Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس منصة أفريقية للهجرة غير النظامية 

"المقاربة الأمنية أثبتت فشلها في التصدي لهذه الظاهرة في غياب مقاربة متعددة الأبعاد تدمج الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية"

مهاجرون أفارقة ينتظرون المساعدة في عرض البحر المتوسط (أ ب)

على الرغم من الجهود الأمنية والضغط الأوروبي على تونس لبذل المزيد لضبط حدودها، فإن أعداد المهاجرين غير النظاميين من تونس إلى السواحل الإيطالية في ارتفاع من عام إلى آخر، في ظل ارتفاع عدد الأفارقة من دول جنوب الصحراء الذين يرون في السواحل التونسية البوابة التي تحقق لهم حلم الهجرة إلى أوروبا، الأمر الذي جعل المجتمع المدني في تونس ينتقد معالجة هذه الظاهرة من طرف السلطتين التونسية والإيطالية ما يتطلب استراتيجية مختلفة عن الحل الأمني، بخاصة أن عدد ضحايا المهاجرين في عرض البحر ارتفع مع ارتفاع نسبة الراغبين في الهروب من أوطانهم. 

خطة عاجلة 

نشر المنتدى التونسي للحريات الاقتصادية والاجتماعية تقريره السنوي بخصوص الهجرة غير النظامية من تونس، وجاء خلال هذا التقرير أن موجات الهجرة غير النظامية تواصلت عام 2021 في ارتفاع ملحوظ، إذ بلغ عدد المهاجرين غير النظاميين نحو 15700 مهاجر وصلوا إلى السواحل الإيطالية انطلاقاً من السواحل التونسية، وأفاد التقرير أن 14 في المئة منهم من التونسيين والبقية من أفريقيا جنوب الصحراء. 

كما سجل التقرير السنوي منع أكثر من 25 ألفاً من الهجرة السرية باتجاه إيطاليا، وعرفت هجرة القصر في السنوات الخمس الأخيرة ارتفاعاً لافتاً، إذ وصل عددهم إلى 5800 مهاجر قاصر غير نظامي. 

ويقول الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحريات الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر إنه "على الرغم من كل المقاربات وكل الضغوطات السياسية التي مارسها الاتحاد الأوروبي على تونس من أجل ضبط الحدود البحرية وعلى الرغم من المجهودات الأمنية الكبيرة فإن هذه المقاربة الأمنية أثبتت فشلها في التصدي لهذه الظاهرة في غياب مقاربة متعددة الأبعاد تدمج الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية". 

وأفاد بن عمر في تصريح خاص أن المنتدى أكد ضرورة أن تطلق السلطات التونسية خطة عاجلة للإنقاذ والمساعدة البحرية على سواحل البحر الأبيض المتوسط، وأيضاً ضرورة مراجعة مسارات التعاون مع الاتحاد الأوروبي في ما له علاقة بالهجرة وقضايا الترحيل، ووضع نظام دائم للبحث عن المفقودين في البحر الأبيض المتوسط، وإدماج مقاربة متكاملة تشمل البعدين التنموي والاقتصادي للظاهرة.

وانتقد صمت السلطة التونسية تجاه هذا الموضوع وعدم تقديم إيضاحات بعد زيارة وزير الدفاع الإيطالي أخيراً إلى تونس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، الثلاثاء 15 مارس (آذار) بقصر قرطاج، وزير الدفاع الإيطالي ومثل هذا اللقاء بحسب الرئاسة التونسية "مناسبة تم خلالها التطرق إلى مواضيع تتصل بالتعاون العسكري بين البلدين في إطار انعقاد الدورة 23 للجنة العسكرية التونسية الإيطالية، ومعالجة مسألة الهجرة غير النظامية وفق مقاربة جديدة مشتركة، علاوة على تبادل وجهات النظر بخصوص مسائل إقليمية ودولية راهنة ذات اهتمام مشترك". 

مساحيق تجميل 

من جانب آخر يقول الباحث في علم الاجتماع خالد الطبيبي بأن "عشرية توالي المصائب، التي اتسمت باللصوصية والمحسوبية والفساد وتصاعد النزاع وعجز النخب السياسية في الإجابة عن الأسئلة الاجتماعية والاقتصادية للتونسيين في سياق عمق فيه الوباء الأزمة التي استفحلت في كامل أرجاء البلاد وارتطمت فيه حركات الاحتجاج باليأس والإحباط، كلها عوامل هيأت الأرضية الخصبة لتنامي التفكير في المشاريع الهجرية غير النظامية"، مواصلاً "لذلك كانت العشرية التي هي استمرارية لفساد الدولة التسلطية قبل سنة 2011 هي السبب في تدفق الموجات الهجرية" .

ويرى الطبيبي أن "الحالة الاستثنائية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية يوم 25 يوليو (تموز) الماضي لم تقدم سوى مساحيق تجميل لا يمكنها إنتاج تغيرات راديكالية وعميقة ليظل المتوسط النافذة الأخيرة وملاذ الفقراء والمهمشين".

كما يرى الطبيبي خلال مداخلته لتقديم التقرير السنوي للهجرة غير النظامية بتونس أن ظاهرة "الهجرة غير النظامية لن تنقطع ما لم تتشكل الكتلة التاريخية بالمعنى الغرامشي لهذا المفهوم، الذي لا يعني قضية التحالف الطبقي فقط وإنما كذلك المشروع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي الذي يحمله هذا التحالف، والذي يكون نقطة انطلاق وبداية تجديد العقد الاجتماعي والديمقراطي".

وأصبحت تونس خلال العشرية المنقضية منصة أفريقية ينطلق منها الأفارقة من دول جنوب الصحراء نحو أوروبا عبر سواحل البحر الأبيض المتوسط في قوارب وصفت بقوارب الموت التي نجحت في حمل الأغلبية إلى الضفة الشمالية وتسببت في هلاك المئات غرقاً، لكن على الرغم من كل الأخطار شهدت الهجرة غير النظامية ارتفاعاً لم تنجح كل السلطات في مقاومتها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير