Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يعود الأمل بتفعيل اتحاد المغرب العربي لمواجهة المتغيرات الدولية؟

"الخلافات السياسية بين بعض الدول عطلت بشكل كبير تفعيل دوره"

اجتماع سابق لوزراء خارجية اتحاد المغرب العربي في تونس (أ ف ب)

أحيا موقف الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي من الحرب الدائرة الآن بين روسيا وأوكرانيا في الأذهان أهمية التكتلات الاقتصادية والتقارب بين الدول في مواجهة الخصوم السياسيين أو الاقتصاديين في حالات السلم والحرب.

وقفزت إلى الذاكرة فكرة اتحاد المغرب العربي التي تعود إلى ستينيات القرن الماضي إلا أنها لم تتقدم قيد أنملة، بينما يعيش العالم على وقع تكتلات تجمع عشرات الدول على اختلاف لغاتها ومشاربها السياسية ودياناتها، من أجل التموقع في الخارطة الدولية.

مجرد حلم 

يعود إعلان تأسيس اتحاد المغرب العربي إلى 17 فبراير (شباط) سنة 1989، في مراكش المغربية، وسميت وثيقة التأسيس "معاهدة مراكش" وتضمنت جملة من المبادئ والأهداف، أهمها تحقيق الوفاق بين الدول الأعضاء وإقامة تعاون دبلوماسي وثيق بينها يقوم على أساس الحوار وصيانة استقلال كل دولة من الدول الأعضاء، إضافة إلى تحقيق التنمية في مجالاتها المختلفة للدول الأعضاء، إلا أن هذه الأهداف بقيت حبراً على ورق وشعارات سياسية إنشائية، لم تغير واقع شعوب المنطقة المغاربية، وظل اتحاد المغرب العربي مجرد حلم يراود شعوب المنطقة.

سوق كبرى

يبلغ عدد سكان دول المغرب العربي (تونس، وليبيا، والجزائر، والمغرب وموريتانيا) ما يناهز 100 مليون شخص، فيما تبلغ مساحة دول المغرب العربي، حوالى  6 ملايين كيلومتر مربع، أي ما يمثل أكثر من 40 في المئة من مساحة الوطن العربي، ويبلغ الشريط الساحلي لدول المغرب العربي 6500 كيلومتر.

وتعتبر المبادلات التجارية بين دول اتحاد المغرب العربي الأضعف بين مختلف التكتلات الإقليمية، وبحسب تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي يمكن للاندماج الاقتصادي بين دول المغرب العربي القضاء على 20 في المئة من معدل البطالة منذ السنة الأولى، ويمكنها في ظرف سبع سنوات أن تكون جاذبة لليد العاملة الأجنبية.

كما يمكن لاتحاد المغرب العربي، بحسب التقرير نفسه، أن يكون ضمن قائمة الدول الـ20 الأقوى اقتصادياً في العالم.

غياب الإرادة السياسية 

ويعبر محرز الدريسي، أستاذ علم الاجتماع السياسي، والباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، عن أسفه لأن "الاتحاد المغاربي رغم وجوده كهيكل، فإنه لم يقم بدوره ككيان موحِّد للدول المغاربية رغم ما تتوفر عليه المنطقة من ثروات طبيعية وموارد بشرية، ورغم بروز تجمعات إقليمية في غرب أفريقيا وأوروبا والخليج، إضافة إلى تجمعات أخرى في شرق آسيا".

ويضيف، "أن فكرة الاتحاد المغاربي واجهت صعوبات كبرى أبرزها الخلافات الحادة والعميقة بين المغرب والجزائر، ما عطل بشكل كبير تفعيل دور الاتحاد المغاربي، وهو ما كان له كلفة اقتصادية كبيرة على دول المنطقة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويؤكد الدريسي أنه "في خضم الجفاء السياسي بين بعض دول الاتحاد المغاربي، نشطت محاولات للتقارب الاقتصادي والثقافي، إلا أنها فشلت بسبب غياب الإرادة السياسية"، لافتاً إلى أن "الخطاب المعلن من خلال مختلف الأنظمة السياسة في الدول المغاربية كان يتحدث عن تكامل مغاربي وعن حماس لإحياء وبناء اتحاد المغرب العربي إلا أنه عملياً لم يكن هناك أثر حقيقي على مستوى التبادلات التجارية التي تقل عن 2 في المئة بين الدول المغاربية".

التجارة الموازية تتفوق

ويضيف الدريسي أن هناك "مفارقة في دول المغرب العربي حيث تتفوق المبادلات غير الرسمية (الموازية) بين عدد من دول المغرب العربي على المبادلات الرسمية".

ويحذر الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، من تداعيات الحرب الأوكرانية - الروسية على دول المغرب العربي، التي تستورد كميات كبيرة من غذائها من هاتين الدولتين، واصفاً هذا الوضع بـ"الفرصة الضاغطة على أصحاب القرار السياسي لتجاوز الخلافات وتذليل الصعوبات التي تحول دون التقارب المغاربي".

ويؤكد الدريسي أن "التقارب المغاربي بات مسألة حيوية، أقوى من القرار السياسي"، داعياً إلى "التفكير في بناء كتلة مغاربية اقتصادية، إذا أرادت الدول المغاربية المحافظة على وجودها".

"أسوأ حالاته"

في المقابل، يستبعد منتصر الشريف أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة التونسية "حصول تقارب مغاربي في ظل الأزمة السياسية بين المغرب والجزائر، وأيضاً في ظل الوضع الأمني غير المستقر في ليبيا"، معتبراً أن "الاتحاد المغاربي اليوم في أسوأ حالاته".

ويضيف أن "العالم يتجه حالياً نحو الاتحادات والتكتلات، بينما تشق الدول المغاربية الخلافات السياسية التي حالت دون التكامل الاقتصادي".

ويعتبر أستاذ العلاقات الدولية أن "الأزمة في أوكرانيا أثبتت أن دول المغرب العربي ليست في منأى عن الأزمات السياسية والأمنية في العالم"، محذراً من "التداعيات الخطيرة على الأمن الغذائي والسلم الاجتماعي في دول المغرب العربي وفي أفريقيا، في حال طال أمد الأزمة".

ويشدد الشريف على "ضرورة تغيير النظرة إلى الأزمات في العالم في إطار تكتلات جماعية تمكن من تحسين فرص التفاوض مع الشركاء وتحقق التكامل الاقتصادي بين هذه الدول".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير