Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عاصفة "قضائية - سياسية" تؤجج صراع المصارف والمودعين في لبنان

"توقيف شقيق حاكم مصرف لبنان وقرارات منع سفر بحق رؤساء مجالس إدارة 5 بنوك"

أوقفت المدعية العامة في جبل لبنان غادة عون شقيق حاكم مصرف لبنان للاشتباه بقيامه بعمليات تبييض أموال واختلاس (أ ف ب)

خطف الهجوم القضائي المفاجئ على القطاع المصرفي الأضواء في لبنان، فبعد هدنة نسبية استمرت عدة أشهر انعكست إيجاباً على الاستقرار النقدي وكبحت جماح انهيار سعر صرف الدولار الذي تجاوز 30 ألف ليرة مقابل الدولار، برزت القرارات القضائية المتتالية بحق عدد من المصارف وتلاها توقيف رجا سلامة شقيق حاكم المصرف المركزي، إضافة إلى قرارات منع سفر بحق رؤساء مجالس 5 مصارف واستدعاء جديد بحق الحاكم رياض سلامة.

وبدأ الفصل الجديد من الصدامات بين المصارف والجانب القضائي المحسوب على فريق رئيس الجمهورية ميشال عون، من خلال دائرة التنفيذ في بيروت التي بدأت بإجراءات في حق مصرف "فرنسبنك"، شملت الحجز على جميع موجودات المصرف في مختلف الفروع بما فيها الخزائن والأموال، وختمها بالشمع الأحمر.

وتأتي هذه الخطوة بناء على القرار الذي أصدرته رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت القاضية مريانا عناني، والذي قضى بإنفاذ الحجز التنفيذي على جميع أسهم وعقارات وموجودات "فرنسبنك" وفروعه وشركاته في كل لبنان، تمهيداً لطرحها في المزاد العلني، في حال عدم رضوخ المصرف وتسديده كامل مبلغ وديعة تعود للمواطن عياد إبراهيم. الأمر الذي أثار حالة من الذعر لدى المودعين، لا سيما لناحية إعلان المصرف التوقف عن دفع رواتب موظفي القطاع العام وعناصر الجيش والقوى الأمنية. 

عاصفة قضائية

ولم تتوقف العاصفة عند "فرنسبنك"، بل طالت بنك "الاعتماد اللبناني"، حيث أصدرت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون قراراً بوضع إشارة منع تصرف على عقارات وسيارات وأسهم وحصص البنك إضافة إلى قرار منع سفر بحق رئيس مجلس إدارته طارق خليفة، وقررت وضع إشارة منع تصرف على عقاراته وسياراته وأسهمه وحصصه في الشركات التجارية.

وكانت عون قد أصدرت قرارات منع سفر بحق رؤساء مجالس إدارة خمسة مصارف لبنانية، وهم سليم صفير عن "بنك بيروت"، وسمير حنا عن "بنك عوده"، وأنطوان الصحناوي عن "سوسيتيه جنرال"، وسعد الأزهري عن "بلوم بنك"، وريا الحسن عن "بنك ميد".

وبلغت ذروة التصعيد من خلال قرار القاضية عون توقيف رجا سلامة للاشتباه بقيامه بـ"عمليات تبييض أموال واختلاس"، بناء على الدعوى المقامة ضده وضد رياض سلامة من قبل تجمع محامي "رواد العدالة"، بجرائم "تبييض الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع وتهريب أموال طائلة إلى الخارج".

وجاء توقيف رجا سلامة بعد أن استجوبته عون على مدى ثلاث ساعات متواصلة بحضور وكيله القانوني، وأمرت بنقله إلى نظارة قصر العدل في بعبدا، وأحالت محضر التحقيق مع الادعاء عليه إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور وطلبت استجوابه وإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه.

كيدية وابتزاز

وتعليقاً على "الحرب الشعواء" وفق توصيف مصدر مقرب من الحاكم رياض سلامة، أشار إلى أن "المصرف المركزي والقطاع المصرفي يتعرضان لعملية ابتزاز من قبل فريق رئيس الجمهورية الذي يرى نفسه مأزوماً مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية ويسعى لتسجيل انتصارات وهمية ورمي طابة الانهيار الاقتصادي في اتجاه مصرف لبنان والقطاع المصرفي، موضحاً أن "التيار الوطني الحر" الذي تحمله شرائح واسعة من اللبنانيين مسؤولية الانهيار الاقتصادي يسعى لإيجاد كبش فداء لتحميله مسؤولية فشل الحكومات المتعاقبة، والتي كان فيها شريكاً أساسياً، بوضع موازنات شفافة ومتوازنة"، مشدداً على أن "إدارة البلاد والموازنات التي اضطر مصرف لبنان لتغطية عجزها هي سبب الانهيار الاقتصادي".

وأكد أن الحاكم يعتبر أن تصرفات القاضية غادة عون "كيدية بامتياز وترتكز على مصالح فريقها السياسي"، وأن الحاكم يرفض المثول أمامها، كونها مسيسة وتنفذ سياسة رئيس الجمهورية الانتقامية ضده، وهو طلب كف يدها، لكنها ترفض طلبه، في حين بات يتوجب عليها التوقف عن متابعة النظر في القضية إلى أن يفصل القضاء المختص في هذا الطلب، وأضاف، "لا يمكن للقاضي أن يكون خصماً وحكماً في آن واحد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سلاح الانتخابات

من ناحيتها تتخوف بعض الأوساط السياسية من أن يكون سيناريو الصدام المصرفي القضائي، خطة مدروسة لتطيير الانتخابات المرتقبة في 15 مايو (أيار) المقبل، ويخرج الفريق الذي يقف خلف الحملة بطلاً شعبياً يحصل حقوق المودعين، فيبعد عنه سيف الخسارة المدوية في الانتخابات. في المقابل يرفض القيادي في "التيار الوطني الحر" مالك أبي نادر الاتهامات بتسييس القضاء، مشيراً إلى أن الحاكم وفريقه السياسي يتذرعان بالاستهداف السياسي لحماية نفسه وتبرير هروبه من القضاء.

ويؤكد أن التيار يريد إجراء الانتخابات في موعدها بعكس جميع الإشاعات التي تطاله، مشدداً على أن التيار حاول إدخال أكبر قدر من الإصلاحات على قانون الانتخابات ضمن الفترة المتبقية إلا أن القوى التي تعتاش على الشعبوية أسقطتها.

إضراب المصارف

وتشير المعلومات عن توجه جمعية المصارف إلى اتخاذ خطوات تصعيدية اعتباراً من الأسبوع المقبل، بما فيها إعلان الإضراب العام، "إذا لم تتخذ السلطات السياسية التدابير الآيلة إلى الكف عن المخالفات القانونية في حق المصارف ووقف التمادي الفاضح لبعض الجهات، لا سيما القضائية في مخالفة القوانين والاستمرار في الممارسات التعسفية والغوغائية التي تؤدي إلى الفوضى القضائية".

وفي السياق يؤكد عضو جمعية المصارف تنال الصباغ، إلى أن الفراغ باتخاذ القرارات السياسية دفع الأمور إلى المواجهة القضائية المصرفية، موضحاً أنه كان على السياسيين تشريع قانون القيود المالية "الكابيتال كونترول" وإقرار الموازنات وإجراء الإصلاحات الاقتصادية والاتفاق مع صندوق النقد الدولي على مسار الإصلاحات وتوقيع اتفاق التعافي الاقتصادي للبلاد.

وأشار إلى أن القوى السياسية التى تتهرب من المسؤولية تلقيها على النظام المصرفي، في وقت يدرك الجميع أن إفلاس هذا القطاع سيؤدي في المستقبل إلى انهيار تام لجميع القطاعات الإنتاجية كون المصارف هي الجهة التمويلية الأولى لجميع القطاعات الإنتاجية، مشدداً على أن التعافي الاقتصادي السريع مرتبط بالحفاظ على قطاع المصارف ومنع إفلاسها.

قرار جريء

في المقابل اتهمت رابطة المودعين مصرف "فرنسبنك" بأنه عمد إلى تشويه "الحدث القضائي المهم وغير المسبوق المتمثل في إلقاء الحجز التنفيذي على خزينة المصرف الرئيسة وأسهمه وأملاكه تمهيداً لبيعها في المزاد العلني سنداً لقرار القاضية في دائرة التنفيذ في بيروت ماريانا عناني لصالح أحد المودعين المطالب بوديعته".

ووفق المعلومات، فهناك العديد من الدعاوى التي تنتظر المصارف في الأسابيع المقبلة باعتبار أن قرار القاضية عناني فتح الباب أمامهم، إلى جانب قرارات قضائية أخرى مماثلة جرى التعتيم عليها.

ووصفت المحامية زينة جابر من رابطة المودعين، قرار رئيسة دائرة التنفيذ بالجريء، وأنه الخيار الوحيد الذي يلزم المصارف على إعادة الودائع لأصحابها، متهمة المصرف بالمماطلة والتأخير بإجراءات الملف والسير به، وبعد أن لجأ المصرف، مخالفاً للقانون إلى محاولة تسكير الحساب عبر إيداع شيك مصرفي لدى دائرة التنفيذ، أصدرت الرئيسة قراراً باعتبار أن هذا الشيك لا يعتبر وسيلة لإيفاء الوديعة المترتبة بذمة المصرف لصالح المودع المنفذ. 

ولفتت إلى أنه رغم محاولات المصرف المتكررة من الاعتراض على القرار واستئنافه وصولاً إلى التمييز، صدر قرار منصف للمودع صدق على قرار دائرة التنفيذ في عدم اعتبار الشيك وسيلة للإيفاء. وبالتالي وبعد استيفاء كل الوسائل القانونية من قبل المصرف، أصدرت دائرة التنفيذ القرار بإلقاء الحجز التنفيذي على الممتلكات تمهيداً إما لتسديد قيمة الوديعة وإلا بيع هذه الممتلكات بالمزاد العلني لتسديد قيمة الوديعة، "والأهم الإشارة إلى رد فعل المصرف، المفتعل والتضليلي للرأي العام بهدف إرساء صورة الضحية أمام العامة والضغط على الفئات الأكثر تأثراً بالأزمة الاقتصادية".

وتوضيحاً للبلبلة التي حصلت نتيجة رفع الأختام، كانت أعطت رئيسة دائرة التنفيذ قراراً يرفع الأختام عن الصناديق والخزائن الضرورية لمتابعة المصرف أعماله اليومية من دون التأثير على أموال المودعين والعمليات المصرفية اليومية من دون رفع الحجز عما تبقى من ممتلكات وأسهم تعود للمصرف، وذلك عكس ما كان يسوّق له المصرف للضغط على الرأي العام والقضاء للرجوع عن هذا القرار.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير