هل يثبت اكتساح الريال نجاح مشروع برشلونة "تشابي"؟

فاز برشلونة، مساء الأحد 20 مارس (آذار)، على مضيفه وغريمه التاريخي ريال مدريد بنتيجة 4-0، في المباراة التي جمعتهما باستاد "سانتياغو برنابيو"، ضمن الجولة الـ 29 من الدوري الإسباني لكرة القدم.

فوز برشلونة على ريال مدريد في "الكلاسيكو" هو الأول منذ مارس 2019، حين قاد لاعب الوسط الكرواتي إيفان راكيتيتش فريق البارسا للفوز بهدف وحيد على ريال مدريد، ولاحقاً تعادل الطرفان في مباراة واحدة، وفاز الفريق الملكي في خمس مباريات متتالية، آخرها في يناير (كانون الثاني) الماضي، بنتيجة 3-2 في نصف نهائي كأس السوبر الإسباني.

وعلى الرغم من أن آخر هزيمة للبارسا أمام ريال مدريد كانت تحت قيادة المدرب الجديد تشابي هيرنانديز، لكن مشروع إعادة إحياء البارسا لم يتأثر بها، بخاصة أن تشابي كان قد تولى مهمة الإدارة الفنية للنادي الكتالوني قبل وقت قصير، وتحديداً يوم السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، خلفاً للهولندي رونالد كومان.

ووضعت إدارة برشلونة برئاسة خوان لابورتا ومن خلفها جماهير النادي حول العالم، الأمل في استعادة أمجاد النادي، على عاتق المدرب الشاب تشابي، البالغ 42 سنة، وهو أحد أهم أساطير برشلونة عبر التاريخ، حيث شارك خلال مسيرته الذهبية كلاعب وسط في 767 مباراة بقميص البلاوغرانا، وسجل 85 هدفاً وصنع 185، وفاز بـ 25 لقباً.

ولم يكن تدني مستوى الفريق وهبوط ثقة اللاعبين في أنفسهم وفي النادي بعد عدة مواسم غير ناجحة انتهت برحيل درامي للأسطورة والهداف التاريخي ليونيل ميسي في أغسطس (آب) الماضي، هي الأزمات الوحيدة التي واجهت مشروع برشلونة "تشابي"، لكنه دخل الموسم الحالي بقيمة متدنية لهامش الرواتب الجديدة ليكون أمام خيارات محدودة للتعاقدات.

وأنفق برشلونة 55 مليون يورو خلال فترة الانتقالات الشتوية في يناير الماضي، لضم فيران توريس من مانشستر سيتي الإنجليزي، والتعاقد مع المهاجم الغابوني بيير إيميريك أوباميانغ في صفقة انتقال حُر، بعد فسخ تعاقده مع أرسنال، واستعارة الجناح الإسباني أداما تراوري من ولفرهامبتون، وعودة الظهير البرازيلي المخضرم داني ألفيش.

وسرعان ما بدأت ملامح التحسن تظهر على الفريق مع استعادة بعض من روح برشلونة الغائبة، مثل كرة القدم الهجومية واللعب الشمولي والاعتماد على اللاعبين الشباب من أبناء أكاديمية "لا ماسيا" التابعة للنادي.

ومنذ الهزيمة أمام أتلتيك بيلباو في دور الـ 16 ببطولة كأس ملك إسبانيا "كوبا ديل راي"، لم يُهزم برشلونة محلياً أو قارياً، وخاض 11 مباراة، فاز في ثمان وتعادل في مواجهتين، وعلى الرغم من فوزه الكاسح برباعيات على أتلتيكو مدريد حامل لقب الدوري الإسباني، وفالنسيا ونابولي الإيطالي وبيلباو وأوساسونا، وصعوده للمركز الثالث، وتأهله إلى رُبع نهائي مسابقة الدوري الأوروبي، كانت هناك شكوك تحوم حول القوة الحقيقية لتجربة تشابي الشابة، وكان لا بُد من اختبارها أمام خصم قوي، هو بالتأكيد ريال مدريد.

فرحة لاعبي برشلونة  (أ ف ب)

وجاء فوز برشلونة الكاسح على ريال مدريد برباعية من دون رد، ليؤكد أن تجربة تشابي تسير في الطريق الصحيح بعد الوصول إلى 12 مباراة من دون هزيمة، والوصول للنقطة 54 في الدوري من 28 مباراة، وللفريق مباراة مؤجلة، يعني الفوز فيها الانقضاض على المركز الثاني الذي يحتله حالياً فريق إشبيلية، والاقتراب من المتصدر ريال مدريد الذي وصل للنقطة 66.

لكن الأهم من النقاط الثلاث للمباراة أن برشلونة استعاد ثقته أمام ريال مدريد، وبات يعلم جيداً أن مشروعه لا ينقصه إلا الوقت، بخاصة مع تحسن الحالة الاقتصادية للنادي، بعد توقيع عقد رعاية رئيسي جديد مع شركة سبوتيفاي السويدية للبث الموسيقي، مقابل حوالى 300 مليون يورو لمدة ثلاث سنوات.

وظهرت الثقة في كلمات المدرب تشابي، بعد المباراة حين قال، "لقد عاد برشلونة، أظهرنا اليوم أنه يمكننا مجاراة فريق ريال مدريد الرائع في ملعبه، إنه إنجاز رائع لتشجيع مشروعنا في المستقبل"، وأضاف، "أنا سعيد لأننا كنا أفضل بكثير من ريال مدريد، لقد لعبنا مباراة رائعة، أستمتع بذلك لأنني أكثر من مجرد مدرب لبرشلونة، أنا من مشجعي النادي مدى الحياة، لذا فإن أمسيات مثل هذه هي التي لن تنساها أبداً"، و"كان من المهم وضع حد لتلك الهزائم المتتالية والعقلية السلبية والشعور الذي يمر به النادي، إنها دفعة كبيرة في الروح المعنوية وسنواصل التقدم"، و"تأثرت بالطريقة التي قاتل بها اللاعبون أكثر من الأهداف الأربعة، وكيف ركضوا وشاركوا في كل لعبة، إنه أمر ملهم".

واختتم تشابي حديثه بإزالة ضغوط المنافسة على لقب الدوري عن فريقه، فقال، "لا أعتقد أنه يمكننا أن ننافس على اللقب، يتقدم ريال مدريد بفارق 12 نقطة ووصلنا بعد فوات الأوان، لكن المستقبل مشرق بالنسبة لنا".

وقد لا يعول تشابي أو إدارة برشلونة أو أي من اللاعبين على حصد لقب الدوري في الموسم الحالي، لكن من المؤكد أن أنظارهم جميعاً ستكون على لقب الدوري الأوروبي، لتكليل الموسم بلقب لم يسبق للنادي التتويج به.

وأوقعت قرعة الدور ربع النهائي برشلونة في مواجهة فرانكفورت الألماني، مما يجعل فرصة المرور لنصف النهائي سانحة أمام كتيبة تشابي.