Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مهرجان سينمائي تونسي يحتفل بحقوق المرأة والمهمشين

أفلام عربية وعالمية تتناول عواقب الطلاق والتحرش والاغتصاب الزوجي

من الفيلم المصري "حمام ساخن" الذي افتتح المهرجان (الخدمة الإعلامية)

شهدت قاعة الأوبرا في "مدينة الثقافة" تونس العاصمة، الدورة السابعة من المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان تحت شعار"حقوق المرأة وحقوق الفئات المهمشة"، وهذا العنوان ينطوي كما قالت مدير المهرجان ريم بن منصور على دعوة لتكريس حقوق الإنسان والعمل على استيعابها لدى عدد أكبر من الأفراد، والأفلام المقدمة في هذا المهرجان تعكس هذا التوجه، ويشير هذا الشعار إلى احتفاء المهرجان بحقوق المرأة بوصفها جزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان، وأصلا مكيناً من أصولها الأولى، وقد تقصد القائمون على المهرجان أن يتزامن هذا الاحتفاء مع اليوم العالمي للمرأة لتأكيد العلاقة بين توجهات المهرجان وحركة الواقع.

في هذا السياق، استهل المهرجان فعالياته بتكريم ثلاث نساء، ممثلتين ومصممة أزياء يعملن في مجال السينما. أما الممثلتان فهما آمال الهذيلي ودرة زروق، الممثلة الأولى شاركت في أفلام كثيرة مثل "صيف حلق الوادي" و"بنت فاميليا" و"غدوة نحرق"، وعرفت بخاصة من خلال دورها اللافت في فلم "صمت القصور" للمخرجة الكبيرة مفيدة التلاتلي. أما الممثلة الثانية فهي درة زروق التي تعد من أهم الوجوه السينمائية الجديدة في العالم العربي، وقد تمكنت هذه الممثلة من التعبير من خلال أدوارها الكثيرة عن المرأة في كل حالاتها، منتصرة دوماً لحقوق المرأة ومدافعة عنها بطرق شتى. وكرم المهرجان مصممة الأزياء ليليا لخوة التي رأت في هذا التكريم اعترافاً بمهنة "تعتبر منسية على أهميتها في عالم السينما"، بحسب عبارتها، وهي مهنة "تصميم الأزياء".

وفي أجواء اتسمت بالتأثر الشديد، أهدى المغني مرتضى الفتيتي خلال الافتتاح أغنيته الأولى لروح مها القضقاضي الطالبة التونسية الصغيرة التي جرفتها مياه السيول، وهي في طريقها إلى المدرسة. وهذه الحادثة هزت المجتمع التونسي خلال الخريف السابق وكشفت عن تدهور البنية التحتية للبلاد التونسية في ظل الحكومات السابقة. وشاركت في هذه الدورة من المهرجان 19 دولة وعرضت خلالها 29 فيلماً من مجموع 2800 فيلم وصلت إلى لجنة الفرز والتقويم التابعة للمهرجان.

فيلم مصري في الافتتاح

افتتح المهرجان بالفيلم المصري "النهارده يوم جميل" من إخراج نفين شلبي التي استلهمته من المجموعة القصصية "هضبة المقطم" للكاتب علاء سليمان، وقد شارك في بطولته باسم السمرة وهناء شيحة ونجلاء بدر.

الفيلم عبارة عن مجموعة قصص متواشجة متعالقة، تصور بحس درامي عميق توتر العلاقة بين الأزواج والاغتصاب الزوجي وتأخر سن الزواج. القصة الأولى بطلها فؤاد وهو موظف في مصرف، ومتزوج من صفاء وله ولدان مراهقان، وأقنعته إحدى صديقاته بأن يفتتح لها نادياً للرقص الشرقي ليلقى حتفه بعد ذلك في ظروف مريبة. القصة الثانية بطلها هاني، وهو رجل أعمال معروف له علاقات عاطفية كثيرة منها علاقة عقدها مع إحدى صديقات زوجته. القصة الثالثة بطلاها الزوجان سميحة وأحمد، والمرأة ترفع دعوى ضد زوجها ثم يخوضان معاً معركة قضائية.

هذا الفيلم يثير على نحو ذكي وعميق جملة الانتهاكات التي تتعرض لها روح المرأة وجسدها في المجتمع العربي. الفيلم كله إدانة لمجتمع قاس وعنيف، لم يقتنع بأن الاعتداء على المرأة مهما تكن الذرائع إنما هو اعتداء على الرجل أيضاً، فحرية هذا جزء من حرية تلك.

تقول المخرجة، "كان اختيار فيلمي لافتتاح هذا المهرجان لمعالجته جملة من القضايا الحارقة، أبرزها قضية الاغتصاب الزوجي والتنمر والمراهقة المتأخرة"، وهذه القضايا ظلت من القضايا المسكوت عنها إلى وقت قريب، ويتفادى الجميع الحديث عنها أو الإشارة إليها.

الانفتاح على الداخل

ومن خصائص هذه الدورة أن أفلام المهرجان لم يقتصر عرضها على العاصمة التونسية، بل تم عرضها في عدد من المدن الداخلية التونسية مثل توزر وسوسة وبنزرت وقابس. فالمهرجان بات متحركاً ويمضي إلى المشاهدين عوض انتظارهم، وقد أصرت هيئة المهرجان على أن تشفع كل العروض بنقاش مفتوح يتناول الأفلام بالتحليل والتأمل. وخلال هذه النقاشات أثيرت قضايا حقوق الإنسان عامة وقضايا حقوق المرأة على بخاصة، فالغاية الأولى من تنظيم هذا المهرجان كما تقول مديرة الدورة هي "نشر ثقافة حقوق الإنسان والدفاع عنها من خلال تسليط الضوء في كل دورة من الدورات على محور من المحاور".

ومن أجل تحقيق ذلك عمد القائمون على المهرجان إلى فتح قاعات السينما للجمهور مجاناً لمواكبة مختلف العروض، إضافة إلى تنظيم ندوات حول حقوق الفنان، وورشات تدريبية حول كتابة سيناريو أفلام حقوق الإنسان والتقارير المناصرة لحقوق الإنسان، فالمهرجان كما أراد القائمون عليه مدرسة لحقوق الإنسان، لكنها المدرسة التي أرادت أن تتوسل الفن السابع لتحقيق غاياتها وأهدافها، وهو مثلما قال أحد المتابعين للمهرجان منذ دوراته الأولى، "ينبغي للفن أيضاً أن يولي مسألة حقوق الإنسان عنايته ورعايته، فخطابه أبعد تأثيراً في المتقبل وأكثر إقناعاً".

جوائز المهرجان

بعد أربعة أيام من العروض التي استقطبت عدداً من المشاهدين وزعت جوائز المهرجان على النحو الآتي، جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير أسندت إلى فيلم "الرسالة الأخيرة لشاهين باغ" للمخرجين سيد حزيب علي وفرقان فريدي من بريطانيا، أما جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل ففاز بها فيلم "جمل لم تكتمل" للمخرج أدار بوزياي من تركيا. وجائزة أفضل فيلم روائي قصير لفيلم "سلوى" لإيناس بن عثمان من تونس عن قصة "وهم ليلة حب" للكاتب التونسي أسعد بن حسين، وجائزة أفضل فيلم روائي طويل "حمام سخن" للمخرجة منال خالد من مصر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما جائزة "أكتيف" وهي جائزة خاصة بجمعية "أكتيف" المنظمة للمهرجان فقد ذهبت لفيلم "سلوى" التونسي.

فيلم "حمام سخن" الذي فاز بجائزة أفضل فيلم روائي، يحتوي على قصص ثلاث، شخصياتها النسائية منفصلة جغرافياً لكنها تتفق في المبدأ، وهو الدفاع المستميت عن حق المرأة في حياة أفضل، فثلاث نساء ينتمين إلى الطبقات الشعبية يعانين من شظف العيش لكنهن يحلمن بالتغيير بعد الحراك الاجتماعي الذي شهدته مصر سنة 2011. وهو فيلم جريء ينظر إلى الأحداث التي شهدتها مصر بعيون نسائية، أما الإطار المكاني الذي صورت فيها الأحداث فهو"القاهرة الأخرى"، القاهرة التي لا يعرفها الناس، قاهرة الأزقة والأماكن السرية والأقبية المظلمة.

سبق لهذا المهرجان أن أثار العديد من القضايا خلال دوراته السابقة، تتعلق بمسألة حقوق الإنسان في شموليتها، ابتداء من حقوق المرأة والطفل، ووصولاً إلى حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقليات، والغاية تعزيز ثقافة الإنسان واعتبار هذه الحقوق مترابطة لايمكن فصل بعضها عن بعض.  "السينما في خدمة حقوق الإنسان"، ذلك هو الهدف الأول من تأسيس هذا المهرجان الكبير الذي يريد أن يحتفي بالإنسان، الإنسان على وجه الحقيقة والإطلاق.

اقرأ المزيد

المزيد من سينما