Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دلالات تعيين سويسرا قائمة بالأعمال في دمشق

ارتدادات سلبية لحرب أوكرانيا على العلاقة الأوروبية - السورية بعد بوادر تحسن

أكدت كروبسكي عقب اجتماعها بوزير الخارجية السوري موقف بلادها الحيادي التاريخي (اندبندنت عربية)

حينما وصلت الدبلوماسية السويسرية، ماريون وايخلت كروبسكي، دمشق حاملةً أوراق اعتمادها إلى وزارة الخارجية، بصفة "القائم بالأعمال غير المقيم" للاتحاد السويسري في الثامن من شهر مارس (آذار) الحالي، سرى تفاؤل في العاصمة السورية بألا توصَد أبواب التواصل مع أوروبا، فيما تعيش سوريا أكبر ضائقة اقتصادية عرفتها منذ اندلاع النزاع المسلح على أراضيها، ومخاوف من تعطيل الهجوم الروسي على أوكرانيا، إمدادات القمح، وانشغال الكرملين عن متابعة الحرب في مناطق التوتر السوري.

الدبلوماسية لأغراض إنسانية

ولاقت هذه الخطوة السويسرية دون أدنى شك، ترحيباً في الأوساط الدبلوماسية السورية ودوائر السياسة وصناعة القرار، وعدّها الفريق الموالي للنظام السوري "نصراً سياسياً جديداً"، ستتبعها برأيهم، مواقف أوروبية مماثلة، بالتالي سيتحقق أفول قطيعة ما زالت إلى اليوم تخيّم على الأجواء الدبلوماسية والعلاقات مع دمشق منذ اندلاع الحرب في عام 2011، حين سحبت سويسرا سفيرها مارتن أيشباخر، أسوةً ببقية الدول الأوروبية التي سحبت سفراءها، ما عدا دولة التشيك. إلا أن مراقبين من أوساط سياسية محايدة قللوا من أبعاد هذا الإجراء الدبلوماسي، معتبرين أنه ينطلق من جوانب إغاثية.
ورأى الدبلوماسي السوري السابق، عبد الحميد سلوم، أن "تقديم الدبلوماسية كروبسكي أوراق اعتمادها للخارجية السورية، كقائم بالأعمال غير مقيم، يأتي في إطار الاهتمام بالمساعدات الإنسانية ومتابعتها وتسهيل عملية القيام والتنسيق بخصوصها من خلال التواصل مع الجهات السورية المعنية، وذلك بصفتها دبلوماسية معتمدة رسمياً، حتى لو كانت غير مقيمة". وأردف "معروف أن سويسرا تهتم جداً بالمسائل الإنسانية في كل مكان، وليس فقط في سوريا، بخاصة في مناطق النزاعات، لا سيما أنها تستضيف مقر منظمة الصليب الأحمر الدولي، والمقر الأوروبي للأمم المتحدة، فضلاً عن منظمات دولية مثل، منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية وغيرها. كما أن سويسرا هي الدولة الراعية لاتفاقات جنيف الأربع التي شكلت أساس القانون الدولي الإنساني".
من جهتها، أكدت القائمة بالأعمال، كروبسكي عقب اجتماعها بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد، موقف بلادها الحيادي التاريخي، وسعيها إلى بذل الجهود الرامية لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري في أزمته التي يعيشها اليوم.

ارتدادات الحرب

أما بشأن تأثير الحرب في أوكرانيا على العلاقات العربية مع سوريا وإعادتها إلى الجامعة العربية، فلا يرى سلوم ربطاً بين هذه المسائل، "فحينما جمد العرب عضوية سوريا في الجامعة في عام 2011، ما كانت الحرب في أوكرانيا قد اندلعت، وما كان هناك تواجد عسكري روسي في سوريا". وأضاف أن "تأخير عودة سوريا إلى الجامعة عائد إلى مواقف بعض الدول العربية، إضافة إلى مَن يربط بين هذه العودة وبين ابتعاد سوريا عن إيران، كما هناك مَن يربط الأمر بتقدم الحل السياسي في سوريا، عدا عن الضغوط الأميركية".
وأوضح سلوم أن "كل الدول العربية بدت حريصة على ألا تبدي انحيازاً في حرب أوكرانيا لأي طرف، وأن تبقى على الحياد، وحدها سوريا اتخذت موقفاً صريحاً وواضحاً إلى جانب روسيا، وهذا سيسجله الغرب عليها".

مواقف متباينة

في غضون ذلك، أعلنت الخارجية السورية في بيان صدر عقب لقاء المقداد مع الدبلوماسية السويسرية، عن استعدادها بكل إداراتها وأقسامها لتقديم التسهيلات اللازمة على الأرض. كما أعرب وزير الخارجية السوري عن تقدير بلاده "لاستضافة سويسرا مختلف المحادثات الدولية، والجهود التي تبذلها في تقديم المساعدات الإنسانية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، عبّر معارضون سوريون عن قلقهم إزاء التقارب بين السلطة في دمشق وأي دولة أوروبية، سياسياً ودبلوماسياً، إذ يعدون ذلك "خسارةً لقضاياهم المطلبية"، وأبرزها الحل السياسي ونقل السلطة، وإلزام النظام بالقرارات الدولية ومنها قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي تم التوصل إليه في 18 ديسمبر (كانون الثاني) 2015، القاضي بوقف فوري لإطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا والانخراط في مفاوضات رسمية، وهو الأمر الذي باء بالفشل، وتجسد ذلك بجلسات لجنة صياغة الدستور.
ومع الانفتاح العربي تجاه دمشق، عبر فتح السفارة الإماراتية، وتبادل الزيارات لمسؤولين عرب وسوريين رفيعي المستوى، انقسمت الدول الأوروبية حول فتح مسار التطبيع مع دمشق، فظلت فرنسا عازمةً على معارضة استعادة العلاقات مع سوريا. وفي إحاطة إعلامية لوزارة الخارجية، في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ذكرت باريس أنها ستظل تعارض "التطبيع مع سوريا، وأي تخفيف من حدة آلية الجزاءات".

إحياء النزعات الانفصالية

في المقابل، اعتبر سلوم، الذي عمل سابقاً وزيراً مفوضاً ودبلوماسياً، أن "التوتر الغربي - الروسي في أوكرانيا سيدفع الولايات المتحدة وحلفاءها إلى التشدد أكثر إزاء سوريا، بعدما لاحت في الأفق بعض الإشارات، في ما سبق، بإمكانية اعتماد بعض الليونة، لا سيما إثر موافقة واشنطن على تفعيل خط الغاز العربي بين مصر والأردن وسوريا وصولاً إلى لبنان، وبهدف مد الأخير بمادة الغاز بعد اتفاق رباعي (بين مصر وسوريا ولبنان والأردن) في أواخر سبتمبر (أيلول) من العام الفائت".
وأعرب عن خشيته من أن "تدفع الولايات المتحدة حليفها الكردي في شمال وشرق سوريا لتحويل منطقة الإدارة الذاتية إلى كيان مستقل، أسوةً بما فعلت روسيا في إقليمَي دونيتسك ولوغانسك، شرق أوكرانيا".
وفسر سلوم هذه الدوافع الانفصالية "كنوع من النكاية بالفعل الروسي أولاً، وبالموقف السوري الداعم بشكل مطلق لموسكو ثانياً، الذي تجلى بشكل حماسي كبير من خلال التصريحات الرسمية والوقفات في الجامعات السورية تأييداً للهجوم الروسي على أوكرانيا، وحَمْلِ الأعلام الروسية، وصور الرئيس بوتين، وعزف النشيد الوطني الروسي".
إزاء هذا التطور تدرس إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إصدار قرار يعفي الإدارة الذاتية الكردية في الشمال الشرقي ومعها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، من العقوبات المفروضة على سوريا، ومن قانون "قيصر". ويُنتظَر إعلان القرار رسمياً خلال فترة قريبة جداً بعد دراستها من قبل وزارة الخزينة الأميركية.
وفي هذا الصدد، لفت الدبلوماسي السوري إلى أن "كل هذا قد يستفز الجانب الأميركي الذي يتابع كل ما يجري على الساحة السورية، من خلال سفارته التي تواصل عملها، ولكن من خارج سوريا". وأضاف أن "ما يحدث في أوكرانيا سينعكس على سوريا". وأضاف "الوضع يتجه نحو مزيد من التوتر العسكري والسياسي والاقتصادي، وكل طرف متمسك بموقفه حتى الآن، مما يعني أننا أمام حرب طويلة، وهذا سينعكس على روسيا واقتصادها وخططها التنموية وعِملتها، بالتالي على حليفتها سوريا، بحكم العلاقات المتشابكة بين البلدين على كل الأصعدة. وكما أشار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين ذات مرة، فالغرب لديه نية لتفكيك الاتحاد الروسي، كما فعل من قبل بتفكيك الاتحاد السوفياتي، وهذا ما يقلق موسكو جداً إزاء النوايا الغربية، ولذلك فإن مصلحة الغرب تكمن في إطالة أمد الحرب، بينما لموسكو مصلحة في حسمها بسرعة".

المزيد من العالم العربي