Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سنة أخرى من التقشف في بريطانيا بفضل المرشحين المؤيدين للخروج من دون صفقة من أوروبا

إن المعركة المقززة التي تجري أمام أعيننا بين شخصيات تافهة تعني أن الحكومة قد توقفت رسمياً عن العمل

صورة أرشيفية لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي محاطة بوزراء حكومتها ( أ.ف.ب)

هل، تتذكر عزيزي القارئ، عبارة "الحزب الكريه" التي استخدمتها تيريزا ماي زعيمة حزب المحافظين الحاكم، التي تنحت أخيراً عن منصبها هذا، لوصف جماعتها المشاكسة؟ المفارقة أن ذلك الوصف يبدو اليوم طريقة لإضفاء شيء من الإيجابية على الحالة التي بلغها الحزب.

يقول مستشار إعلامي "أعترض على وصفك لنا بالمعقدين، المنحرفين، الأنانيين، والمخربين"، مضيفاً " نحن ببساطة سيئون، اتفقنا؟ لقد أصبح هذا وصفا، رسميا، لنا وقد اتخذنا منه علامتنا التجارية. احرص على تذكر هذا وإلا فسأكتب لرئيس التحرير".

يا ترى، ما الذي أستدعى هذا الرد؟ حسنا، أنت تعرف التقشف؟ وهو يمثل السياسة الأكثر تدميراً التي يمكن لحزب سياسي ان يتخيلها.. ولست متأكدًا من أنني قد أجد بسهولة ما يمكن مقارنتها به بالنظر إلى حجم البؤس الذي خلّفته. وقد اتضح أننا بدأنا عاماً آخر على الأقل من هذا التقشف.

لكن، تريث، ألم تصرح رئيسة الوزراء أن التقشف انتهى قبيل أن ترمي بنفسها من النافذة؟ ألم يكن من المفترض أن يكون هناك... على الأقل بعض الضمادات اللاصقة لوضعها على القطاعات الأكثر تأثرا مثل دعم الفقراء، والسلطات المحلية، والنظام القضائي، والرعاية الاجتماعية، بعدما تفكر من أين تبدأ، وذلك بسبب المراجعة المقبلة للإنفاق؟

نعم هكذا كان يفترض أن تكون عليه الأمور. إلا أن ليز تراس، وهي وزيرة الخزانة، التي من المفترض معنية بتحديد الإنفاق، تقول حالياً إن ذلك قد تم تجميد كليا. وسيكون على الوزارات أن تتدبر أمورها لسنة أخرى بمبالغ مخفّضة للغاية، لأن الأولوية لدى اللاعبين الكبار في حزب المحافظين هي التنافس فيما بينهم لإظهار كم هم فظيعين، أمام أعضاء الحزب الذين يبدو أنهم يعتقدون أن غودزيلا (وحش فيلم الخيال العلمي الذي يحمل اسمه) سيكون رئيس وزراء رائع، وإذا لم يحصل ذلك، فإن بوريس جونسون سيكون بديلا مناسبا.

كما أن هناك عددا كبيراً، إلى درجة تدعو للحيرة، من النواب المحافظين الآخرين الذين يعتقدون أنه بإمكانهم أن يثبتوا أن بوسعهم في الحقيقة أن يكونوا أكثر تدميرا من جونسون، ذلك الكاتب الصحافي الذي يُعدّ عموداً في صحيفة دايلي تلغراف، بالرغم من محاولات لجنة 1922 لتقليص عدد المرشحين. وماذا بالنسبة لإنجاز العمل الحكومي؟ يبدو أن هذا لابد له من الانتظار لبعض الوقت.

أُعرف أن محاولة تيريزا ماي تمرير صفقة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي البالية قد تحطمت على صخرة تلك الرغبة المجنونة لبعض أعضاء البرلمان المحافظين بإلقائنا في هاوية الخروج من الاتحاد بدون صفقة، وأن ذلك أدى إلى انجاز قدر ضئيل للغاية من الأعمال الحكومية طيلة السنوات الثلاث الماضية. فخلال تلك الفترة، تراكمت مشاكل البلاد مثل كؤوس الجعة البلاستيكية في حفل من حفلات فرقة أيرون مايدين الغنائية ذات الشعبية الواسعة.

لكن المعركة المقززة التي تجري أمام أعيننا بين شخصيات تافهة تعني أن الحكومة قد توقفت رسمياً عن العمل. وهل ثمة قيمة لسنة أخرى من البؤس والذهاب في رحلات إلى بنك الطعام بالنسبة للفقراء، إذا كانت الجائزة هي الإقامة في مقر رئاسة الوزراء بجنوب غربي لندن، وإتمام مهمة إفساد بلد كان ذات مرة بلدا كريما؟

ما الذي تعنيه المعايير الدستورية عندما يتعلق الأمر بتهدئة بضع عشرات الآلاف من الرجعيين الغاضبين من ابناء الريف الغني الذين ليس لديهم أي سبب للغضب بالنظر إلى كون غالبيتهم يعيشون حياة رفاه ورخاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 يتحدث دومينيك راب، الوزير السابق والمرشح لزعامة الحزب المعروف باسم غيدورا (عدو غودزيلا اللدود ذو الرؤوس الثلاثة)، حالياً بجدية عن إغلاق البرلمان حتى لا يمنعه النواب من إحراق البلد. أعتقد أن الوقت قد حان لمراجعة كيفية تهجئة كلمة "انقلاب" في قاموس راب وأمثاله.

هل لدى أي من المرشحين الرئيسين أي شيء بنّاء لقوله أو طرحه؟ أنا لا أتحدث هنا عن سام غيما، وهو الوحيد  المؤمن بالديمقراطية بما فيه الكفاية حتى يتعهد بتنظيم استفتاء " القول الفصل" على بريكست، أو روري ستيوارت، وزير التنمية الدولية الذي تبنى مقاربة جديدة تتمثل في صدقه بشأن "المقايضات" التي سينطوي عليها  اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي. ويعني هذان الموقفان أن حظ كل من هذين المرشحَين بالنجاح في انتخابات الزعامة خلال بضع اسابيع، لا يختلف عن حظ بغل يجر عربة بالفوز في سباق رويال أسكوت للخيول، فحزبهما يريد فقط أن يخرب.

أما أعضاء حزب المحافظين، أو أغلبهم على الاقل، فيشتركون في الكثير من الخصائص مع أشخاص يلتحقون بركب أناس يقومون بأعمال الشغب لهدف وحيد هو التسبب بأكبر قدر ممكن من التخريب الارعن بالإضافة إلى القيام بعمليات نهب بسيطة ايضاً.

بيد أن ثمة فرق كبير بين أعمال الشغب عموماً وما نواجه اليوم. يمكن لأصحاب الأعمال التجارية عادة اللجوء إلى شركات التأمين للحصول على تعويضات بعد أن يكون المتورطون في أعمال شغب قد قاموا بأسوأ ما يمكنهم فعله. ولكن ليس هناك أي تأمين ضد ما تريد هذه المجموعة من المرشحين أن تفعله بالاقتصاد البريطاني، وخسائر قطاع الأعمال التي تسببوا فيها تتراكم بسرعة كبيرة.

هكذا ربما نكون قد اكتشفنا أخيرا استعمالا لمدفع الماء غير القانوني الذي بدد بوريس جونسون أموال اللندنيين لشرائه حين كان محافظاً للعاصمة، لأنه وكما أثبت دومينيك راب، حتى القانون لن ينجو من نار هذه المجموعة، وسنحتاج لشيء ما لإطفاء الحرائق عندما ينتهون.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء