Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التمييز بين الحقيقة والكذب عسير في روسيا في ظل حرب بوتين

يجد المغتربون الأجانب في روسيا أنفسهم وسط حرب إعلامية فيما تبدأ آثار العقوبات الغربية بالظهور

مركز لإيواء اللاجئين من أوكرانيا في رومانيا (أ ب)

خلال الأسبوع الذي انقضى منذ إعلان فلاديمير بوتين الحرب على أوكرانيا، حاول الأجانب القاطنون في روسيا فهم ما يجري فيما تكثف موسكو جهودها للتحكم بسرد الأحداث. وبدأ تأثير العقوبات التي فرضها الغرب بالظهور، بينما كثير من الأجانب القاطنين في البلاد إما عازمون على الرحيل عنها، أو أنهم غادروها بالفعل.

وفي مواجهة الاعتراض المتزايد على الغزو، تفرض حكومة السيد بوتين الرقابة على طريقة طرح النزاع المتفاقم بسرعة ووصفه في الإعلام. يوم الجمعة، أقرت موسكو قانوناً جديداً يقضي بسجن المواطنين الذين ينشرون الأخبار التي تعتبر "مضللة" بشأن الجيش لمدة تصل إلى 15 عاماً.

وقالت طالبة التنمية السياسية، الإيطالية فرانشيسكا كوزو لـ"اندبندنت"، "يقولون في نشرات الأخبار إنها حملة عسكرية خاصة، ولكن تأييدك هذا الكلام من عدمه يتعلق بالجهة التي تناصرها".

وأضافت الشابة البالغة من العمر 24 عاماً، "مؤيدو الحملة يرون أنها مسألة تتعلق بالأمن القومي، فيما يعتبرها معارضوها حرباً".

وتعتزم الآنسة كوزو، الشابة الإيطالية التي تتابع دراسة الماجستير في موسكو البقاء في البلاد على الرغم من نية معظم الطلاب الأجانب في جامعتها المغادرة.

وقالت، "أخذوا يرحلون فور سقوط أول قذيفة على كييف". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت أن أصدقاءها الروس منقسمون بالتساوي بين معارض ومؤيد للغزو، وتوقف عدد كبير منهم عن نشر رأيه على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب المشاجرات التي تلي ذلك على الإنترنت.

ويذكر مؤيدو الغزو مزاعم السيد بوتين بحدوث إبادة جماعية في منطقة دونباس الأوكرانية، حيث تقاتل القوات الأوكرانية المتمردين المؤيدين لروسيا منذ عام 2014، ويقولون إن الحرب التي استمرت ثمانية أعوام قد طالت أكثر من اللازم، بينما يرى آخرون أوكرانيا دولة شقيقة يشن عليها السيد بوتين هجوماً رهيباً لا داعي له [من غير وجه حق].

وتشرح الآنسة كوزو بأنها تطلع على الأخبار من "الجانبين"، وتستخدم "تلغرام" و"إنستغرام" لقراءة الإعلام الأوكراني، بينما تستمع كذلك إلى المحطات الروسية الرسمية، مثل "آر تي".

وقالت، "أصدقائي الروس الذين يدعمون الغزو يقولون إني متحيزة بسبب الدعاية الغربية، فيما يعتبر أصدقائي الغربيون أنه عليّ التنبُّه من عدم اتخاذ موقف متحيز بسبب الدعاية الروسية".

"ما أحاول قوله هو أنه من الصعب التمييز بين الحقيقة والكذب".

أصدرت الولايات المتحدة يوم الأربعاء تحذيراً شديد اللهجة جاء فيه أن "الكرملين يشن اعتداءً شاملاً على حرية الإعلام والحقيقة". وأضافت وزارة الخارجية الأميركية في بيان صادر عنها أن " موسكو تكثف محاولاتها بتضليل وقمع حقيقة الغزو الوحشي". وقد حجبت موقعي الأنباء المستقلة، راديو "إيخو موسكو في" ومحطة "دوزد" التلفزيونية، كما حجبت السلطات الروسية موقع "فيسبوك" جزئياً.

وأعلن رئيس تحرير محطة "دوزد"، تيخون دزيادكو، قراره بمغادرة روسيا مؤقتاً. وقال، "اتخذت قرار الرحيل عن روسيا لبعض الوقت. وأخذ عدد من موظفي هيئة التحرير القرار نفسه. من الواضح وجود تهديد على السلامة الشخصية لبعضنا".  

كما توقف بث الإذاعة الليبرالية "إيكو أوف موسكو"، ما حمل الكاتب الروسي دميتري غلوخوفسكي على أن يكتب "حولت الرقابة العسكرية، التي تحظر قول الحقيقة بشأن حرب بوتين على أوكرانيا، بلادي إلى ديكتاتورية في غضون أسبوع فقط".

وأمرت الحكومة الروسية الوسائل الإعلامية باللجوء إلى المصادر الرسمية فقط في تقاريرها حول الاجتياح والامتناع عن استخدام بعض الكلمات لوصف الصراع. وحظر في هذا الإطار استخدام عبارات "هجوم، غزو وحرب"، وفقاً للموقع الإخباري الروسي ميدوزا، فيما تكتفي الوسائل الإعلامية الرسمية بالإشارة إلى الغزو بصفته "عملية عسكرية خاصة".

ويوم الخميس، صرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بأن قناة "بي بي سي" تحولت إلى وسيلة لتقويض الوضع السياسي الداخلي في روسيا، وأن الإعلام الأجنبي يطرح وجهة نظر مُجتزَأة عن العالم.

يتابع دواين، وهو بريطاني يملك مؤسسة تجارية في محيط موسكو لم يفصح سوى عن اسمه الأول، الوسائل الإخبارية الأوروبية والروسية.  

وبات الرجل المنحدر في الأساس من شمال إنجلترا، متعاطفاً مع الأسباب التي قدمتها روسيا لـ"عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا. وقال، "لا يريد الجيش الروسي إلحاق الضرر بأي مواطن أوكراني. وهو يحاول تفادي ذلك قدر الإمكان، ولكن هذه هي حقيقة الصراع".

يطلع دواين على الأنباء بشكل أساسي من صحيفة "غارديان" و"آر تي"، "لمعرفة وجهتي النظر"، ولكنه قال "إن الأنباء المستقلة غير موجودة فعلاً".  

وأضاف، "كثير من الناس لا يعجبهم وجود عملية في أوكرانيا. فأوكرانيا جزء من ثقافتهم وإرثهم ولديهم فيها أقرباء. ويشعر الناس هنا إجمالاً بالقلق من تفاقم الأمور عالمياً".

لاحظت الآنسة كوزو تكثيف وجود الشرطة في موسكو. وأضافت، "تمتلئ المدينة بعناصر الشرطة لدرجة تجعلك تخشى التفوه بكلمة أوكرانيا أثناء السير في الشوارع".

نظمت تظاهرات في أكثر من 100 مدينة روسية منذ بدء الغزو، فيما اعتقل أكثر من 6500 شخص خلال الاحتجاجات بحسب معلومات مشروع "أو في دي - إنفو"، مجموعة روسية مستقلة لرصد وضع حقوق الإنسان.

وكانت البريطانية أنابيل جونز* (25 عاماً)، تشارك في برنامج زمالة في موسكو حتى يوم الاثنين، حين تم إجلاؤها من روسيا برفقة أشخاص آخرين مشاركين في البرنامج نفسه. وقالت إن الشباب الروس الذين صادقتهم ينتقدون السيد بوتين ويجاهرون بمعارضتهم للحرب في أوكرانيا.

وقالت لـ"اندبندنت"، "ما عاد بإمكان أصدقائي سحب المال بالدولار من المصرف. ويرحل بعض الأصدقاء الروس باتجاه آسيا الوسطى أو دول البلطيق، ولكنّ آخرين ليسوا مستعدين لترك عائلاتهم بعد، ولكنهم بدأوا يشعرون بالخوف".  

"برأيهم، هذه حرب بوتين. وهي الشغل الشاغل للناس في الوقت الحالي. لم يكن لدى الناس نية التظاهر قبلاً، ولكن أحد الأصدقاء يفكر بذلك الآن".

* اسم مُستعار

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات