Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صراع وشراكة شرق المتوسط: حرب أوكرانيا والغاز البديل

اللاعب الجديد في المنطقة هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

لبنان وإسرائيل بحاجة إلى ترسيم الحدود البحرية بينهما (رويترز)

الهجوم الروسي على أوكرانيا سلّط مزيداً من الضوء على الغاز شرق المتوسط كبديل لأوروبا من إدمان الغاز الروسي. كذلك عادت الولايات المتحدة إلى الحديث عن أهمية النفط في الخليج بعد إيحاءات بأن "النفط الصخري" في أميركا صار البديل من الحاجة إلى نفط الخليج. لكن اللعبة شرق المتوسط بالغة التعقيد. كان البحر المتوسط على مدى القرن العشرين "بحيرة" غريبة وبالذات أميركية. لا قوة بحرية تتحدى الأسطول السادس الأميركي المخصص للمتوسط وإلى جانبه قوات بحرية إيطالية وفرنسية وبريطانية. ولا قواعد للاتحاد السوفياتي على شواطئه. مجرد تسهيلات بحرية له في موانئ سورية ومصرية. وخبراء سوفيات يساعدون الجيشين السوري والمصري قبل أن يطردهم الرئيس المصري أنور السادات عشية حرب أكتوبر 1973. وهو بالطبع ممر أوروبي تجاري وعسكري من غرب المتوسط إلى شرقه، وممر تجاري للعرب في الاتجاه المعاكس، ثم ممر اللاجئين الأفارقة والآسيويين والعرب الى أوروبا. أما اليوم، فإن شرق المتوسط صار منطقة صراع خطير على النفوذ الإقليمي والدولي، وحقل شراكة بين مجموعة كبيرة من البلدان.

اللاعب الجديد في منطقة الصراع هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فهو جعل المتوسط ملعباً للبحرية الروسية ومناوراتها منذ الدخول العسكري المباشر في حرب سوريا عام 2015. وهو حقق حلم بطرس الأكبر بالوصول إلى المياه الدافئة، إذ أقام قاعدة جوية في حميميم وقاعدة بحرية في طرطوس.

واللاعب الذي وجد في الصراع كما في بقائه خارج الشراكة فرصة له هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. الصراع في ليبيا وعليها بعد سقوط معمر القذافي جعله يتذكر أن ليبيا كانت تابعة للسلطنة العثمانية وأن فيها مواطنين من أصول تركية. وحاجة حكومة فايز السراج الى أسلحة ودعم قدمت له المبرر لإرسال قوات تركية وأسلحة ومرتزقة من قوى الإسلام السياسي في سوريا، وأعطته "جائزة" هي الشراكة مع طرابلس الغرب في "المنطقة الاقتصادية الخالصة" مع أن جزيرة كريت اليونانية تحجب تركيا عن الشاطئ الليبي. وهكذا أرسل بواخر للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل من اليونان وقبرص بحجة الحرص على حصة "شمال قبرص" الذي فصلته تركيا عسكرياً عن جمهورية قبرص ولم يعترف بها أحد سوى تركيا. وذات مرة اقتربت قوات بحرية تركية من الصدام مع قوات بحرية فرنسية قبالة ليبيا على الرغم من كون فرنسا وتركيا عضوين في "الناتو".

لكن إدارة الرئيس جو بايدن قدمت "هدية" إلى تركيا عبر إرضائها بسحب الدعم المالي والسياسي لمشروع "إيست ميد" خط الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر قبرص واليونان. وأردوغان يعرض اليوم على إسرائيل مد الخط عبر تركيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما حقل الشراكة، فإنه الكنز النفطي والغازي شرق المتوسط. وبحسب دائرة المسح الجيولوجي الأميركية، فإن "حوض ليفانت" شرق المتوسط يحتوي بين 340- 360 تريليون مكعب من الغاز. ومن هنا، بدأت الأحلام.

قبل ذلك، كنا ننتقل من عملية برشلونة "الشراكة الأورو متوسطية" عام 1995 إلى مشروع "الاتحاد من أجل المتوسط". بعد ظهور الغاز أنشئ "منتدى غاز المتوسط". أعضاء المنتدى هم مصر، اليونان، قبرص، فلسطين، إسرائيل، إيطاليا، فرنسا، والأردن مع أنه ليس على المتوسط. مقر المنتدى في مصر. والعين على ليبيا والنفوذ فيها. ولا أحد يعرف متى ينضم لبنان إلى المنتدى. ولا أحد يجهل لماذا أبقيت تركيا خارجه.

لبنان في حاجة إلى ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل لكي يتمكن من التنقيب في الحقل المتنازع عليه بين بيروت وتل أبيب. وإسرائيل أيضاً في حاجة إلى الترسيم مع لبنان لأن الشركات ترفض العمل في مناطق متنازع عليها قد تقود إلى صدام عسكري. أميركا تتوسط في التفاوض غير المباشر بين لبنان وإسرائيل. لكن جهودها لم تثمر حتى اليوم، على الرغم من تعدد الوسطاء وآخرهم آموس هوكشتاين ، وكان الرفض المبطن له المطالبة بالعودة إلى مفاوضات الناقورة. وكان بين المفترضات تلزيم شركة أميركية للحقل واستثماره ثم توزيع الدخل بين الطرفين. وهذا لم يصمد طبعاً. "المنتدى" يعمل، وأعضاؤه يساعدون بعضهم بعضاً. والكل بدأ يستخرج الغاز، باستثناء لبنان الذي لم يصل إلى ترسيم الحدود، لا مع إسرائيل ولا مع سوريا. ولو جرى الترسيم هذا العام، فإن لبنان يحتاج إلى ما بين ثماني وعشر سنين للإفادة من ثروته الغازية والنفطية. وهو اليوم في انهيار مالي واقتصادي وسياسي. وقبل مدة، قام رئيس الجمهورية برحلة على ظهر سفينة تنقيب وأعلن أن لبنان "بلد نفطي". لكن لبنان بلا كهرباء لافتقاره إلى الغاز والفيول. وهو في انتظار أن تكتمل الاستعدادات لجر الغاز من مصر والكهرباء من الأردن إلى لبنان. والعالم صار في حاجة أكبر إلى غاز المتوسط ونفط الخليج بكل ما يعني ذلك من اهتمامات جيوسياسية وحسابات استراتيجية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل