Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أنظار الجزائر تتجه نحو الاستثمارات العربية لتنويع اقتصادها

يربط مراقبون هذا التوجه بتحول في السياسة الخارجية الجزائرية وانفتاح أكبر على العرب

جزائريون يعملون في بناء سفينة محلية الصنع بميناء زموري في بومرداس الجزائرية (رويترز)

يسعى الاقتصاد الجزائري إلى جذب استثمارات جديدة خارج القطاع النفطي الذي يشكل نحو 90 في المئة من مجمل إيرادات التصدير، وذلك بغية تدارك الفرص الضائعة في الأعوام الماضية، أو تحريك المشاريع المجمدة لاعتبارات سياسية وصحية مرتبطة بوباء كورونا، كما يرِد على لسان مسؤولين حكوميين يتحدثون عن "حتمية تنويع مصادر دخل الخزينة".

انفتاح

وتُشكل الاستثمارات العربية إحدى هذه الفرص، بحيث يرصد ملاحظون انفتاحاً باشره الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على الدول العربية، يستهدف تصحيح اختلالات وقعت خلال فترة الحكم السابقة التي عرفت احتباساً في الاستثمارات وانحصارها في نطاق ضيق جداً، ما دفع الجزائر إلى إعادة النظر في ملف شراكاتها.
ومنذ تسلمه السلطة بنهاية عام 2019، زار تبون خمس عواصم عربية هي، الرياض، وتونس، والقاهرة، والدوحة والكويت، وهي محطات تخللتها، إلى جانب الشق الأمني والسياسي، نقاشات عن المواضيع الاقتصادية وتوقيع شراكات واتفاقيات، يُرتقَب أن تشرف لجنة مُتخصصة على متابعتها.

استثمارات خليجية

وفي أواخر شهر فبراير (شباط) الماضي، وقع تبون مذكرة تفاهم لتوسيع مصنع للحديد والصلب أُقيم بشراكة ثنائية، على هامش المشاركة في القمة السادسة لمنتدى الدول المصدرة للغاز في الدوحة، بهدف رفع إنتاجه من مليونين إلى 4 ملايين طن سنوياً، في حين تعتزم الجزائر الاتفاق مع قطر على تنفيذ استثمارات كبيرة في قطاعات الزراعة وبناء المدن والمنشآت وسكك الحديد، التي ستمتد إلى تمنراست وأدرار أقصى جنوب الجزائر، وتصل إلى دول الساحل الأفريقي، إضافة إلى مشروع توسيع ميناء جنجن بجيجل، شرق الجزائر، لجعله أحد أبرز الموانئ في أفريقيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إضافة إلى ذلك، تدفع الجزائر والرياض نحو تعزيز شراكتهما الاقتصادية، إذ تناول وزير التجارة وترقية الصادرات الجزائري كمال رزيق، مع سفير المملكة العربية السعودية في الجزائر، عبدالله بن ناصر البصيري، قبل نحو شهر، سُبل تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين وآليات الارتقاء بها إلى مستوى حجم علاقاتهما السياسية والتاريخية، إضافة إلى "التأكيد على ضرورة البحث عن فرص شراكة جديدة في القطاعات المنتجة، لا سيما وأن السعودية شريك استراتيجي للجزائر"، وذلك وفق بيان وزارة التجارة الجزائرية.
في المقابل، أكد السفير السعودي التزام بلاده رفع مستوى التعاون الثنائي بما يعود بالمنفعة على اقتصاد البلدين. وتفقد السفير السعودي في الجزائر أخيراً، مدينة المنيعة جنوب البلاد، للاطلاع على أكبر مشروع استثماري فلاحي في المنطقة يتم بشراكة سعودية - جزائرية.
وسبقت هذه الخطوة دعوة وزير التجارة كمال رزيق، "رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين إلى استكشاف السوق الجزائرية المغرية وولوجها ببعث استثمارات منتِجة في ظل توفر كل شروط الاستثمار وفقاً لمبدأ رابح-رابح. وقال في أحد تصريحاته، إن "الاستثمار السعودي في الجزائر يأخذ منحى تصاعدياً منذ سنوات، لكن قيمة الاستثمارات السعودية في البلاد لا تتجاوز 1.5 مليار دولار في قطاعات مثل السياحة والسكن والصحة والبتروكيماويات والأدوية والأغذية، معتبراً أنها "قيمة لا تعكس قدرات الشراكة والتعاون بين البلدين".

الدبلوماسية الاقتصادية

وبرأي الخبير الاقتصادي إسحاق خرشي، فإن "الجزائر بحاجة إلى تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية بشكل أكبر لاستقطاب رؤوس الأموال المساعِدة على تمويل المشاريع، لا سيما تلك المتعلقة بالبنى التحتية والأشغال العمومية، وهي الاستراتيجية المعمول بها في دول أفريقية عدة"، مبرزاً "أن الاتفاقيات الاقتصادية تحتاج إلى تفاوض عالي المستوى وفق استراتيجية مدروسة وتفعيل أدوات التأثير، بحكم أن الجزائر لها كل الإمكانات لتكون سوقاً واعدة".
وأكد خرشي أن بلاده قادرة على استقطاب استثمارات كبيرة، "ولا يتأتى ذلك إلا من خلال ضمان توفير مناخ أعمال مربح وجذاب، لأن المستثمر الأجنبي أو العربي، يحتاج إلى تحفيزات النظام الجبائي وبيئة قانونية وتشريعية مساعدة، في ظل تنافس اقتصادي متنام في العالم لاستقطاب أفضل الفرص".
وقال الخبير الاقتصادي إن "الملاحَظ هو أن دول الخليج مهتمة بالسوق الجزائرية، بالتالي فإن الوقت مناسب للانفتاح، وترك المؤسسات الوطنية تبرم شراكات مع نظيراتها القطرية أو السعودية في مجال تمويل المشاريع أو الاستثمار في القطاع الفلاحي والسياحي"، مقراً بأن "الاستثمارات العربية بحاجة إلى نقلة نوعية لأنها ضعيفة مقارنةً مع دول أخرى حالياً".
ولا يستبعد مراقبون أن تشكل القمة العربية المرتقب انعقادها بالجزائر، فرصةً مؤاتية لإعادة الاعتبار للعلاقات العربية – العربية التي مرت في العشرية الأخيرة بمطبات عدة، خلال ظروف سياسية وأمنية دقيقة واجهتها المنطقة العربية وأدت إلى اختلاف في وجهات النظر حيال الملفات الإقليمية والدولية.