مدرسةٌ إذا أعددتها/ أعددت شعباً طيب الأعراق". وهو ما يُضفي صورة أشمل لدور الأم وصورتها العظيمة في بناء الأوطان. فالأم اعتبرت رمزاً للأرض كما في رواية غسان كنفاني "أم سعد"، كما نسبت اللغة إليها بوصفها "اللغة الأم"، بل تكبر هذه الصورة الملتحمة بالأرض والشعب واللغة حين يتم تبجيل تضحياتها لتشمل التضحية بأبنائها من أجل الوطن، كما نرى ذلك في قصيدة حسن عبد الله عن أم الشهيد التي تُعطي ما هو أغلى من حياتها وتصبر مُحتسبةً فاجعتها، فيقول: "أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها/ وعاد مستشهداً/ فبكت دمعتين ووردة/ ولم تنزوِ في ثياب الحداد".

القوة في الضعف

حتى نجيب محفوظ الحائز نوبل للآداب جسّد هذه الصورة الرائجة في ثُلاثيته (بين القصرين/ قصر الشوق/ السكرية) بشخصية الأم أمينة التي تتحمّل استبداد الأب عبد الجواد، قانعة راضية من أجل أبنائها، لكن على الرغم من ذلك، كانت عظيمة في رواياته، بتلك الأشياء الصغيرة التي تقوم بها، قوية في ضعفها، قوية في صبرها، بل بوصفها رمزاً لثبات القيم ولمّ الشمل، على الرغم من الحياة القاسية التي عاشتها مع عبد الجواد. وهي صورة تحفل بالتبجيل، وإن لم تغفل عن تصوير معاناتها من سلطة الأب/ الزوج، لكنها جاءت في سياق ترويج تقديسها أكثر من التمرد على هذه الصورة للأم، ما دامت هي راضية بقدرها، وهو ما عمّق هذه الصورة الذكورية عن "مفهوم الأمومة"، لكن من المؤسف ألا يضع معظم الأدباء والمثقفين - رجالاً ونساءً - هذه الصورة موضع مُساءلة لكسر هذه النمطية والتخفيف من آليات استعباد النساء بوصف الثقافة بوابة التغيير، بخاصة في قضايا الكتابة، لما تؤسسه من تصورات تساهم في تغيير الوعي الجمعي.

ومع ذلك، برزت كتابات شاكست هذه الصورة لكاتبات تطرّقن إلى تجربة "عيش الأمومة" في الواقع اليومي والاجتماعي، كما فعلت الكاتبة يسرى المقدم في كتابها "صباح الخامس والعشرين من شهر ديسمبر" الذي صنفته كنص حر. هو أشبه بمزيج من البحث العلمي والسرد الروائي المقترن بكتابة سيرة ذاتية سعت إلى كسر الصمت حول تجربة "عيش الأمومة" والبوح بالمسكوت عنه في الواقع. فقط كي لا تخدش "الصورة النمطية البراقة للأمومة". تساءلت يسرى عن مسوغ الكتابة التي عانت توتراتها ووعورتها مقارنة مع "عيش الأمومة" ومسوغها ووعورة عيشها.

ثم عمدت إلى استعادة أمومة أمها لها، و"فرت" إلى الكتابة كي تتطهر من "نمطية صورة الأم"، ولكن أيضاً كي تجعل من سيرة الأم وسيلة للتقرب منها، ليصبح صوت البنت والأم "صراخاً مجبولاً بالصوتين معاً"، لكن الكتابة - كما أمومتها وعيشها - تنطوي على تجاذب يحرقها، وإن "رغبة بالشفاء" من هذا التجاذب. ومع أنها تدرك أن "بعض الكتابة لا يشفي"، تواصل التساؤل والتفكير في التوفيق بينهما وتجاوز وعورتهما، لكن ذلك يقودها إلى التحرر من تلك الأمومة الراسخة القانعة بقدرها المرسوم في جسدها البيولوجي ووظائفها الأمومية بصورتها الجليلة، بعد مخاض "تولد منه أمومة" تتشكل من أبعاد جديدة للهوية النسائية المعاصرة. نستمع في كتابتها إلى كلام جديد، يتسم بالمفارقة، يحكي الحكاية مكررة في تجاذب مُنهك بين توق الكاتبة لأن تتماهى بأمها، من جهة، ورعبها من أن تمسي قصة حياتها شبيهة بقصة حياة أمها تلك، من جهة ثانية. هو تجاذب ينبض بمشاعر تنحو لأن تُهادن أمومة أمها الجليلة، وتحاكم بقسوة عيشها لأمومتها (الأولى).

طغيان الامومة

أحالت "يسرى المقدم" الفردانية النرجسية لتلك "الصورة المستجدة والمتأرجحة للأم" إلى "روح العصر"، وثوراته الكثيرة التي زيّنت لكثيرات وكثيرين أفول طغيان الأمومة في شكلها النمطي السائد، تصوراً وسلوكاً، بغياب مثال أمومي تحتذيه النساء في عيشهن المختلف عن أمهاتهن. وهو ما شكّل بدايات نموذج متناغم مع تراجع مأمول لسطوة النظام الأبوي في فرض هيمنته على حيوات النساء وعلى خياراتهن. وإن هي مثّلت - في كتابها - دور الأم في أمومتها الثانية خوفاً من تكرار تجربة الأمومة الأولى، فإن ذلك لم يشفع لها ككاتبة. أدّى ذلك التبدّل - بحسب الكاتبة النسوية عزة شرارة بيضون إلى أن "تختفي" عن "صورة العائلة التي جمعت كل أفرادها إلّاها، وكأن الجهد المبذول لسلوك أمومي مختلف عن أمومتها الأولى" ذهب هباءً. هي الصورة التي أخذت ليلة الميلاد، ونشرت على "فيسبوك" صباح 25 ديسمبر (كانون الأول)، وأعطت كتاب يسرى مقدمة عنوانه. فالتجاذب المُنهك الذي يشد الكاتبة إلى قطبين متضادين "الأمومة والكتابة" ـ بحسب عزة شرارة بيضون - وكأن الواحد منهما لا يرضى بأقل من هيمنة مُطلقة على حياتها وخياراتها. هذا التجاذب تصوغه الكاتبة في الفقرة الأخيرة من الفصل الأخير: "مخطئ من يظن أن بمقدور المرأة أن تناوش، ببساطة، المقدسات والمسلمات الإكراهية، وأن تحسم بيُسر صراعاتها، ولا سيما، إذا كانت المرأة أماً!".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وترى بيضون أن "عيش الأمومة" كما عبرت عنه يسرى المقدم لم يحظَ "باهتمام بحثي مباشر وصريح في كل المجتمعات العربية، أي إن الباحثين لم يتناولوا الموضوع من موقع المعنية الأهم به "الأم"، ولم يستنطقوا عيشها له: الأم أو بدائلها. ومن يبحر في الفضاء الافتراضي بحثاً عن دراسات عربية حول الأمومة يجد أنها فقيرة التنوع ومُنشغلة، أساساً، بأثر الأمومة على مواضيعها: "المتلقون - الأطفال: نموهم ومشاكله، والأسرة بدرجة لاحقة ورفاه أفرادها". هذا على الرغم من المعاهدات الدولية، في العقود الأربعة الأخيرة، التي تحث المجتمعات ودولها لإحقاق المساواة الجندرية في قانون الأسرة والتمييز الإيجابي في مجال الصحة الإنجابية، مثلاً، كمقاربة جندرية للتنمية، لكن الدراسات حول الأمومة - والكلام لعزة شرارة بيضون وبرأيي أيضاً - التي نفذت في إطار هذه المقاربة لم تبرز تجارب "عيش الأمهات"، فبقيت اتجاهاتهن حيال السياسات، وتقييمهن للاستراتيجيات المرسومة للأمومة وسبل عيشها في إطار تنفيذها، مثلاً، في دائرة "المنطقي" والتكهن الافتراضي.

هنا يستثنى كتيب لإيمان مرسال الكاتبة والشاعرة الكندية المصرية "كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها" (2016)، تحدثت فيه مرسال عن تجربتها في عيش الأمومة في ظل التجاذب بين الأمومة والكتابة. وهي انقادت إلى التجربة الجديدة محملة بميراث أمومي، حيث كانت في الماضي ابنة لأم، وهذا الماضي يقودها إلى التفكير في اتجاه المستقبل. المراوحة بين كونها بنتاً لأم، وكونها الآن أماً، يصيبها بالتوتر خشية تكرار تجربة الماضي. فالحاضر يستدعي مرجعية لتخيل الأمومة، مهما كانت صورة الأمومة فيها، مُسالمة أم عنيفة، دافئة أو باردة، عاقلة أو مجنونة، لكن المأساة، بحسب مرسال، "لو أنك اكتشفت أن أمك قد ماتت قبل أن تكوني ذاكرة أو مرجعية تلجأ إلى تجاربها". هذا الشعور بفقد المرجعية الأمومية يجعلها تستدعي مثيلات للفقد كفقد الوطن. فتجربة الأمومة في الغربة تضعها أمام محك وجودي: هل تجعل الإنسان/ المرأة أكثر حرية أم أكثر ضياعاً في ممارسة دورها كأم؟

عيش الأمومة

يقع نص "مرسال" ما بين البحثي والشخصي "أيضاً" كما هي حال الأبحاث النسوية الأولى في عيش الأمومة مثال الشاعرة أدريان ريتش . هنا يصح القول إن الدراسات التي تتناول عيش الأمومة تكاد تكون غير معروفة في الأدبيات النسوية في المجتمعات العربية كافة. ونص يسرى مقدم، بما هو تأمل في ذلك العيش، وسبر شخصي في "معاني الأمومة"، في سياق التحولات الثقافية - الاجتماعية المتقلبة التي تعيشها المجتمعات العربية خصوصاً، يقدم مادة مرحباً بها للباحثة والباحث في الدراسات النسوية. إن هذا السبر، وذلك التأمل والشحنة العاطفية المرافقة لهما، تعيدنا برأيي إلى التساؤلات التي أسلفنا ذكرها في بداية هذا المقال، وتعمل على "تنبيه القارئ/ئة" إلى مُساءلة "قبوله غير المشكك في صحة الخطاب الرائج حول الأمومة" ومسلماته، بحسب عزة.

والمرأة حين تكتب - بحسب فيرجينيا وولف – يتوقع منها أن تعيد صوغ نفسها بعيداً من الصورة النمطية الذكورية للمرأة بكل أطوارها وأدوارها. فهل تفعل الكاتبات ذلك؟ لا سيما إن تجرّأن على خدش "الصورة الجليلة للأم"، بحسب الثقافة السائدة. ربما يحدث هذا إن احتفظت "الأم الكاتبة" بنيلها هذا الشرف.

قد تفعل المرأة الكاتبة - بل بدأت تقوم بذلك بالفعل بحسب ما تقدم – لتعيد صوغ العالم عبر "أمومة" يقبلها العقل وتُبقي، بعيداً من أي تحيزات جندرية، على كونها قصة حب سخيّة لا تنتهي.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة