Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهجوم السيبراني ... النصر الافتراضي يهزم الواقع العسكري على الشاشة

المراهقون والروس متهمون دائماً بالعبث في منظومة الأمن المعلوماتي و"مستر روبوت" الأكثر تميزاً

دانيال كريغ في "سقوط السماء" وانتقادات لم تتوقف بسبب سذاجة الطرح حول عالم القراصنة  (الحساب الرسمي للفيلم على إنستغرام)

قبل شهرين بالضبط كانت الإشادات تتوالى على منظومة الحرب الإلكترونية الروسية التي استطاعت تحجيم انتشار العناصر الإرهابية في كازاخستان، حيث قامت بالتشويش على اتصالاتهم ومن ثم توجيه الضربات الناجحة لهم، لكن الآن باتت الدولة التي طالما عرفت بقوة أجهزتها في ما يتعلق بهذا المجال، هدفاً لحرب سيبرانية نجحت بالفعل في تحقيق بعض أهدافها عن طريق حجب كثير من منصاتها المهمة، حيث أعلن قراصنة أنونيموس مسؤوليتهم عن الهجوم على مواقع الإعلام الروسي، فالسجال الافتراضي يسير جنباً إلى جنب مع الحرب الدائرة على الأرض بين روسيا أوكرانيا، فيما كانت الأخيرة اتهمت موسكو أنها شنت عليها حرباً سيبرانية تسببت في تعطيل مواقع الوزارات المهمة وأثرت في تحركات الجيش الأوكراني. التلاعب بالخصم عن طريق لغة الشيفرة على ما يبدو بات ضرورة للانتصار وليس فقط العتاد العسكري، وهي رسالة وجدت طريقها على الشاشات منذ عقود مضت، والآن تتحقق واقعاً كحرب موازية بلا أصوات للرصاص.

هوس السينما بالقرصنة

منذ ثمانينيات القرن الماضي انشغل صناع الأفلام والمسلسلات بتقديم قصص عن عالم القرصنة، وعلى رغم أنه كان غامضاً بشدة في تلك الحقبة وقدم بسذاجة مفرطة في بعض الأوقات، ولكنه كان تنبيهاً استشرافياً لما أصبح اليوم ضرورة بالنسبة لكبرى الكيانات، ومن بينها فيلم Tron 1982، وعلى رغم أن المعلومات التي قدمت عن عمليات القرصنة حينها كانت سليمة علمياً إلى حد كبير ولكنها ظهرت على الشاشة بطريقة بدائية، وتناول العمل صراعاً قوياً بين البشر والأجهزة الإلكترونية في إطار من الخيال العلمي، ونظراً لاختلافه الشديد عن السائد وقتها فهو يعتبر علامة فارقة في هذه النوعية من الأعمال، كما أعيد تقديمه بطاقم مختلف وتكنولوجيا أكثر تطوراً عام 2010 وحمل عنوان TRON: Legacy، من إخراج جوزيف كوزينيسكي.

 لم يختلف عنه كثيراً فيلم Wargames عام 1983 حيث دارت أحداثه حول عدد من القراصنة الصغار الذين يخترقون مواقع تابعة للجيش ويكتشفون كيفية إدارته للأسلحة المتقدمة التي تهدد بحرب عالمية جديدة، وركز الفيلم على الجانب العسكري لاستخدام الإنترنت.

 

هذا الجانب تحقق بعد الفيلم بسنوات بعد اتفاقية الدفاع السيبراني الشاملة التي وقّعتها دول حلف شمال الأطلسي "ناتو"، فالبند الخامس من ميثاق الحلف يشمل هذه النقطة بوضوح، وباتت الكلمة تذكر عشرات المرات في بيانات قمم الناتو، وتهدد دول الحلف بتفعيل الاتفاقية في حال حدوث أي هجوم سيبراني كبير يستهدفها، إنها حرب بلا ضجة، ولكنها تبدو فتاكة وتهدد حكومات بأكملها، وعادة تبدو روسيا طرفاً أساسياً فيها، حيث وجهت الاتهامات لها في استهداف البنية التحتية في أوكرانيا عام 2015 والتي نتج منها قطع التيار الكهربائي عن أكثر من 200 ألف شخص عن طريق الهجمات السيبرانية، وكان اسم روسيا أيضاً محل جدل إبان الانتخابات الأميركية 2017 حيث اتهمت استخباراتها بالضلوع في توجيه الانتخابات عن طريق القرصنة، والآن تتحدث وسائل إعلام أوروبية وبينها مجلة  le big dataالفرنسية عن الخوف من هجوم روسي سيبراني واسع النطاق ضد البنية التحية في دول الاتحاد الأوروبي على خلفية تصاعد الصراع على الأراضي الأوكرانية، ومن هنا أرسل عدد من البلدان خبراءها لمساعدة أوكرانيا في مواجهة الأخطار التي تهدد الأمن السيبراني بعد تصاعد الهجمات الإلكترونية الضارة.

المراهقون يسيطرون على الأمن السيبراني

يلقي الفيلم الأميركي  Sneakers1992، بطولة سيدني بواتييه وروبرت ريدفورد وبن كينغسلي وتأليف وإخراج فيل ألدين روبنسون، اللوم على الجانب الروسي أيضاً في محاولة السيطرة على العالم عن طريق القرصنة، من خلال قصة عالم روسي اخترع جهازاً من شأنه فك أي شيفرة آلية، وتسعى أجهزة الخدمة السرية في مختلف الدول الكبرى للحصول عليه وبينها وكالة الأمن القومي الأميركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 عام 1995 قدمت السينما أيضاً فيلماً مباشراً عن عمليات القرصنة كما يتضح من اسمه وهو  Hackersمن إخراج إيان سوفتلي وبطولة أنجلينا جولي وجون لي ميلر، وفيه يبتكر مراهق فيروساً يدمر أجهزة الكمبيوتر ويصبح مطلوباً لدى الأمن، ويظل تحت المراقبة حتى يبلغ الـ18 من عمره، ولم يختلف عنه كثيراً فيلم  Hacker2016، وتدور قصته حول مجموعة من المراهقين الذين يتورطون في جرائم عبر الإنترنت، وهو مأخوذ من قصة حقيقية، وأخرجه أكاي ستايف.

دالأعمال الفنية كانت سباقة بتنبيه الناس للحروب الإلكترونية، كما أنها أيضاً كانت ضحية مثلما حدث في فيلم "المقابلة" الأميركي الذي اعتبره بعض مؤيدي الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بمثابة سخرية وإهانة له، وعرض الفيلم عام 2014، وتلقت شركة سوني المنتجة له تهديدات وهجوماً إلكترونياً نتج منه تسريب كثير من المراسلات السرية في الشركة، وأيضاً بعض أفلامها التي لم تكن قد عرضت، وتم الرد عليه بهجوم مماثل على بعض مؤسسات كوريا الشمالية. ففي النهاية التأثير هنا قد يكون محدوداً في كوريا الشمالية، لكنه سبب خسائر مالية ضخمة لشركة سوني، وبحسب ما يؤكده إيهاب خليفة في كتابه: "الحرب السيبرانية... الاستعداد لقيادة المعركة العسكرية في الميدان الخامس"، "فإن هذا النوع من الحروب ليس من السهل أن تضع الخصم في تهديد حقيقي، وذلك بحسب طبيعة كل دولة". ويضيف، "الدول التي تتعرض لهجمات سيبرانية هي التي تستطيع أن تقدر مدى فداحة هذه الهجمات والخسائر المترتبة عليها، ومن ثم قد تقوم دولة بشن هجوم سيبراني انتقامي على أخرى بهدف تحقيق الردع بالانتقام، وأن تستطيع إصابة أهداف معينة داخلها، لكن هذا الهجوم في تقدير الدولة المعتدى عليها غير مؤثر، وفي هذه الحالة يفشل تحقيق الردع".

 

"مستر روبوت" يتفوق

على رغم اهتمام السينما منذ عقود بعالم القرصنة وربطه بالسياسة ومكافحة الإرهاب حيث انطلقت الشرارة الأولى عام 1983 بفيلم War Games، ثم أفلام مثل  GoldenEye1995، وهو أحد أفلام سلسلة جيمس بوند التي قام ببطولتها بيرس بروسنان، وBourne Ultimatum 2007 لمات ديمون، و Swordfish2001 لجون ترافولتا وهيو جاكمان، فإن المنخرطين في هذا العالم دائماً ما يسخرون من طريقة تقديم عمليات القرصنة على الشاشة ويعتبرونها بمثابة أضحوكة ولا تمت للواقع بصلة، حتى أن فيلم دانيال كريغ الشهير  Skyfall2012، وهو أيضاً ضمن أفلام جيمس بوند، وبغض النظر عن نجاحه وحبكته، ولكن ظهور القراصنة ومنظمي الهجمات السيبرانية خلال الأحداث، يعيشون في جزيرة بعيدة خوفاً من التتبع أمر غير واقعي، خصوصاً أن تمويه المكان بالنسبة لهم أمر سهل للغاية ويتم عبر التشفير مهما كانت البقعة التي يمكثون بها.

فيما يعتبر مسلسل "مستر روبوت" لرامي مالك وقصة سام إسماعيل وإخراج نيلز أردين أوبلف، بأجزائه الأربعة هو العمل المثالي لعالم الأمن السيبراني، فالبطل مهندس كمبيوتر ومقرصن يدعى إليوت ألدرسون، يتم تجنيده من شخصية غامضة، لاختراق بيانات كبرى الكيانات والمؤسسات، اعتقاداً منهم أن تلك الشركات هي السبب الرئيس في فساد المجتمع، والمسلسل عرض موسمه الأول في عام 2015، حيث تم تقديم التفاصيل الخاصة بالقرصنة والاختراقات الإلكترونية بطريقة أقرب لما يحدث في الواقع، وتمت مراعاة كافة الجوانب التكنولوجية الدقيقة.

المزيد من ثقافة