Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نقل الأطفال المصابين بالسرطان من كييف مع تفاقم القصف الروسي

يحذر طبيب من أن البعض منهم ليسوا على ما يرام كي يخوضوا هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر

أهالٍ مع أطفالهم من مستشفى أطفال أخمتديت في كييف يستقلون قطار إجلاء متجهاً إلى مدينة لفيف (رويترز)

بقي ذلك المشهد الأخير لزوجته وطفلهما الصبي مطبوعاً في ذهن فولوديمير، إذ راح يطيل النظر إليهما عبر نافذة حافلة كانت تشد رحالها من أمام "مستشفى الأطفال في أخمتديت".

"هذا ابني مارك، سأشتاق إليه كثيراً. ليس بصحة جيدة، ويعتريني قلق عليه. ولكن يحدوني أمل أن أراه مرة أخرى قريباً، وأرى والدته لأني سأفتقدها أيضاً"، قال فولوديمير فيما ترك الزوجان أصابع يديهما تتعانق على زجاج النافذة. "أعرف أننا لسنا الوحيدين اللذين يمران بهذه المحنة، الحال محزنة جداً بالنسبة إلى كثير من الناس"، قال الأب.

كان طابور من عشرات الحافلات الصفراء اللون ينقل مرضى يافعين، يكابدون السرطان وأمراضاً خطيرة أخرى، من مستشفى الأطفال في كييف، والذي يعتبر الأكبر في أوكرانيا، إلى مدينة لفيف الأوكرانية، ومنها سينطلق كثيرون إلى ألمانيا.

سيستقل المرضى حافلات وقطارات في رحلة ربما تستغرق ما يصل حتى خمسة أيام، مع احتمال كبير بأن يسفر الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا عن عراقيل عدة خلال سفرهم. سيقاسي معظم البالغين المشقة والتعب خلال الرحلة، ناهيك عن الأطفال، وأصغرهم بعمر 13 شهراً، الضعيفي البنية والصحة.

بيد أن الأطباء في أخمتديت ارتأوا أنه لا بد من المخاطرة لأن بعض المرضى ببساطة لن ينجوا من الضربات الصاروخية وقذائف المدفعية التي لا تنفك تستهدف العاصمة الأوكرانية.

قبل يومين أُسقط صاروخ في منطقة قريبة من أخمتديت. وللأسف، حالت الضربات العسكرية الكثيفة دون أن ينقل إلى المستشفى ثلاثة أطفال في الحي أصابتهم نيرانها.

"كنا نعطي أحد مرضانا، وهي طفلة صغيرة، جرعتها من العلاج الكيماوي عندما أخذت نيران الصواريخ تتساقط فوق رؤوسنا مباشرة، ثم بدأ إطلاق النار في منطقة قريبة من هنا"، قالت أولينا بيدالينكو، راهبة في قسم الأورام.

"ظننا أننا سنتعرض للقصف، ولم يكن أمامنا خيار سوى وقف العلاج. ثم بدأنا مرة أخرى عندما توقف إطلاق النار. لكن لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو، لذا لا بد من أن ننتقل من المكان"، أضافت الراهبة بيدالينكو.

وميلينا المريضة ذات السنوات الأربع، كانت واحدة من بين المرضى الذين كان مقرراً إجلاؤهم من المستشفى، الإثنين الماضي. انتظرت متحلية بالصبر في حفل الاستقبال برفقة طفلة أخرى تدعى أنتونينا تبلغ من العمر تسع سنوات، كانت تجلس بجانب والدتها ألينا بيباش، وهي واحدة من الأهالي الذين يرافقون الصغار في رحلتهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"لا ريب في أنها ستكون رحلة طويلة وشاقة، ويبعث ذلك قلقاً في نفسي"، قالت بيباش التي سيبقى زوجها في كييف كي يعتني بأطفالهما الآخرين. "ولكن يمكنني أن أرى سبب رغبة الأطباء في اتخاذ هذه الخطوة. ما برح الوضع يزداد خطورة هنا نتيجة عمليات القصف".

وعلى وقع الضربات الصاروخية، التي تتركز في ساعات الليل خصوصاً، كان مرضى مصابون بأمراض خطيرة قد نقلوا إلى قبو المستشفى عله يحمي أرواحهم من النيران. ولما كانت غرفة الجراحات الرئيسة تقع في الطابق السادس من المستشفى، تعترض مشكلات لوجستية بعض المرضى الذين تستلزم حالتهم الصحية جرعات من الأوكسجين بواسطة أجهزة التنفس الصناعي.

ولكن تكمن إحدى المشكلات الأساسية في خطر الإصابة بحالات من العدوى التي تتهدد المرضى من ذوي الجهاز المناعي الهش [المعتل].

"إنها مشكلة بالغة الخطورة، لا يتمتع بعض مرضانا بمستوى كاف من المناعة، ونقلهم إلى [أقسام أخرى] داخل المأوى وخارجه يجعلهم عرضة للإصابة بأشكال من العدوى، على ما قال رومان زيزيرا، أحد الأطباء المتخصصين بالجراحة في المستشفى، وضمن الفريق الذي يتولى تنظيم عملية إخلاء المرضى.

ولكن 50 إلى 100 من أصل 300 مريض لن يغادروا المستشفى، ذلك أنهم قد لا ينجون من عناء الرحلة. كان بعض مرضى السرطان الشباب يعانون انخفاضاً حاداً في عدد كريات الدم، ومع نفاد الإمدادات بلغ الأمر بالأطباء أن يجروا عمليات نقل للدم من الوالدين.

"ثمة مرضى لن تسعفهم قدرتهم، ولن يقووا على خوض هذه الرحلة؛ قال الدكتور زيزيرا مضيفاً، أن "بعض الأهالي أيضاً يرون أن رحلة على هذه الشاكلة ستكون ببساطة شديدة الخطورة. نواجه فعلاً مشكلات في إمدادات الأدوية التي نحتاج إليها، لكننا سنبذل قصارى جهدنا للاعتناء بالمرضى الذين لم يغادروا المستشفى. وكل الموظفين اللازمين لأداء هذه المهمة سيكونون هنا"، وفق ما أضاف الطبيب.

المرضى الذين تبين أنهم سيتحملون عناء السفر نقلوا إلى قافلة الحافلات التي غادرت المستشفى بعد الظهيرة، فيما لوح الأقارب والطاقم الطبي وداعاً.

فجأة، ساد هلع في إحدى الحافلات التي اتضح أنها انطلقت حاملة واحدة من طفلتين توأمين، صوفيا، فيما الأخرى مفقودة. حثت الخطى الممرضة وركضت عبر بوابات المستشفى حاملة بين يديها الطفلة ديانا [للحاق بركب الحافلة].

قال فولوديمير ضاحكاً: "الفائدة التي أجنيها عندما يصعد طفل واحد فقط إلى الحافلة هي عدم حدوث مثل هذا الارتباك". ثم أضاف بصوت ملؤه الهدوء: "آمل أن يعود كل من يقومون بهذه الرحلة بأمان إلى منازلهم ذات يوم، وسوف نرفع صلواتنا من أجلهم".

© The Independent

المزيد من دوليات