Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة سلاسل توريد عالمية جديدة مع تفاقم الحرب الروسية - الأوكرانية

نقص شديد في المواد الأولية أدى إلى إغلاق مصانع في أوروبا وآسيا مع توقف الشحن من وإلى المنطقة الحيوية

 تفاقم أزمة سلاسل التوريد العالمية المضطربة وسط تصاعد الحرب في أوكرانيا (أ ف ب)

تسببت الحرب الروسية- الأوكرانية في تفاقم أزمة سلاسل التوريد العالمية المضطربة والضعيفة بالفعل، والتي لم تتعاف بعد من التأثيرات السلبية لجائحة كورونا. وزادت العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا من حدة الضغوط المفروضة على سلاسل التوريد، التي كانت قد تفاقمت في العامين الماضيين بسبب موجات تفشي كورونا، والقيود المفروضة على السفر، والعجز المتكرر في المكونات الرئيسة مثل الرقاقات الدقيقة، ما أضاف إلى التكاليف المرتفعة وتسبب في تأخير الشحنات بجانب تحديات أخرى تواجهها الشركات التي تحاول نقل البضائع حول العالم. فمن القمح إلى الذرة، مروراً بالصلب والنيون، يتوقع محللون أن تتعطل سلاسل التوريد العالمية وسط جنوح الحرب إلى الأسوأ على ما يبدو، فالبلدان يعدان من كبار الموردين للمعادن والسلع الأخرى إلى العالم. 

إغلاق مصانع 

ففي أعقاب الحرب، أغلقت مصانع سيارات في أنحاء أوروبا، لا سيما في ألمانيا، نتيجة تعطيل توريد المكونات الأولية الضرورية لإنتاج أشباه الموصلات، والبطاريات وغيرها من المكونات اللازمة للصناعة، بحسبما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال".  ولم تكن سلاسل التوريد إلى أوروبا المتضرر الوحيد، بل طال أيضاً بعض الدول الآسيوية، وعلى سبيل المثال اليابان التي تضررت إمدادات صناعة الصلب لها بسبب الحرب، إلى جانب العديد من الدول في الشرق الأوسط وأفريقيا والتي تعتمد أيضاً على القمح والذرة الأوكرانيين، وقد تؤثر الاضطرابات بالإمداد في الأمن الغذائي لتلك المناطق.  وفي مجال المحاصيل الزراعية، تنتج روسيا وأوكرانيا مجتمعتين ما يقرب من ثلث صادرات القمح في العالم، و19 في المئة من صادرات الذرة، و80 في المئة من زيت عباد الشمس في العالم، ويتدفق كثير من ذلك عبر موانئ البحر الأسود المغلقة حالياً. 

وذكر خبراء صندوق النقد الدولي في بيان: "في حين أن الوضع لا يزال شديد التقلب، فإن العواقب الاقتصادية خطيرة للغاية بالفعل. فقد ارتفعت أسعار الطاقة والسلع بما في ذلك القمح والحبوب الأخرى، مما زاد من الضغوط التضخمية من اضطرابات سلسلة التوريد والانتعاش من الجائحة". 

ارتباك شديد  

وتشهد حركة الشحن البحري من منطقة البحر الأسود في الوقت الحالي ارتباكاً شديداً بسبب الحرب، والذي أدى إلى وقف عدد من الخطوط الملاحية من وإلى أوكرانيا، وهو ممر مهم لشحنات الحبوب والمعادن والنفط الروسي إلى بقية العالم.  وتعتزم العديد من الشركات اللوجيستية خلال الفترة المقبلة البدء في البحث عن أسواق بديلة لتعويض ما يتم توقف الخطوط الملاحية مع الدولتين، وتتمثل تلك البدائل في عدة دول منها "رومانيا، وفرنسا، والبرازيل، والأرجنتين". 

كما أصبح من الصعب نقل بعض السلع مثل المعادن، التي يتم شحنها في حاويات، ولن يتجه ما يقرب من نصف سفن الحاويات في العالم من وإلى روسيا، وذلك بناءً على إعلانات شركات الشحن اعتباراً من الثلاثاء الماضي، بحسب وكالة "بلومبيرغ". 

وفي منتصف الشهر الماضي، أضيفت المياه الأوكرانية والروسية في البحر الأسود وبحر آزوف إلى قائمة المناطق المعرضة للخطر، وذلك بقرار من اللجنة الحربية المشتركة، التي تضم ممثلين عن "لويدز أوف لندن"، و"إنترناشيونال أندررايتنغ أسوسيشن أوف لندن"، وسيؤدي هذا على الأرجح إلى ارتفاع أقساط التأمين المطلوبة لشحن البضائع أو نقلها عبر هذه المياه، بخاصة أنه من غير الواضح إلى متى ستستمر هذه الحرب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما توقفت حركة الشحن الجوي أيضاً، بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي إغلاق مجاله الجوي أمام الطائرات الروسية، وهذا ما فعلته المملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة أيضاً، وهو ما قاد موسكو نحو فرض حظر متبادل. 

زيادة تكلفة نقل البضائع 

وحذرت شركات الشحن وشركات الطيران من أن قرار العديد من الدول الأوروبية إغلاق مجالها الجوي في وجه روسيا سيزيد من تكلفة نقل البضائع من أوروبا إلى آسيا، مما قد يجعل بعض الطرق غير مجدية، علاوة إلى زيادة تكلفة الوقود مع ارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوياتها في 10 سنوات قرب 120 دولاراً للبرميل. 

أما النقل بالسكك الحديدية، فشهد كذلك تأثراً ملحوظاً، لا سيما في نقل البضائع من الصين إلى أوروبا، بعد أن كانت الشركات تعتمد عليه بصورة أكبر في نقل البضائع، بعدما قفزت أسعار الشحن البحري، بسبب تكدس الموانئ خلال الجائحة. 

صناعة السيارات 

كانت صناعة السيارات، التي اعتمدت منذ فترة طويلة على سلاسل التوريد الممتدة عبر الحدود، من أول القطاعات التي شعرت بتأثير هذه الحرب.  وتوقعت مؤسسة "فيتش سوليوشنز" للمخاطر الدولية وأبحاث الصناعة، فرض اليابان والاتحاد الأوروبي "عقوبات موسعة" على روسيا، مما "يزيد من صعوبة استمرار" عمليات شركتي "تويوتا موتور"، و"فولكس فاغن" في البلاد. 

وقال المتحدث الرسمي باسم مجموعة "فولكس فاغن" الألمانية العملاقة: "أوكرانيا ليست مركزية بالنسبة لسلسلة التوريد الخاصة بنا، لكننا اكتشفنا فجأة أنه في حالة نقص جزء ما، تكون (أوكرانيا) السبب". وتنذر العقوبات الأميركية على شركات التكنولوجيا بتأجيج مخاطر نقص الرقائق بين شركات صناعة السيارات في روسيا، المعرضة كذلك لمخاطر خسارة إمدادات مكونات السيارات التي تستوردها من الاتحاد الأوروبي، وفقاً للتقرير.  كما سيكون للنزاع عواقب على قطاع السيارات العالمي أيضاً، لأن روسيا أحد أكبر منتجي المواد الخام الداخلة في صناعة المركبات الكهربائية، والسيارات التي تعمل بالبترول والديزل، بحسب تقرير "فيتش سوليوشنز".  وتعتبر روسيا ثالث أكبر مورد في العالم للنيكل المستخدم في صناعة بطاريات الليثيوم، كما توفر 40 في المئة من البلاديوم المطلوب للمحولات الحفازة، في حين يأتي 90 في المئة من لوازم النيون المطلوب لصناعة أشباه الموصلات من أوكرانيا، بحسب "فيتش". 

وبحسب هيئة جذب الاستثمار الأوكرانية، فإن كييف موطن لـ22 شركة أجنبية مثل "ليوني" تدير 38 مصنعاً تصنع سلعاً لصناعة السيارات مثل الأسلاك الكهربائية والمقاعد وغيرها.  وأكدت "فيتش" أن حدوث أي اضطرابات في إمدادات هذه المواد الخام سيكون له تأثيرات وخيمة على شركات صناعة السيارات حول العالم، بخاصة في أوروبا، وأميركا الشمالية". 

حظر روسيا من "سويفت"

ومن المتوقع أن تؤدي العقوبات الغربية المتزايدة على موسكو- وبخاصة حظر بعض البنوك الروسية من نظام الدفع العالمي "سويفت" إلى زيادة مصاعب الشركات في إجراء أي نوع من التجارة مع روسيا حتى في القطاعات التي لا تخضع للعقوبات، بحسب "وول ستريت جورنال"، فيما يخشى الاقتصاديون وقادة الأعمال من تأثير ذلك على سلاسل التوريد التي تعتمد على المكونات والسلع غير المعروفة من روسيا، مثل غاز النيون والبلاديوم، وهي مكونات مهمة لصنع أشباه الموصلات. 

ضغوط هائلة 

وتعرضت الشبكات اللوجيستية العالمية على مدي العامين الماضيين لضغوط هائلة على خلفية إغلاق الاقتصادات في بداية ظهور "كورونا"، ثم إعادة فتحها بسرعة. وارتفع الطلب على السلع بشكل كبير وانخفضت سلاسل التوريد في الوقت المناسب تحت الضغط. وأدى تفشي الفيروس والبروتوكولات الصحية غير المتسقة حول العالم إلى تفاقم الفوضى.وبالنسبة للبنية التحتية، كان 2020 عام اضطراب سلاسل التوريد وتعافيها، وعلى الرغم من أن الكثير قد تغير خلال الاثني عشر شهراً الماضية، فإن مشاكل سلسلة التوريد لم تقتصر على العام الماضي وحده. حيث أدت أنواع جديدة من النقص إلى تفاقم المشكلة مع مرور العام، بما في ذلك تشديد سوق العمل في الخارج الذي جعل الشحن والتسليم أبطأ بكثير، وفي الوقت نفسه، لا تزال الشركات تكافح مع نقص مقلق في سائقي الشاحنات، علاوة على أن المكونات الأساسية، بما في ذلك رقائق الكمبيوتر، لا تزال نادرة.