Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ظاهرة الطلاق تدق ناقوس الخطر في المجتمع العراقي

حدد مجلس القضاء الأعلى أسباب ارتفاع معدلاته وأوصى بمعالجة آفة زواج القاصرين

تحول الطلاق إلى ظاهرة تشكل خطراً على المجتمع العراقي المحافظ (غيتي)

سجّلت حالات الطلاق في العراق أرقاماً قياسية بسبب الزواج المبكر والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعانيها الزوجان، ما زاد من نسبة حالات الطلاق عما كانت عليه في السنوات السابقة.

الأوضاع الاقتصادية ليست السبب الوحيد لارتفاع حالات الطلاق، بل هناك عوامل أخرى، مثل استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، والخيانة الزوجية، والعنف الأسري، وتدخل الأهل، حيث شهد مطلع عام 2022 تسجيل أكثر 200 حالة طلاق في اليوم الواحد.

وسجّلت المحاكم في شهر يناير (كانون الثاني) 6486 حالة، فيما سجلت البلاد خلال شهر فبراير (شباط) 5815 حالة طلاق.

وتحول الطلاق خلال السنوات القليلة الماضية إلى ظاهرة تشكل خطراً على المجتمع العراقي المحافظ، وتنذر بمشاكل خطرة في المستقبل القريب.

القضاء يدخل على الخط

وحدد مجلس القضاء الأعلى أسباب ارتفاع معدلات حالات الطلاق، وأوصى بمعالجة ظاهرة زواج القاصرين.

وقال المجلس لوكالة الأنباء العراقية، إن "المحاكم سجلت أرقاماً عالية لحالات الطلاق خلال السنوات الماضية"، مبيناً أن "انتشار الظاهرة أصبح مشكلة تعود أسبابها إلى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن الظروف التي مرت بالبلاد منها البطالة وأزمة السكن".

وأضاف أن "اختلال منظومة القيم وعدم احترام هذه الرابطة يعدان سببين رئيسين لاستشراء حالات الطلاق في المجتمع"، مشيراً إلى أن "الحد من انتشار ظاهرة الطلاق يحتاج إلى جهد كبير وتعاون من جميع الجهات المسؤولة إلى جانب دور التشريعات، ولا سيما أن القانون العراقي لا يجرم الطلاق خارج المحكمة".

وتابع أن "تجريم الطلاق خارج المحكمة أحد الحلول المساهمة في الحد أو إغلاق عدد كبير من حالات الطلاق، بالإضافة إلى تشريع قانون يمنع زواج القاصرين خارج المحكمة وتغريم من يقوم بهذا الفعل ومعاقبته"، لافتاً إلى أن "زواج القاصرين وطلاقهم أصبح ظاهرة مُستشرية بشكل كبير، وأن علاجها يقع على عاتق الجهات الدينية والاجتماعية والتشريعية والجامعات والمدارس".

ويشترط القانون العراقي أهلية الزوجين وإكمالهما سن الـ18 عاماً، وفي حال عدم بلوغ أحدهما السن القانونية يحق للقاضي أن يأذن بعد الاطلاع على أهليته وقابليته البدنية وأخذ موافقة وليه الشرعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قرار الزواج غير مدروس

وتقول الباحثة والأكاديمية العراقية فينوس سليمان، إن "الخطأ ليس باتخاذ قرار الطلاق، وإنما بقرار الزواج غير المدروس بالأصل، وأغلب حالات الطلاق تعتبر الانفصال هو الحل الأمثل لمشكلة العلاقة المتدهورة بين الزوجين وإلا لما أقرّتها المحاكم المختصة". 

وتعتقد سليمان أن "حل المشكلة أفضل من الاستمرار فيها، لأنها غالباً تكبر وتتعقد أكثر بمرور الوقت، والمشكلة الأساسية في قرار الزواج الذي يتم اتخاذه بتسرع ودون وعي والأخذ بعين الاعتبار معايير كثيرة من بينها النضوج العقلي، واستيعاب المسؤولية، والتفاهم بين الطرفين، والتوافق الفكري والاجتماعي". 

وتتابع، "الفكرة العامة السائدة في المجتمع أن الزواج ضرورة ملحة، ولا بد أن يتم في سن معينة، حتى وإن كان الطرفان غير مؤهلين نسبياً، وهذا يشمل الزواج في عمر مبكر جداً، أو الزواج في عمر مناسب، لكن من دون توافق فقط لإتمام المهمة المطلوبة مجتمعياً". 

وتضيف، "في الزواج بأعمار مبكرة جداً يكون الوعي غير متكامل، ومع النضوج العقلي تتغير أفكار الطرفين، إضافة إلى المشاكل المادية".  

وتؤكد، "أما الزواج من إجل إتمام مهمة الزواج فقط فهو كارثة، لأنه بمرور الوقت يكتشف الطرفان أنهما في مأزق، ويتحول المنزل إلى مكان إقامة جبري، والزوج عبارة عن صراف آلي، والزوجة توجه انتباهها للأولاد فقط"، بحسب سليمان، التي أشارت إلى أنه "في الحالتين تكون النتيجة حياة غير مستقرة وغير سعيدة، وفي كثير من الأحيان تصل التعقيدات إلى مرحلة يصبح الانفصال ضرورة من أجل حياة أكثر استقراراً للمنفصلين وللأطفال".

وقالت، "لا بد أن يكون هناك حملات توعية لأجيال بكاملها بخصوص موضوع الزواج ومسؤولياته ومعايير الاختيار والنضوج الفكري والتوافق النفسي والعاطفي والاستعداد المادي، وغيرها الكثير من الأساسيات التي تضمن حياة مستقرة بعد الزواج".

ازدياد حالات الزواج

إلى ذلك، يكشف المحامي، محمد جمعة، عن أن أعمار المتزوجين في المحاكم العراقية تتراوح بين 16 و21 عاماً، وهم يشكلون 80 في المئة من عقود الزواج الجديدة.

وعزا جمعة في تصريح صحافي أن "ارتفاع حالات الطلاق في العراق يعود إلى ازدياد حالات الزواج في البلاد عقب عام 2003".

وأضاف أن "هذه الأعمار غير مؤهلة على جميع الصعد لبناء أسرة سوية، وأن 90 في المئة من أسباب الطلاق التي تسجل في المحاكم تعود إلى صغر سن الزوجين وعدم قدرتهما على تحمل المسؤولية".

واستبعد وجود "قانون يعمل على الحد من حالات الطلاق، كون المشكلة في الأساس اجتماعية"، لافتاً إلى أن "القانون ليس لديه القدرة على الحد والوقاية من المشكلات بين الزوجين".

وأشار إلى أن "دور الباحث الاجتماعي في العراق ضعيف جداً، ولا بد من الحكومة والجهات المختصة التركيز على هذا الجانب الذي يمكن من خلاله الضغط على الزوجين وإجراء الصلح بينهما بعد طرح الحلول لمشكلاتهم".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير