Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوتين يكشف عن قرب الانتهاء من تدمير البنية العسكرية لأوكرانيا

الاستخبارات الروسية ترصد تدريب "إرهابيين" من "داعش" لإرسالهم إلى كييف واعتراف باستحالة مشاركة "ناتو" في الحرب

عاد الرئيس فلاديمير بوتين إلى تهدئة روع مواطنيه من خلال ما يسهب في سرده من إيضاحات تفسر ما اتخذه من قرار حول "العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا" التي وصفها بالقرار الصعب.

وفيما يبدو أنه تعمد انتهاز الفرصة للإدلاء بما يريد من تفسيرات وإيضاحات، تبدو في طياتها بمثابة رسائل يرغب بالإعلان عنها في إطار مخاطبة الداخل والخارج معاً، عزا بوتين اتخاذ مثل هذا القرار إلى أن سلطات كييف دأبت على التنصل مما وقّعت عليه من اتفاقيات طوال الأعوام الماضية وفي مقدمتها "اتفاقية مينسك"، ما كان في صدارة الأسباب التي أسفرت ضمناً عن مقتل نحو 13 ألفاً من المواطنين الروس المقيمين في منطقة دونباس.

وكشف الرئيس الروسي عن أن "ناتو يدعم أوكرانيا لأنها تقف ضد روسيا"، مؤكداً ضرورة أن تكون بلداً يتمتع بوضعية الدولة المحايدة، وبما يحول دون انضمامها إلى الحلف.

وفي إطار تفسيره لما أعلن عنه حول تأهب قوات الردع النووي، قال بوتين إنه فعل ذلك رداً على تصريحات حول احتمال تدخل "ناتو" في أوكرانيا. كما وصف العقوبات المفروضة على بلاده أنها بمثابة "إعلان حرب على روسيا".

وجاء ذلك في توقيت كان العالم على مقربة من "تنفس الصعداء" على وقع ما صدر من إشارات عن موسكو، أتت مواكبة لما أسفرت عنه الجولة الثانية من مباحثات الوفدين الروسي والأوكراني في بيلاروس من نتائج، تُفيد باحتمالات الجنوح نحو التهدئة، بما قد يكون سبيلاً لما أعرب عنه الرئيس بوتين من استعداد للحوار.

وكشف الرئيس الروسي عن استعداد بلاده للحوار مع الجانب الأوكراني في معرض مكالمته الهاتفية الأخيرة مع المستشار الألماني أولاف شولتز، لكن إذا جرت تلبية كل ما تحدث عنه قبل ذلك من شروط، ومنها إعلان حياد أوكرانيا والاعتراف بضمّ القرم وغيرها من المطالب الأمنية التي كان الجانب الأميركي على استعداد لمناقشتها.

وإذا كانت المطالب الروسية شديدة الوطأة، قد يصعب على الجانب الأوكراني قبولها كلها مجتمعة، وما أعرب عنه بوتين من استعداد للحوار، يبقي الباب مفتوحاً أمام مختلف الاحتمالات، ومنها ما قد يفضي إلى مباحثات على مستوى القمة.

وكان بوتين كشف للمستشار الألماني عن أن "النازيين الجدد الذين يرتكبون جرائم الحرب يشكلون الخطر الرئيس في أوكرانيا"، وهو أيضاً ما يدفع إلى الاعتقاد بأن بوتين لن يتخلى عن هذا الشرط الذي سبق وأوجزه مع "نزع سلاح أوكرانيا" في خطابه الذي استبق فيه إعلان الحرب وما قاله حول "تصفية النازيين الجدد" هناك.

ولعل هذا الشرط يظل واحداً من أصعب الشروط المطروحة، لما يشكّله هؤلاء "النازيين الجدد" من قوة في المجتمع الأوكراني، بما يملكون من مواقع راسخة غرب البلاد، وبما استطاعوا انتزاعه من سلطات ومواقع على مدى الأعوام الثمانية الماضية، تجعلهم عاصين على نفوذ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وسلطاته.

تغيير النظام

ومن هنا، فإن هناك من يتناول هذا الشرط بما يحمله من إيحاءات ودلالات على احتمالات تغيير النظام، على أنه مرتبط بضرورة التخلص من فصائل النازيين الجدد الذين يشكلون الأركان الرئيسة للنظام.

وحتى ذلك الحين، تتواصل الأحداث والتطورات في سياق يبعث على قدر من التفاؤل بما يحمله من لمسات إنسانية تتسق مع ما توصل إليه الوفدان الروسي والأوكراني في مباحثات "بيلوفجسكويه بوشا" في بيلاروس حول توفير ممرات آمنة لخروج المدنيين من المواقع والمدن الأوكرانية المحاصرة.

وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت اليوم السبت، نظام تهدئة من جانبها يبدأ الساعة العاشرة صباحاً، لفتح ممرات إنسانية لخروج المدنيين من عدد من المناطق والمدن المحاصرة.

وقال الجنرال إيغور كوناشينكوف، الناطق الرسمي باسمها أن "الجانب الروسي يعلن اليوم من الساعة 10 صباحاً بتوقيت موسكو، بدء نظام تهدئة وفتح ممرات إنسانية أمام خروج المدنيين من ماريوبول وفولنوفاخا".

وفي هذا الصدد، توضح مصادر عسكرية أن الجانب الروسي يملك الخبرات المناسبة لتنفيذ هذه المهمات مع التزام أقصى درجات الأمن والسلامة والحفاظ على حياة المدنيين، بما اكتسبته القوات المسلحة الروسية من خبرات خلال مهماتها القتالية في سوريا، وبما قامت به من عمليات بالتعاون مع قوات نظام الأسد.

على أن ذلك لم يمنع القوات الروسية من مواصلة زحفها والاستمرار في عمليات محاصرة المدن والقرى الأوكرانية ليس فقط في الجمهوريتين، بل أيضاً في بقية مناطق دونباس التي كانت القوات الحكومية الأوكرانية، استعادتها مع بدايات المواجهة المسلحة في فبراير (شباط) 2014. وقالت المصادر الروسية وعلى عكس ما يتردد عن المصادر الغربية والأوكرانية، إن قواتها المسلحة تواصل تقدمها على مختلف المحاور. وفي هذا الصدد، تؤكد مصادر كثيرة ومنها جنرال "الموساد" ياكوف كيدمي (كازاكوف في السابق)، الذي يظل ضيفاً دائماً على البرامج الحوارية الروسية أن "أوكرانيا اليوم تكاد تكون مثل مصر إبان حرب يونيو (حزيران) 1967".

وقال كيدمي، المنشق السوفياتي السابق الذي حارب في صفوف القوات الإسرائيلية ضد مصر في 1973، إن القيادات والمصادر الروسية مدعوة إلى النظر في كل ما "أنعم الله به عليها من أسلحة نووية"، على حد تعبيره، على نحو يبدو بمثابة دعوة صريحة لاستخدام السلاح النووي لردع من كانوا بالنسبة إليه "رفاق الأمس".

إغلاق كييف تماماً

وتفيد مصادر صحيفة "كومسومولسكايا برافدا"، أوسع الصحف الروسية انتشاراً، بأن المهمة المطروحة اليوم على القوات الروسية تتمثل "في إغلاق كييف تماماً، وإنشاء ممرات إنسانية لخروج المدنيين، ومن ثم إجبار السياسيين الأوكرانيين على السلام بشروط روسية". وذلك يعني ضرورة العمل بسرعة تمهيداً لتنفيذ هذه المهمة، التي أوضح بوتين أن القوات الروسية في سبيلها إلى الانتهاء منها قريباً.  

وقال معلق الصحيفة الروسية ألكسندر كوتس إن "المهمة الآن هي إنهاء هذه الحرب في أسرع وقت ممكن، بما قد يبدو معه أن العملية العسكرية الخاصة الروسية يتوجب تنفيذها تحت شعار لا للحرب".

وفسّر ذلك بقوله إن القوات الروسية يمكن أن تضع بهذه العملية "حدّاً للحرب الجارية في دونباس، والحرب الأهلية برمّتها التي أُعلن عنها في أوكرانيا".

غير أن ما نراه على أرض الواقع، يُصعّب التنبؤ بما ستكون عليه الأوضاع على صعيد المواجهة العسكرية، نظراً إلى غياب المعلومات الدقيقة، وما يحدث على الساحة من تعقيدات وتعرجات، يزيد من حدتها.

وبحسب ما تفيد المصادر الروسية، تعمد فصائل من يسمّونهم بـ"النازيين الجدد" إلى استخدام المدنيين في المدن والقرى كدروع بشرية وفق تقديرات المصادر الرسمية الروسية. وذلك على عكس ما تردده أجهزة الإعلام الأوكرانية والغربية حول لجوء القوات الروسية إلى قصف المواقع المدنية والمباني السكنية.

ومن اللافت أن كل ذلك يأتي مواكباً لتنشيط السلطات الأوكرانية جهودها من أجل تجنيد المرتزقة كما أعلن زيلينسكي عبر دعوتهم إلى المشاركة في العمليات القتالية في أوكرانيا.

وفي هذا الصدد، كشفت الاستخبارات الخارجية الروسية أن "قاعدة التنف التي تحتلها القوات الأميركية في سوريا، باتت معسكراً لتدريب إرهابيي داعش قبل إرسالهم إلى دونباس شرق أوكرانيا لمؤازرة النازيين الجدد".

وقالت إن "الولايات المتحدة تواصل تشكيل فصائل جديدة من الإرهابيين وتعتزم إرسالهم إلى أوكرانيا عبر بولندا، وإن الاستخبارات المركزية الأميركية وقيادة العمليات الخاصة التابعة للقوات الأميركية تواصل حشد وحدات داعشية جديدة في الشرق الأوسط والدول الأفريقية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رفع العقوبات

وكانت المصادر الروسية انخرطت في جدل حاد حول معاني ما ورد في وقت سابق على لسان فيكتوريا نولاند، نائبة وزير الخارجية الأميركي حول "استعداد الدوائر الغربية لرفع العقوبات المفروضة ضد روسيا في حال تنفيذها لعدد من الشروط ومنها وقف إطلاق النار وسحب قواتها والمساهمة في إعادة بناء أوكرانيا".

وفيما وصلت هذه المعلومة في شكلها البسيط الذي يتسم بالتبسيط أكثر مما يتضمنه من معانٍ وأهداف بين السطور، شدّد آخرون على ضرورة قراءة النص على نحو مغاير، وهو أن ما قالته نولاند يعني حرفياً أنهم "مستعدون للعودة عما كان، بما في ذلك رفع العقوبات، إذا توقفت العملية العسكرية في أوكرانيا". وذلك يعني أيضاً ما يساور الدوائر الغربية من مخاوف، منها ما قد يرتبط بإصرار موسكو على تغيير النظام السياسي.

وهو ما تضمنته دعوة الرئيس الروسي إلى "اجتثاث النازية" التي تعني في طياتها كثيراً من المعاني وفي مقدمتها إطاحة أركان النظام، واستئصال ما يستند إليه من رموز تجعل من "تصفية النازية"، إشارة صريحة إلى تغيير النظام السياسي في أوكرانيا.

وقد جاء كل ذلك في توقيت تتسارع الإجراءات ضد خصوم النظام في كل من الدولتين. فبينما أعلنت موسكو الرسمية الحرب على ممثلي التيار الليبرالي اليميني، وإغلاق منصاته الإعلامية ومنها إذاعة "صدى موسكو" التي أعلنت إنهاء نشاطها وإغلاق مقارها واستوديوهاتها في قلب العاصمة موسكو، وقناة "دوجد" التي كانت "شوكة" في خاصرة الإعلام الرسمي الروسي، جنحت كييف إلى إجراءات مشابهة.

فبعدما أغلقت السلطات الأوكرانية عدداً من القنوات التلفزيونية والصحف الناطقة بالروسية، أعلن مجلس الرادا عن عدد من القوانين التي "تقضي بمصادرة أصول جميع الكيانات القانونية الروسية والأفراد الموجودين في أوكرانيا وتأميمها".

واستبقت كييف هذه القوانين بإعلان أنها "تدرس إمكانية تأميم جميع الممتلكات الروسية الموجودة على أراضي أوكرانيا، ما يعني الاستيلاء على العقارات وتجميد حسابات المواطنين والشركات الروسية في قرارات مشابهة لما أعلنته الدوائر الغربية والأميركية من عقوبات، منها ما ينص على مصادرة ممتلكات عدد من رموز الأوليغارشيا الروسية المرتبطين بالرئيس بوتين والحكومة الروسية، مثلما حدث في بريطانيا وبلدان أخرى، وقد يصعب وضع كل هذه القرارات حيز التطبيق، لأسباب تعود إلى أنها "مطعون في شرعيتها".

وعلى وقع ما قاله الرئيس بوتين حول إن قواته المسلحة قريبة من الانتهاء من مهمة تدمير البنية التحتية العسكرية لأوكرانيا، كشفت مصادر الكرملين أن "دول ناتو تدرك تماماً استحالة مشاركتها المباشرة في التطورات هناك".

وأكد دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي للكرملين أن موسكو على علم بتصريحات الرئيس زيلينسكي الذي انتقد قرار حلف شمال الأطلسي حول عدم إعلان حظر الطيران فوق أراضي بلاده. مع ذلك، اعتبر بيسكوف أن هذه التصريحات لا تستدعي أي رد أو موقف محدد.

وكان زيلينسكي نشر سابقاً عبر "تلغرام" خطاباً موجّهاً إلى المواطنين الأوكرانيين، انتقد فيه نتائج الاجتماع الطارئ الذي عقده وزراء خارجية "ناتو" أمس الجمعة (4-3-2022) في بروكسل.

وفي تعليقه على رفض الحلف فرض الحظر الجوي، وصف زيلينسكي اللقاء بأنه "ضعيف ومثير للحيرة"، وأن نتائجه جاءت دليلاً على أن "الجميع لا يعتبرون النضال من أجل الحرية لأوروبا هدفاً رئيساً".

وكان الأمين العام لـ"ناتو" ينس ستولتنبرغ قال في ختام الاجتماع إن الحلف مسؤول عن عدم تجاوز النزاع في أوكرانيا حدود هذا البلد.

وأشار إلى أن "ناتو" لا يسعى إلى حرب مع روسيا، مضيفاً أنه حريص على إبقاء قنوات الاتصال مع موسكو مفتوحة لمنع وقوع أحداث خطيرة.

وذلك كله يحمل في طياته الدعوة إلى التريث في الأحكام وعدم استباق الأحداث وانتظار ما يمكن أن تسفر عنه الأيام القليلة المقبلة من تطورات.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير