سارعت الشركات ومؤسسات إدارة الصناديق الغربية الثلاثاء إلى قطع العلاقات مع الشركات المرتبطة بالكرملين وسط مخاوف متزايدة من إلحاق الضرر بسمعتها، بينما صعد فلاديمير بوتين الهجوم الوحشي الذي تشنه روسيا على أوكرانيا.
وأخبرت مؤسسات لإدارة الصناديق مسؤولة عن تريليونات من الجنيهات الاسترلينية من المدخرات "اندبندنت" أنها باعت استثماراتها في روسيا أو تراجع سياساتها الخاصة بالتعامل مع البلاد.
ويعيد معظمها تقييم حصصها في أي شركات تُعتبَر أنها تساعد في تمويل نظام السيد بوتين – الشركات التي سبق أن حصلت على تصريح مرور مجاني من قبل عديد من مستثمري القلب التجاري للندن المتعطشين إلى عوائد.
لقد تحولت الحسابات المتعلقة بمخاطر السمعة والمخاطر المالية في شكل كبير في الأيام التي تلت مفاجأة روسيا لعديد من الناس في القلب التجاري للندن الذي تبلغ مساحته ميلاً مربعاً بشن غزو شامل لأوكرانيا.
والثلاثاء أفادت "سنتريكا" المالكة لـ "بريتيش غاز" بأنها ستتخلى عن اتفاقيات الإمداد المبرمة مع الشركات الروسية بما في ذلك شركة الغاز العملاقة التي تدعمها الدولة "غازبروم". ومع عوائد بلغت 88 مليار دولار (66 مليار جنيه) سنوياً، تُعَد "غازبروم" مصدراً رئيساً للأموال لموسكو.
وأعلنت "نيست"، التي تدير معاشات تقاعدية لـ 10 ملايين شخص في المملكة المتحدة، أنها ستبيع استثماراتها الروسية كلها "في أقرب وقت ممكن".
أما "جانوس هندرسون"، التي يبلغ مجموع أصولها المدارة 419 مليار جنيه، فأشارت إلى أنها باعت استثماراتها الروسية كلها تقريباً، مع بقاء كمية "ضئيلة" من النقود الأجنبية.
وأعلنت أكبر مؤسسة لإدارة الصناديق في المملكة المتحدة، "الإدارة القانونية والعامة للاستثمارات" وقيمتها 1.3 تريليون جنيه، أنها باعت حصصاً في الشركات الروسية وتراجع سياساتها.
وقال ناطق باسمها: "يخالف غزو أوكرانيا كل مقياس قابل للقياس تقريباً من مقاييس البيئة والمجتمع والحوكمة".
وأكدت "الإدارة القانونية والعامة للاستثمارات" أنها خفضت تعرضها إلى روسيا "حيثما أمكن"، لكنها لفتت إلى أن فرص "الحد من المخاطر في الشركات الروسية الخاضعة للعقوبات كانت محدودة".
وأعلنت "شرودرز"، وهي واحدة من كبرى مؤسسات إدارة صناديق التقاعد في المملكة المتحدة، ولديها 574 مليار جنيه قيد الإدارة، إنها تراجع سياساتها واستثماراتها في التعامل مع روسيا.
وأفادت "أفيفا"، التي تدير 357 مليار جنيه، بأن أصولها في البلاد أصبحت الآن أقل من 0.1 في المئة من إجمالي أصولها. ورفضت أن تكشف عما إذا كانت لديها سياسات تمنع استثمار أموالها في شركات مرتبطة بالكرملين.
وأعلنت "أبردن للاستثمارات" – التي تدير أكثر من نصف تريليون جنيه – أمام الملأ أنها "لن تستثمر في روسيا أو بيلاروس في المستقبل المنظور لأسباب تتعلق بمعايير البيئة والمجتمع والحوكمة".
وأعقبت ذلك قرارات اتخذها كل من مجلس إدارة المعاشات التقاعدية لدى كنيسة إنجلترا وصناديق الثروة السيادية في النرويج بيع كل حيازاتها الروسية.
وتملك معظم المؤسسات الضخمة لإدارة صناديق المعاشات التقاعدية على الأقل بعض الأسهم في الشركات التي تربطها صلات وثيقة بالسيد بوتين، مثل "غازبروم" و"روسنفت"، وهي حقيقة أثارت انتقادات ناشطين يشيرون إلى أن المدخرين العاديين عموماً لا يملكون وسيلة تذكر لمعرفة أين تُستَثمَر أموالهم على وجه التحديد.
وتسعى مؤسسات الإدارة على نحو متزايد إلى الترويج لمؤهلاتها الأخلاقية مع الاحتفاظ في الوقت نفسه باستثمارات كبيرة تُعد على نطاق واسع مثيرة للجدل، بما في ذلك استثمارات في شركات الوقود الأحفوري والشركات التي تربطها علاقات بأنظمة استبدادية.
وفي الأغلب يُحتفَظ بهذه العلاقات من طريق استثمارات في ما يُسمى صناديق المتابعة التي تتابع مسار مؤشر إحدى البورصات بشراء أسهم في كل من الشركات المدرجة في ذلك المؤشر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن بين العقبات الرئيسة التي تحول دون خروج كبار المستثمرين الآن، أن وضع روسيا كدولة منبوذة اقتصادياً يعني وجود قلة قليلة من المشترين المحتملين لأصول البلاد، وهذا يعني أن أي عملية بيع من المرجح أن تُبرَم بحسم حاد.
ومن المحتمل أن يتعارض ذلك مع واجبات مؤسسات إدارة الصناديق في العمل لصالح الأشخاص الذين تستثمر أموالهم، ومع واجبات مديري الشركات تجاه حملة الأسهم.
وعلى الرغم من ذلك انقلب التوازن في شكل حاسم مع اشتداد المخاطر المترتبة على البقاء في روسيا.
فقد أعلنت "توتال" الفرنسية العملاقة في مجال النفط الثلاثاء، أنها لن تقوم باستثمارات إضافية في البلاد، لكنها لم تعلن أنها ستنسحب كلياً.
ومضت "سنتريكا" التي تملك "بريتيش غاز" إلى أبعد من ذلك، فتعهدت بالخروج من اتفاقيات إمداد الغاز مع شركات روسية نظيرة لها، بما في ذلك "غازبروم"، في أعقاب غزو أوكرانيا.
وقال كريس أوشيا، الرئيس التنفيذي لـ "سنتريكا": "نعتزم الخروج من اتفاقيات إمدادات الغاز مع نظرائنا الروس... وندرس تفاصيل أفضل السبل لتحقيق هذه الغاية. وفضلاً عن ذلك، سنضمن امتثالنا للعقوبات ذات الصلة كلها".
كذلك تحركت "بريتيش بتروليوم" و"شل" لقطع علاقتهما بروسيا هذا الأسبوع بعد ضغوط شديدة من الحكومة البريطانية.
ويتوقع محللون أن تتبعهما شركات إضافية. وقال هنري سميث، الشريك في " التحكم في المخاطر "، وهي شركة استشارية سياسية معنية بالمخاطر، "لا تحب أي شركة أن تكون حالة شاذة في التعامل مع هذه المسائل.
"ستقارن الشركات نفسها بغيرها، وتستجيب لضغوط الموظفين والمستثمرين والمساهمين، وفي بعض الحالات، الحكومات".
وأضاف أن مزاعم بعض الشركات في شأن المسائل الأخلاقية والاجتماعية والحوكمية "تجعل من الصعب تبرير مواصلة أنواع معينة من نشاط الأعمال في وقت نشاهد فيه ما نراه يتكشف في أوكرانيا".
© The Independent